فقد برزت على الصعيد العربي بشكل عام، وعلى صعيد كل دولة عربية بشكل خاص، مظاهر التوتر وعدم الاستقرار والانقسامات العمودية والأفقية من عرقية إلى طائفية إلى مناطقية مرورا بالاجتماعية والطبقية، ناهيك عن الخلافات العربية العربية التي ترتبت على السياسات المتبعة داخلياً وخارجياً، حيث قادت أولويات السلطات والممارسات الخاطئة من سوء استخدام السلطة إلى انتشار الفساد والمحسوبية إلى التمييز بين المواطنين وغياب الحريات وانعدام قيم العدل والمساواة، والخيارات الذاتية والمتسرعة وغياب المشروع الوطني الجامع إلى تكريس حالة انعدام وزن وعجز عن استعادة الحقوق الوطنية وحماية الأمن والسيادة الوطنيين، وترهل قارب الإنهاك، فغابت، ليس فقط فلسطين والخطر الصهيوني عن أجندة معظم الدول العربية، بل والمستقبل الوطني لكل دولة، وسادت سياسة تمرير الوقت واليوم بيوم، كما يقال. لذا جاء قرار وزراء الخارجية العرب بكسر الحصار المالي على الشعب الفلسطيني متأخرا واضطراريا فرضته التغيرات التي حصلت في المشهد السياسي، من مجزرة الفلسطينيين في بيت حانون والفيتو الأمريكي في مجلس الأمن الدولي إلى قصف المدن والقرى في قطاع غزة والضفة الغربية وقتل المدنيين بالعشرات يوميا، مع ملاحظة أنه جاء بعد اتفاق رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة حماس على حل حكومة حركة حماس وتشكيل حكومة وحدة وطنية، بعد تعذر استمرار هذه الحكومة بسبب الموقفين “الإسرائيلي” والأمريكي منها، وهذا جعل كسر الحصار ممكناً ومقبولاً ولا يثير غضب قوى دولية عارضت حكومة حركة حماس، الولايات المتحدة بشكل خاص، ولا يكلف بالتالي أصحابه شيئاً. الفلسطينيون من جهتهم لم يكونوا أحسن حالاً، حيث استمر الجمود في علاقة القوة بين الفصائل والسلطة التي عانت من حالة رفض متبادل عقّدت الحالة الفلسطينية التي تعاني من نقطة ضعف رئيسية، والمتمثلة في قاعدة العمل على شكل فصائل مستقلة وباستراتيجيات متباينة ، التي حكمت النضال الفلسطيني لعقود، والتي كرستها وعمقتها “الكوتا” السياسية والمالية التي اعتمدتها منظمة التحرير الفلسطينية وأسهمت السلطات العربية في تكريس حالة التساكن والتحاجز الفصائلي ناهيك عن تكريس روح العداء والصدامات الدامية. كما أن قاعدة العمل الفصائلي ألغت فرصة قيام جبهة وطنية موحدة، جبهة فعلية وليست اسمية، ذلك لأن عدم الاتفاق على برنامج وطني عمق الخلافات والانشقاقات الفلسطينية وقلّص شرعية السلطة الفلسطينية الجديدة، وخلق حالة استعصاء سياسي جديد نتيجة تناقض الاستراتيجيات بالإضافة إلى عوامل الفساد والتناقضات العقائدية والسياسية والتعصب الحزبي والفئوي والمناطقي، وعجز السلطة حكومة فتح عن تحقيق البرنامج الوطني: قيام دولة فلسطينية في الضفة والقطاع من جهة، والممارسات غير المسؤولة لبعض الفصائل في تعاطيها مع المصالح الوطنية وارتباطها باستراتيجيات إقليمية من جهة ثانية. كل هذا أعاد الكرة إلى الملعب الفلسطيني وفتح الطريق أمام الحكومات “الإسرائيلية” للتهرب من تنفيذ التزاماتها التي تلزمها بها القرارات الدولية والاتفاقيات التي وقعت عليها مع الطرف الفلسطيني، والتنصل من استحقاقات العملية السياسية بعدم التعاطي مع القيادة الفلسطينية الجديدة على خلفية ذات الذرائع التي استخدمت مع الرئيس ياسر عرفات: جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل، أولوية محاربة “الإرهاب” وتفكيك الفصائل “الإرهابية”. ما نجم عنه العودة إلى المربع الأول من جديد. وقد زاد وصول حركة حماس إلى السلطة عبر انتخابات ديمقراطية من تعقيد الوضع الفلسطيني وتعميق المأزق الذي تواجهه القوى السياسية الفلسطينية. فحماس التي لا تقبل منطق التسوية السياسية قبلت الدخول في العملية الانتخابية والتنافس على إدارة مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية التي أفرزتها هذه العملية، والتي لا تستطيع الخروج على منطقها أو الفكاك من قيودها من داخل آلياتها، فوضعت السلطة والشعب الفلسطينيين في قلب العاصفة. وزاد الوضع سوءا انزلاق حركتي فتح وحماس نحو المواجهة المسلحة على خلفية التباين السياسي والتنظيمي. لذا فإن التوصل إلى اتفاق بشأن حكومة وحدة وطنية لن ينهي المشكلة إلا في جزيئية رفع الحصار المالي والسياسي عن الحكومة الفلسطينية، ما يستدعي اعتبار حكومة الوحدة الوطنية فرصة للتهدئة والتقاط الأنفاس والانطلاق لتحقيق إجماع وطني جديد عبر فتح حوار واسع مع القوى السياسية والاجتماعية الفلسطينية في الوطن والشتات، لوضع برنامج وطني يستجيب لآمال ومطالب الشعب الفلسطيني ويأخذ مخاوفه في الاعتبار بحيث يتعزز الاجتماع الفلسطيني وتتعزز الوحدة الوطنية، بما يسمح باستئناف المشروع الوطني بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وفق مقتضيات الشرعية الدولية. واعتماد آلية لحل المشكلات بالعودة وباستمرار إلى الشعب الفلسطيني في تحديد الاتجاه والأساليب والوسائل المناسبة، والتوقف عن التحدث باسمه أو فرض الخيارات عليه بذرائع عقائدية أو نضالية أو تاريخية، وإلا فإن المأزق الراهن سيبقى ويزداد خطورة ومأساوية. - الخليج الاماراتية 16/11/2006 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|