درويش موسوعة فلسطين الشعرية
الموقع الأصلي:
في احدث قصائده "لاعب النرد" يقول محمود درويش:
"هكذا تولد الكلماتُ . أدرِّبُ قلبي على الحب كي يَسَعَ الورد والشوكَ ..." عمّا قليل، سيحتضن تراب "الساحة الخلفية للوطن" هذا الجثمان المتحرر من الصوت الذي لم يصمت مرّة، بل ظلّ منبعثًا على الدوام، يكشف الحقيقة ويؤطّر الواقع، ويرسم طريقًا واضحًا للمستقبل مع عودة الصدى. لقد استطاع درويش بدقته وعمقه وقوة ملاحظته واجتهادן وصدقه أن يفرض نفسه كشاعر عالمي ومفكّر عملاق، لا يحتاج إنتاجه أن يكون مشفوعًا بتأشيرة دخول، بل يترتّب على كل من يتعاطى مع هذا الإبداع أن تتوفّر فيه شروط القراءة، وقدرة الصمود أمام النصّ المركّب، وجاهزية تذوّق الجمال، والتداخل مع تجربة درويش وخصوصيته الإنسانية الكونيه الواسعة، أفقه الرحب وفضاءاته المفتوحة. لقد كان درويش موسوعة فلسطين الشعرية، التي احتوت على كل الدلالات والمفاهيم، موسوعة لم تترك أو تنس أو تغيب أي مركب من مركبات الهوية الفردية والجماعية. لقد تمكن درويش أيضا من أن يتحدى الآخر ويجسد دور الضحية، غير الراغبة في ممارسة أي شكل من أشكال الانتقام أو القوة غير الأخلاقية في أي سياق أو ظرف زمنيّ. ينضمّ درويش الآن إلى قافلة من عظماء فلسطين ممن استشهدوا أو توفّوا في السنوات الأخيرة، من الذين وضعوا اللبنات الأولى وأسسوا لمدرسة النضال من اجل التحرر والحياة ، ويبقى السؤال الوجودي الأكبر: كيف يجب أن تستمرّ هذه المسيرة العادلة؟ حبيبنا محمود.. الآن محبوك في كل العالم يلتفون حولك كما تلتف الفراشات حول مصباح متوهج، يبكونك، يشتاقون إليك، يضيئون الشموع ويتأملون الورد والزهر ليروا صورة وجهك، يقلبون أوراق دواوينك ويشتمون رائحة الصفحات كما يشتمون رائحة أطفالهم قبل ذهابهم للنوم. كلماتك المولودة من قلب مدرب على الحب تتردد في كل مكان وعلى كل لسان ولكن هذه المرة على وقع الدمع وفي ظل الحزن الصامت. شكرا لك لأنك أنت أنت ولأنك علمتنا كيف تولد الكلمات وكيف تدرب القلوب. http://www.miftah.org |