×
لضيافة 'مفتاح': 'قانون الجنسية والدخول إلى إسرائيل'.. الغايات والأهداف
د. منير نسيبة:
سنيورة:
مقدمة أقرت الكنيست الإسرائيلية مؤخراً ما يسمى ب "قانون الجنسية والدخول إلى إسرائيل"، فيما وصف مطلعون على هذا القانون بأنه عنصري، هدفه سياسي ديمغرافي يقوم على محاربة الوجود الفلسطيني في القدس والداخل الفلسطيني عام 48 وسائر الأراضي الفلسطينية، ويندرج في إطار سياسة التطهير العرقي التي تمارسها سلطات الاحتلال. ويمنع التحديث الجديد لهذا القانون "لم شمل" العائلات الفلسطينية للعيش سويًا تحت سقف واحد، كما يفرض قيودًا على زواج الفلسطينيين والفلسطينيات من الداخل، أو مواطني عدد من الدول العربية، إضافة إلى إيران، وهي دول مصنفة بأنها "معادية"، أو حتى الفلسطينيين الذين يعيشون في الدول الأجنبية. قانون عنصري د. منير نسيبة، المدير العام لمركز القدس للعمل المجتمعي التابع لجامعة القدس ومقره البلدة القديمة من القدس، وصف هذا القانون بأنه عنصري بامتياز، وهدفه منع وتقليص أعداد الفلسطينيين في القدس. أضاف:" تتذرع دولة الاحتلال بالذرائع الأمنية لدى الحديث عن هذا القانون، لكنهم لم يستطيعوا إثبات ذلك في المحكمة منذ أن قرروا، بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000، التوقف عن النظر في آلاف طلبات لم الشمل المقدمة إلى وزارة الداخلية الإسرائيلية من فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة الراغبين في الحصول على إقامة مؤقتة أو دائمة للإقامة في القدس أو في الداخل الفلسطيني 48، وهو ما حدا بوزارة الداخلية إلى إصدار أمر في العام 2003 بالتوقف عن النظر في طلبات لم الشمل المقدمة إليها، ومن ثم إصدار الكنيست قانوناً سمي ب"القانون المؤقت" الذي يمنع بشكل مطلق أي فلسطيني يحمل هوية الضفة الغربية أو قطاع غزة من الحصول على إقامة مؤقتة أو دائمة أو الحصول على الجنسية الإسرائيلية، وأتبع هذا القانون بتعديلات إضافية من أبرزها منع أي شخص من دول معادية مثل إيران، العراق، سوريا، ولبنان ومتزوج من مقدسية أو متزوجة من مقدسي أو حامل للجنسية الإسٍرائيلية من التقدم بمثل هذه الطلبات والحصول على إقامة دائمة أو مؤقتة، ثم بعد ذلك جرى تعديل آخر على القانون يسمح للشخص القادم من الضفة الغربية فقط وليس من قطاع غزة من الحصول على تصاريح مؤقتة تجدد كل عام أو كل عامين، وبالتالي أصبحت الأسر الفلسطينية التي أحد أزواجها من القدس أو من الداخل الفلسطيني والطرف الأخر من الضفة الغربية تدخل في بيروقراطية معقدة لها بداية لكن ليس لها نهاية، وتحتاج إلى الاستمرار - في إثبات أن "مركز حياتها" كما يسمي ذلك القانون الإسرائيلي – هو القدس أو في الداخل الفلسطيني، في حين أن الأزواج من قطاع غزة منعوا منعاً باتاً من التقدم حتى بتصريح للسكن في القدس أو في الداخل، وبالتالي إما يسكنون متفرقين عن بعض أو يقطنون خارج البلاد". استثناءات وفيما إذا كان هناك استثناءات يتضمنها القانون الجديد لبعض مقدمي طلبات لم الشمل يقول د. نسيبة: " ثمة آلاف ملفات لم الشمل في وزارة الداخلية الإسرائيلية، وهذا القانون يشكل عقبة على المقدسي وغيره من الحصول على الاستقرار والحقوق العادية والطبيعية للسكن في إطار العائلة الواحدة وتحت سقف واحد". يضيف:" في الآونة الأخيرة جددت الكنيست الإسرائيلي بعد انقطاع من التجديد هذا القانون المؤقت ولمدة سنة، وبناء على ذلك أجريت بعض التعديلات وأبرزها تعديل يمكّن أي شخص من الضفة الغربية وقطاع غزة تجاوز عمره الخمسون عاماً وحصل على تصاريح لم شمل لمدة عشر سنوات من الحصول على الإقامة المؤقتة وليست الدائمة، علماً أن الإقامة المؤقتة خطرة على صاحبها لأنه يمكن سحبها بسهولة. أما بالنسبة للفلسطينيين المقيمين في القدس أو في الداخل الفلسطيني، فالإقامة هي لمجرد العلاج الجزئي، والتمتع بعضوية التأمين الوطني والحصول على مستحقاته مقابل رسوم يدفعونها، وبالتالي يصبحون أعضاء أيضاُ في التأمين الصحي بشكل أوتوماتيكي، ويستطيعون قيادة السيارة بدون تصريح خاص مقارنة مع وضعهم السابق حيث كانوا يحتاجون إلى تصاريح خاصة لقيادة السيارة، وعليه، فإن هذا هو التقدم الوحيد الذي حصل في التعديل الأخير لهذا القانون. ولكن ثمة أمور أيضاً أصبحت أسوأ في هذا القانون، وأهمها أن القانون في شكله القديم شكّل لجنة إنسانية تطلع على الملفات وربما تعطي تصاريح خاصة للأزواج في طلبات لم الشمل، وقد تعطي في ظروف خاصة تصريحاً للزوج أو الزوجة ليسكنا مع أولادهما. لكن القانون الجديد قلص من قدرة اللجنة الإنسانية على إعطاء تصاريح، ووفقاً لذلك لا يمكن إعطاء تصاريح لما يزيد عن 52 شخصاً في السنة، وهذا عجيب جدا، فكيف يمكن لقانون أن يتوقع عدد الحالات الإنسانية التي يمكن أن تأتي في المستقبل ما سيصعّب كثيراً على العائلات الفلسطينية في المستقبل وبالذات على النساء، لأن، النساء في كثير من الأحيان خاصة اللواتي يتزوجن من مقدسي ينتقلن معه للسكن في القدس ، وفي كثير من الحالات خاصة إذا كانت هناك حالات طلاق، فإن ارتباط الأم بأولادها ليس ممكناً إلا إذا كانت تسكن مع الزوج في نفس المنزل، وإذا انتقل أولادها معها للسكن في الضفة الغربية أو قطاع غزة، فإنهم سيخسرون إقامتهم، وبالتالي الحل الوحيد المتاح لهم كي يعيشوا حياة مستقرة هو أن تكون الأم وأولادها في القدس، ومن هنا وجدنا أن النساء على وجه التحديد هنّ أهم ضحايا هذا القانون". آليات الحماية للنساء والأطفال وفي الجانب المتعلق بآليات الحماية التي يمكن أن تتوافر للنساء والأطفال من هذا القانون، يرى د. نسيبة، أن هذا القانون كان ولا زال يؤثر على النساء والأطفال، حيث يتسبب بشرذمة الأسر الفلسطينية في كثير من الأحيان. وبإسقاط الحماية عن النساء اللواتي يقطنّ في القدس أو الداخل الفلسطيني عام 48، فإنهنّ يحتجن باستمرار أن يطلب الزوج تجديد طلب لم الشمل حتى تستمر الحياة مع الزوج والأطفال. وإذا طلّقت مثلاً، أو كنت عرضة لعنف الزوج وقرر ألاّ يقدم طلباً لتجديد لمّ الشمل فإنها تعيش في وضعية هشاشة مضاعفة بسبب وجودها في القدس بتصريح مؤقت يحتاج تجديده كل عام إلى جهد، والأمر ينطبق كذلك على الرجل، لكن المرأة وبسبب هشاشة وضعها الاجتماعي يجعلها بشكل مستمر بحاجة دائمة إلى لم الشمل. أما بالنسبة للأطفال فمركز العمل المجتمعي عمل ولا زال مع عدد كبير من الأسر التي تعاني من عدم تسجيل أطفالها في سجل السكان الإسرائيلي، وعدد هؤلاء الذين لا يعتبرهم الاحتلال من سكان الضفة والقدس بالآلاف ، فهم لا يحملون أية وثيقة رسمية، وبالتالي لا يستحقون أية خدمات صحية أو اجتماعية أو تعليمية، وبعضهم يكبرون ولا يتمكنون من الحصول على بطاقة هوية، وهو أمر نادر الحدوث في العالم، ليس بوسعهم حمل أية وثيقة تسمح لهم بالسكن في أي مكان بالعالم، ولا يستطيعون السفر أو فتح حساب بنكي، وبالتالي هم يعانون الأمرين لعدم تمتعهم بأية وضعية قانونية. قانون الجنسية وارتباطه بقانون يهودية الدولة في نظر د. نسيبة، أن هذا القانون الجديد المتعلق بالجنسية هو امتداد لمفهوم إسرائيل كدولة يهودية، وهو قانون دستوري يحدد المفاهيم الدستورية لدولة إسرائيل باعتبارها دولة يهودية، وهو مفهوم عنصري ليس مقبولاً على المجتمع الدولي ولا على القانون الدولي والمبادئ الدولية. علماً بأن آخر نسخة من هذا القانون كانت تحدثت عن الديمغرافية كأحد العناصر التي أثرت في إيجاد هذا القانون، علماً بأنهم كانوا يتجنبون ذكره في الماضي ويبررون ذلك بالذرائع الأمنية، لكنهم وفي آخر إعلان وإصدار لهذا القانون لم يخجلوا من عنصريتهم وأن يصرحوا بها في نص وديباجة القانون الذي هدفه تقليل عدد الفلسطينيين الحاصلين على إقامة أو جنسية مع أن جميع الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة، أو في القدس وأراضي 48 يعيشون تحت الاحتلال الإٍسرائيلي، علماً بأن الفلسطيني من الضفة وغزة لا يجب أن يطلب تصريح من أي أحد للسكن مع زوجته والعكس صحيح فكلها أرض محتلة. نقل المعركة إلى الساحة الدولية لكن ماذا عن إمكانية نقل المعركة إلى الساحة الدولية للتأثير في الرأي العام، عن ذلك يجيب د. نسيبة:" لا شك بأن هناك حاجة لأي علاجات على هذا الصعيد حسب القانون الإسرائيلي. ولا يمكن أن نتجنب التعامل مع القانون الإسرائيلي العنصري، لأن الناس هنا تحتاج إلى أمور يومية مثل استصدار بطاقة الهوية ورخصة السياقة والعيش تحت سقف واحد، وبالتالي يستمر التعامل مع المحاكم الإسرائيلية بغض النظر عن جدواها في كثير من الأحيان، وفي الوقت ذاته، فإن المجتمع الحقوقي الفلسطيني مدعوم من المجتمع الحقوقي الدولي وحتى الإسرائيلي ينشط في الساحات الدولية ويوصل للمجتمع الدولي رسائله بهذا الخصوص في محاولة منه لإرغام إسرائيل على وقف انتهاكاتها، ولكن العمل في المناصرة الدولية ليس عملاً مجدياُ بشكل سريع، بل هو عمل يحتاج إلى أناة وصبر طويلين خاصة أن المجتمع الدولي في قسمه الأكبر متحيز لإسرائيل بشكل واضح، ولقد رأينا مؤخراً كيف تعامل هذا المجتمع الدولي، خاصة دوله الغنية، بشدة حزم مع ملف أوكرانيا مع علمهم بكل الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني منذ عام 48 وحتى اليوم، وبالتالي الطريق لا زال طويلاً بالنسبة للمجتمع الدولي، ولا شك بأن هذا المجتمع اليوم لن يوصلنا إلى حقوقنا دون نضالنا الداخلي، وهو لا يقل أهمية عن نضالنا في المحافل الدولية". المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي الناشطة الحقوقية والنسوية رندة سنيورة، مديرة مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي والذي يقدم المساعدة والاستشارات القانونية ومقره المؤقت رام الله (القدس هو المقر الأساسي)، استعرضت في حديثها ل “ضيافة مفتاح" أبرز انعكاسات هذا القانون على آلاف الأسر الفلسطينية، وآليات الحماية للنساء والأطفال، والخيارات المتاحة قانونياً لمساءلة الاحتلال الإسرائيلي عن سياساته العنصرية التي تفاقم من معاناة النساء الفلسطينيات وتجعلهنّ ضحايا عنف مركب سواء من قبل الاحتلال أو من قبل الزوج حال حدوث طلاق أو انفصال. آليات الحماية للنساء والأطفال وفيما يتعلق بآليات الحماية التي يمكن أن تقدم للنساء والأطفال المتضررين من القانون الجديد، عبرت سنيورة عن أسفها لعدم وجود مثل هذه الآليات، لكن المؤسسات المقدسية والحقوقية والنسوية تقدم الخدمات القانونية والاجتماعية المجانية للنساء وللعائلات التي هي بحاجة لجمع شملها، وخصوصاً بعض المؤسسات الموجودة في القدس ضمن تجمع المؤسسات المقدسية بقيادة مركز القدس للمساعدة القانونية وبالتعاون مع مؤسسة سانت إيف، ومركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، ومركز دراسات الأراضي التي تعمل سوياً على تقديم الخدمات القانونية الفردية مع الإشارة إلى أن الآمال غير معقودة على هذا التوجه، لأن القانون كان موجوداً منذ العام 2003 وكان يتم تجديده كل سنة بشكل منتظم وتم تجديده هذا العام لمدة سنة من قبل الكنيست الإسرائيلي بعد أن رفض التجديد قبل ثمانية شهور، ونتوقع القيام بتجديده بعد ذلك سنويا كما كان يحدث سابقا. الضغط والمناصرة ولفتت سنيورة في مقابل ذلك، إلى أن المؤسسات المقدسية وإلى جانب المساعدة القانونية والاجتماعية تقوم بجهود ضغط ومناصرة على هذا الصعيد من خلال التواجد في المنابر الدولية ومنابر الأمم المتحدة المختلفة، كان آخرها ما صدر في الملاحظات الختامية للجنة حقوق الإنسان المعنية بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بناء على مداخلات المؤسسات الحقوقية مع اللجنة عندما تم استعراض تقرير دولة الاحتلال أمام اللجنة ومن ضمنها مداخلات مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، ومركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، حيث قدمنا مداخلة ضمنّاها الآثار المترتبة عن السياسة المتبعة من قبل الاحتلال والخاصة بجمع شمل العائلات وصدور هذا القانون الجديد، وفعلاً تبنت اللجنة بملاحظتها القانونية بالفقرة 44 كاملة موضوع شمل العائلات وأكدت على توصيات مركز المرأة، وبالتالي نحن نستغل حضورنا في مجلس حقوق الإنسان ولجهة وضعية المرأة في الأمم المتحدة وبكل المنابر الموجودة والآليات التعاقدية ومع لجنة تقصي الحقائق التي تشكلت في أيار 2021 بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة لتقصي الحقائق بخصوص انتهاكات الاحتلال في الاراضي الفلسطينية المحتلة وداخل اسرائيل، ونحاول من خلال هذه المنابر جميعاً أن نضغط وأن نثبت بأن سياسة الاحتلال هي سياسة تمييز عنصري ممنهج ونطالب بإلغاء كل هذا التمييز الواقع على الفلسطينيين والأثر الكبير الذي يتركه قانون جمع الشمل على العائلات الفلسطينية. حالات ونماذج وفي شرحها لطبيعة الحالات المتضررة من قانون جمع الشمل تقول سنيورة:" معظم الحالات التي تصل هي ضحايا عنف مركب أو انتهاكات مركبة على النساء خاصة لنساء من الضفة الغربية والمتزوجات من مقدسيين. والكثير من هذه الحالات لنساء يعانين من العنف ويبقى هذا العنف مسلطاً على الضحايا وبالتالي يبقين مرغمات على السكوت خوفاً من خسارة حقهن في الإقامة بالقدس والتي لا تتجدد إلا من خلال الزوج الذي يستطيع وحده أن يتوجه إلى الداخلية حاملا معه أوراق التجديد. ومن هنا نجد أن هناك الكثير من الترابط ما بين عنف الاحتلال وقانون لم الشمل الجديد وما بين معاناة النساء في القدس اللواتي تزداد معاناتهن إذا وقع خلاف بين الزوج المقدسي وزوجته من الضفة الغربية، حيث تعود الأخيرة إلى منطقة سكناها وبهذا تخسر كثيراً من حقوقها ومن الصعب أن تحافظ عليها إذا لم يقدم الزوج معاملة تجديد الإقامة لها إلى وزارة الداخلية الإسرائيلية". معطيات وأرقام وفيما يتعلق بأعداد الحالات التي وصلت إلى المركز وطبيعتها قالت سنيورة:" استقبل مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي في فرعه بالقدس للعام 2021 ما مجموعه 252 سيدة لاستشارات وتدخلات قانونية واجتماعية وكانت نسبة المتوجهات اللواتي توجهن لقضايا تتعلق بتنازع القوانين 70% (176 سيدة) من مجمل النساء المتوجهات، 50% (126 سيدة) منهن تحمل هوية ضفة والزوج قدس أو من الداخل الفلسطيني و20% (50 سيدة) تحمل الهوية المقدسية والزوج ضفة. نظام أبرتهايد ممنهج أخيراً، تؤكد سنيورة إلى أن ما يطرحه القانون الجديد من تمييز يفتح المجال لأن نبني على تقرير منظمة العفو الدولية باعتبار إسرائيل دولة أبرتهايد عنصري. تضيف:" في جلسة مجلس حقوق الإنسان الأخيرة التي خصصت لمناهضة الأبرتهايد الإسرائيلي أجرينا نقاشات جانبية حيث قدم المقرر الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، السيد مايكل لينك، تقريره حول نظام الأبرتهايد وكان من ضمنه موضوع لم شمل العائلات، حيث قدمنا من جانبنا مداخلة شفوية حول الموضوع لمجلس حقوق الإنسان ، وقد أكدت توصيات هذا اليوم على أن سياسة الاحتلال هي نظام أبرتهايد ممنهج، ونسعى الآن إلى أن نجعل من العام 2022 عام مناهضة للأبرتهايد الإسرائيلي، والتمسك بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي خاصة سياساته التمييزية العنصرية وفضح هذه السياسات.
×
أريس بشارة خبيرة الهايتك ل¬'ضيافة مفتاح': مشروع وادي السيلكون في القدس هدفه ضعضعة مكانة المقدسيين اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً
المطبّعون العرب وشركات الهايتك العالمية حذرون من المجازفة في الاستثمار بالقدس الشرقية فلسطينيون من الضفة وغزة يعملون في شركات الهايتك الإسرائيلية بالمقاولة بالإمكان توظيف الهايتك في دعم الرواية والخطاب الفلسطيني من خلال مبادرات شبابية مقدمة وصفت الباحثة في قطاع الهايتك في إسرائيل- أيريس بشارة، مشروع وادي السيلكون الذي تعتزم سلطات الاحتلال تنفيذه على أنقاض المنطقة الصناعية في حي وادي الجوز بالقدس المحتلة بأنه يندرج في إطار الأسرلة الحديثة للمقدسيين، محذرة من أنه في حال تنفيذه سيؤدي إلى ضعضعة مكانة الفلسطينيين في القدس اقتصاديًا واجتماعياً وسياسياً، ما سيكون له كثير من التداعيات والانعكاسات على أكثر من صعيد. وفي حوار معها ضمن زاوية "في ضيافة "مفتاح" دعت أريس بشارة، وهي ناشطة نسوية وطالبة دكتوراه في علم الاجتماع، الفلسطينيين إلى الاستفادة مما لديهم من كفاءات وأدمغة شابة في مجال الهايتك، مشيرة إلى أن المئات من هؤلاء من الضفة الغربية وقطاع غزة بما في ذلك القدس الشرقية يعملون الآن بالمقاولة في إسرائيل، إضافة إلى مئات كانت منحتهم تصاريح دخول إليها لتوظيفهم في شركات الهايتك الإسرائيلية. واقترحت بشارة وضع خطة وطنية استراتيجية فلسطينية للنهوض بهذا القطاع وتوظيفه في خدمة الرواية الفلسطينية في مخاطبة العالم، مشيرة إلى تجربة السنتين الأخيرتين في حي الشيخ جراح وسلوان. انعكاسات خطيرة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً ترى الباحثة أريس بشارة أن لهذا المشروع صلة مباشرة بالاستيلاء على عقارات المقدسيين من حيث أنه يهدف إلى السيطرة على أراض مقام عليها منشآت صناعية واقتصادية فلسطينية، يزيد عددها عن 200 منشأة صناعية تشمل كراجات لتصليح السيارات وتشتغل بها أيد عاملة فلسطينية ما يعني أن هذه العائلات ونتيجة لهذا المشروع ستتضرر بصورة كبيرة نتيجة فقدانها لمصدر رزقها. لكن الانعكاسات الأكبر لهذا المشروع ستفضي إلى ضعضعة مكانة المقدسيين اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً في هذه المنطقة المتنازع عليها في القدس الشرقية، خلافاً لما تتحدث به بلدية الاحتلال من افتراءات غير صحيحة مفادها توفير وظائف للمقدسيين. استقطاب الأدمغة الفلسطينية وفيما يتعلق بالأهداف الأخرى لهذا المشروع خاصة في موضوعة استقطاب الكفاءات الفلسطينية في مجال الهايتك تقول بشارة:" حين نتحدث عن استقطاب الفلسطينيين عامة في حقل الهايتك الإسرائيلي، إنما نتحدث عن خطاب وطّنته إسرائيل في سوق العمل بشكل كبير في السنوات الأخيرة نتيجة انضمامها لمنظمة الاقتصاد العالمية الـ OECD والحاجة لكفاءات وايدي عاملة. فخطاب الاستقطاب او التعددية هذا هو خطاب أمريكي وغربي تريد إسرائيل توطينه لإقناع العالم الغربي بالتحديد بأن لديها الاستعداد لأن تستقطب وتوطن نموذج التعددية خاصة في الداخل الفلسطيني عام 48 أو في أراضي عام 67 يشمل القدس الشرقية من أجل سلام اقتصادي ورفع من المكانة الاقتصادية للفلسطينيين. الأسرلة الحديثة للمقدسيين وتصف الباحثة بشارة التوجه الإسرائيلي حيال المقدسيين على هذا الصعيد بأنه عملية أسرلة حديثة للمقدسيين في القدس الشرقية دون أن تأخذ بعين الاعتبار مكانتهم كسكان وليسوا كمواطنين، إضافة إلى أن سوق العمل الإسرائيلي لا يعترف بشهادات خريجي المعاهد المقدسية، فنرى تدفقاً كبيراً إلى المعاهد الاكاديمية الاسرائيلية كالجامعة العبرية وكلية هداسا. في حين قدّرت أعداد المقدسيين العاملين في شركات هايتك في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني بحوالي 1000 مقدسي، في حين أن معظم العاملين المقدسيين داخل قطاع الهايتك الإسرائيلي يعملون في شركات عالمية وليست محلية ويعانون من عنصرية كبيرة بالتحديد في فروع الشركات الموجودة في مدينة القدس التي تمتنع عن توظيفهم لأسباب عنصرية بحتة. مبادرات فلسطينية إلى ذلك تشير بشارة إلى وجود مبادرات فلسطينية مستقلة كدفيئات وحاضنات تعمل على تدريب المقدسيين/ات للالتحاق في الاكوسيستم الفلسطيني. مثل Jerusalem High Tech Foundry التي تدرّب الطلبة المقدسيين لإشراكهم في سوق الهايتك الفلسطيني وتشبك بينهم وبين شركات هايتك في الضفة الغربية والعالم العربي. كما ونرى أخيرا استثمارات من قبل شركات عالمية كشركة جوجل التي تلعب دوراً هاماً في هذا القطاع التكنولوجي. فتم أخيراً تأمين منحة مالية بقيمة 10 ملايين دولار كتبرع يُعتبر الأول من نوعه ويستهدف مطوري التطبيقات والخريجين ورواد الأعمال في مجال التكنولوجيا في القدس الشرقية والضفة الغربية. عراقيل الاحتلال في مقال هذه المبادرات تشير الباحثة إلى أن بلدية الاحتلال في القدس تعرقل المبادرات التكنولوجية الفلسطينية الشبابية المستقلة، وذلك لأنها تتعارض مع منطق التعددية وخطاب الدمج داخل سوق الهايتك الإسرائيلي. فخطاب التعددية ساري فقط على السوق الإسرائيلي التكنولوجي تحت شروط إسرائيلية. لذلك نحن لا نستطيع أن ندعي أن عملية الاستقطاب او الدمج، أو أن نموذج التعددية قد نجح، وأنه لا يوجد من ورائه أفكار وأية نوايا ملطخة بالأسرلة الإسرائيلية الحديثة. فالحديث في جهة والتنفيذ في جهة أخرى . الهايتك الفلسطيني وبالإشارة إلى واقع هذا القطاع في فلسطين تقول بشارة:" الهايتك الفلسطيني ابتدأ يتطور في مطلع سنوات الـ 2000 ويشمل عدّة عناصر مهمة من جمعيات حكومية ودفيئات وحاضنات ومسرّعين ومؤسسات وشركات ناشئة ومتوسطة ومتبرعين ومستثمرين. ويدعى بحقل أل ICT (Information and Communications Technology). ونسبة العاملين فيه هي 3%. أما نسبة الناتج المحلي الإجمالي فهي 8% وتصل قيمة الأرباح السنوية ما يعادل أل 500 مليون دولار. 50% من شركات الهايتك في الضفة وغزة لها شركاء خارج الأرض الفلسطينية. الدفيئات والحاضنات والمسرعين والجمعيات والشركات الناشئة لهم دور كبير في الاكوسيستم الفلسطيني. مثل: The Palestinian investment promotion agency, Gaza sky geeks, Rawabi hub. الى جانب صناديق الاستثمار مثل صندوق "ابتكار" الذي يدعم الشركات الناشئة الفلسطينية والعربية. المؤسسات الحكومية لها دور كبير أيضا. بين الاكوسيستم الإسرائيلي والفلسطيني، يوجد ثلاثة نماذج تشغيل: outsourcing، أي المقاولة، التدريب، والتوظيف المباشر. سمات التداخل في العلاقات الاقتصادية الفلسطينية الإسرائيلية لكن ما يجدر الإشارة إليه هو وجود عدّة سمات متداخلة في العلاقات الاقتصادية الفلسطينية الإسرائيلية داخل القطاع التكنولوجي أبرزها: الهيمنة، الاندماج، التطبيع، والتحرير، وتشير الهيمنة في هذا الشأن إلى علاقات القوة غير المتكافئة والوضع التبعي للاقتصاد الفلسطيني داخل التسلسل الهرمي الاستعماري. في حين أن الاندماج والتطبيع يشيران إلى العلاقات الاقتصادية المتنوعة والمتشعبة التي تحدث بالفعل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فبعض الفلسطينيين يعارضون الشراكة والتطبيع والبعض الآخر يرونها فرصة لكسب الخبرة من أجل مشروع تحرري واستقلال اقتصادي. وثمة أصوات تعارض خروج وتشغيل المهندسين الفلسطينيين في إسرائيل لأنها تتسبب بهجرة أدمغة فلسطينية. وترى الباحثة أن الاحتلال الجوي والبري والبحري والديجيتالي والاقتصادي الإسرائيلي هو العائق الأكبر امام عمال الهايتك الفلسطينية. مما يولد أشخاصاً مع شهادات بدون خبرة وفرص عمل قليلة وسوق محلي صغير يعتمد على متبرعين وليس على مستثمرين إضافة للرواتب المنخفضة داخل شركات الهايتك الفلسطينية القليلة. الهايتك الإٍسرائيلي: فضاءات استعمارية عسكرية ما تؤكده الباحثة فيما يتعلق بقطاع الهايتك الإسرائيلي هو أنّ هذا القطاع يعمل في فضاءات استعمارية عسكرية تتحدى كل مفهوم التعددية والشراكة. وزاد الأمر سوءاً، فضيحة برامج التجسس الإسرائيلية الأخيرة، حيث تبين أن عملية التجسس الإسرائيلي شملت أيضاً شركات هايتك خاصة كشركة أبل وفيسبوك اللتين رفعتا بدورهما دعوى قضائية ضد الشركة الإسرائيلية ذات العلاقة، وهو ما يثير مخاوف المقدسيين حيث يتم تطوير تقنيات التجسس والمراقبة في القدس الشرقية والضفة الغربية من قبل شركات تكنولوجية أمنية والتي تساهم في قمع الشعب الفلسطيني وتقليص حقه في التنقل والعيش بحرية. مشروع السيلكون بواد الجوز والتطبيع مع العالم العربي لكن ماذا عن علاقة هذا المشروع بالتطورات الأخيرة في علاقة التطبيع بين إسرائيل وبعض الأقطار العربية؟ تجيب بشارة بالقول:” الآن ونحن نتحدث عن واد الجوز مثلاً، ليس الهدف فقط إقامة مشروع هايتك تكنولوجي، إنما هم يخططون لربط القدس الشرقية المحتلة بالقدس الغربية عن طريق إقامة مشاريع اقتصادية فيما يسمى القدس العاصمة. وحين نتحدث عن هذه الصفقات، فنحن نتحدث عن أمنية تتمناها إسرائيل، وهي أن تستثمر الإمارات ودول الخليج عامة في القدس الشرقية وفي هذه المشاريع التكنولوجية تحديداً لكي تساهم تلك الحكومات في اقناع المجتمع الدولي على أنّ القدس هي عاصمة إسرائيل الأبدية. ولكن إحدى الأمور التي حدثت أن هذه الأمنية الإسرائيلية لم تلق تجاوباً من قبل الحكومة الإماراتية التي لديها مخاوف من الاستثمار في منطقة ذات مجازفة اقتصادية وسياسية، لأن الهايتك الإسرائيلي غير متطوّر في القدس الشرقية أو الغربية بصفة عامة مثل ما هو عليه الحال في البلدات في الداخل الفلسطيني. كما وليس لديها النية أن تجازف بصفة القدس منطقة متنازع عليها، وبالتحديد لان منطقة القدس الشرقية هي منطقة محتلة بنظر المجمع الدولي. وهذا شيء لا ترغب به الحكومة الإماراتية، بل أنها حاولت الامتناع عن الدخول في مثل هذه المجازفة، وعوضاً عن ذلك فهي تستثمر في شركات إسرائيلية ناشئة ومضمونة توفر لها ربحاً مضموناً دون مجازفات اقتصادية أو سياسية. موقف شركات الهايتك الدولية فيما يتعلق بموقف شركات الهايتك الدولية من الاستثمار في القدس المحتلة، تشير الباحثة إلى أنّ موقف هذه الشركات التي تملك حصة كبيرة من المنشآت والفروع في الداخل الفلسطيني، كانت صرحت بأنها لا تريد إنشاء شركات لها في القدس الشرقية على أراضٍ متنازع عليها وتحديداً في حي واد الجوز. فهذه الشركات العالمية تخشى على سمعتها العالمية. وعلى سبيل المثال، فإن شركات مثل فيسبوك، وغوغل، ومايكروسوفت غير معنية بخوض هذه المعركة، مما عرقل حالياً أحلام وطموحات حكومة إسرائيل وبلديتها في القدس. حيث تراقب هذه الشركات ما يحدث من تطورات في السنوات الأخيرة في الشيخ جراح وسلوان وفي أحياء مقدسية أخرى في وسائل الاعلام وما جرى في هبّة أيار من العام الماضي (2021)، وهي هبّة ساهمت في إعادة النظر والتفكير من قبل هذه الشركات في كل ما تقوم به سواء في القدس وحتى في الداخل الفلسطيني، ما أدى إلى توقف صفقات وإرجاء العمل بصفقات أخرى إلى حين تتضح الأوضاع السياسية. تقاطعات نيوليبرالية اقتصادية وفيما يتعلق بالتقاطعات النيوليبرالية الاقتصادية ما بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، ترى بشارة، أن هذه العلاقة قائمة منذ سنوات. فالفلسطينيون من الضفة الغربية وقطاع غزة يعملون في المقاولة بشركات موجودة في الداخل الفلسطيني وهي شركات تعتبر عالمية أو في شركات محلية ناشئة برعاية إسرائيلية، وبالتالي هذا الخطاب ليس جديداً، وحين تفتح أرشيفات موجودة بين الصفقات التي عقدت بين شركات موجودة في رام الله وروابي وشركات إسرائيلية تجد أن هذا الوضع موجود وقائم. توظيف الهايتك في الرواية والخطاب الفلسطيني من ناحية أخرى تشير الباحثة بشارة، إلى وجود مبادرات تحررية ووحدوية قائمة حالياً وهدفها نقل الصورة الأوضح والأدق لما يجري في القدس الشرقية، وهذه المبادرات الشبابية تعمل بجد ونشاط لنقل الصورة الحقيقية للحراك الفلسطيني في مواجهة عمليات القمع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ورغم أنها مبادرات أولية إلا أنها أساسية حتى نستطيع بناء مشروع تحرري اقتصادي وسياسي داخلي، بحيث يكون مرآة للعالم. أيضاً هناك المنصات الرقمية التي لا تقل أهمية عن هذه المبادرات ومنها نستطيع أن نستقطب تعاطف شعوب أخرى. بالإضافة إلى أهمية الدور الذي يمكن للفرد أن يؤديه خاصة من يعمل في شركات إسرائيلية، فهو ليس صنماً بل هو إنسان فعال يرى ويسمع ولديه القدرة أن يغير الواقع الذي حوله وأن يفهم الإسرائيليين بأن لديه الكفاءة والقدرة كي يتقدم وأن يطور من ذاته ومن مجتمعه بمعزل عن كل مشاريع التهويد. خطة وطنية استراتيجية للنهوض بالهايتك الفلسطيني على هذا الصعيد تؤكد بشارة أن أول شيء يمكن عمله على صعيد النهوض بالهايتك الفلسطيني هو بناء مشروع موحد وواضح يصب في مصلحة الاقتصاد الفلسطيني. تضيف:" لا أدري إن كان ذلك برعاية السلطة أم لا، وأنا في الواقع لا أعوّل حالياً على هذه السلطة، إنما على الأفراد والكفاءات والجامعات والمدارس والجمعيات التأهيلية والشركات القائمة والتي يمكن من خلالها بناء شبكة أو دفيئة تكنولوجية واضحة تضم كل الجمعيات والشركات الخاصة، وأن نعمل على وضع خطة استراتيجية مشتركة تشمل جميع الفلسطينيين في الداخل والضفة وغزة والشتات، كما ويشترك في وضعها الرأي العام والشركات العالمية والافراد والحكومات العالمية التي تستثمر في الاقتصاد الفلسطيني، لأن إشراكها في بناء خطة استراتيجية تعطي بديلاً وطرحاً جديداً واقتصاداً موحّدا".
×
آخر تطورات قضية الشيخ جراح: مقترح تسوية إسرائيلي في حي الشيخ جراح: حل أو مراوغة؟
القدس المحتلة – لم يحسم محامو أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة موقفهم تجاه مقترح لمحكمة الاحتلال الإسرائيلي العليا بتسوية قضية إخلاء أهالي الحي لصالح المستوطنين، بعد يومين على المقترح الذي يشير إلى اعتبارهم مستأجرين محميين، مع ضمان حقهم بالملكية. ويؤكد المحامي سامي ارشيد من فريق الدفاع عن عائلات حي الشيخ جراح، أن مقترح المحكمة الإسرائيلية الصادر أول أمس الإثنين، والذي وجه لأهالي الشيخ جراح وشركة "نحلات شمعون" الاستيطانية، حيث يتم دراسة المقترح بين المحامين وأهالي الشيخ جراح ويجب الرد عليه في الثاني من الشهر المقبل. ووفق ارشيد، فإنه بموجب مقترح المحكمة تلغى قرارات الإخلاء عن أربع عائلات من أهالي الشيخ جراح واعتبارهم مستأجرين محميين، وضمان حقهم بملكية الأرض وإثبات ذلك في إجراءات تسوية مستقبلية ستتم في الحي. وينوه ارشيد إلى أن قرار محكمة الاحتلال العليا "لا يشمل أي اعتراف من الأهالي بملكية شركة (نحلات شمعون) في البيوت أو أراضي حي الشيخ جراح، ويبقى موضوع الملكية مفتوحاً، من أجل إثبات الأهالي لملكيتهم في الإجراءات المناسبة في المستقبل". أما المحامي المقدسي مدحت ديبه، فقال تعقيباً على المقترح المقدم من المحكمة: "لا شك أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية في قضية الشيخ جراح الصادر في الرابع من الشهر الجاري، والمتضمن اقتراح التسوية مهم ومريح للسكان الذين صدر بحقهم قرارات تخلية نهائية، ويتيح لهم شراء بعض الوقت في مساكنهم وممتلكاتهم". لكن ديبة حذر من أن القرار قد يرفع الحرج عن الاحتلال أمام العالم، وقال: "هناك نقطة مهمة جداً إذ أن القرار المتضمن للتسوية يرفع الحرج عن الاحتلال أمام العالم ويرفع سيف الإخلاء عن الأهالي حتى زمن محدد أقصاه 15 عاماً، بسبب تضمين الاقتراح حق شركة (نحلات شمعون) تخلية السكان بموجب البند 131 (7) و(10) سواء في حال انتهاء التسوية بتسجيلها مالكة للعقار أو بانقضاء 15 عامًا من تاريخ توقيع التسوية أيهما أقرب". ويوضح ديبة، "بمعنى إذا تمت التسوية خلال خمس سنوات وتم تسجيل الأرض باسم الشركة، عندها يمكن لها تقديم دعوى تخلية بموجب البند المذكور، وإذا لم تنته إجراءات التسوية خلال 15 عاماً أيضا تستطيع الشركة تقديم دعوى تخلية، بموجب هذه المادة". وأشار ديبة إلى أن نص البند الرابع من اقتراح التسوية لم يتطرق له أحد حتى الآن باستثناء الصحافة الإسرائيلية، "قلوبنا مع اهالي الشيخ جراح وهم اصحاب القرار، ولا شك أنه قرار صعب، فيه اختيار لأهون الشرين". بدوره، يقول المتحدث بإسم لجنة أهالي حي الشيخ جراح يعقوب عرفة، عقب اجتماع أهالي الحي مع طاقم المحامين المكلف بالدفاع عن الأهالي، "إن محكمة الاحتلال العليا اقترحت تسوية جديدة على أهالي الشيخ جراح تقضي بالإبقاء عليهم في بيوتهم كمستأجرين محميين مع احتفاظهم بحق ملكية المنازل على أن يقدموا للمحكمة رداً على قرارها حتى الثاني من تشرين ثاني القادم". ويضيف عرفة، "من الواضح لنا أن محاكم الاحتلال تماطل وتتهرب من اتخاذ قرار في قضية تهجير أهالي الشيخ الجراح، وذلك بسبب الزخم الإعلامي والسياسي العالمي والذي طالب سلطات الاحتلال بإيقاف جريمة الحرب واقتلاعنا من بيوتنا وأراضينا، نعي أن العدالة والإنصاف لأصحاب الحق لن ولم تأتِ أبدًا من المحاكم الإسرائيلية، التي هي بالضرورة محاكم استعمارية، بُنيت لخدمة المستوطنين ولتيسير الممارسات الإسرائيلية الاستيطانية". ويؤكد عرفة، "نقوم كأهالي الشيخ جراح بدراسة خطواتنا القادمة التي تعزز من ثباتنا في القدس المحتلة، لكن الأمر المفروغ منه هو أننا لن نقبل أبدًا بالاعتراف بملكية المستوطنين لبيوتنا". أضاف:" ما طرح من مقترح لا زال قيد الدراسة والبحث، وسوف نجلس مع محامينا مرتين أو ثلاث وربما أكثر قبل أن نسلم للمحكمة ردنا النهائي للمحكمة." وفي أول تعقيب لها على مقترح التسوية المقدم من قبل المحكمة العليل بخصوص قضية أهالي الشيخ جراح أكدت الناشطة المقدسية منى الكرد، والمهددة عائلتها بالترحيل القسري عن منزلها في الحي، رفض الأهالي التنازل عن ملكيتهم لمنازلهم وأرضهم في الشيخ جراح. وقالت:" كونوا على يقين أننا لن نقبل بأي تسوية نتنازل فيها عن حقنا في أراضينا ومنازلنا". أضافت:" لقد عرضت محكمة الاحتلال في مقترحها الأخير تسوية أخرى باعتبارنا مستأجرين محميين كل هذا ليقولوا للعالم أنهم يحاولون التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف لكن الفلسطينيون يرفضون.. في الواقع هذا ما أرادوه من مقترحهم.. لكن موقفنا نحن ثابت ولن يتغير بتمسكنا بكامل حقوقنا". وتدعي جماعات استيطانية أن منازل أهالي حي الشيخ جراح أقيمت على أرض كانت بملكية يهودية قبل عام 1948، لكن الأهالي ينفون ذلك، ويؤكدون أنهم مقيمون في منازلهم وفق اتفاق أبرم منذ عام 1956، بين الحكومة الأردنية ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
×
شعوان جبارين: ما يقترف من انتهاكات داخلياُ أكبر تهديد للقوة والمناعة الفلسطينية والنسيج الوطني
×
أبو شحادة: خطاب عرب الأحزاب الصهيونية استهدافً لتاريخنا النضالي كحركة وطنية في الداخل
هبّة الكرامة عززت الهوية الوطنية الفلسطينية وخلقت حالة غير مسبوقة من الوحدة الوطنية
حذّر النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي سامي أبو شحادة من القائمة المشتركة عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي، من الخطاب السياسي لعرب الأحزاب الصهيونية الذي عاد للظهور بعد سنوات طويلة من النضال الذي خاضته الحركة الوطنية في الداخل الفلسطيني، بفعل دخول الحركة الإسلامية الجنوبية في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الجديد بقيادة عباس منصور. وقال أبو شحادة في حوار معه لزاوية "في ضيافة مفتاح" أنه من الخطأ الاعتقاد بأن هناك جديد من انضمام عباس منصور والحركة الإسلامية الجنوبية إلى ائتلاف الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فكل ما يحدث يقتر إلى الخطاب السياسي الذي استخدمه عرب الأحزاب الصهيونية على مدار عشرات السنوات. كانت هناك أحزاب محسوبة على الأحزاب الصهيونية حتى في خمسينيات القرن الماضي.، ولسرقة أصوات العرب قام الحزب الحاكم آنذاك "مباي" بالعمل على قوائم عربية مرتبطة به، وكانت على ما أعتقد تحمل ذات الاسم أي القائمة العربية الموحدة. وعملياً هذا النوع من الخطاب السياسي الذي يزعم بأن التأثير السياسي قد يكون فقط من داخل الائتلاف كان في الواقع ادعاءً كلاسيكياً لعرب الأحزاب الصهيونية، وبالفعل كان هناك الوزير غالب مجادلة، إضافة إلى عرب آخرين في الائتلاف الحكومي واحتلوا مناصب مهمة في أحزاب الليكود والعمل وميرتس". وأضاف شحادة:" برأيي العقلية والمفردات السياسية وكذلك الخطاب متشابهين، لكن الجديد هو تبني الحركة الإسلامية الجنوبية لهذا الخطاب وابتعادها بعض الشيء عن خطابها السياسي نفسه، دون أن يكون هناك تفسير لهذا التغيير. لقد سمعنا منهم خلال وجودهم في القائمة المشتركة بأن هناك نهجاً جديداً، وحين توجهنا لمنصور عباس نستفسر منه عن طبيعة هذا النهج ولماذا يتم تجاوز جميع الخطوط الحمراء، وطالبناه من موقع شراكته معنا أن يعرّفنا على هذا النهج، وأن يقدم لنا ورقة بهذا الخصوص لكنه رفض. في الواقع هناك نهج جديد مبني كثيراً على أمور قديمة اتبعتها عرب الأحزاب الصهيونية، في الداخل، وهذا النهج غير واضح لنا كقائمة مشتركة، بل أن عضواً في قائمة منصور عباس وهو سعيد الخروم من النقب رفض التصويت لصالح حكومة بينيت لبيد. ومن هنا، من المهم تذكير الناس بأن ذلك الخطاب الذي اعتقدنا أننا انتهينا منه بعد نضال طويل للحركة الوطنية في الداخل تعيده الآن الحركة الإسلامية الجنوبية". تحديات الواقع الجديد يرى عضو الكنيست أبو شحادة، أن التحديات الجديدة التي يفرضها الواقع الجديدة كثيرة، لكن أبرزها الخروج عن الإجماع حول الثوابت الوطنية، وتقديم خطاب سياسي يشتمل على عدة مشاكل. القضية الأولى وهي الأهم، أنه يستهدف تاريخنا النضالي على مدار ثلاثة وسبعين عاماً، ولهذا بات هؤلاء يكررون جملة واحدة (إلكم 73 سنة إيش عملتوا). وهي عملية تتضمن استحقاراً وتهميشاً لكل ما قامت به الحركة الوطنية لفلسطينيي الداخل منذ النكبة وحتى الآن، وهذا أمر خطير جداً. الآمر الآخر هو الادعاء بأن التأثير السياسي يكون فقط من داخل الائتلاف. أي عليك أن تتبنى الخطوط العريضة للحكومة والواضح لك ولمجتمعك أن هذا الائتلاف هو ضدك وضد مصالح شعبك. نحن كنا دائماً نعمل على رفع السقف، ونحاول كسر الحدود التي ترسمها لنا الحركة الصهيونية. لقد تخطت الحركة الإسلامية الجنوبية هذه الحدود التي وضعناها، وتبنت قانون القومية، وبالتالي قبلت بهذا المستوى من الدونية، ومن الرضوخ للفوقية اليهودية، كما قبلت قواعد اللعبة العنصرية، وهذا في الواقع يقسمنا إلى عرب معتدلين وعرب متطرفين. وبعبارة أخرى هناك عرب معتدلون يتقبلون الدولة اليهودية، أما العرب المتطرفون فيناضلون من أجل المساواة". بناء الوحدة الوطنية لفلسطينيي الداخل وفق تقديره، يرى أبو شحادة، أن هبّة الكرامة فتحت المجال من جديد على أهمية إعادة تنظيم الحركة الوطنية في الداخل الفلسطيني، وهذا أهم إنجاز تحقق، لأنه صار هناك مجال فرض على الجميع كقيادة لهذا الجزء من أبناء الشعب العربي الفلسطيني الجلوس سوياً ومراجعة البرنامج السياسي لجميع القوى والأحزاب سواء التجمع الوطني الديمقراطي، أو حركة أبناء البلد، والشخصيات الوطنية والمستقلة. فما يجمع هذا الكل أكثر مما يفرّقه. نحن قادرون على أن نتوحد حول استراتيجية نضالية موحدة، من خلال برنامج سياسي موحد. لقد قلت مرات عديدة أن إحدى نقاط الاختلاف هي قضية ذهابنا أو عدم ذهابنا إلى الكنيست. نحن نستطيع أن نناقش هذا الموضوع بجدية، وعلى استعداد لإعادة النظر واتخاذ قرار جماعي بهذا الشأن، وبالتالي حيثما تكون الأغلبية في الحركة الوطنية سيكون التجمع الوطني الديمقراطي". أضاف:" أمر آخر لا بد من الإشارة إليه، وهو أنه بات لدينا الكثير من الحركات الصغيرة، وللأسف، كي تشرّع هذه الحركات وجودها أصبحت تبرز كل ما هو خلافي وتتناسى تماماً كل ما نتفق عليه، علماً بأننا متفقون بنحو 99% من الحالات. الآن بات هؤلاء يريدون تبرير وجودهم فأصبحوا يزاودون، وبعدنا عن خطاب سياسي أو نقاش سياسي موضوعي. نحن بحاجة جميعاً أحزاباً وحركات وكل من يرى نفسه بأنه جزء من الحركة الوطنية في الداخل إلى أن نضع كل الأمور على الطاولة وأن نتفق على برنامجنا السياسي، وأنا سأبادر قريباً للقاء من هذا النوع بين مجموعة من المثقفين من كل الحركات لنتبادل الآراء حول ما جرى مؤخراً، وصولاً إلى إمكانية توحيد الحركة الوطنية لفلسطينيي الداخل". العلاقة مع الحركات الشبابية يرى أبو شحادة، أن العلاقة مع الحركات الشبابية هي جزء من نضاله وتاريخه وكان واحداً ممن ساهموا فيها ويقول:" كابن لهذه الحركة أنا تربيت في هذه الحركات وأسست جزءاً منها، سواء حركة الشباب اليافاوية أو العمل الطلابي "جفرا" بجامعة تل أبيب. وبالتالي أرى في هذه الحركات الأمل لمشروعنا الوطني. ولكن لدينا عدة مشاكل مع هذه الحركات أولاها وجودها خارج أي إطار سياسي، وثانيها ليس لديها مشروعاً سياسياً واضحاً متفق عليه. أقدّر جداً الروح العالية من التضحية عند الشباب واستعدادهم للنضال وشعورهم بأنهم جزء من القضية وهذا أساس يبنى عليه، ولكن إذا لم يتم مأسسته فسنخسر كل هذا الحراك. لذلك علينا كقيادات أن نفتح الأبواب في كل الأحزاب والحركات السياسية لهؤلاء الشباب، وإذا هم غير راضين عن أي حزب، فلينشئوا حزباً جديداً ونحن معهم. ولكن بدون تأطير هذا العمل ومأسسته سيذهب كل هذا المجهود هباءً" ويضيف أبو شحادة لقد تغيّر العالم كثيراً وجزء من قيادتنا في الداخل الفلسطيني وكذلك قيادة الفصائل الفلسطينية فقد التماس المباشر مع الجمهور، خاصة مع الشباب الذي يشكل النسبة الأكبر من هذا الجمهور. لقد عاش هؤلاء الشباب تجربة مختلفة كلياً عن التجربة التي عاشتها القيادة وبات هناك بعد جديّ بين القيادة والشباب. ومن التجربة الشخصية المعاشة، فقد كانت كتابة منشور بالنسبة إلى مشروع عمل بحد ذاته يتطلب طباعته وتدقيقه لغوياً وتوزيعه جهداً كبيراً، لكن ما يحدث اليوم في عالم الاتصال الحديث ووسائل التواصل الاجتماعي قلب الأمور رأساً على عقب، وباتت كتابة المنشور ومراجعته وتوزيعه تتم في لحظات. فهذا عالم جديد، وهذه ثقافة ولغة مختلفة. وإذا أردت علاقة مع هؤلاء الشباب عليك أن تعيش معهم، وتقترب منهم. هناك أمور وثوابت أساسية موجودة نتفق عليها مع هؤلاء الشباب. فمطالبنا وثوابتنا السياسية واحدة. من هنا يجب ترتيب هذه العلاقة، وعلينا دور أن نعطيهم مكاناً أوسع في قيادة العمل والنضال. هبّة الكرامة: ثلاث جهات إسرائيلية اعتدت على فلسطينيي الداخل فيما يتصل بالعلاقة مع الاحتلال وما تركته هبّة الكرامة من تأثير على فلسطينيي الداخل الذي كانوا عرضة لاستهداف عنيف من قبل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ومن جهات إسرائيلية أخرى يوضح أبو شحادة:" من المهم أن نوضح للجميع أن الاعتداءات على الفلسطينيين في الداخل تمت من ثلاث جهات: الأولى من قبل الشرطة وأجهزة الأمن والشاباك، وكانت غير قانونية وغير إنسانية واتسمت بالعنف الشديد وتتناقض حتى مع القانون الإسرائيلي ذاته كما تتناقض مع القانون الدولي، وكان هناك عدد كبير من الجرحى بفعل إطلاق الرصاص على المتظاهرين بكثافة. أما الجهة الثانية التي اقترفت اعتداءات واسعة على المواطنين خاصة في المدن المختلطة، فكانت من المستوطنين الذين انتظموا بأعداد كبيرة داخل المستوطنات من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وأتوا بأعداد كبيرة لهدف واحد وهو الاعتداء على أبناء شعبنا في هذه المدن.، خاصة في مدينة اللد الذين نلهم من هذه الاعتداءات نصيب الأسد، بالإضافة إلى ما تعرضت له مدن أخرى، كيافا وحيفا والرملة وعكا. لقد اعتدى هؤلاء المستوطنون علينا وعلى أملاكنا ومقدساتنا بشكل كبير جداّ ولم تتم محاسبتهم بتاتاً. فالشهيد موسى حسونة من مدينة اللد تم إطلاق النار عليه من قبل هؤلاء المستوطنين وليس من الشرطة الإسرائيلية. إضافة إلى أن عدداً كبيراً من الجرحى في مدينة اللد أصيبوا برصاص المستوطنين، أما في يافا فكانت اعتداءات هؤلاء تتم بحماية الشرطة، وبالتالي لدينا نوع جديد من الاعتداءات التي يقترفها المستوطنون بحماية الشرطة. أما النوع الثالث من الاعتداءات فهو الذي اقترف، فكان من قبل مواطنين إسرائيليين عاديين، كما حدث مع شاب من مدينة الرملة اعتدى عليه سكان بناية يقطنون مع عائلته في ذات البناية، وحين نقل إلى المستشفى تقاعس الأطباء الإسرائيليون هناك عن علاجه وتعاملوا معه كمعتدي". هبّة الكرامة: اعتقالات بالآلاف وعنف غير مبرر لقد تركت هبّة الكرامة الأخيرة ندوباً شديدة في العلاقة بين السلطة الحاكمة في إسرائيل وفلسطينيي الداخل، خاصة تعامل أجهزة الدولة بسياسة القبضة الحديدية في مواجهة الهبّة الشعبية، كان من أبرزها القيام بحملات اعتقال طالت الآلاف من فلسطينيي الداخل. يقول أبو شحادة:" لدينا أكثر من 2200 معتقل تم اعتقالهم في أعقاب الهبّة، ومع ذلك ومع كل التزييف والتضليل الذي مورس لتبرير هذه الاعتقالات لم تستطع الدولة فتح ملفات بحقهم، إذ أن 90% من هؤلاء تم إطلاق سراهم، في حين قدمت لوائح اتهام ل10% من المعتقلين وجميعها لوائح اتهام مفبركة، في حي أن الهدف من كل هذه الاعتقالات هو الترهيب فقط، وهو ما أظهرته طريقة الاعتقال وما واكبها من ممارسات عنف شديد من قبل الشرطة بحق المعتقلين وعائلاتهم وممتلكاتهم من ضرب وتنكيل وتدمير للممتلكات". تأثيرات كبيرة فيما تركته هذا الاعتداءات على فلسطينيي الداخل من تأثيرات قال أبو شحادة:" من كان متماشياً مع تيار الأسرلة وصل إلى نتيجة مفادها بالتوقف عن السير في هذا الاتجاه. لقد أدرك هؤلاء أن ما تقوله الحركة الوطنية في الداخل في قراءتها للخارطة هو الصحيح. لقد شعرت هذا على المستوى الشخصي من خلال استعداد الناس للاستماع إلى تحليلي وخطاباتي، وهو أمر لم يكن موجوداً قبل شهر ونصف. وأعداد الناس الذين يحضرون الندوات السياسية هم الآن عشرات الأضعاف، وبالتالي بات هناك استعداد كبير جداً من قبل المواطنين لوقف الانجراف الذي كان باتجاه الأسرلة، وأن تعود للخطاب الوطني وتشجعه وتصغي له بشكل جدي وتتقبل هذا النوع من التحليل ما يمكن اعتباره فرصة تاريخية وعلينا أن نبني عليها من خلال فتح أفق جديد وأمل للنضال، حيث أن اللغة القديمة لم تعد مجدية". آفاق جديدة من النضال الوطني لفلسطينيي الداخل يعتقد أبو شحادة، أن هناك آفاقاً جديدة من النضال الوطني لفلسطينيي الداخل يجب ألا يتم تفويته. يقول" نحن نريد أن نفتح للناس آفاقاً جديدة للنضال. ففي الساحة الدولية مجبورون نحن فلسطينيو الداخل أن نعطي هذه الساحة ثقلاً لم نعطه أبداً في السابق. نريد أن نفتح هذا الآفاق، ولذلك توجهنا إلى موضوع المطالبة بحماية دولية بعد كل هذه الاعتداءات التي أشرنا إليها. وسنفعّل عملنا على الساحة الدولية بشكل مختلف للمطالبة بتوفير هذه الحماية وبناء علاقات مع أحزاب ومؤسسات حقوق الإنسان في الخارج ليدركوا بأننا موجودون، ولنحرج إسرائيل على الساحة الدولية بسبب التمييز العنصري الذي تمارسه اتجاه مواطنيها من الفلسطينيين، علماً بأن لدينا مجالاّ وخطاباً سياسياً ديمقراطياً وإنسانياً بات الكل مستعد أن يسمعه، وبالتالي فتح ملف تدويل قضية فلسطينيي الداخل يفتح باب أمل للناس. الأمر الآخر الذي لا بد أن نعمل عليه ونكثف جهودنا فيه، هو تعامل قيادة الداخل الفلسطيني مع شعبها ومع الحراكات الشبابية. علينا أن نحترم الشباب وأن نسمع لهم ونحسن الاستماع لمطالبهم السياسية لأنهم يشعرون بأنهم جزء من هذا البرنامج، والعمل على إعادة توحيد الحركة الوطنية لفلسطينيي الداخل المشرذمة، وهذا أيضاً يفتح أفقاً جديداً. حاليا نعمل في هذه الاتجاه ولدينا تصور ما، لكن مواردنا ضعيفة جدا في مقابل دولة تمتلك موارد ضخمة ولا تقارن بما لدينا. نحن بحاجة للدعم من أهلنا وناسنا في الشتات وفي كل مكان، وليس المقصود بالعم هنا الدعم المادي فقط، بل أن يساعدنا كل من له باع في العمل الدولي بأن يمنحنا جزءاً من وقته بمن في ذلك من لهم تجربة غنية في العمل لدى المؤسسات الحقوقية على الساحة الدولية لتدويل ملف فلسطينيي الداخل". الموقف الأميركي الجديد من فلسطينيي الداخل لقد أبرزت هبّة الكرامة وما تعرض له فلسطينيو الداخل من حملات قمع وتنكيل تطوراً جديداً ومهماً في الموقف الأميركي من قضيتهم كما يقول عضو الكنيست أبو شحادة:" كان هناك تصريحات جديدة ومهمة بهذا الشأن من قبل الرئيس الأميركي بايدن ووزير خارجيته بلينكن حيال الفلسطينيين في الداخل لم نعتد عليها في السابق الذين يذكرون لأول مرة. لقد صرّح بلينكن بشيء نراه أقل خطورة مما صرح به بايدن. فوزير الخارجية الأميركية دعا الحكومة الإسرائيلية للتعامل بمساواة مع العائلات المسيحية والمسلمة في الداخل. بينما نحن كنا نفضل ألا يتعامل معنا كطوائف بل كجزء من الشعب الفلسطيني، ومع ذلك هو تصريح جيد ويبدو أنهم باتوا يروننا ويدركون أن هناك شعباً آخر. الأمر الآخر هو التصريح الخطير للرئيس بايدن الذي قال أنه لن يكون هناك سلام ما لم يكن هناك اعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. هذا التصريح لم نقبل به لأنه يعني دعم الأميركيين للعنصرية الإسرائيلية اتجاه نحو 20% من سكان إسرائيل أو الدولة اليهودية التي يريد الرئيس الأميركي منا الاعتراف بها كدولة لليهود. نحن لسنا يهوداً، وإقامة الدولة اليهودية أقيمت على أنقاض أرضنا وشعبنا. نحن أقلية قومية نعاني من التمييز العنصري في كل مجالات الحياة بسبب قانون القومية وقوانين عنصرية أخرى اتجاهنا لأنها دولة يهودية. والحفاظ عليها كدولة يهودية يحافظ على هذه العنصرية اتجاهنا تاريخياً ويمنعنا من المساواة، ولذلك نحن نريد اعترافاً بإسرائيل كدولة ديمقراطية. وفي هذا السياق، نحن قدمنا برنامجاً يتم من خلاله تحويل إسرائيل من دولة عنصرية إلى دولة ديمقراطية لجميع مواطنيها عرباً ويهوداً". نريد حكماً ذاتياً ثقافيا وليس حكماً ذاتياً سياسياً أو اقتصادياً بالنسبة لعضو الكنيست أبو شحادة، فإن الاعتراف بفلسطينيي الداخل لا يعني بأي حال حكماً ذاتياً لاستحالة ذلك، لكن المطلوب هو استقلال ثقافي كما يقول. مضيفاً:" حكم ذاتي لفلسطينيي هو أمر صعب جداً. لماذا؟ لأننا غير مركّزين جغرافياً ولا في أي مكان. نحن منتشرون بكل فلسطين التاريخية، وبالتالي من الصعب أن تديره بحكم هذا الانتشار الذين يتوزع على المدن المختلطة، وفي المجالس الإقليمية العربية اليهودية. ولذلك حكم ذاتي سياسي صعب، واقتصادي أيضاً صعب جداً، لأننا أيضاً مرتبطون ارتباطاً عضوياً في الاقتصاد الإسرائيلي. نحن قدمنا رؤيا أخرى، حيث نطالب بحكم ذاتي ثقافي. معنى الحكم الذاتي الثقافي في حالة الفلسطيني في الداخل هو أن يتوقف الشاباك عن كتابة برامج التعليم الخاصة بنا، لأن من حقنا كباقي الأقليات في العالم أن ندرس تاريخنا ولغتنا العربية لأولادنا بحيث يصير أبناءنا يحبون اللغة العربية، وأن نعلمهم الشعر والأدب الذي نراه صحيحاً. نحن نطالب بحكم ذاتي ثقافي نضع من خلاله مناهجنا في المدارس، وأن يكون لنا مؤسسات ثقافية وطنية من مسرح وسينما وإعلام، وحتى محطة تلفزيونية كما كل شعوب العالم التي تملك محطات تلفزة كي نوصل من خلالها رسالتنا إلى الآخرين. توقف إطلاق النار.. لكن المعركة على الرواية مستمرة لئن تحقق وقف إطلاق النار - كما يقول أبو شحادة - إلا أن المعركة على الرواية لا زالت مستمرة. يضيف:" من المهم جداً تحديد المعتدي وكذلك الضحية. ومن الهم أيضاً توثيق الاعتداءات والخروج بروايتنا لكل الإعلام وفي المقدمة منه الإعلام الأجنبي، وتحضير ملف للجنة تقصى الحقائق التابعة للأمم المتحدة والتي ستحقق فيما اقترف من اعتداءات وانتهاكات بحق فلسطينيي الداخل من قبل الدولة التي هم مواطنوها والمفترض أن تحميهم لا أن تعتدي عليهم. لقد اتخذت مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ولأول مرة قراراً تاريخياً بأن تقوم لجنة تقصى الحقائق بفحص ما جرى على جانبي الخط الأخضر، ودورنا اليوم أن نوثق بصورة مهنية كافة الاعتداءات علينا من قبل الشرطة وجهاز الشاباك والمستوطنين ومن المواطنين الإسرائيليين العاديين. فالقضية ليست مجرد من أطلقت النار عليه، حيث هناك شهداء وجرحى، إنما هناك أيضاً من اعتدي على بيوتهم وممتلكاتهم ومن فصلوا من أعمالهم بطرق مهينة سواء من أرباب العمل الإسرائيليين، وحتى من جهاز القضاء الذي تعامل بمكيالين خلال نظره في القضايا التي رفعت إليه. ففي الوقت الذي مكث فيه قاتل الشهيد حسونة ثلاثة أيام في الاحتجاز وجرى إطلاق سراحه، اعتقل فتية فلسطينيون أعمارهم أقل من 14 عاماً ومكثوا في الاعتقال تسعة أيام على لوائح اتهام تضمنت رشق حجارة لم تسفر عن إصابات. نحن نريد أن نوثق كل هذه الانتهاكات، وأن نقول للعالم بأن ممارسات إسرائيل ضد فلسطينيي الداخل أكدت ما نذهب إليه بأن هذه الدولة لم تقم بواجبها في حماية جزء من مواطنيها، بل هي تقوم بالاعتداء عليهم. وبالتالي إمكانية محاسبة هذه الدولة واردة في القانون الدولي، كما أن توفير الحماية الدولية لنا ممكنة من خلال إرسال مراقبين دوليين ليتابعوا ويراقبوا عمل الشرطة وأجهزة الأمن الإسرائيلية". هبّة الكرامة حطمت الحواجز والحدود أكدت هبّة الكرامة –كما يقول أبو شحادة – إلى حالة غير مسبوقة من الوحدة الوطنية في فلسطين التاريخية بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد. أضاف:" من أجمل ما شهدته هبّة الكرامة هو التواصل الفلسطيني سواء في فلسطين التاريخية وفي جميع أماكن تواجد شعبنا في الخارج. فشبكات التواصل الاجتماعي حطمت جميع الحواجز والحدود وبدا واضحاً ذلك من هذا الارتباط الوثيق بين فلسطينيي الداخل وأهلنا في القدس وبرأيي هذا أمر استراتيجي وهام ويجب أن يبنى عليه أيضاً في معركة الدفاع عن الوجود. أذكر أنه في شهر رمضان وحين وصلنا إلى القدس كان هناك عشرات الآلاف من مواطني الداخل هناك، مع قناعة لديهم بأنّ لهم دوراً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ودينياً. وبالتالي دورنا هذا يفتح أفقاً سياسياً كما يفسح المجال لبناء جبهة عريضة من النضال يمكن أن نطلق عليها جبهة مكافحة الأبرتهايد الإسرائيلي، وهذه الجبهة يمكن أن تكون أكبر من جبهة فلسطينيي الداخل وحدهم، وأن ينضم إليها بعض اليهود المعارضين للصهيونية، وسيكون لها ثقلها السياسي استراتيجياً يعطي دعماً لم يعارضون إسرائيل في دولهم بالخارج. حكومة بينيت لبيد: كل السيناريوهات مفتوحة وفيما يتعلق بمستقبل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة بينيت لبيد يرى أبو شحادة، أن مستقبل هذه الحكومة مفتوح على كل السيناريوهات. فنتنياهو لا زال لاعباً سياسياً قوياً قادراً على القيام بعمل استراتيجي. ورغم ذلك، بات في هذه الحكومة شركاء في شراكة معيّنة. لقد قام بينيت بعمل شيء تاريخي. فهو عضو كنيست معه 5% فقط من البرلمان ليصبح رئيس حكومة، وهذا شيء لن يتكرر، والأمر ذاته ينطبق على رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نتنياهو. أما حزب العمل فلم يكن يحلم بالرجوع إلى السلطة بعد 20 عاماً من بقائه خارجها. وكذلك الحال بالنسبة لميرتس. أما منصور عباس فقد حلم بالسلطة ووصل إليها وهو يدرك بأنه لن يعود إليها. لقد التقت مصالح عديدة تجمع كل هؤلاء الكارهين لبعضهم البعض. وعلينا أن نتذكر أن إسرائيل دولة احتلال تفرض يومياً قراراتها على الأرض لكن هذه القرارات لا تحظى في الغالب على إجماع، وفي تقديري أن جدعون ساعر وبينيت سيعملان على انضمام حزب يهودي آخر إلى الائتلاف. أما الأحزاب الموجودة اليوم في المعارضة، فهي ليست أحزاباً فكرية، ولا يوجد نقاش سياسي بينها. مستقبل العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين ما يزعج أبو شحادة السؤال المتعلق بمستقبل العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين – كما يقول – وهو أمر يدل على هشاشة الوضع الفلسطيني الذي بات متعلقاً بنتائج الانتخابات الأميركية والإسرائيلية بينما لا يتم الحديث عن دورنا واستراتيجيتنا، لأن هناك حالة من اليأس والإحباط، وأصبح التعويل على نتائج الانتخابات في إسرائيل من أجل انفراج الوضع الفلسطيني. برأيي يجب ألا يعوّل على هذا الموضوع حتى ولو سيطرت ميرتس على كل الحكومة. وإذا لم يكن هناك إنهاء للانقسام ووحدة فلسطينية حول مشروع استراتيجي واضح وبرنامج عمل لأغلبية الفصائل لن يكون هناك حل ولا انفراج. والإسرائيليون بدورهم لا يتحدثون عن إنهاء الاحتلال. فلبيد مثلاً يتحدث عن تحسين شروط العبودية ويبدو الشيء له بأنه عادي ويطرحه بفخر، وبالتالي حتى ننهض بوضعنا يجب عدم التعويل على إٍسرائيل في أي أمر.
×
د. برنارد سابيلا: هبّة القدس أحيت دور الشباب في حماية الهويّة الوطنيّة والتصاقهم بجغرافيّة المكان وقدسيّته
محمد ومنى الكرد ظاهرة تشبه قوس القزح بألوانه المتعددة والمختلفة
مقدمة انطلقت الهبة الشعبية الأخيرة بشرارة القدس التي حملها الشباب الفلسطيني، الذين كان لهم الدور الأهم في حماية الهوية الوطنية الفلسطينية في المدينة، وفشل كافة محاولات تغييب هذا الدور، وإعادةً لطرح أسئلة الهوية والانتماء في صدارة القضايا التي تعني الشباب. في "ضيافة مفتاح" نناقش د. برنارد سابيلا، أستاذ علم الاجتماع وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني السابق عن دور الشباب الهام حول مجمل التطورات المتعلقة بهبّة القدس الأخيرة ونتائجها ودور الشباب فيها، وما قد يحمله المستقبل من توقعات إزاء هذا الدور المتنامي للشباب. "أوسلو" عجزت عن تغييب دور الشباب قال د.سابيلا، أن النتائج المترتبة على اتفاقية أوسلو لم تستطع تغييب دور الشباب المقدسي، لكنها ساهمت في وضع أسئلة الهوية والانتماء في محلّ الصدارة، وإنّ تغييب الدور الفلسطيني الرسمي والمعيقات والإجراءات التي اتبعتها سلطات الاحتلال للجم وتقنين الحضور الفلسطيني الرسمي، أوجدت فراغاً سياسياً شعر به المقدسيون عامة وليس فئة الشباب فقط، وصاحب هذا الفراغ ارتباط ثلث القوة العاملة المقدسيّة وأغلبها من الشباب بالاقتصاد الإسرائيلي ومتطلباته التشغيلية وبخاصة في القدس الغربية، وحلّل البعض هذا الارتباط التشغيلي على أنه مؤشر لخلخلة الهوية الفلسطينية عند الشباب وإضعاف انتمائهم الوطنيّ. ويضيف سابيلا، أن المفاجأة كانت بأن هؤلاء الشباب كانوا الأوائل في الدفاع عن الحرم القدسيّ، وعن طابع المدينة الفلسطيني في كل الأحداث التي تحدت الفلسطينيين وطابع مدينتهم من هبّة النفق وهبّة البوابات، إلى تلك التي صاحبت زيارة شارون الاستفزازية وغيرها من التحديات حتى رمضان هذا العام. ولم يتوان الشباب في قبول التحدي والتصدي لما يرونه بشكل عفوي تحدٍّ رئيسي لهويتهم ومكوناتها. وبالتالي دور الشباب موجود حتى ولو مرّ بأوقات هادئة نسبياً ينشغل بها هذا الشباب بأمور وملهيّات مثل باقي الشباب في العالم. "التراكمات السياسية والاجتماعي والاقتصادية أشعلت الفتيل بدل الإحباط" وأشار سابيلا، إلى أن الهبّة الأخيرة لم يكن مخطّطٌ لها، وتذكّره بالانتفاضة الأولى بشكل خاص وإن وجدت عناصر فلسطينية سواء رسمية أو غيرها دفعت باتجاه حصولها وبخاصة بعد قرار إلغاء الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في 22 أيار المنصرم. واعتبر أن الهبّة مثل الانتفاضة تحدث على حين غرّة، ولكنها تكون عادة نتيجة تراكمات سياسية واجتماعية واقتصادية تدفع للإحباط وانعدام الثقة بإيجاد حلول للمشكلات الملحة التي يعاني منها المجتمع وفي حالة القدس الشباب بشكل خاص. فالسلطة الفلسطينية مغيّبة وإن أبدى مسؤولوها نوايا طيبة، فإنهم لا يستطيعون التنفيذ. أما الفصائل فمنشغلة بقضايا اللا- وحدة وكلٌّ منها منشغلٌ ومأخوذٌ بالبعد السياسي بشكل أساسي. أما القضايا المتعلقة بالهوية الموحدة وبمشاعر الانتماء، فإنها أصبحت رهينة للتقاسمات وللتجاذبات الفصائلية، وفي كل هذا يجزم الاحتلال بأن السيطرة على المكان وعلى السكان ممكنة بالعسكر وباليد الحديدية وبمزيد من التهويد ضارباً عرض الحائط بالحقوق الأساسية للمواطنين الفلسطينيين دون احترام لقدسية المكان ولحق الناس في مساحتهم السكنية والدينية والثقافية والقومية. الروح الوطنية والاستمرارية إلى ذلك، أكد سابيلا على صعوبة في البناء على هذه الروح الوطنيّة، مع العلم بأنها ستستمر في التأكيد على ذاتها وبخاصة في الأزمات والتحديات التي تفرض نفسها؛ وتكمن الصعوبة في حالة التشرذم التي نعاني منها وغياب وتغييب الأطر الاجتماعية والثقافية الأشمل والتي يمكن أن تنقل الروح الوطنية عند الشباب لمرحلة تؤكد على الانتماء وعلى الاندماج بقضايا المجتمع لإيجاد الحلول لها بشكل مثابر ومستمر. وقال "يحضرني هنا سؤال "من يعلّق الجرس؟"، ولا أرى جواباً شافياً في هذا الخصوص. وستبقى التراكمات التي أدت لهذه الهبّة معنا، وستكون هناك هبّات أخرى ما دام وضع القدس كما هو. وسيذهب الشباب كل لعمله وربما أيضاً للّهو، ولكن المحصلة الأخيرة إذا بقيت الأمور على ما هي عليه، فإنّ هبّات أخرى ستأتي لمواجهة التحديات والإجراءات واقتلاع السكان واقتحامات متتالية وتحديات تبدأ في باب العامود ولا تنتهي عند أي باب من أبواب القدس" السياسات الإسرائيلية تصر على نفي فلسطينية القدس أكد سابيلا على وجوب التمييز بين مستويين اثنين للسياسات الإسرائيلية، فهناك مثلاً السياسات التي تمنع أي نشاط لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس حتى تلك التي يرفع فيها الشباب أو الأطفال علم فلسطين؛ وهذا المستوى يعكس إصرار صنّاع القرار الإسرائيلي على نفي فلسطينية القدس الشرقية وإيجاد الفراغ السياسي فيها وملاحقة كل من يعمل سياسيّاً فيها. يبقى هذا الفراغ عاملاّ مهمّاً في تحفيز الهبّات المتلاحقة عند الشباب. ولكن هذه الهبّات تشتعل بفعل المستوى الثاني للسياسات وهي التي تحدث بفعل المواجهات العفوية بين الشباب والمستوطنين أو تلك التي تجري بين الحين والآخر ما بين الجنود المتمركزين في باب العامود أو في محيط المسجد الأقصى ومجموع الشبان ما ينتج عنها جرحى وشهداء واعتقالات تخلف عادة مشاعر غضب وإصرار على المواجهة إن لم تكن آنية ففي وقت لاحق. وتساعد السياسات الرسمية على خلق الجو العام الذي يمكن المستوطنين من المسّ بمشاعر السكان وبإخلائهم من بيوتهم وبالتملك بطرق ملتوية، وبالعمل لمحاولة تقسيم الحرم الشريف مكانياً وزمانياً. وقال سابيلا، إنّ أهل القدس وشباب القدس يعيشون تجربتهم الحياتية والتراثية بعيداً عن الأوهام في إنقاذ عروبي أو دولي. وبالتالي فإن انعدام الفعل العربي والدولي يقابله إصرار الفلسطينيين وبخاصة شبابهم في أن يفعلوا ويتفاعلوا مع القدس كما يعيشونها. لم تكن هبّة القدس نداء مستعجلاً للحكام العرب أو حتى لحكام الدول المتنفذة في العالم، وإنما انعكاساً لتأكيد المقدسيين وشبابهم على التصاقهم بجغرافية المكان وقدسيته وعبق تاريخه، وبأنهم هنا رغم كل الإجراءات والقيود. الشباب وآفاقهم خلال الهبّة ظاهرة محمد ومنى الكرد.. هي ظاهرة الشباب الفلسطيني التي تشبه قوس القزح بألوانه المتعددة والمختلفة. شبابنا الفلسطيني لديه طاقات غنية سواء بالمرافعة عن قضيتنا أو الكتابة أو إثراء المؤسسات التي يعمل بها. وهذا الشباب ينطلق من إيمان وليس من ارتباط حزبي أو فصائلي. للأسف، فإن هذا الشباب وحين أتكلم عن الشباب فإنني أجمل أيضاً الشابات قلّما يحظى بالاهتمام والدعم. هم الجيل الذي سيرث جيلنا وبقدر ما ينتج شبابنا في المجالات المختلفة، فإنهم يصبحون الداعم الرئيس الذي يؤكد على حقوقنا وعلى وجودنا ليس في القدس فقط، هكذا وصف سابيلا ظاهرة الشاب محمد والشابة منى ودورهم خلال الهبة الحالية. وقال سابيلا، إنّ العديد من شبابنا يملكون المهارات والطاقات والقدرات التي يوظفونها بفعل انتمائهم وهويتهم. وهم يتواجدون في الوطن وفي خارجه، ولعبوا دوراً رائداً في التواصل مع حشود شعبية واسعة في مختلف دول العالم ووسائل إعلامها ومؤسساتها التي تعمل في مجال حقوق الإنسان والقضايا التي تتعلق بحق تقرير المصير لشعبنا. لم يتوقعوا مكافأة لعملهم، وذلك لإيمانهم بأنّ مسير حياتهم مرتبط بمسير حياة شعبهم، وكانت هبّة القدس وما أعقبها من حرب عاثت خراباً وقتلاً بأهل غزة وعمرانها دافعاً لهؤلاء الشباب والشابات ليظهروا على شاشات التلفاز وليغنّوا للقدس وغزة وفلسطين. مكافأتهم الوحيدة أنهم يعبّرون عن الألم مؤكدين في الوقت نفسه على قضية الخلاص من الاحتلال والتحرير، ومثل غيرهم من فلسطينيي الداخل وجالياتنا في أصقاع الأرض وقفوا متكاتفين بدون أي تنسيق اصطناعي وبدون توجيهات من هذه الجهة أو تلك. وحول شدة القمع في حملات الاعتقال أشار سبيلا إلى أن هدفها التهدئة لفترة معينة. دائماً السلطات تحاول أن تجد حيّزاً زمانياً تشعر به بالراحة النفسية. ولكن هل هذا سيمنع أو سيوقف هبّات جديدة؟ أنا أشك بذلك، لأنّ المشكلة بحاجة إلى حل جذري، وتبقى المشكلة سياسية تتطلب حلاً سياسياً. ولكن إذا أراد العسكر أن يحتوي الشباب بطريقة قمعية فستبقى المشكلة قائمة. في حين أنّ هناك غياباً للمؤسسات والأطر التي تحتوي الشباب، وفي وضع القدس لن يكون هناك أي حلً طالما الاحتلال مستمر. الشباب وغياب الفصائل الشباب الفلسطيني في القدس لديهم وضعاً استثنائياً كما يرى سابيلا، فمن ناحية الهوية، هويّتهم مزيج خليط من انتماء للقدس، وهذا أحد أهم مكونات الهوية بالنسبة إليهم. لقد أصبحت الهوية الشبابية في القدس جامعة تغطي القدس ولا تقف عند هويّة الشاب الشخص. من ناحية ثانية هؤلاء الشباب لديهم هوياتهم وتطلعاتهم الشخصية، لكن هناك مرات عديدة كان الشباب فيها مستعدون للتضحية بهذه التطلعات في سبيل تأكيد هويتهم الأكثر شمولية وهم يدفعون الثمن. علماً بأن هؤلاء الشباب حتى الذين يعملون في المنشآت الإسرائيلية المختلفة في القدس الغربية وخارجها لم يستوعب ولن يستوعب الثقافة الإسرائيلية حتى لو وجد بعض الشباب الذين يعطون انطباعاً عن أنفسهم بأنهم متأثّرون بهذه الثقافة. لكن حين يكون هناك تحدٍّ للمقدسي ترى أنهم أنفسهم يأتون للدفاع عن القدس وباب العامود والحرم القدسيّ الشريف. فهي مكوّنات خرجت من القدس ذاتها، ولكن بحكم الاحتلال الإسرائيلي للقدس عام 67 هناك البعد التأثيري الإسرائيلي الذي يختفي مباشرة في حالات المواجهة. وأشار سابيلا إلى أن الفصائل والأحزاب الفلسطينية في واد والناس والقدس في وادٍ آخر حيث لهذه الفصائل والأحزاب أجندتها الخاصة. أما أهل القدس وشبابها فلديهم أجندتهم الحياتية التي تؤكد على وجودهم ووقوفهم أمام هجمات استيطانية لا تجد لها دعماً مباشراً من هذه الفصائل، بمعنى أن أجندتها سياسية ممزوجة في بعض الأمور الثقافية والاجتماعية والصحية، لكنّها لا تقترب من الشباب. وأحد الأسباب الرئيسية هو أن القدس وضعت في مكانٍ مؤجل ومتأخر من المفاوضات، وبالتالي أعطينا الإسرائيليين المقدرة اللازمة لخلق فراغ فلسطيني في القدس، وأردنا أم لم نرد، فإن هذا يعكس نفسه على انعدام رؤيا سياسية واقعية لكيفية التعامل مع القدس وتحدياتها وشباب القدس. وبالتالي لدينا أزمة فيما تستطيع الفصائل والسلطة الفلسطينية أن تقدمه للقدس وأهلها، وأنا لا أتكلم هنا عن الأموال فقط، ولكن عن شمولية القدس، حيث أننا همّشناها. ما المطلوب: هبّة القدس تؤكد على الهوية الفلسطينية في نوعها واختلاف مواقعها. هي كمن يدقّ على جدران الخزّان، ويصرّ على أن الدقّ على الجدران هو بداية جديدة رغم كل التضييقات التي تحاول قطع الهواء عن شعبنا وعن قضيته العادلة. علينا الكثير من العمل والمثابرة لمتابعة مشوار القدس وهبّتها، ولا يمكن اقتطاف ثمرة الهبّة دون تكاتف يجمع الكل الفلسطيني ليس فقط على المستوى السياسي، وإنما في المجالات الثقافية والتراثية والاجتماعية. وهناك دور تلعبه مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية في المساهمة في تكثيف الجهود وفي استقطاب شبابنا وشاباتنا في العمل ضمن هذه المؤسسات لإيجاد القاسم المشترك الذي يدفع بقضيتنا قدماً ويؤكد فيما يؤكد عليه أن القدس مثلها مثل باقي مدننا وقرانا وبلداتنا في القلب، وبأننا أهل قضيتنا وسندها ولا مات حق وراءه مطالب.
×
د. عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة مؤسسة 'أمان':
مقدمة: أفرزت التطورات الأخيرة التي أعقبت قرار القيادة الفلسطينية إعادة العلاقات مع إسرائيل، بالإضافة إلى ما تمخضت عنه نتائج الانتخابات الأميركية وفوز المرشح الديمقراطي بايدن واقعاً جديداً في المشهد الفلسطيني وتأثير هذه التطورات عليه في كل ما يتعلق بالأوضاع الفلسطينية الداخلية، ومستقبل العملية السياسية مع الجانب الإسرائيلي، والانعكاسات المتوقعة لنتائج الانتخابات الأميركية على الموضوع الفلسطيني، في وقت كان الواقع العربي فيه يشهد مزيدا من عمليات التطبيع مع إسرائيل دون الالتفات إلى حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أولا كمدخل لعلاقات مستقبلية تربط هذه الدول بإسرائيل. واقع هذه التطورات، والسيناريوهات المحتملة يجملها د. عزمي الشعيبي مستشار مجلس إدارة مؤسسة "أمان" في لقاء معه ضمن زاوية "في ضيافة مفتاح"، ما يلي نصه: إعادة العلاقات مع إسرائيل في تحليله لقرار إعادة العلاقات مع الجانب الإسرائيلي يرى د. عزمي الشعيبي، أن هذا القرار مرتبط برغبة السيد الرئيس محمود عباس في متابعة العملية السياسية التفاوضية مع الجانب الإسرائيلي بالتنسيق والدعم من قبل الدول العربية المقبولة لدى إسرائيل والولايات المتحدة وبشكل خاص مصر والأردن بعد انتخاب بايدن رئيساً للولايات المتحدة. الموقف الرسمي من قبل السيد الرئيس وأعلن عنه حسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، يعبر عن سلسلة قرارات ترتبط بتوجه ورغبة الرئيس بالاصطفاف مع الحلف العربي في إطار المجموعة العربية الذي تقوده مصر والسعودية والأردن والمغرب. إن قرار الرئيس محمود عباس الانضمام لهذا الإطار جاء دون تبرير معلن للدوافع داخل مؤسسات منظمة التحرير أو في خطابه للمواطنين، بالتأكيد جاء ذلك بتأثير نتائج الانتخابات الأميركية، وغياب حلول مالية لمواجهة الوضع الاقتصادي المتردي في المناطق الفلسطينية المحتلة، وزيادة عدد المتذمرين، وأقصد هنا القطاع الاقتصادي والتجاري بشكل خاص، وبعض المناطق الجغرافية مثل الخليل، وعدم قدرة السلطة على فرض ما تريده على أرض الواقع في قطاع غزة. الرئيس كان خلال الأعوام الثلاثة الأخيره يبحث عن آليات عربية ودولية تسانده خاصه بعد عودة العلاقات مع الجانب الإسرائيلي، لعقد المؤتمر الدولي بحضور الرباعية الدولية ومصر والأردن كبديل للرعاية الأميركية المنفرده، وبالاعتماد على قرارات الشرعية الدولية كإطار مرجعي. على ما يبدو تطمينات قدمت للرئيس محمود عباس من قبل مصر والأردن والسعودية بأنهم سيساعدانه بعقد المؤتمر الدولي للسلام وبدعم وتوافق مع فرنسا وألمانيا من الاتحاد الأوروبي مما يسهل عودة المفاوضات المباشرة مع الإسرائيليين بالتعاون مع الإدارة الأميركية الجديدة بغضّ النظر عن التركيبة السياسية للحكومة الاسرائيلية القادمة والتي ستتمخض عن الانتخابات القادمة ، للبحث عن تسوية يقبل بها الرئيس أبو مازن. إن عودة البحث عن آليات وسبل العودة للمفاوضات وضمان عدم معارضة حماس بالنسبة للرئيس هو المكسب والهدف في المرحله الحاليه. في المقابل، فإن السياسة الإسرائيلية مستمرة لاكتساب المزيد من الأراضي ومحاصرة الفلسطينيين، لعل وعسى في المستقبل ينشأ ظرف مناسب لتنفيذ كامل المشروع الصهيوني بالسيطرة على كامل فلسطين، ومنح الفلسطينيين حكماً ذاتياً مقيّداً. وبالتالي اسرائيل ليست بصدد إنهاء السلطة وإن كانت ستقاوم موضوع إنهاء الانقسام وعودة العلاقات الرسمية بين مؤسساتها في الضفة والقطاع. المصالحة وترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني ماذا عن مستقبل المصالحة الفلسطينية وترتيب الوضع الداخلي على ضوء إعادة العلاقات مع إسرائيل؟ يجيب د. الشعيبي: "لا أعتقد أن الرئيس محمود عباس ينتظر من الحوارات الفلسطينية – الفلسطينية الأخيرة ستؤدي بالضرورة للتوافق على برنامج وطني جديد يتوحد الفلسطينيون لتنفيذه." الرئيس عباس يرغب بالعودة إلى التفاوض المباشر من النقطة التي توقفت فيها المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لحل الصراع، وهو ما زال يعتقد أن برنامج م. ت. ف والذي أقره المجلس الوطني عام 1988 والمستند لقبول قرار مجلس الأمن 242، ونبذ العنف وتبني المفاوضات المباشرة مع الجانب الإسرائيلي، وترافق ذلك مع إعلان الاستقلال (الدولة) على حدود عام 1967، والذي على ضوئه تمت موافقة المجلس المركزي على إطار المبادئ في أوسلو هو البرنامج المناسب للفلسطينيين. لذلك كان الرئيس يحدد موقفه بشأن مصير الحوارات الوطنية بضرورة إدماج الحركات السياسية الإسلامية في م. ت. ف باشتراط قبولها لهذا البرنامج عملياً بعد أن قبلت مبدأ أن م. ت. ف هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني و فكرة إقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967. فمثلاً قبل عدة سنوات دعم السيد الرئيس الحوارات، عندما توقفت عملية السلام، وأوقف الحوارات لإنهاء الانقسام عند الشعور بعودة المفاوضات، وهذا لا يعني أن حركة حماس دائما كانت مع إنهاء الانقسام دون اشتراط تأمين مصالحها الذاتية على حساب المصلحة الوطنية العامة او بفعل ارتباطها بمصالح حركة الإخوان المسلمين إقليمياً. لقد أدت الضغوط العربية إلى تأجيل الرئيس موضوع الحوارات الداخلية والمصالحة مع حماس إلى فترة لاحقة، من أجل تسهيل عودة المفاوضات، عندما تحرك الرئيس بمعزل عن هذه الدول وزيارة تركيا ومجلس الأمن وزيارة العراق. يرى الشعيبي أن الوحدة الوطنية لن تتم بالاستناد إلى استمرار نفس النهج الانتظاري في الوقت الذي يستمر فيه مشروع الزحف للاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الضفة الغربية وحصار التجمعات الفلسطينية. ولذلك سوف يرى في عودة حزب الديمقراطين في رئاسة الإدارة الأمريكية فرصة لإعادة ترتيب أوراقه الداخلية وعلاقاته العربيه. الرئيس ما زال يعتقد أن بإمكانه أن يستمر بمتابعة الاستراتيجية السابقة بالشراكة مع الدول العربية وتنفيذ الترتيبات الإقليمية التي تجري في المنطقة، وقد تؤدي من وجهة نظره إلى تغييرات في الموقف الأميركي ما يفتح المجال إلى عودة عملية التسوية. "وأن الإدارة الأميركية الجديدة والقديمة ستسعى الى بناء تحالف في المنطقة يتكون من الدول العربية السنية وإسرائيل في مواجهة لضمان الاستقرار في هذه المرحله بالرغم أن هدف اسرائيل وبعض دول الخليج العربي مواجهة التحالف الشيعي الإيراني، والذي لا مصلحة للشعب الفلسطيني وقضيته في ذلك." الانتخابات العامة وبشأن إجراء انتخابات عامة استناداً إلى ما أعلن عنه سابقاٌ، فإن الرئيس يدرك أنه لا يمكنه القيام بانتخابات عامة في الضفة الغربية والقطاع دون التوافق مع حماس من أجل تطبيقها في قطاع غزة. فالرئيس مقتنع تماماً بأن حماس مسيطرة سيطرة تامة على القطاع، وبالتالي أية قرارات مثل الانتخابات العامة تستوجب موافقة حماس عليها، وبالتالي الانتخابات العامة لا يمكن إجراؤها في ظل الانقسام. ولذلك تجري انتخابات عامة في اطار ترتيبات المصالحة. كما يقول د. عزمي الشعيبي إن "الرئيس يرغب بإرغام حماس للسير معه في الطريق نحو المفاوضات لاعتقاده بأنها ستشكّل حملاً سلبياً على جهوده في حال بقاءها خارج مظلة م. ت. ف ، قد يكون الوقت الأنسب له لإجراء الانتخابات لضمان واحتواء معارضة حماس، و ليعزز من موقفه التمثيلي". منظمة التحرير ومؤسساتها لكن ماذا عن منظمة التحرير ومستقبل مؤسساتها؟ عن ذلك يجيب د. الشعيبي:" الرئيس أبو مازن يستند في موضوع استمرار الوضع القائم دون تغيير على الشرعية التي منحته إياها حركة فتح كرئيس لها، ثم الدعم الذي حصل عليه في آخر انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني في العام 2018 حيث عززت شرعيته، وبالتالي الرئيس وفق اعتقاده يرى أن لديه شرعية الاستمرار في قيادة م. ت. ف بالاستناد إلى انتخابه كرئيس أكبر فصيل فلسطيني، وكذلك الاستمرار بالاعتراف بذلك عربياً ودولياً، ولا يعتقد بأنه بحاجة إلى أكثر من ذلك، كما يعتقد بأن تركيبة المجلس المركزي التي تم تركيبها أخيراً ستؤمن له الشرعية والدعم لموقفه لاحقاً، وبالتالي ستبقى مؤسسات المنظمة ضعيفة ومشلولة، وتطوير مؤسسات السلطة في ضعف. مصير السلطة الوطنية وفي قراءاته لمستقبل السلطة الفلسطينية على ضوء مطالبة بعض الأطراف بحلها، يرى د. الشعيبي، أن حل السلطة ليس وارداً، وليس من مصلحة أيً من الأطراف بما في ذلك إسرائيل وحماس. يقول:" تحليلي للتغييرات الإقليمية والتحالفات القائمة فيها والمدعوم جزء منها من قوى دولية مثل الولايات المتحدة وأحياناً دول أوروبية، وكذلك وجود بلدان مثل تركيا وإيران وإسرائيل غير معنية بذهاب السلطة، وليس للجانب الفلسطيني بدائل سوى الاستمرار بالواقع الموجود، وهو أمر ينطبق أيضاً على الجانب الإسرائيلي الذي ليس له مصلحة في انهيار السلطة. كذلك الأمر بالنسبة لحركة حماس خاصة بعد تجربتها في إدارة الأوضاع بقطاع غزة ووصولها إلى طريق مسدود في قدرتها لوحدها على إقامة سلطة في القطاع بديلاً عن السلطة الفلسطينية، ورغبتها في استجلاب السلطة إلى قطاع غزة مع وجود حماس كقوة رئيسية مسيطرة في القطاع. لذلك السلطة في شكلها وبرنامجها الحالي يبدو مريحاً لكل الأطراف ولا يتعارض مع برنامج م. ت. ف من حيث أن استراتيجيتها تكمن في الاستمرار لتحول السلطة إلى دولة من خلال إجراءات على الأرض وبالضغط على دول من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفقا للبرنامج الوطني الفلسطيني منذ العام 1988". الواقع العربي والتطبيع من ناحية أخرى، يصف د. الشعيبي المتغيرات في الواقع العربي مؤخرا، ومن مظاهره هرولة بعض الأنظمة العربية للتطبيع، بأنه إعادة ترتيب للأوضاع في الشرق الأوسط. يضيف:" أعتقد أن الموضوع بالأصل هو في إعادة ترتيب الشرق الأوسط بعد القضاء على جذور الإرهاب والذي كان أحد أبرز مظاهره القاعدة وداعش، وبعد مشروع ترامب الذي كان يستند على فكرة بناء تحالف في المنطقة في مواجهة القوى المعادية للغرب والولايات المتحدة وتحديداً في مركزيها إيران وتركيا وروسيا ومواجهة برنامج الصين في "طريق الحرير" الذي يمر أيضاً في هذه المنطقة. لهذه الأسباب كان هناك رغبة في إقامة تحالف إقليمي في المنطقة يرتكز إلى الدول العربية كدول إسلامية سنية وإسرائيل كقوة أمنية واقتصادية على الأرض. وهذا التحالف كان يتطلب حل وتصفية الموضوع الفلسطيني في إطار الحل الإقليمي عبر مشروع ترامب، فيما سيمهد الطريق لبناء علاقات طبيعية بين الدول العربية السنية وإسرائيل. ولكن عندما أفشل الفلسطينيون هذا لحل الموضوع الفلسطيني من خلال عدم المشاركة فيه والخروج عليه والتصدي له، تصرفت بعض الدول العربية بالاستعداد لبناء هذا التحالف حتى بدون حلّ الموضوع الفلسطيني، وبدون غطاء فلسطيني، وكما يبدو فإن كلا من مصر والأردن، وبعد الانتخابات الأميركية، وجدوا فرصة لإعادة بناء تحالف إقليمي بوجود الفلسطينيين، والعودة لبناء العلاقة مع اسرائيل من خلال المدخل العربي الجامع، وليس من خلال التطبيع الثنائي، وهذه المرة من خلال الوجود الفلسطيني، واستعداد الأردن ومصر والسعودية للضغط على الإدارة الأميركية الجديدة لقبول عقد مؤتمر دولي واستعداد هذه الدول المشاركة كأطراف في المؤتمر الدولي مع الرباعية الدولية، أي أن يصبح العرب طرفاً في المفاوضات والضغط على الاسرائيليين كبديل عن المشروع العربي القائم على المبادرة العربية للسلام في التطبيع مع إسرائيل بعد حل القضية الفلسطينية. نتائج الانتخابات الأميركية وانعكاساتها كان لنتائج الانتخابات الأميركية، كما يقول د. الشعيبي انعكاسات داخلية وإقليمية ودولية، سنرى تأثيراتها لاحقاً حيث ستتفرغ الإدارة الأميركية لمعالجة الملفات الداخلية كأولوية. وفي هذا يقول:" بالتأكيد أن مشروع ترامب سينتهي، وهذا شيء جيد للفلسطينيين، لأن هذا المشروع كان يقوده الطرف المتطرف من الحركة الصهيونية الذي كان يعتقد بأنه سيفرض بالقوة على الفلسطينيين تسوية تقوم على إعطاء المشروع الصهيوني المشروعية في الجزء الأكبر من أراضي الفلسطينيين وتحويلهم إلى مجموعات أقلية مفتتة في كانتونات بلا أية قيمة إلا إذا ربطت مصيرها بمصير إحدى الدول العربية أو على شكل من أشكال الدولة الهزيلة في قطاع غزة، وتفتيت الولاء في الضفة. اليوم، يمكن أن يتوقف هذا المشروع، ولكن هذا لا يعني أن يغيّر الإسرائيليون من خططهم على الأرض؛ لأن أساس المشروع الصهيوني ليس مرتكزاً على الموافقة الأميركية إنما على الدعم والمساندة من قبل الولايات المتحدة، ولكنه قائم كمشروع إسرائيلي مباشر. ولذلك سيكون لبايدن أولويات أساسية تتعلق بمصالح الولايات المتحدة والوضع الداخلي هناك، وموضوع كورونا الذي كان مدار خلاف واضح في كيفية مواجهته مع منافسه دونالد ترامب الذي فشل في معالجته، والذي يعد أحد الأسباب التي ساعدت بايدن على التفوق على ترامب في الانتخابات، وبالتالي ستكون الأولوية منصبة على مكافحة كورونا، ونحن نعرف أن السنة الأولى على الأقل من عمر الإدارة الأميركية الجديدة سيتركز جزء رئيسي منها على هذا الموضوع. أما الجزء الثاني فسيتركز على الوضع الاقتصادي الداخلي في الولايات المتحدة، لأنّ هذا الجانب الذي كان ترامب يستند إليه، وهو المشروع الذي جاء به أصلاً إلى الحكم في الانتخابات الماضية، ولذلك لا بد من أن تقدم الإدارة الجديدة بعض الحلول الاقتصادية للوضع الداخلي وبشكل خاص واقع البطالة الذي تفاقم مع أزمة كورونا، ثم بعد ذلك تحسين واقع العلاقات الأميركية الأوروبية التي تضعضعت في عهد ترامب والتي لخّصها بايدن والإدارة الجديدة ونائبته بالعودة إلى العالم، والعودة إلى الأمم المتحدة، والعودة إلى المؤسسات الدولية، وهذا يعني العودة إلى ظهور الأميركيين في هذه المواقع، وهو يعني أيضا أن الأجندة اليومية لإعطاء مجهود مركّز لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن يكون من ضمن الأولويات، ولكن بالتأكيد فإن منظمة إيباك والحركة الصهيونية في أميركا صوتت للديمقراطيين، وبالتالي يمكن أن يكون هناك تأثير لإعادة تحسين العلاقة الإسرائيلية الأميركية والتي تضررت نتيجة انحياز حكومة نتنياهو إلى ترامب في الانتخابات، ما يتطلب إعطاء دعم أمني ومالي لإسرائيل في مقابل استرضاء العرب من خلال اتخاذ بعض الإجراءات لإلغاء القرارات التي اتخذت من قبل ترامب؛ مثل إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، والعودة لدعم وكالة الغوث، واستئناف الدعم المالي للأجهزة الأمنية الفلسطينية، وللمؤسسات الخيرية في فلسطين، ثم بعد ذلك إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية المحتلة، ولكن يمكن أن يعطي لأوروبا وتحديداً فرنسا وألمانيا دوراً في تسهيل عقد مؤتمر دولي على غرار مؤتمر مدريد، ليسمح للقيادة العربية ممثلة بالأردن ومصر والسعودية والمغرب بأن تكون شريكاً أساسياً في المؤتمر مع الرباعية الدولية، وبحضور الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة وروسيا، وبعد ذلك العودة إلى المفاوضات المباشرة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي طويلة الأجل".
×
أنطوان شلحت: تجاهل صفقة القرن وتأييد حل الدولتين أبرز ما قد يحمله بايدن للفلسطينيين
ضمن زاوية (ضيافة مفتاح) نستضيف الباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت في قراءة للمشهد الإسرائيلي بعد فوز جو بايدن وإعادة العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بعد هزيمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما حملته هذه الهزيمة من طابع دراماتيكي على إسرائيل أمنياً وسياسياً خاصة مع توجه الولايات المتحدة إلى إعادة بناء تحالفاتها السابقة مع الخارج. وتوقع شلحت ألا يقوم بايدن بإلغاء أي قرارات أساسية اتخذها ترامب في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مثل نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، أو الاعتراف بضم إسرائيل لهضبة الجولان، ولكنه سيتوجه لإعادة التوازن إلى حد ما إلى العلاقات الأمريكية مع إسرائيل والفلسطينيين. بايدن وحل الدولتين أشار شلحت إلى أن تداعيات هزيمة ترامب على إسرائيل ستكون ذات طابع دراماتيكي، نظراً للفجوة الكبيرة بين موقف ترامب وبايدن حيال السياسة الخارجية والأمنية للولايات المتحدة الأمريكية. وتوقع شلحت بناءً على ما أورده الناطقون باسم الحكومة الإسرائيلية إلى احتمالية تقليص موازنة الأمن الأمريكية ما سيؤدي إلى تراجع الضغوط الممارسة على النظام الإيراني والعودة إلى ما توصل بـ"سياسة الإذعان" التي انتهجها الرئيس السابق باراك أوباما وتتوجت بتوثيق الاتفاق النووي عام 2015، وبالتوازي فالشرق الأوسط والقضية الفلسطينية أما احتمالات شتى ولكن من غير المرجح أن يقوم بايدن بإلغاء قرارات أساسية اتخذها ترامب مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والاعتراف بضم الجولان، ولكن من المتوقع أن يحاول إعادة التوازن مع إسرائيل والفلسطينيين. وقال شلحت أن القراءة في تصريحات الحكومة الإسرائيلية ترجح أن علاقة بايدن – نتنياهو أو أي رئيس حكومة قادم لن تكون في مستوى علاقة ترامب، خاصة أن بايدن قد يتجاهل بعض عناصر خطة ترامب "صفقة القرن" بما في ذلك منح الضوء الأخضر لضم مناطق من الضفة الغربية إلى "السيادة الإسرائيلية"، والتزامه بحل الدولتين من الناحية الرسمية. وزير الخارجية الأمريكي المقترح في إدارة بايدن أنتوني بلينكن تحدث مؤخراً عن رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة إزاء القضية الفلسطينية وشدد على تأييد بايدن لحل الدولتين مشيراً إلى أنه "سيحافظ على التعاون العسكري والاستخباراتي بين الدولتين وسيعمّقه، وسيضمن التفوق العسكري الإسرائيلي. وسيدعو كلاً من إسرائيل والفلسطينيين إلى عدم القيام بخطوات أحادية الجانب تمس بفرص العودة إلى مخطط الدولتين، وهو سيجدد دعمه للسلطة الفلسطينية، وسيعيد فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وسيحول المساعدة الإنسانية والاقتصادية إلى الفلسطينيين، لكن بشرط وقف دفع رواتب إلى المتورطين في عمليات إرهابية". الولاية الثالثة لأوباما؟ توقع شلحت أن تتجه إدارة بايدن إلى "معالجة الروح الأمريكية" وفقاً لمعايير حددها الحزب الديمقراطي بسبب الانقسام والتوتر العنصري الذي وصل إلى ذروته في ظل إدارة ترامب، وآثار تفشي فيروس كورونا الذي ضرب المواطنين الأمريكيين وسبب أضراراً اقتصادية جمة، وهو ما سيؤثر على أولوية السياسة الخارجية إلا في حالة الأمن القومي وتحقيق الرفاهية الأمريكية. وأشار إلى إمكانية قراءة التوجهات الاستراتيجية لبايدن من خلال إدارة أوباما التي شغل فيها منصب نائب الرئيس في حينه، فقد دعمت إدارة أوباما الثورات العربية، وعملت إدارة أوباما على تسوية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على أساس حل الدولتين حتى أن الولايات المتحدة امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن على قرار يدين الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وعدم استخدام حق النقض على خلاف التوقعات، والقيام بدعم السلطة الفلسطينية اقتصادياً ضمن رؤية الإدارة بأن تسوية الصراع سوف يجلب الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي عارضته إسرائيل بشدة. ومن متابعته لتحليلات الأوساط المقربة من نتنياهو أشار شلحت إلى أن فوز بايدن خيّب أمل نتنياهو الذي رغب بفوز ترامب بولاية ثانية ولكنه لم يتنظر كثيراً كي يؤكد على أن الإدارة الأمريكية المقبلة سيكون خطها السياسي يحمل إصراراً عنيداً على مصالح دولة "إسرائيل"، في المحصلة العامة لا يختلف أصحاب التحليلات على أنه مع إدارة بايدن أيضاً ستظل الولايات المتحدة تعتبر إسرائيل حليفاً مهماً، إن لم يكن الأهم، في الشرق الأوسط، وبناء على ذلك تقتضي المصلحة الإسرائيلية تطوير العلاقات مع هذه الإدارة وتقويتها حتى مع وجود خلافات في الرأي معها. وبالرغم من أن بايدن أكد أن ولايته في "البيت الأبيض" لن تكون بمثابة "ولاية ثالثة" لباراك أوباما، الرئيس الأميركي السابق (2008-2016) الذي أشغل بايدن منصب نائب له، نظراً إلى ما طرأ على الولايات المتحدة وعلى العالم من تغيرات منذ ذلك الوقت، فإن تحليلات كثيرة استندت إلى قيام هذا الأخير بتعيين عدد كبير من الأشخاص الذين كانوا في عداد طاقم أوباما في أبرز المناصب المفتاحية في الإدارة الأميركية المقبلة، كي تخلص إلى نتيجة فحواها أن احتمالات استمرارية السياسة التي انتهجتها إدارة أوباما على المستويات كافة ستظل أكبر من احتمالات تغييرها. "ومن المهم تذكر الرسائل التي حملها أوباما في أول زيارة له إلى "إسرائيل" في آذار 2013 والتي حملته اعترافاً بـ “الدولة القومية للشعب اليهودية" في تمهيد لسن قانون القومية لاحقاً، وثانياً شرعنة أساس الرواية التاريخية الصهيونية التي ترى أن استعمار فلسطين كان تحقيقاً لعودة "الشعب اليهودي" إلى "أرض الميعاد"، بالإضافة إلى قيامه بزيارة متحف "ياد فشيم" لتخليد ضحايا المحرقة النازية متساوقاً مع ما تقوم به إسرائيل والمتعلق بـ "جوهر الحق اليهودي" في فلسطين". "التحرر من نتنياهو" والتعويل على بايدن قال شلحت أن الموقف الفلسطيني الرسمي المراهن على إدارة بايدن يقترب من الغزل، مؤكداً أنه لا يمكن فصل عودة السلطة الفلسطينية إلى كافة أشكال التنسيق المدني والأمني مع إسرائيل عن سياق هذا الرهان، ولا عن سياق تواتر التطبيع من طرف عدة دول عربية مع دولة الاحتلال، هذا التطبيع الذي يمنح إسرائيل فائضاً من القوة حيال الفلسطينيين. وأضاف شلحت " تقديري أن إسرائيل ستلوّح بأن تأجيل الضم وفقاً لخطة "صفقة القرن" الترامبية هو أفضل ما يمكن أن تقدمه إلى الفلسطينيين. ولا أتوقع أن نشهد تنازلات فلسطينية للعودة إلى طاولة المفاوضات أكثر من إعادة كافة أشكال التنسيق المدني والأمني"، خاصة مع سياق التطبيع المتماشي مع عقيدة نتنياهو التي يصفها بأنها "السلام في مقابل السلام" بديلاً لمعادلة "الأرض في مقابل السلام" وبأن تسوية العلاقات مع الإقليم هي الطريق للتوصل إلى تسوية لقضية فلسطين وليس العكس. جملة المتغيرات التي يحملها الإطار الواقع السياسي القائم في "إسرائيل" والانتخابات القادمة تتسم بالأساس بالسعي لما يوصف بأنه "تحرير إسرائيل من إمساك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بخُنّاقها"، ومن آخر مظاهر ذلك انشقاق جدعون ساعر عن الليكود وقيامه بتأسيس حزب جديدة مع أن هذا الهدف لا يزال بعيد المنال أو غير مطروح أصلاً بالاعتماد على نتائج استطلاعات الرأي العام في "إسرائيل". وبناء على ذلك، لا بُدّ لنا من تكرار أن بقاء نتنياهو في سدّة الحكم أو إزاحته منها ما زالا المسألة الأقل أهمية في سياق التعاطي مع خصائص الوضع الإسرائيلي القائم الآن، وما يُحيل إليه بالنسبة للصراع مع دولة الاحتلال. يبقى الأمر الأهم كامناً في التغيرات التي تخضع لها هذه الدولة ونظامها السياسي في ظل هيمنة اليمين، وكيف يجري إقرار جوهر سياستها الخارجية عالمياً وإقليمياً، بتأثير هذه التغيرات من جهة، وارتباطاً بالتحولات الطارئة في العالم والإقليم من جهة أخرى مكملة وموازية. ما أستطيع قوله هو أن الأنظار في إسرائيل ستبقى متجهة في الفترة القريبة المقبلة نحو ما ستؤول إليه خطوة انشقاق ساعر عن الليكود، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن الحالة السياسية الراهنة، والقائمة منذ فترة طويلة، تشي ليس فقط بعدم وجود خطاب سياسي مناقض لخطاب اليمين حيال القضية الفلسطينية بل كذلك بعدم وجود معارضة حقيقية منافسة لهذا اليمين. إعادة إشغال المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية قال شلحت أن الخيار شبه الحتمي في ضوء آخر التطورات الإقليمية المرتبطة بالتطبيع وتحت وطأة جائحة كورونا عالمياً وبناء على ما يملكه الفلسطينيون من قرارات أممية تدعم الحق الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية على أراضي عام 1967 يكمن بـ "إعادة إشغال المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية" والذي من شأنه أن يكون منسجماً مع محاولة تحريك جهات أخرها لأخذ دورها على الصعيد الإقليمي والعالمي، مشيراً إلى أن هذه الجهود يجب أن تتجه بشكل خاص نحو أوروبا التي من المتوقع أن تستعيد وزنها في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة. ويتعين فلسطينياً أن ننوه بوجوب استمرار الجهود الرامية إلى تعافي الوضع الداخلي، وسحب البساط من الذين يجيرونه كورقة رابحة لإسقاط قضية فلسطين من أجندة الاهتمام الدولي انضافت إليها ورقة التطبيع العربية مع إسرائيل، آخذين بعين الاعتبار أن هذا التطبيع لا يقتصر على العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع دولة الاحتلال فقط إنما أيضاً ينطوي، وربما في العمق، على تطبيع سياستها حيال الاحتلال والاستيطان لناحية تبييضهما. فهذا التطبيع حدث بالرغم من القضية الفلسطينية، ويعكس مقاربة تعتبر الفلسطينيين غير ذي صلة بالتطورات السياسية في الإقليم، فضلاً عن أنه يؤشر إلى بداية نهاية مبادرة السلام العربية التي نصت على أن أي تطبيع للعلاقات العربية مع إسرائيل لا يجوز أن تكون سابقة لحل قضية فلسطين حلاً عادلاً. بايدن والغرب كما أشار شلحت سابقاً من المتوقع أن تتجه الولايات المتحدة الأمريكية إلى الداخل على حساب السياسة الخارجية، ولكن في هذا السياق أشار شلحت إلى بعض التوجهات التي ستحملها الإدارة الجديدة ومنها تجديد مشاركة الولايات المتحدة في اتفاقية المناخ في باريس، والقيام بتعزيز التحالف مع حلفائها التقليديين في العالم الغربي عموماً وفي أوروبا الغربية خصوصاً. وبموجب جلّ التحليلات الإسرائيلية سيكون لهذا التحالف تداعيات على إسرائيل لكون أوروبا تفضل سياسة المصالحة مع إيران ومواقف أكثر تشدّداً حيال إسرائيل في كل ما يختص بسياستها إزاء الفلسطينيين. في ساحة الأمم المتحدة ثمة من يتوقّع عملية سريعة نسبياً فيما يتعلق بهيئتين: وقف الخروج من منظمة الصحة العالمية، والعودة إلى مجلس حقوق الإنسان، مثلما أعاد أوباما الولايات المتحدة إلى هذا المجلس بعد أن أخرجها منه سلفه جورج بوش الابن. وهناك إجماع على أنه في مؤسسات الأمم المتحدة وخارجها سيتأثر سلوك إدارة بايدن بالمنافسة والخصومة مع الصين، وعلى أنه لا يوجد فارق مهم بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري إزاء النظرة إلى التهديد الذي تمثله الصين، وورد في برنامج عمل الحزب الديمقراطي علناً أنه في ظروف معنية يجب القيام بـ “إجراءات صارمة" ضد بكين. في الوقت عينه أعلن بايدن أن سياسته إزاء روسيا ستكون أكثر صرامة. وبناء على ذلك هناك تقديرات بأن تؤثر السياسة الأميركية إزاء كل من الصين وروسيا على علاقات إسرائيل الثنائية مع كل من هاتين الدولتين.
×
في الانتخابات الأميركية: تداعيات وانعكاسات
مقدمة: أكد محللون ومتابعون للانتخابات الأميركية الأخيرة، والتي أفضت إلى فوز الحزب الديمقراطي برئاسة مرشحه جو بايدن، أن هذه الانتخابات ستنعكس في نتائجها على علاقة الإدارة الأميركية الجديدة على الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية، كما ستؤدي إلى تغييرات ملموسة في السياسات الأميركية، وفي العلاقات الدولية للإدارة الجديدة، إضافة إلى انعكاساتها على الأوضاع الداخلية الأميركية ذاتها، وتبدل أولويات هذه الإدارة في التعاطي مع العديد من الملفات خارجياً وداخلياً، خاصة فيما يتعلق بملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتنفيذ ما وعد به بايدن على صعيد الأولويات المحلية داخل الولايات المتحدة.
د. غسان الخطيب، المحاضر في جامعة بير زيت، وفي تعليقه على نتائج هذه الانتخابات، قال:" أعتقد أن نتائج الانتخابات الأميركية سوف تؤدي إلى تغييرات ملموسة في السياسات الأميركية، وفي العلاقات الأميركية الدولية، إضافة إلى الأوضاع الداخلية الأميركية، والسبب في ذلك أن الإدارة الأميركية السابقة برئاسة دونالد ترمب كانت قد أجرت تعديلات غير مسبوقة على السياسات الأميركية خصوصاً على مستوى السياسة الدولية وعلى العلاقات الدولية، وبالتالي الفجوة بين الحزبين في الانتخابات لم تكن بهذا الاتساع في أي انتخابات سابقة، واستناداً لذلك، فإن انتصار حزب آخر أو مرشح آخر سيؤدي إلى تغييرات كثيرة، وقد أعلنوا حتى الآن عن العديد من هذه التغييرات، ومنها أنهم سيعودون إلى اتفاق المناخ الذي انسحبوا منه، وبأنهم سيحسنون علاقاتهم مع حلفائهم الأوروبيين، وغير ذلك. أما في موضوع الشرق الأوسط، فقد أعلنوا عن أنّ الإدارة الأميركية الجديدة سوف تعكس بعض السياسات التي اتخذتها الإدارة السابقة، بمعنى أنها ستعود إلى السياسات التقليدية الأميركية في جزء غير قليل من جوانب الموقف الأميركي من الصراع العربي الإسرائيلي". انعكاسات وتأثيرات أضاف:" أعتقد أنّ هناك بعض التغيّرات التي ستكون سريعة نسبياً. وبالتالي أتوقع بأن الإدارة الجديدة ووفق ما صدر عنها ستعود إلى استئناف المساعدات للشعب الفلسطيني، وربما إلى وكالة الغوث، وهذا أمر مهم لأنه سيشجع دولاً أخرى على العودة لاستئناف تقديم المساعدات، لأنّ بعض الدول توقفت عن تقديمها بسبب الضغوطات والتأثيرات الأميركية، ومن ناحية أخرى، فربما سيقومون بإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، وهذا فيه بعض الرموز الإيجابية، والأهم من هذا وذاك هو أنّ الحزب الديمقراطي وبايدن لديهما موقف قوي اتجاه فكرة حل الدولتين، وبالتالي من المتوقع أن يكون لهم موقفاً نقدياً ولو على المستوى اللفظي ضد التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، وهذا سوف يشكل بعض الضغط الدولي ضد إسرائيل في موضوع الاستيطان، لأنّ فترة إدارة ترمب منعت تلك الدول عن التعبير عن أي انتقاد للتوسع الاستيطاني، بل أنَ السفير الأميركي في إسرائيل كان يشجع الاستيطان في تصريحاته، ويؤكد أن الولايات المتحدة ليس لديها مشكلة في توسيع المستوطنات، الأمر الذي أضعف من الموقف الدولي المعارض للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي. أما فيما يتعلق بالعملية السياسية، فالمسألة هنا أكثر تعقيداً، لأنّ الإدارة الأميركية مارست إدارة الصراع أكثر من محاولة حله، لأن الجميع استنتج بأن إمكانيات الحل صعبة، وبالتالي ذهبوا في اتجاه محاولة حسم الصراع لصالح إسرائيل بنسبة مائة بالمائة، وأتوقع أنّ الإدارة الأميركية الجديدة سوف تعود إلى إدارة الصراع بدلاً من حله وإن كان في ظاهر الأمر غير جيد بما فيه الكفاية، إلا أنه أفضل من مسعى لإدارة ترمب لحسم الصراع لصالح إسرائيل بدرجة كاملة كما كانوا يحاولون أن يفعلوه من خلال صفقة القرن". خيارات القيادة الفلسطينية وفيما يتعلق بخيارات القيادة الفلسطينية على ضوء هذه النتائج، قال د.الخطيب: "في رأيي، أن الانتخابات الأميركية هي متغيّر مهم في السياسة الدولية باتجاه الموضوع الفلسطيني، وهذه الانتخابات يمكن أن تحمل في طياتها فرصاً وتحديات، والنتيجة تتوقف على الأداء الفلسطيني، وعلى مدى تماسك الوضع الفلسطيني الداخلي وقوته، كما تتوقف نهائياً على مدى حنكة وحكمة إدارة الملف السياسي المتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة. فإذا كان موقفنا متماسكاً وقوياً وحكيماً، فربما نستطيع أن نتجنب بعض المخاطر التي ستأتي قطعاً نتيجة إعادة فتح ملف العملية السياسية مرة أخرى، وهنا الوضع مقلق بعض الشيء، لأن الوضع الداخلي الفلسطيني وطريقة إدارة العمل السياسي والملفات السياسية المختلفة غير مطمئنة وتدعو إلى القلق بعض الشيء، وبالتالي هذه مناسبة لدعوة القيادة الفلسطينية للتماسك والوحدة والثقة بالنفس وبالجمهور الفلسطيني، وانتهاج مقاربات حكيمة وذكية في التعامل مع هذا المتغيّر الجديد لأنه في غاية الأهمية". المصالحة والانتخابات لكن ماذا عن مصير المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، إجراء الانتخابات؟. عن ذلك يجيب الخطيب:" الذين كان لديهم وهم في الشهور الأخيرة بإمكانية تحقيق المصالحة وإجراء الانتخابات سوف يربطون عدم إجرائها وعدم تحقيق المصالحة بهذا التطور في الولايات المتحدة، لكن في حقيقة الأمر، وفي تقديري أننا لم نكن قريبين لا من الانتخابات ولا من المصالحة بغضّ النظر عما جرى وما كان سيجري في الولايات المتحدة من انتخابات، لأن إمكانية المصالحة ضعيفة ومحدودة لأسباب ذاتية، إضافة إلى أسباب خارجية إقليمية تتعلق بتأثير قوى إقليمية على طرفي الصراع، ولذلك لا أعتقد بأن نتائج الانتخابات الأميركية سيكون لها أثر على الملف الداخلي، أما الملفات الخارجية فهي لا تبشر بالخير لأسباب داخلية وليس لأسباب تتعلق بالولايات المتحدة". التطبيع العربي مع إسرائيل وفيما يختص بموجة التطبيع الأخيرة بين إسرائيل والأقطار العربية، وكيف ستؤثر عليها نتائج الانتخابات الأخيرة، قال د. الخطيب:" الملف الثاني الشرق أوسطي الذي سيطرأ فيه تغيير على سياسة الولايات المتحدة هو الخليج، لأن الإدارة الديمقراطية لديها مقاربة مختلفة لأسلوب التعامل مع الملف الإيراني، وهذا سيعكس نفسه على علاقة الولايات المتحدة بالتوتر الخليجي. وفي تقديري أن جزءً من التغيير الذي حدث هو أن الإدارة الجديدة للولايات المتحدة لن تكون متحمسة بنفس القدر لموضوع التطبيع. صحيح أنها ستؤيد التطبيع، ولكن لن تكون هي العامل الضاغط من أجل التطبيع كما كان الأمر عليه سابقا، لذلك أتوقع أن تخف حدة التطبيع، وهذه الموجة ستتوقف خصوصاً، لأنّ الدولة التالية التي كانت تسعى الولايات المتحدة لجرّها للتطبيع كانت مترددة جداً وتخشى من تأثيرات ذلك على مكانتها في المنطقة – أقصد السعودية -، وبالتالي تراجع الضغط الأميركي باتجاه التطبيع سيكون مريحاً وملائماً للعربية السعودية التي لم تكن متحمسة أصلاً لهذه الخطوات لأسباب تتعلق بمكانتها كدولة تسعى لاستمرار زعامتها للعالم الإسلامي. صفقة القرن والضمّ من أهم المفارقات الإيجابية لنتائج الانتخابات الأميركية هو أن حملة بايدن أثناء الانتخابات كانت قد أعلنت بأنها لا تؤيد الضم، لأنه يضعف فرص حل الدولتين، كما كانت قد عرضت خطة صفقة القرن لأنها تضعف إمكانية حل الدولتين في المستقبل. وأريد أن ألفت الانتباه هنا، إلى أن هذه الانتخابات قسّمت الجالية اليهودية في الولايات المتحدة. ولكن دراسات استطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات التي جرت في الولايات المتحدة أشارت إلى أن ثلثي اليهود الأميركيين صوتوا لبايدن بالدرجة الأولى لأسباب تتعلق بالوضع الداخلي الأميركي، لأنهم يخشون من أجواء العنصرية التي شجعها ترمب، ولكن السبب الثاني هو أن هناك شعوراً بالقلق والقناعة لدى أكثرية الجالية اليهودية في الولايات المتحدة بأن سياسة نتنياهو وترمب ذاهبة في اتجاه إحكام السيطرة على كل الأراضي الفلسطينية بطريقة تغلق الطريق أمام حل الدولتين وتشكل خطراً على الطابع الديمقراطي والطابع اليهودي لدولة إسرائيل، وهو أمر مقلق بالنسبة للأكثرية الساحقة من اليهود الأميركيين الذين هم بطبيعتهم معنيون بإسرائيل ديمقراطية وإسرائيل يهودية أكثر مما هم معنيون من ضمّ المناطق الفلسطينية المحتلة. إدارة بايدن القادمة وعلاقتها بالفلسطينيين يقول الخطيب:" سنشهد عودة إلى ما يشبه السياسات الأميركية التي اعتدنا عليها قبل ترمب، وهي ليست سياسات منصفة أو صديقة للشعب الفلسطيني، بل هي سياسات منحازة ومؤذية لمصالحنا كشعب فلسطيني، وتحابي إسرائيل، ولكن بدرجة أقل من مغالاة إدارة ترمب في الانحياز لإسرائيل وفي الإضرار بمصالح الشعب الفلسطيني.
في تحليله لنتائج الانتخابات الأميركية وانعكاساتها المحتملة على الفلسطينيين والإسرائيليين، قال خليل شاهين الباحث المحلل السياسي والإعلامي:" ترافق صعود الترمبية مع تحولات على المستوى العالمي أيضاً يتعلق بصعود الشعبوية اليمينية في العديد من بلدان العالم، حيث شكّل فوز ترمب في تلك المرحلة دافعاً قوياً لتنامي الشعبوية وتلاقيها مع شعبوية متصاعدة في إسرائيل يمثلها بشكل واضح رئيس الوزراء الإٍسرائيلي بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف في إسرائيل، وهذا الأمر ألحق ضرراً بالغاً بالقضية الفلسطينية وبحقوق الشعب الفلسطيني، وخصوصاً أن شعبوية ترمب التقت مع أكثر الاتجاهات يمنية وتطرفاً بالمعسكر الديني والأيديولوجي في داخل إسرائيل وتبنيه مجمل الرواية الصهيونية. تحولات في خسارة ترمب يرى شاهين، من ناحية أخرى، أنه "ليس من المؤكد أن خسارة ترمب يمكن أن تشكّل محطة في تحول آخر، أي بتراجع الشعبوية سواء في الولايات المتحدة أو على المستوى العالمي، ولكن بالتأكيد سيكون لها امتدادات حتى خارج أميركا، وخصوصاً في بعض الدول التي تغذت فيها الشعبوية في صعودها على شعبوية ترمب ذاته. لذلك أعتقد أن هذا مؤشر بحاجة إلى مزيد من الوقت لنفحص ما إذا كان فوز بايدن في الانتخابات سيشكل تحولات فيما يتعلق بتراجع الشعبوية اليمينية بما في ذلك الأمر الجوهري الذي يمس حقوق الشعب الفلسطيني، وهو إنكار التيارات الشعبوية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وقرارات الأمم المتحدة باعتبارها أصلاً اتجاهات مناهضة لحقوق الإنسان، وهذا الأمر يعني أن وجود تيار في الحكم في الولايات المتحدة قد يعيد الاعتبار قليلا لكيفية تعامل الإدارة الأميركية الجديدة مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وكذلك تعاملها مع الأمم المتحدة ووكالاتها، وبعض المؤشرات على هذا الأمر ظهرت في تصريحات بايدن عندما قال على سبيل المثال بأنه لن يتخذ موقفاً حاداً وعدائيّاً من وكالة الغوث، وبأنه سوف يعيد الدعم الأميركي لموازنة الأونروا، وهو أمر يشكل في نظر كثيرين مؤشراً على كيفية تعامل الديمقراطيين مع المؤسسات الدولية، وهذا الأمر ينطبق على بعض المحافل الدولية مثل الموقف من مجلس حقوق الإنسان الذي انسحبت منه الولايات المتحدة انسجاماً مع الموقف الإسرائيلي، واتخذت عدة مواقف عدائية تماماً من القرارات التي تتخذ في مجلس حقوق الإنسان فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وهذا الأمر قد يمتد لنشهد تحولات في اليونيسكو وغيرها، وربما تشكل هذه السياسات إذا ما تم اعتمادها تحوّلاً في طريقة تعامل إدارة ترمب الذي شن حرباً على حقوق الشعب الفلسطيني في مختلف المنتديات والمحافل الدولية. القيادة الفلسطينية والعلاقة مع إدارة بايدن يرى شاهين، ضرورة التريث لمعرفة طبيعة العلاقة التي ستربط القيادة الفلسطينية، مع إدارة وبايدن، ويقول: "أعتقد أننا بحاجة إلى مزيد من الوقت لكي نفحص كيفية السياسات التي ستعتمدها إدارة الرئيس الأميركي الجديد بايدن فيما يتعلق بالسياسة الخارجية في قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بما في ذلك علاقة التطبيع بين إسرائيل وبعض الأٌقطار العربية، أو المسار الإقليمي الذي اعتمده ترمب إزاء جهود حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فجزء كبير من السياسة الفلسطينية سوف يتوقف على سلوك وسياسة الإدارة الأميركية الجديدة. ولذلك أعتقد أن المطلوب ليس المباشرة بتقديم المزيد من التنازلات أو الأوراق التي تسعى من خلالها القيادة إلى استرضاء وكسب رضا إدارة بايدن، وهذا يعني أننا بحاجة إلى تغيّر ما حتى تنضج سياسة الإدارة الجديدة في عدد من المفاصل المهمة، من ذلك الموقف من مضامين صفقة القرن وليس صفقة القرن ذاتها. فالصفقة ستزاح كإطار كان مفتوحاً لتسوية إملائية على الفلسطينيين وهي لم تعد قائمة، لكن هناك مضامين بالصفقة كان يجري العمل على تنفيذها، تتعلق بالضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وبالموقف من اللاجئين، ومن طبيعة الدولة الفلسطينية وصلاحياتها ومستوى سيادتها، وتتعلق أيضاً بالاستيطان وهذه مفاصل مهمة، وإذا ما كانت الإدارة الجديدة سوف تتبنى السياسات السابقة لإدارة أوباما على سبيل المثال. نحن نستطيع أن نستنتج – خاصة وأن هناك مؤشرات في تصريحات سابقة لباديدن – بأنها ستتخذ موقفاً مناهضاً لتوسع الاستيطان، ولكنه لا يصل إلى مستوى اتخاذ إجراءات تعكس الاتجاه السابق في تعميق الاستيطان. ولكن أيضاً هذا الموقف يتطلب أن ننتظر، ونحن لا نعرف كيف ستتصرف إسرائيل ونتنياهو في موضوع الضم قبل أن يرحل ترمب من البيت الأبيض. بمعنى أن هناك مواقف إسرائيلية تدفع باتجاه خطوات إن لم يكن بالضم الشامل على الأٌقل بفرض القانون الإسرائيلي أو ما يسمى بفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية أو أجزاء واسعة من المستوطنات، أملاً بأن تكون الهدية الأخيرة والكبرى من ترمب قبل رحيله من البيت الأبيض. سوف نرى كيف يتعامل بايدن مع هذا الأمر. هل سيتعامل معه باعتباره أمرأ واقعاً ؟ أم أنه سوف يسعى إلى اتخاذ قرارات تنفيذية لاحقة لتشطب وتلغي القرارات التي يمكن أن يتخذها ترمب بهذا الخصوص. هذه مسائل مهمة لأنها ستؤثر على الموقف الداعم، وهو الموقف الآخر للقيادة الفلسطينية وإمكانية إطلاق عملية سياسية فلسطينية إسرائيلية. خيار حل الدولتين يعتقد شاهين أن اهتمام الإدارة الأميركية الجديدة فيما يتعلق بخيار حل الدولتين سوف يركز على الشعارات. يقول:" أنا أرجّح أن الإدارة الأميركية الجديدة سوف تهتم بشعار حل الدولتين، وليس في مضامين حل الدولتين كما كان عليه الحال في الإدارة السابقة، ولكنها سوف تكون معنية بإطلاق هذه العملية وتجديدها بين الفلسطينيين والإسرائيليين حتى لا تذهب باتجاه مزيد من المواجهة على الأرض خاصة إذا ما أقدم نتنياهو على مزيد من الخطوات التي تتعلق بتعميق الاستيطان والضم، لكن لن تكون هذه – كما تشير التقديرات – أولوية الإدارة الجديدة. هناك أولويات داخلية وخاصة تبعات انتشار فايروس كورونا، إضافة إلى القضايا الأخرى المتعلقة بالموقف من العلاقة مع الصين وأوروبا وقضايا عديدة أخرى من أبرزها المناخ التي وعد الديمقراطيون بأنهم سوف يتخذون إجراءات عملية عاجلة لمواجهتها، وهذا الأمر يعني بأن الإدارة الأميركية الجديدة ربما تتريث قبل أن تستأنف الجهود ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لكن أنا أرجح بأنها سوف تكون معنية أكثر في إدارة الصراع وليس حله في ضوء الفجوات الواسعة في الموقفين والفلسطيني والإسرائيلي، وهذا الأمر يعني أننا قد نكون أمام شكل من المفاوضات التقليدية التي قام بها وزير الخارجية الأميركية السابق جون كيري ، أي التنقل المكوكي بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. الجانب الآخر، هو ما تعلق بجهود المصالحة الفلسطينية، فهناك جهود كانت تبذل لاستئناف الحوار الثنائي بين فتح وحماس واجتماع الأمناء العامين للفصائل، ومن ثم هناك على ما يبدو استعصاء في معالجة هذا الملف وجزء منه كان يتعلق بانتظار نتائج الانتخابات الأميركية. هل سيعود الديمقراطيون مرة أخرى لتبني سياسة تقوم على احتواء التيارات الإسلامية وخاصة التيارات الوسطية والنظم القائمة في منطقة الشرق الأوسط؟ هل سينطبق ذلك على حركة حماس، لأن الإدارات السابقة بما في ذلك إدارة أوباما كانت تتبنى هذا الأمر، ولكنها عندما يتعلق الأمر بالموضوع الفلسطيني - الفلسطيني وبسبب الموقف الإسرائيلي كانت تضغط باستمرار من أجل إبقاء شروط اللجنة الرباعية التي كانت تفرض شروطاً على مشاركة حماس في النظام السياسي الفلسطيني. هذا الأمر مهم من زاوية أن إطلاق عملية سياسية على الأٌقل من وجهة نظر الرئيس الفلسطيني يتطلب أن يظهر باعتباره يحظى بشرعية سياسية أو تفاوضية إن جاز التعبير، وإذا ما كان سيطلق عملية سياسية، فإنه سيحتاج إلى تجديد شرعيته كرئيس انتهت ولايته منذ فترة، وإعادة الاعتبار للمجلس التشريعي بما يمكنه من خوض عملية سياسية مع إسرائيل مدعوم بتوافق على شرعيته. أنا أعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى وقت أيضاً لنرى كيف ستتعامل الإدارة الجديدة لبايدن مع موضوع المصالحة الفلسطينية، أو بشكل آخر مشاركة حماس في نظام سياسي فلسطيني وانتخابات وقضايا ذات صلة. إزاء هذه الملفات، أنا أعتقد بأن القيادة الفلسطينية ربما تميل أكثر باتجاه استئناف العلاقة مع الولايات المتحدة، وهذا الأمر كان واضحا من رسالة التهنئة التي أرسلها الرئيس إلى بايدن، وفي جوهرها كان يعبر عن أمله باستئناف عملية السلام دون أن يحدد المرجعيات أو الاشتراطات. هي رسالة قصيرة، ولكنها تعكس أن الرئيس مهتم بعملية سياسية خلال الفترة القادمة، وهذا الأمر سوف تكون له تبعات، أي أننا سنشهد خلال الفترة القادمة إجراءات متبادلة بين الجانبين الفلسطيني والأميركي تبدأ باستئناف الاتصالات وربما تكون قد بدأت كما تشير بعض التقارير، وإعادة فتح مكتب المنظمة في واشنطن، وإرسال ممثل المنظمة لواشنطن، واتخاذ قرار بإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وكذلك استئناف الدعم للسلطة الفلسطينية، واستئناف المشاريع التي كانت تقوم بها الوكالة الأميركية في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى ما تعلق الأمر بوكالة الغوث الدولية لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. هذه قضايا كلها قد تكون سريعة خلافاً للتريث الأميركي فيما يتعلق بمسار السلام، وفي هذا المسار أعتقد بأنها تتعلق بإجراءات تنفيذية يستطيع الرئيس بايدن أن يتخذها، مثل أن يلغي قرارات سابقة لترمب مدعوماً بأغلبية موجودة حتى الآن على الأقل في الكونغرس، لذلك هو لا يحتاج قوانين جديدة، لكنه يستطيع اتخاذ إجراءات للقيام بذلك، والقوانين التي أقرت خلال فترة ترمب والتي تفرض قيوداً على دعم السلطة الفلسطينية يستطيع أيضا أن يتخذ قراراً بشأنها، وفي كل الأحوال هذا الأمر يعني بأننا سنكون أمام العودة إلى المربع الذي كان فيه هناك تواصل دبلوماسي وسياسي واقتصادي وأمني أيضاً مع الولايات المتحدة. لكن السؤال، كيف سينعكس هذا الأمر على العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية أعتقد أن الإدارة الأميركية الجديدة ستكون معنية مقابل ذلك أن يعيد الفلسطينيون العلاقة مرة أخرى مع إسرائيل، وإن كان بشكل تدريجي، وبعض المحللين الإسرائيليين لا يتوقعون عودة سريعة للتنسيق الأمني والمدني، ولكنهم يعتقدون بأن هذا الأمر سوف يختلف عن الفترة السابقة، وسوف يترتب عليه مرة أخرى العودة لاستلام المقاصة، وربما العودة لأشكال من التنسيق الأمني والاقتصادي، أي أننا سنعود في نهاية المطاف إلى الوضع الذي كان قائماً قبل أربع سنوات.. وفي رأيي ان القيادة الفلسطينية سوف تنظر إلى الأمر إيجابياً، لأن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية خاصة في ظل جائحة كورونا شكلت عامل ضغط على القرار السياسي ذاته، وجعلت القيادة الفلسطينية أمام مفترق طرق إذا واصلت تطبيق القرارات خاصة فيما يتعلق بالتحلل من الاتفاقات الموقعة، ومن العلاقة مع إسرائيل في ظل هذه الظروف الاقتصادية، فإن الأمور كان يمكن أن تتجه نحو انهيار وفوضى في ظل مخاوف ما كان يمكن أن يحدث من إعادة انتخاب ترمب وتفعيل العمل من أجل إيجاد قيادة فلسطينية بديلة، أو تشكيل السلطة بطريقة تتواءم مع تطويعها، وقبول ما هو قائم في صفقة القرن، وهذه الأمور سوف تؤثر على لقرار السياسي، بمعنى أن وجود معدلات من الانتعاش الاقتصادي وحل الأزمة المالية سوف يؤدي إلى تخفيف القيود على القرار السياسي الفلسطيني باتجاه توسيع مساحات المناورة في إطار العلاقة مع إسرائيل، ومع الإدارة الأميركية الجديدة، وتخفيف الاندفاع الذي شهدناه في فترة ترمب اتجاه المسار الإقليمي والتطبيعي.
وماذا عن انعكاسات نتائج الانتخابات الأميركية على إسرائيل وساحتها الحزبية، وتداعيات ذلك على العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية...؟ عن ذلك، تجيب د. هنيدة غانم، مديرة المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية مدار:" إعلان النتائج تزامن مع إصدار "مدار" مؤخراً ورقة تقدير موقف استندت إلى تحليل لتطورات تلك الانتخابات وما تخللها من نتائج لاستطلاعات الرأي التي أجريت هنا وفي الولايات المتحدة. فلقد أجريت مؤخرا عدة استطلاعات رأي في إسرائيل، تناولت الفرق بين ترمب وبايدن، وقد أظهرت نتائج تلك الاستطلاعات بأن أكثر من 70 % من المستطلعين يؤيدون ترمب ويعتبرونه الصديق الأفضل لإسرائيل، وفي اعتقادنا أنه لو جرت الانتخابات في إسرائيل لربما فاز ترمب فيها فوزاً ساحقا. في مقابل ذلك أكد 20% من اليهود بالولايات المتحدة أنهم سيصوتون لترمب، وبالتالي فإن التداعيات الأولى المرتبطة بهذه الفجوة بين يهود أمريكا وإسرائيل أحدثت خللاً في العلاقة بين يهود أمريكا وإسرائيل، حيث تدعي الأخيرة بأنها تمثلهم، علماً بأن 5% فقط من يهود أمريكا يعتبرون أن إسرائيل هي قضيتهم الأساسية، وبالتالي فان هذه التغيرات التكتونية التي تحدث بالعمق ليس بالضرورة أن ترى نتائجها اليوم، لكن يمكن البناء عليها مستقبلاً من أجل التأثير على السياسة الامريكية تجاه إسرائيل . من ناحية أخرى، فإنّ هناك أموراً مرتبطة بالأمور الاستراتيجية، وهو أنّ أمريكا تتعامل مع إسرائيل كحليف استراتيجي، وعليه فالمسألة ليست متعلقة بأمزجة عابرة، وإنما هناك تحالفاً استراتيجياً قائماً، لكن هذه التغيرات التي ستحدث بالعمق ستؤثر مستقبلا على العلاقات بين الطرفين، وسينعكس ذلك على العلاقات الاستراتيجية التي لن تتغير بين عشية وضحاها، لكن يمكن القول أنّ مؤشر التغيّر بهذا الخصوص يشير إلى أن العلاقات الاستراتيجية لن تتأثر كثيرا، وستظل إسرائيل الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة، لكن العلاقات لن تكون كما كانت من قبل، وستتحول هذه العلاقة تدريجياً إلى موضوع نقاش في داخل الحزب الديمقراطي، وهذا تحول يقلق إسرائيل جدا وبصورة كبيرة . تأثيرات على الساحة الحزبية الإسرائيلية ترى د. غانم، أن الانتخابات الأميركية ستترك تأثيراتها على الساحة الحزبية في إسرائيل حيث تقول:" نعم سيكون لها تأثيرات هي بالأساس معنوية، بمعنى أن إمكانية أن تسقط نتنياهو قد تكون واردة، وأنه يمكن تحقيق ذلك، طالما أنه في أمريكا اتحد الجميع من أجل إسقاط ترمب ونجحوا في ذلك. فمن الناحية المعنوية يمكن أن يكون هذا داعماَ، ومن ناحية أخرى هذا يؤثر في أنه يتيح مساحه للمناورة أكثر باتجاه الأحزاب المعارضة لنتنياهو كي تعيد بناء نفسها .هناك اليوم تحالف (الزعران والبلطجة ) بين الترمبية والنتنياهوية والشعبوية الموجودة في أوروبا والهند والبرازيل، وهذا يمكن أن يكون له تأثير، وهذه الأمور قد تؤثر على الساحة الإسرائيلية، لكن الانعكاس الأخطر هو ان النجم الصاعد في الساحة السياسة الإسرائيلية هو نجم بينت بمعنى أن الصراع السياسي في إسرائيل لا يحدث بين يمين ويسار، وإنما بين التيارات التي هي أصلا يمينية حيث أن هناك انزياحاً كبيراً نحو اليمين، وبالتالي سيحاول نتنياهو أن يتجاوز الآن هذا اليمين الأكثر تطرفا، ووجود بينيت يعني أن دعايته التي سيستخدمها ستقوم على من سيكون أكثر تطرفاً ، فالموضوع الأساس الذي سيطرح في هذا التنافس بين نتنياهو وبينيت ليس موضوع الكورونا، وإنما هو موضوع الضم، بحيث سيتحول هذا الموضوع الى عنوان وجوهر الصراع الداخلي بين اليمين، وهذه المزايدة سيدفع ثمنها الشعب الفلسطيني. في حين أن مواجهة هذه الخطوات المتطرفة من قبل إسرائيل إزاء الفلسطينيين يتعلق بالكيفية التي ستتصرف على ضوئها الإدارة الامريكية الجديدة. توظيف الفلسطينيين لنتائج الانتخابات في هذا السياق، ترى د. غانم، أنّ " هناك الكثير من الطرق على صعيد استفادة الفلسطينيين من توظيف نتائج الانتخابات الأميركية في علاقتهم مع الإسرائيليين. تقول:" لقد أثبتت النتائج الامريكية، أنّ تلك الانتخابات جرت بين التيار الأبيض الاستعلائي وبين التيارات والجماعات الأخرى الموجودة مثل الأقليات، والسود، والنساء، وهذا يؤكد على ضرورة أن يعمل الفلسطينيون على مستوى القاعدة مع هذه التيارات والجماعات في أمريكا وأوروبا بشكل عام لأنّ المستقبل هناك في هذه العلاقة مع القاعدة الشعبية، وبالتالي لدينا الآن مساحة خصبة تماماً للعمل معها، وليس بالضرورة مع الأوساط الرسمية، لأن من يؤثر على هذه الأوساط قواعدها الشعبية، وهو ما أظهرته نتائج الانتخابات الأميركية التي دلّت على أنّ من دعم بايدن هم هذه الجماعات ولم يعد الحزب الديمقراطي الموجود كتلة بل هو عدة كتل متجمعة، وبالتالي فإنّ التواصل مع هذه الكتل يتطلب دبلوماسية فلسطينية ووضع خطط وعملاً منظماً، كما يحتاج إلى خطاب صحيح، لأننا أمام وضع خطير جدا في أمريكا، ولا نعلم كيف سيتطور، ويمكن أن ينزلق إلى اتجاه مرعب، ولكن إذا أخذنا بعين الأمور أنّ الأوضاع تسير بهذا الاتجاه، فنحن أمامنا مساحة خصبة للعمل الفلسطيني. مصير العملية السياسية من ناحية أخرى، ترى د. غانم أنّ ما صدر من تصريحات عن زعيم حزب كحلون لفان، والناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، والتي تطالب بالعودة للمفاوضات الفلسطينية لا تعدو كونها حديث للاستهلاك الجماهيري. فعلى أي أساس سيعود الطرفان إلى المفاوضات؟ هل سيعودون لجرجرة الشعب الفلسطيني إلى عشرين سنة إضافية من مفاوضات ستفضي في النهاية إلى أن يعيش الفلسطينيون في جحر مثلاً أو في كنتونات كما هو الوضع حاليا؟ أم أنه سيكون لديهم أساساً جديداً، بينما الذهاب على نفس الوتيرة السابقة التي سيلعب نتنياهو فيها مع الفلسطينيين لعبة البيضة والحجر باعتبارها أفضل طريقة يقوم من خلالها بتصفية القضية الفلسطينية. فإذا كان الرهان على التغيرات في الساحة الإسرائيلية، فالفلسطينيون يراهنون على حصان خاسر، وبالتالي يجب أن يكون البناء الجديد لأية مفاوضات من خلال تبني استراتيجية جديدة لأسس هذه المفاوضات، بالإضافة إلى أن يسارع الفلسطينيون إلى ترتيب بيتهم الداخلي، وترتيب أوضاع المؤسسات الفلسطينية والنظام الفلسطيني، عدا ذلك فكل ما يجري الحديث عنه هو مجرد كلام فارغ. انعكاسات محلية وعالمية من ناحية أخرى، ترى د. غانم، أن نتائج الانتخابات الأميركية انعكست على مجمل الأوضاع في العالم وليس فقط على إسرائيل والفلسطينيين، لكن فيما يتعلق بالجزئية الفلسطينية في الداخل وعلاقتها بالمؤسسة الحاكمة في إسرائيل، فلها تحليل خاص بها. تضيف:" أنا ممن يقولون بأن هناك فرقاً كبيراً بين الحكم عليك بالإعدام والحكم عليك بالمؤبد، فالحكم بالإعدام يعني أنك انتهيت، وهذا ما كان يحاول أن يفعله ترمب بالحكم على المسألة الفلسطينية بالإعدام الفلسطينية. حاليا نحن موجودون تحت الحكم المؤبد مع الاحتلال، لكننا تملك الوقت لكي نعيد بناء أنفسنا ولدينا مساحة من المناورة، لكن كيف يمكنك أن تستخدمها. بالطبع هذا سيؤثر على فلسطينيي الداخل، علماً بأن هذه التغيرات التي أفرزتها نتائج الانتخابات الامريكية ووصول الديمقراطيين إلى الحكم هي تغيّرات بعيدة المدى. فعلى مستوى قضية اللاجئين مجرد إعادة دعم الأونروا وإعادة دور أمريكا في اتفاقيات المناخ التي انسحبت منها في عهد ترمب هذا كله يؤثر، لكن التأثير ليس وشيكاً، واذا لم يأت من قبلنا فلن نشعر به. نحن من يجب أن نغير أدوات المناورة واللعب، وليس أن ننتظر ماذا سيحدث في أمريكا. ما حدث مع ترمب يجب أن يكون درساً كبيراً لنا، مفاده أنه يجب أن نبني نحن أنفسنا، وأن تكون لدينا قوة داخلية والتي هي عمقنا الاستراتيجي الأساس. التطبيع العربي وفيما يتعلق بموجة التطبيع العربي مع إسرائيل وما ألحقته من أذى بالفلسطينيين، تقول د. غانم:" ما حدث هو أنّه كان لديك عمق عربي كنت تراهن عليه، لكن هذا العمق العربي تم تسطيحه الآن، وبالتالي أنت كفلسطيني خسرته، وهناك خسارة كبيرة على هذا الصعيد وقلباً للمعادلة التي كانت تقول دائماً أن لا سلام الاّ مع الفلسطينيين أولا ثم يتبعه السلام مع العرب، وما يحدث الآن يضيف ضعفاً إلى ضعف الفلسطينيين، ولن يساهم هذا التطبيع في تقوية الموقف الفلسطيني، بل ستكون له آثار خطيرة جداً، ناهيك عن أنّ الإمارات مثلاَ لا تطبّع مع إسرائيل الرسمية، ولكنها تطبّع مع المستوطنين، بمعنى أنها تجاوزت حتى الخطوط الحمراء التي وضعها الاتحاد الأوروبي. وبالتالي فأنت لديك مشهد مربك جديد لأن البناء على العلاقة مع الأنظمة هو مراهنة على حصار خاسر، وكان أولى أن يكون رهانك على الشعوب، وما حدث مع الإمارات والبحرين والسودان هو دليل على ذلك، علما بأنّ هذه الدول ليست دولاً بالمعنى المعروف، بل هي حالات جنينية قبلية.
×
مرجعيات مقدسية لـ 'مفتاح': استغلال جائحة كورونا يكرس سياسة الاحتلال العنصرية تجاه المقدسيين
رام الله – 23/9/2020 – اتهمت المرجعيات المقدسية الاحتلال الإسرائيلي بتطبيق سياسات عنصرية بحق المقدسيين من خلال الإجراءات الوقائية المتخذة لمكافحة فيروس كورونا، وتوظيف هذه الإجراءات بما يخدم مصالح الاحتلال في المدينة. وأشارت المرجعيات خلال لقاءات حوارية ضمن زاوية "في ضيافة مفتاح" إلى أن أي قرار تتخذه حكومة الاحتلال يكون له انعكاسات سلبية على المجتمع الفلسطيني، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال انتشار وحدات الشرطة والجيش في كل شوارع المدينة، دون القيام بأي وظيفة إرشادية أو توعوية بمخاطر انتشار الفيروس، ما يفيد بأن الاحتلال يتعامل مع المقدسيين كمواطنين من الدرجة الثالثة، وينعكس بالضرورة على طبيعة الخدمات الصحية والاجتماعية المقدمة لهم بالإضافة إلى المحاكم والتعليم.
قال حاتم عبد القادر وزير القدس الأسبق والقيادي في حركة فتح: "أي قرار تتخذه الحكومة الإسرائيلية على الصعيد العام له انعكاسات سلبية على المجتمع الفلسطيني في القدس المحتلة. فمثلا حين تصدر الحكومة قراراً يتعلق بالصحة، تحاول إظهاره على أنه للمصلحة العامة، إلا أن هذا القرار يكون له انعكاسات سلبية على المقدسيين؛ فقد وظفت الحكومة إجراءاتها الوقائية العنصرية لشل الحركة الاقتصادية في البلدة القديمة من القدس، ومنع المصلين من دخول الأقصى، بينما واصلت السماح لمستوطنيها المتطرفين باقتحامه يومياً، دون التقيد بإجراءات السلامة العامة". وأشار عبد القادر أنه في الوقت الذي تكثف فيه شرطة الاحتلال حملات فرض المخالفات والغرامات المالية على من تصفهم بالمخالفين في القدس الشرقية بحجة عدم ارتداء الكمامات أو عدم وضعها في أماكنها المحددة وتحرر مئات المخالفات اليومية، نجد شرطة الاحتلال لا تحرك ساكناً في ملاحقة المخالفين في القدس الغربية حيث الحركة التجارية تسير كالمعتاد إلى حد ما، دون أن يتعرض الإسرائيليون هناك للمساءلة أو الملاحقة أو فرض المخالفات المالية عليهم. وأكد عبد القادر أن المقدسيين يمارس عليهم المزيد من الضغوطات بشكل يخلق بيئة طاردة لهم، خاصة بالنسبة لمئات العائلات المقدسية التي يكون أحد أفرادها من حملة بطاقة هوية الضفة الغربية، حيث جمدت سلطات الاحتلال ضمن إجراءاتها الوقائية الحالية منح تصاريح الدخول والإقامة لهؤلاء، متذرعة بفيروس كورونا وإجراءات الوقاية.
أكد المحلل السياسي والاعلامي المقدسي راسم عبيدات من خلال رصده اليومي لإجراءات الاحتلال المطبقة في القدس وجود بعد عنصري في قضية التعاطي مع المقدسيين بما يتعلق بانتشار جائحة "كورونا"، ويكمن ذلك في انتشار وحدات الشرطة والجيش الإسرائيلي في كل زقاق وزاوية وشارع وحي وحارة في مدينة القدس، دون القيام بوظيفة الإرشاد والتوعية بمخاطر انتشار الفيروس أو التحذير والتنبيه من مخاطر عدم التقيد بإجراءات الأمان والسلامة والتباعد الاجتماعي، بل تعمل الشرطة على تصيّد من لا يضع كمامة أو لا يضعها بالشكل الصحيح من الفلسطينيين المقدسيين لتقوم بمخالفته بمبلغ 500 شيكل. في حين تعامل شرطة الاحتلال مع غير الملتزمين بوضع الكمامة او اتخاذ وسائل الوقاية والحماية من اليهود يقتصر على تحذيرهم بأن عليهم وضع الكمامة لضمان الوقاية والسلامة من انتشار الجائحة. وأشار عبيدات إلى أن اختلاف العقوبات بناءً على المنطقة يظهر جلياً في كيفية التعامل داخل بؤر الاحتكاك المباشر بين الفلسطينيين واليهود المتدينين "الحريديم" مثل أحياء "مئة شعاريم"؛ ففي حين لا يلتزم المتدينون اليهود بالحد الأدنى من التعليمات المتعلقة بمكافحة كورونا مثل الكمامة، ويستمرون بالذهاب للكنس وإقامة الأفراح وبيوت العزاء، يتم اتخاذ عقوبات تحذيرية ووقائية فقط بحقهم، أما على الجانب الآخر فتداهم شرطة الاحتلال الأفراح وبيوت العزاء للفلسطينيين وتقوم بتحرير مخالفات للعريس والعروس أو ذويهما بمبلغ 5000 شيكل وللمدعوين 500 شيكل. وأكد عبيدات أن مواقع التمييز تصل إلى صرف التعويضات للمتضررين من جائحة كورونا بين ما يتم صرفه للمواطنين العرب من مؤسسة التأمين "الوطني" الإسرائيلية، أو من قبل أرباب العمل في مختلف القطاعات.
قال الناشط السياسي والمختص في الشؤون الإسرائيلية إسماعيل مسلماني أن سياسات التمييز العنصري لم تتوقف منذ عام 1967 وصولاً إلى الطرد "الناعم" خارج جدار الفصل العنصري، وأضاف مسلماني "تتعامل اسرائيل معنا على أننا مواطنون من الدرجة الثالثة، ومن أبرز أشكال التمييز ما نلمسه في الخدمات الصحية والاجتماعية اوالمحاكم والتعليم بشكل واضح. وخلال العام والنصف الأخير حاول الاحتلال ومن خلال أعضاء كنيست وبعض الوزراء عزل المقدسيين وحرمانهم من التوجه إلى المستشفيات مستخفين بحياتهم وبحقهم في الحصول على العلاج، ولم يتم التوجه لإجراء فحوصات الفيروس إلا مؤخراً بعد تدخل الأعضاء العرب في الكنيست، بالإضافة إلى ملاحقة النشطاء المقدسيين الذين تطوعوا لخدمة مواطنيهم. وأشار مسلماني إلى أن التمييز العنصري تجاوز العناية الصحية وتقديم الإرشادات وصولاً لبعض الهيئات الخدماتية مثل شركة "بيزك" للاتصالات التي منحت فلسطينيي القدس خدمة انترنت تراوحت بين 25-100 ميغا، بينما منحت الإسرائيليين بالمقابل 1000 ميغا، ما شكل عائقاً أمام الطلبة المقدسيين الذين توجهوا بالضرورة للتعليم عن بعد خلال الجائحة.
أشار المحامي مدحت ديبة لضيافة مفتاح إلى الممارسات المختلفة للاحتلال في القدس المحتلة، وقال ان إسرائيل "لا تدخر جهداً من أجل استثمار واستغلال جائحة الكورونا حتى تمرر وتطبق سياستها العنصرية ضد الفلسطينيين. فهدفها الأول من فرض الاغلاق هو عزل المدينة المقدسة وإفراغها من زوارها العرب وتركها لرعاع المستوطنين. فعلى سبيل المثال حين استعدت دائرة الأوقاف الإسلامية لإغلاق المسجد الأقصى في وجه المسلمين بسبب جائحة كورونا، رفضت شرطة الاحتلال إغلاق باب المغاربة في وجه المقتحمين اليهود بينما شددت الإغلاق على المناطق الفلسطينية وقامت خلاله بتحرير المخالفات بالجملة حيث تم تحرير مخالفات بما يقارب مليون و٨٠٠ ألف شيكل في أول أيام الإغلاق. وقال ديبة "أن تشديد الاغلاق واستغلال الجائحة وصل إلى دخول مفتشي وزارة الصحة لمكاتب المحامين ومنعهم من استقبال المراجعين". وأشار ديبة إلى استغلال الشرطة هذه الجائحة والإغلاق على منطقة مخيم شعفاط لتداهم مبنى مركز الشباب الاجتماعي والرياضي واللجنة الشعبية، واعتقال عدد من أعضائه، في محاولة منها لعرقلة افتتاح النادي الرياضي الأكبر في مدينة القدس، الذي قام أهل المخيم بتمويله ذاتياً، بعد أن قامت الأمم المتحدة ببناء المبنى.
وعلق مازن الجعبري مدير دائرة تنمية الشباب في القدس المحتلة على الإجراءات الوقائية في القدس المحتلة "لم يتوقع الفلسطينيون في القدس بأن ظهور جائحة كورونا سيؤدي إلى تردي أوضاعهم، وقيام الاحتلال بممارسة ضغط عنصري إضافي على معيشتهم وحياتهم. فمنذ قيام الحكومة الاسرائيلية في شهر آذار الماضي بفرض إجراءات الإغلاق لفترة طويلة على الحركة وفتح المحلات التجارية، أغلقت مئات المحلات في البلدة القديمة والتي تعتمد على السياحة بدون تقديم أي مساعدة". وأضاف الجعبري: "قدمت اسرائيل حزمة من المساعدات الاقتصادية الطارئة للإسرائيليين في حين لم يستفد منها التجار الفلسطينيون في القدس بفعل الإجراءات العنصرية ضدهم، ما حرم آلاف العائلات الفلسطينية من مصدر دخل ثابت لها وأدخلها في ضائقة الفقر والعوز والاعتماد على المساعدات الاجتماعية والإنسانية. " وأكد الجعبري أن الطامة الكبرى كانت عند انتشار المرض، فقد وجد الفلسطينيون في القدس أنفسهم محاصرين من جهلهم في التعامل مع الجائحة، وعدم قيام المحتل بتوفير المعلومات والوسائل لمواجهة الفيروس، خاصة فحص المصابين وتوفير الخدمات الصحية والتوعوية، وعندما بادر الفلسطينيون إلى فتح مقر للفحص والتعامل مع المرضى في سلوان، قامت قوات الاحتلال بإغلاقه ومصادرة التجهيزات الطبية واعتقال القائمين عليه. علما بأن اسرائيل لم تقم بفتح أماكن لفحص الفلسطينيين المصابين بكورونا في القدس الشرقية إلا عندما توجه مركز عدالة إلى محكمة العدل العليا، فتم في حينه فتح بعض مراكز الفحص الأولية هناك". وأشار ديبة أن القانون الدولي يحتم على الاحتلال، بحكم أنه القوة المسيطرة، القيام بدوره برعاية السكان تحت الاحتلال، وهذا ما تقوم إسرائيل بمخالفته، ما يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان خاصة في الرعاية الصحية وتقديم الخدمات الطبية والاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى التمييز الواضح في توزيع المساعدات الطبية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ما حول جائحة كورونا إلى ضائقة واضطهاد مضاعف يتعرض له الفلسطينيون خاصة مع الغرامات العالية ومحاصرة الفلسطينيين في أحيائهم واتهامهم الدائم بالتسبب في انتشار المرض.
وصف زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية إجراءات الاحتلال الوقائية من كورونا في القدس بأنها انتقامية وذات طابع عنصري تستهدف حقوق المقدسيين عامة. أضاف في حديثه لـ "ضيافة مفتاح": " لقد تعامل الاحتلال بقسوة مع المقدسيين من خلال ما أعلنه من إجراءات طبقت بمكيالين؛ الأول اتسم باليد الناعمة حين تعلق الأمر بالإسرائيليين، والثاني لجأ إلى القبضة الحديدية في تطبيق الإجراءات على المقدسيين. وأشار الحموري أن الإجراءات المطبقة وقت تشديد الإغلاقات قد أصابت الحركة الاقتصادية بمختلف قطاعاتها بضربة شديدة، واصفاً الحركة الاقتصادية في القدس بأنها تعيش حالة موت، بينما الأمر لا يشابه ما تعيشه المدن الأخرى سواء في القطاع الغربي من القدس المحتلة أو مدن الداخل الفلسطيني عام 48، حيث تنشط إلى حد ما حركة التسوق والعمل، سواء في المطاعم أوالمحال التجارية. قال حموري "أن التمييز وصل قطاع السياحة أيضاً، ويظهر هذا جلياً بين ما هو قائم في القدس الشرقية والمناطق الأخرى، فهناك مليارات من الشواكل صرفت على القطاعات الاقتصادية المختلفة في إسرائيل، لم يحظ القطاع الاقتصادي الفلسطيني بشيء منها سواء ما تعلق بالمنح أو القروض والتسهيلات الضريبية وغيرها من امتيازات". وأشار الحموري إلى انعكاسات أخرى للإجراءات العنصرية التي مست حقوق العائلات المقدسية: "بدون جائحة كورونا، هناك على الدوام مشكلة تتعلق بجميع حقوق المقدسيين، ان كانت الحقوق الاجتماعية أو الاقتصادية أو الصحية، أو حق العائلات في لم شملها لتعيش تحت سقف واحد. وأضاف أن هدف إجراءات الاحتلال على هذا الصعيد هو ممارسة الضغط على المقدسيين وإرغامهم على ترك مدينتهم في إطار الصراع الديمغرافي المحتدم، والدليل على ذلك الحملات الأخيرة ضد الأزواج المقيمين في القدس وتهديد حقهم بالإقامة، وما ترتب على ذلك من حرمان لحقوقهم الصحية والاجتماعية والاقتصادية، في مقابل تعزيز الكثافة السكانية الاستيطانية في المدينة المقدسة".
يرى فؤاد أبو حامد عضو وحدة مكافحة كورونا في القدس ومدير مركز طبي بيت صفافا، أن جائحة كورونا في القدس مرتبطة بأبعاد سياسية تتعلق بطبيعة ما ينفذ من ممارسات وإجراءات. وقال أبو حامد أن "القضية برمتها مرتبطة بالسياسة، فعند الحديث عن جائحة كورونا فالمتضرر من المقدسيين بشكل مباشر هم أولئك الذين يواجهون مشاكل تتعلق ببطاقة الهوية ومكانتهم القانونية، فيحرمون في الواقع من تلقي الخدمات الصحية الكاملة على عكس من لا يواجهون أية مشاكل بالهوية أو بطلبات لم الشمل. وقال أبو حامد أن الأمر لا يقتصر على الخدمات الصحية، بل أن هناك أبعاد اقتصادية تتعلق بهذه العائلات حيث لا يمكنهم الاستفادة من الحوافز والمساعدات الاقتصادية التي تقدمها الحكومة والتي وزع منها في الآونة الأخيرة. من هنا، كان موضوع الوقاية والإجراءات المعلنة والمتبعة من المواضيع الحساسة التي تتطلب إجراءات حماية وعناية خاصة، وفرض إجراءات على الأرض ضد من لا يرتدي الكمامة، ومن ينظم الاجتماعات والتجمعات العامة، أو يقوم بزيارة المرضى في البيوت والتأكد من تواجد المعزولين في أماكن عزلهم، ومثل هذه الإجراءات لا تطبقها شرطة الاحتلال في الأحياء المقدسية باستثناء الحملات الواسعة التي يتخللها فرض الغرامات المالية العالية، بينما تعتبر حملات الإرشاد والتوعية ضد كورونا باللغة العربية للجمهور الفلسطيني المقدسي غير كافية بالمطلق".
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647 القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14 حي المصايف، رام الله الرمز البريدي P6058131
للانضمام الى القائمة البريدية
|