اللّغط المحيط بالحوار الفلسطيني
بقلم: صحيفة البيان الاماراتية
2008/9/4

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=9691

ما من مرة كان الحديث عن موضوع الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني، أكثر ضبابية والتباساً مما هو عليه اليوم. في حين أنه ما من مرة كانت الحاجة ملحّة وضرورية وضاغطة، لإطلاق هذا الحوار الموعود؛ أشدّ مما هي عليه اليوم. مفارقة صارخة.

جميع الأطراف الفلسطينية تقرّ بأهمية الحوار ووجوب مباشرته لتحقيق العودة إلى حضن الوحدة الوطنية. كما أنها كلها تدرك وتعترف بأن حالة الانقسام المستمرة، منذ أكثر من سنة، باتت عبئاً مكلفاً. بل باتت تهدّد الحقوق الوطنية الفلسطينية، في الصميم.

مع كل يوم يمر على واقع الحال القائم، تزداد الخسائر. وتتسع فجوة التباعد بين أهل القضية الواحدة. وكله يصبّ مكاسب صافية، لحساب المحتل الإسرائيلي. حصيلة معروفة، واضحة كشمس النهار. ومع ذلك يتعذر على الساحة الفلسطينية التصدّي لها ووقف نزفها المدمّر. منذ فترة والمساعي متواصلة، لعقد هذا الحوار.

الاتصالات والمحاولات، لم تنقطع. وفود وفصائل وقيادات تزور القاهرة لهذا الغرض. من حين لآخر تبدو الأمور وكأنها صارت جاهزة للجلوس حول الطاولة. أو أن المواعيد باتت على قاب قوسين. ثم يتبخّر كل شيء. تضيع الطاسة بين الشروط والشروط المضادة؛ والأجندات المتضاربة.

ويبدأ كل فريق برمي المسؤولية على الآخر؛ ليعود المسلسل من جديد إلى بدايته. آخر حلقاته، ما يجري في الوقت الراهن، وفود الفصائل تتدفق على القاهرة. مصادر فلسطينية ذكرت أن جميع القوى الفلسطينية سوف تلتقي في اجتماع شامل تدعو إليه مصر، بعد عيد الفطر.

مسؤولون في حركة حماس، سارعوا إلى التشديد على أن الحركة ترفض أي شروط مسبقة للحوار، أو لتحقيق المصالحة مع حركة فتح. في الوقت ذاته ، وفيما نفت أوساط السلطة أنباء عن ترتيبات لعقد لقاء بين الرئيس عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل؛ رفضت جهات من حماس تأكيد أو نفي مثل هذا الاحتمال. وكان مصدر مقرب من الرئاسة الفلسطينية، قد صرّح؛ بأن الرئيس عباس يصرّ على الحوار وإنهاء حالة الانقسام؛ وأن لقاء قريبا سيجمعه في القاهرة مع مشعل.

الصورة مشوشة، والبلبلة سيّدة الموقف. حالة الشدّ والجذبً ومحاولات تحسين الشروط، كلها مفهومة. هي جزء من اللعبة السياسية. ومفهوم أيضاً ما هو حاصل من تضارب وتنافر. فالمشهد تسوده حالة ارتباك شديد. تعقيداته كثيرة وإحباطاته كبيرة. أيضاً الخلافات عميقة، في ظلّ ضمور الثقة وتراكم الشكوك المتبادلة.

لكن كل ذلك من المفترض أن يبقى منضبطاً تحت سقف المشروع الوطني، الذي قدّمت أجيال فلسطينية تضحيات هائلة في سبيله؛ وحققت انجازات ملموسة على طريقه. استمرار الانشطار، يهدد كل هذه المسيرة؛ التي ينبغي أن تكون خطاً أحمر، يحظر تجاوزه على أي كان. فبالنهاية تبقى هذه المسيرة هي الشرعية الأولى والأخيرة.

http://www.miftah.org