مفتاح
2025 . الأحد 8 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

في مطلع الشهر الجاري نشرت صحيفة "الواشنطن بوست" مقالاً للصحافي والكاتب الأميركي الشهير بوب وودوارد تحت عنوان "هل يجب أن يبقى ؟" تساءل فيه عن جدوى استمرار وزير الدفاع الأميركي المثير للجدل دونالد رامسفيلد على رأس مؤسسة البنتاجون . وبعد أسبوع واحد فقط حل وودوارد ضيفاً "عزيزا" على برنامج "60 دقيقة" حيث تحدث بصراحة وجسارة عن حمام الدم المتدفق في العراق بلا رحمة ولا هوادة منذ ثلاثة أعوام بالتمام والكمال بفعل غزوه واحتلاله من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب الاستعماري .

وعلى ما بدا فإن وودوارد تقصد أن يأتي نشر مقاله ومشاركته في البرنامج التلفزيوني الجماهيري بعد أيام قلائل من صدور كتابه الأخير "حالة إنكار" الذي أثار ضجة عارمة في الأوساط السياسية العالمية وبوجه الخصوص داخل الولايات المتحدة يصعب التكهن بقرب زوالها أو حتى انحسارها ، ما لم تؤدِ بالنتيجة إلى الإطاحة برؤوس كبيرة داخل الإدارة الأميركية من ضمنها وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ، صاحب الحظ الأوفر من الانتقادات الجارحة واللوم الصارخ داخل الإدارة الأميركية بعد الرئيس جورج بوش بالطبع ، بسبب الأخطاء الفادحة التي ارتكبها والأوامر والتجاوزات والتصرفات غير المتزنة التي صدرت عنه .

ولا يستبعد المراقبون ، ومن بينهم الكاتب السياسي الأميركي المستقل مايك ويتني الذي يعيش في العاصمة واشنطن ، أن يكون بوش نفسه أحد هذه الرؤوس ، لأنهم ينظرون إلى وودوارد على أنه الآن في مهمة لزرع الفرقة بين أركان الإدارة وخلق نزاع مرير في ما بينهم حول أسباب الفشل والعجز الحاصلين في العراق والمسؤولية عنهما ، تمهيداً للإطاحة بهذه الإدارة !!

وودوارد البالغ من العمر 63 عاماً والمولود في ويتون ـ إلينوي ، تخرج من جامعه ييل في عام 1965 وعمل ضابط اتصال في البحرية الأميركية بين عامي 1965 و 1970 قبل أن يتحول إلى عالم الصحافة في عام 1971 . وفي عام 1973 حاز على جائزة بوليتزر عن نجاحه بمشاركة زميل له يُدعى كارل بيرنستين في الكشف عن فضيحة التصنت على هواتف قيادات الحزب الديمقراطي من قبل الإدارة الجمهورية آنذاك قبيل انتخابات الرئاسة منذ ثلاثين عاماً والتي عُرفت بفضيحة "ووتر جيت" ، وهي الفضيحة التي أطاحت بالرئيس الجمهوري الأسبق ريتشارد نيكسون وكتبت نهايته السياسية .

بوب وودوارد الذي يعتبر الشخص الثاني في صحيفة "الواشنطن بوست" بعد رئيس تحريرها أغنى المكتبة السياسية بمجموعة من الكتب أبرزها : مع كل رجال الرئيس "1974" ، الأيام الأخيرة "1976" ، الأخوة "1979" ، عن المحكمة العليا بالتعاون مع سكوت أرمسترونغ "1984" ، الحجاب عن الكوميدي جون بيلشي "1987" ، قيادات "1991" ، بوش في الحرب "2002" ، الحرب علي الإرهاب وخطة الهجوم ، "2004" وأخيراً حالة إنكار .

كتاب وودوارد الأخير الذي يحمل اسماً غامضاً وملتبساً هو ببساطة كتاب جديد يكشف أسراراً كثيرة ومهمة عن جريمة غزو واحتلال العراق ، ويفضح الكثير من ممارسات إدارة الرئيس جورج بوش الحمقاء بخصوص هذه الجريمة التي أدانتها جميع شعوب العالم بما فيها الشعب الأميركي نفسه .

ويذكر الكتاب أن بوش تجاهل تحذيراً عاجلاً من أحد مستشاريه للشؤون العراقية دعاه فيه في أيلول 2003 إلى تعزيز القوات الأميركية في العراق لمواجهة المقاومة المسلحة التي كانت قد شرعت في عملياتها النوعية . ويتهم الإدارة بإخفاء حقائق الهجمات التي تتعرض لها القوات الأميركية في العراق، كما يؤكد أن التقارير الاستخبارية تتوقع أن يكون العام المقبل في العراق سيئا جداً . ويكشف في الوقت نفسه عن أن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد كان قبل هجمات 11 أيلول 2001 يعرقل وضع خطة للخلاص من زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ، وأن وزيرة الخارجية الحالية "مستشارة الأمن القومي في حينه" كوندوليزا رايس تجاهلت إنذاراً في تموز 2001 عن هجوم وشيك.

وفي هذا الكتاب الذي هز بإجماع النقاد والمحللين السياسيين أركان البيت الأبيض ، يروي وودوارد تفاصيل الخلافات والصراعات الوظيفية داخل إدارة المحافظين الجدد وحالة الشقاق والانقسام بين أركانها حيال غزو واحتلال العراق والخلافات الحادة بين مستشاري الرئيس جورج بوش التي منعتهم في بعض الأحيان من محادثة بعضهم بعضاً على الرغم من موقفهم المشترك برفض التقييمات المتشائمة للوضع في هذا البلد الجريح ، سواء من القادة الميدانيين أو المستشارين أو الخبراء . كما ينقل عن بوش قوله في تشرين الثاني 2003 عن المقاومة في العراق : "لا أريد أن يقول أحد من أعضاء إدارتي إنه تمرد . لا أعتقد أننا وصلنا إلى ذلك بعد" !!

ولا يتردد الكاتب في وصف وزير الدفاع رامسفيلد بأنه معاد لرايس التي كانت مستشارة للأمن القومي ، إلى درجة أن بوش اضطر أكثر من مرة إلى إصدار أوامره له بالرد على اتصالاتها الهاتفية . وينقل عن قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط اللبناني الأصل الجنرال جون أبي زيد قوله لزواره بمقر قيادته في العاصمة القطرية الدوحة في خريف 2005 "أن رامسفيلد أصبح يفتقر إلى المصداقية التي تمكنه من الدفاع عن سياسة الانتصار الأمريكي في العراق" !!

وباعتبار أن مصادر الكاتب جاءت من داخل البيت الأبيض ومن أشخاص واسعي الاطلاع والنفوذ داخل البنتاجون ودوائر صنع القرار ممن كانوا أرقاماً هامة في التخطيط والإعداد لغزو واحتلال العراق ، فقد أنزلت معلومات الكتاب دماراً شديد الأذى وحقيقياً بالإدارة الأميركية والرئيس جورج بوش شخصياً . ففي مقدمة الكتاب يذكر وودورد أن كتابه يستند إلى مقابلات أجراها مع أعضاء فريق الأمن القومي التابع للرئيس ونوابهم والمسؤولين عن الشؤون العسكرية والدبلوماسية والاستخبارية في العراق . ويعترف أن بوش ونائبه ديك تشيني رفضا إجراء مقابلات مباشرة معه ، إلا أنه يذكر الأشخاص الذين تمت مقابلتهم ومن ضمنهم دونالد رامسفيلد بأسمائهم الكاملة .

ويذكر وودوارد أن كبير مستشاري الأمن القومي في العراق روبرت بلاك ويل خلص في تقييم رفعه لرايس إلى أن الحاجة ماسة إلى ما لا يقل عن 40 ألف جندي للتعامل مع المقاومة العراقية الناشئة . ويضيف أن بلاك ويل وبول بريمر، الحاكم المدني السابق للعراق المحتل أبلغا لاحقاً رايس ونائبها ستيفن هادلي في محادثة هاتفية جماعية من العراق بالحاجة الماسة إلى مزيد من القوات ، لكن البيت الأبيض لم يعر طلبهما اهتماماً يُذكر . ويصف الكتاب نائب الرئيس تشيني بأنه "رجل مصمّم دائماً وبإلحاح كبير على العثور على دليل يثبت زعمه بوجود أسلحة دمار شامل في العراق" !!

يذكر الكتاب الذي يقع في 357 صفحة ، أنه قبل أسابيع من هجمات 11 أيلول 2001 على الولايات المتحدة كان المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية جورج تينيت يعتقد أن رامسفيلد يعرقل الجهود الإستخبارية لوضع خطة متكاملة لاعتقال أو اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ، لأن رامسفيلد اعتاد على التشكيك بالرسائل الإلكترونية التي كان يتبادلها "إرهابيون مفترضون وتتنصت عليها الاستخبارات الأميركية" ووصفها "بالخطة التضليلية من قبل القاعدة" .

ويذكر أيضاً أنه في 10 تموز 2001 اجتمع مدير الـ"سي آي إيه" جورج تينيت ومساعده لشؤون مكافحة الإرهاب كوفير بلاك إلى رايس في البيت الأبيض لإقناعها بجدية المعلومات الاستخبارية التي كانت بحوزة الـ"سي آي إي" والتي تنبأت بهجوم وشيك إلا أنها لم تأخذ إنذارهما على محمل الجد .

ويؤكد بوب وودوارد في كتابه "حالة إنكار" أو "دولة إنكار" أن إدارة "الإنكار" التي يرأسها جورج بوش والتي تفتقد المصداقية وتفتقر للكفاءة وتتجاهل الحقائق الساطعة والجلية للعيان في العراق تخفي مستوى الهجمات التي تتعرض لها قواتها الغاصبة من قبل المقاومة العراقية البطلة ، مشيراً إلى أن هذه القوات تتعرض في كل 15 دقيقة إلى هجوم، ونحو 100 هجوم في كل يوم ونحو 900 هجوم في الأسبوع .

ويشير أيضاً إلى أن تقارير الاستخبارات الأميركية تؤكد أن حالة الإنكار الأميركية لن تطول كثيراً وهي سائرة إلى زوال ، وأن العام القادم سيكون عام فضح الحقائق وكشف المستور الأميركي ، لأن سوء الطالع الأميركي في العراق بدأ يعبر عن نفسه بشكل جدي وخطير . ترى هل تتحقق قراءة وودوارد للطالع الأميركي ويكون عام 2007 عام هزيمة الاستعمار الإجرامي الجديد في عراق العروبة...عراق العزة والكرامة ؟! - مفتاح 19/10/2006 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required