هل تحتاج مياهنا في فلسطين إلى تنقية؟
الموقع الأصلي:
ما أثار دهشتي أن المقال يشير أنه رغم التحذيرات التي قامت بها وزارة البيئة الأسرائيلية والتي تحظر بيع أجهزة تنقية الشرب إلا أن المستهلك الأسرائيلي لا يزال يقدم على شرائها. وها هي نفس تلك الأجهزة تباع في أسواقنا العربية دون أدنى معرفة أو علم بالعواقب التي تتبع من استعمالها. أن الأجهزة الشائعة في بلادنا تعمل بطريقة التناضح العكسي (ريفيرس أوسموسز) وهي الطريقة المثلى التي تستخدم عادة وبشكل مكثف لتحلية مياه البحر المالحة ولمعالجة المياه العادمة وليس لتنقية مياه الشرب العذبة. لكن بدأت -وللأسف- هذه الطريقة تنتشر مؤخراً في الأسواق المنزلية لتنقية مياه الشرب حيث أصبح المواطنين قلقين وحول نوعية المياه التي يتزودون بها وإمكانية وجود شوائب وملوثات قد تؤثرعلى صحتهم. وتشير الأبحاث أن استخدام طريقة التناضح العكسي في تنقية مياه الشرب خاصة التي مصدرها المياه الجوفية له مخاطر وتهديدات عديدة. علماً بأن معظم المياه المزودة لنا مصدرها الآبار العميقة المحفورة في الضفة الغربية. ولمعرفة ماهية هذه الأخطار أوجز فيما يلي المعلومات التالية: تقوم هذه الطريقة بتقليل تركيز المواد الصلبة الذائبة من المياه بما فيها مجموعة من الأيونات والمعادن والمواد العالقة. وتشير بعض الأبحاث إلى أن المياه التي يتم تنقيتها على هذه الطريقة تصبح "عدوانية" جداً وتميل إلى تذويب أي معدن تتلامس معه. تقوم هذه المياه بامتصاص سريع لثاني أكسيد الكربون من الجو مما يجعل درجة حموضة هذه المياه عالية جداً ولذا تصبح عدوانية أكثر. رغم أن المياه المنقية بهذه الطريقة تحتوي على كميات أكسجين أعلى من المياه العادية إلا أنها تحتوي على كميات أقل من المعادن الغروية والشبه غروية والتي يحتاجها الجسم للقيام ببعض عمليات النقل الكهربائية. كما تفتقر هذه المياه إلى المعادن وحتى يمكن لهذه المياه سحب المعادن من الجسم. وتشير هذه الأبحاث إلى أن من أهم مقومات العمر الطويل هو استهلاكنا للمياه الغنية بالمعادن وأن المياه المنقية بطريقة الريفيرس أوسموسز تساهم في تكائر الأمراض وتسبب الموت المبكر. ومن الأمور الأكثر تعقيداً فيما يتعلق بهذه الطريقة هو أن أجهزتها تتعرض لنمو البكتيريا فيها خاصة في حالة عدم استعمالها لفترة والتي تهاجم الغشاء وتسمح لدخول الملوثات إلى المياه. وللعلم، تعاني الدول العربية من نفس مشكلة انتشار أجهزة تنقية المياه بدون وعي كاف للمواطنين حول مدى نجاعتها. فقد حذرت مديرة برنامج المياه في (مؤسسة الكويت للتقدم العلمي) الدكتورة / فاطمة العوضي من استخدام برادات المياه التي تحتوي على أجهزة تناضح عكسي وجهاز تعقيم ؛ لخطورتها على صحة الإنسان . وذكرت في ندوة - نظمتها (مؤسسة الكويت للتقدم العلمي) في عام 2005 ؛ حول خطورة الممارسات التجارية الخاطئة في أنظمة المياه المنزلية - الممارسات التجارية الخاطئة التي تروج لها شركات أنظمة المياه المنزلية ، والغش والتدليس الذي تمارسه على الناس . كما انتقدت إتاحة المجال أمام المعلنين ؛ للإعلان عن بيع بعض أجهزة فلاتر المياه ، وادعائهم بأنها مرخصة من وزارة الصحة ، فضلا عن مزاعمهم بأنها تعمل على تنشط جزيئات الماء ، وزيادة الأكسجين في الجسم . وتطرقت الدكتورة العوضي إلى مخاطر استخدام جهاز التناضح العكسي، حيث قالت : " إنه يقوم على نزع الأملاح المعدنية : الكالسيوم والبوتاسيوم والنيتروجين والمغنيسيوم من جسم الإنسان ، إضافة إلى إنتاجها مياه خالية من الأملاح المقطرة ، وعدم مطابقتها للمواصفات العالمية لمياه الشرب التي حددتها (منظمة الصحة العالمية) . كما أطلقت وزارة المياه والكهرباء بالسعودية (يناير 2006) تحذيرا شديد اللهجة لما وصفته ببعض الممارسات المضللة التي يقوم بها بعض من مسوقي أجهزة تنقية المياه للمنازل، مشيرة إلى أن الممارسات تتمثل في اتصال بعض مسوقي أجهزة تنقية المياه بالمواطن وتعرض عليه إجراء تجربة منزلية لإثبات فعالية الجهاز وعدم صلاحية المياه الواردة من خلال شبكة المياه العامة للمنزل. وحتى أذكر المواطنين الفلسطينين بان مياه الشرب في فلسطين، باستثناء مياه قطاع غزة، وبعض الآبار في منطقة الغور، تتمتع بجودة عالية من حيث النوعية حيث أن مصدرها هو الآبار الجوفية العميقة التي تتغذى من الأمطار الساقطة على جبال الضفة الغربية. رغم ذلك فأنه وفي بعض الأحيان يحصل بعض التلوث عند دخول المياه إلى الشبكات الصدئة أو عند ركودها فترة طويلة في الخزانات. هذه الشوائب تأتي بسبب عدم تنظيف الخزانات الأرضية أو العلوية. ويأتي سبب آخر في تلوث مياه الشبكة من خلال التسربات الأرضية التي تحصل من المجاري والمياه الجوفية لتختلط مع مياه الشرب. في حالة قلق المواطنين من هذا النوع من التلوث ينصح بأخذ عينة من المياه وفحصها في المختبرات المحلية لتحديد نوع التلوث الحاصل وبالتالي معرفة الطريقة المثلى للتخلص من هذا التلوث إما عن طريق غلي الماء أو استخدام أقراص الكلور الخاصة بتنقية المياه أو بأي طريقة أخرى ينصح بها الخبير المختص في مختبر المياه. وبرأيي حتى لا يقع الظلم على جميع مسوقي أجهزة تنقية المياه، ولتجنب التعميم، يتوجب على السلطة الفلسطينية الوصول إلى حلول جذرية لهذا الظاهرة وذلك باستحداث تنظيم جديد لبيع وتوريد أجهزة تنقية وتحلية المياه للمنازل. واقترح أن يرتكز التنظيم الجديد على قيام سلطة المياه بالتعاون مع هيئة المواصفات والمقاييس الفلسطينية وسلطة جودة البيئة ووزارة الصحة بوضع مواصفات قياسية لأجهزة تنقية وتحلية المياه ودارسة أوضاع المحلات القائمة التي تسوق لتلك الأجهزة عبر قيام سلطة المياه بجولات تفتيش مستمرة وعشوائية على تلك المحلات واخذ عينات من الأجهزة وفحصها، والتأكد من تطابقها مع المواصفات القياسية، والإغلاق الفوري للمحلات التي يعثر فيها على أجهزة مخالفة للمواصفات، والتشهير بهم بوسائل الإعلام، وفتح خط ساخن تابع لسلطة المياه لتلقي شكاوى وبلاغات المواطنين عن المسوقين المحتالين ليتم التعامل معهم من قبل السلطة وإغلاق المحلات والشركات التي يعملون بها. وعلى التنظيم الجديد أن يشمل منع دخول أجهزة تحلية وتنقية المياه إلى البلاد إلا حضور المستورد لتلك الأجهزة ما يثبت صلاحيتها ومطابقتها للمواصفات المعتمدة من سلطة المياه. وكذلك عدم فتح سجلات تجارية جديدة لبيع وتسويق أجهزة تنقية وتحلية المياه أو تجديد السجلات القائمة إلا بعد إحضار رخصة صادرة من سلطة المياه تؤهلهم لبيع تلك الأجهزة. وبتلك الإجراءات نضمن رقابة السلطة الكاملة على نشاط بيع وتسويق أجهزة تنقية وتحلية المياه والتخلص التام من الممارسات المضللة التي نشأت بسبب عدم وجود تنظيم يتصدى لها ويوقف تلاعبها. - مفتاح 22/7/2006 - http://www.miftah.org |