مفتاح
2025 . الأحد 8 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


قبل عامين أدت عملية التفجير التي أوقعت عشرات الضحايا في إسبانيا إلى انتقال نظام الحكم من حزب لآخر، وأدى مقتل جنود إيطاليين في العراق إلى سقوط حكومة بيرليسكوني وصعود حكومة سارعت إلى سحب القوة الايطالية. واعتدنا القول كل الوقت إن حادثة صغيرة تضر بمصالح الـمواطنين كافية لاستقالة حكومة أو استقالة الوزير الـمعني في البلدان الديمقراطية. هذا الشيء لـم نعتد عليه في الوضع العربي باستثناء مبادرة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، التي تحمل بمقتضاها مسؤولية هزيمة 67 وتنحى عن رئاسة الجمهورية، لكن انتفاضة يومي 9 و10 حزيران الـمصرية الشعبية العارمة أعادته للحكم فورا. نحن في فلسطين ما زلنا نتغنى بالانتخابات الديمقراطية والنزيهة والشفافة التي أتت بحكومة الشيخ اسماعيل هنية، وفي نفس الوقت نعيش الأمرّين، فعجلة الاقتصاد تدهورت، توقف التصدير الداخلي بشكل كامل من قطاع غزة وإليه، وقنن الاستيراد الى مستوى برامج "الغذاء والدواء الدولية" سيئة الصيت، وتوقفت الخدمات الصحية والعلاج الحكومي، وشل عمل الـمحاكم وكافة الدوائر الحكومية وكل نظام الخدمات تقريبا، وتدهور الأمن وانتشر الفلتان وعمليات خطف الاصدقاء الأجانب الـمخجلة والتصفيات الدموية البشعة والـمخزية الخارجة عن تقاليد وقيم الشعب، وتصاعد العدوان الاسرائيلي ليصبح اسلوبا لخطف حياة البشر وتهديدها. والأخطر من كل ذلك هو توقف العملية التعليمية والتحصيل العلـمي الذي لا تضاهى خسارته بثمن، إن كل يوم يمضي بدون تعليم يشكل هدرا هائلا للـمعرفة وتشويها للعقول وإضرارا بالحالة النفسية والـمعنوية للفئات العمرية الحيوية التي تصنع الـمستقبل. كيف كانت استجابة الحكومة الديمقراطية للأزمة بمختلف عناصرها؟ بررت الحكومة الأزمة بوجود مؤامرة خارجية، وهذا حقيقة من الـمفترض أن لا نختلف حولها، فالحصار الـمحكم تقوده الولايات الـمتحدة وحكومة الاحتلال، وتجيزه الرباعية الدولية وتلتزم به وتفرضه على مجمل الدول بما في ذلك الدول العربية والبنوك والـمصارف ومؤسسات الاستثمار، لكن الحكومة لـم تأت على ذكر الأسباب والذرائع التي سيقت أو استخدمت لفرض الحصار ولـم تتوقف عند سابقة تربع الدولة الـمحتلة الـمعتدية على عرش الشرعية الدولية لـمعاقبة الضحية الـممثلة بالشعب الفلسطيني. كان وما زال يطيب للحكومة الحديث عن مؤامرة وانقلاب وحصار بشكل مجرد وعمومي، لـم تجب الحكومة على سؤال لـماذا يقف النظام العالـمي ضدنا، ولـماذا فسخت العديد من دوله تضامنها وتأييدها التقليدي الدائم للشعب الفلسطيني؟ اكتفت الحكومة بالحديث عن انصياع تلك الدول لاميركا واسرائيل! وهذا لا يجيب على السؤال. لـم تعترف الحكومة بحقيقة تقديمها الذريعة من خلال تغيير قواعد العلاقة مع النظام الدولي بشكل فجائي وانقلابي، وبدون تحضير للبدائل، وداخليا حملت الحكومة الـمسؤولية للـمضربين وللـمعارضة التي بادرت إلى الإضراب، وحاولت الحكومة كسر الإضراب، ولـم تتوقف عند مسؤوليتها أو حصتها من الـمسؤولية جراء تخلخل وارتباك حياة الـمجتمع الفلسطيني، وجراء توقف العملية التعليمية، لـم تحاول الحكومة حل الـمشاكل الـمتعاظمة وخاصة مشكلة التعليم ايجابيا بتأمين رواتب الـمعلـمين عبر تحالفاتها، والاهم أنها لـم تثر هذه الأزمة على أجندتها وعلى الأجندة العربية والعالـمية بمستوى الحد الأدنى، وكان من الـمدهش تعايش الحكومة مع الـمشكلة التي وضعتها خلف ظهرها بدون حل، فبدت وكأنه لا يعنيها تشرد 160 ألف موظف وعامل مع عائلاتهم، ولا يهمها إذا ما بقي الطلبة بدون تعليم لسنة أو أكثر، الـمهم أن تبقى الحكومة في سدة الحكم، ولا يستوقفها الدمار الذي لحق بالاقتصاد الفلسطيني الـمهلهل أصلا، وبدأت تتغنى بصمودها أمام الإضراب والـمضربين وكأن لسان حالها يقول ليذهب هؤلاء إلى الجحيم، وفي أحسن الأحوال لينتظروا الصدقات وإحسان الـمحسنين كمتسولين! هكذا بدت الحكومة حديثة العهد بالسلطة في الاختبار الأول لسلطتها. بدت حكومة لجزء من الشعب وفي مواجهة أجزاء أخرى، ولفصيل واحد يملك موارد خاصة ولا يعيش أزمة اقتصادية، وطالـما أن حزب الحكومة لـم يمس بأذى فإن الوضع العام بخير، وهذا أكبر دليل على وجود إنجازات للحكومة! وما على الـمواطنين إلا أن يحبوا الحكومة ويتغنوا بإنجازاتها الـمتخيلة في الصمود! وبحيلولتها دون "بيع القدس" ودون "تكريس شرعية الاحتلال" مقابل ثمن بخس هو رواتب الـموظفين، وبصمودها البطولي أمام الانقلاب والانقلابيين! إذا لـم تعبأ الحكومة بمصالح الشعب والوطن، ولـم تستجب لحل الأزمات، ولا تتحمل الـمسؤولية في رفع الحصار وإنهاء العزلة، فهل الـمعارضة في هذه الحالة معنية بمفاقمة الأزمة الطاحنة؟ من خلال مواصلة الاضراب التعليمي والصحي والخدمي الذي يدفع الشعب ثمنا باهظا له؟ هل يجوز خوض معركة مفتوحة بلا أفق من كيس الشعب؟ الجواب لا بالتأكيد، وخاصة في ظل نظام مختلط يعطي مسؤولية أولى لـمؤسسة الرئاسة، فالرئاسة معنية بحل الأزمات وفقا لصلاحياتها الدستورية، والرئاسة معنية ومطالبة بوقف الحصار الخارجي ورفض ذرائعه وبايجاد ثغرات في جدرانه كحل أزمة الـمعلـمين والاطباء واستئناف العملية التعليمية وتقديم الخدمات وكل شيء عجزت الحكومة عن تقديمه وحله بالتدريج، وسيسجل كل انجاز وحل تقدمه الرئاسة في رصيدها وفي رصيد الاتجاه السياسي الذي تمثله. ولن تسقط ثمار النجاحات في فم الحكومة العاجزة عن القيام بدورها. لا ينبغي اقتصار الضغط على الحكومة من أجل فك الحصار، فلـماذا لا يتوجه الضغط ايضا إلى الرباعية والدول العربية بصرف النظر عن رفض حماس للاستجابة. قد يقال إن ممارسة الرئاسة للضغط والنقد سيقود في هذه الحالة الى مقاطعة مؤسسة الرئاسة وسيتم إحكام الحصار ليشمل كل شيء. حتى لا يكون هذا الاحتمال وارداً فإن ممارسة الضغط من خلال فتح وفصائل الـمنظمة وكل الجماهير الـمتضررة من الحصار وهي أكثرية الشعب يشكل دعامة كبيرة للرئاسة في مساعيها الدبلوماسية الـمثابرة. لأول مرة تتراجع الحالة الـمعنوية للشعب وتكبح اندفاعته، لاول مرة تصبح الهجرة ملاذا للشباب، لاول مرة تتضعضع وحدته ويغلب التناقض في صفوف الحركة الوطنية على التناقض مع الاحتلال والعدوان الخارجي، لاول مرة يتضعضع التضامن مع نضال شعبنا الذي يتمتع بالعدالة. الخطاب الذي يقدم للشعب خطاب مأزوم يزيد الأزمة اشتعالا، كل واحد معني بإعادة النظر في الشوط الذي قطع، استعدادا لشوط أرحم وأهدأ من أجل صناعة أمل جديد فهذا الشعب يستحق تجديد الامل على أقل تقدير..

mohanned_t@yahoo.com - الأيام 31/10/2006 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required