السؤال الذي يطرح نفسه، ما هو مستوى جدية هذه الـمبادرات مجتمعة ومنفردة؟ لاول مرة تعجز كل الـمبادرات عن صنع أوهام جديدة لدى الأكثرية الساحقة من الناس. الجميع تقريبا يقابل الـمبادرات بنوع من الفتور والتندر بعد أن اصبحت لا تعني شيئا. لـم لا فخبرة الـمبادرات السابقة تقول: إن تلك الـمبادرات لـم تنبع من حاجة الشعوب للحل بل اخترعت لتمويه سياسة الحرب والعدوان وتبرير انخراط بعض الحكومات فيها. ولهذا السبب سرعان ما انتهت وظيفتها ووضعت على الرف وداخل الادراج وانتهت من حيث بدأت. هكذا كان حال رؤية بوش للدولتين، والـمؤتمر الدولي لتوني بلير، وخطة خارطة الطريق، والـمبادرة العربية للسلام، ومن قبلها أفكار لجنة ميتشيل الدولية. لـم تبذل اية جهود تذكر لتطبيق اي من الـمبادرات، ولـم يلق شارون اية معارضة وهو يستبدل خارطة الطريق بخطة الفصل العنصري من طرف واحد، بل حظي بتأييد وحفاوة منقطعة النظير وتحول الى بطل للسلام! فلـماذا يصدق الناس الـمبادرات الجديدة إذا؟. الشعب الفلسطيني بحاجة الى مبادرة دولية تنطلق من مصلحته الحقيقية في انهاء الاحتلال الذي سيتم عامه الاربعين بعد شهور، يريد ان يفلت من قبضة أمنية لا تسمح له بتطور طبيعي في كل الـمجالات. يريد ان يتخلص من الاستفراد الاسرائيلي الذي يحاول أن يفرض شروطه بلا رحمة، ويرغب حقا مشاركة الاخرين لانتزاع حقوقه التي أقرها الـمجتمع الدولي وقراراته. هذه الـمرة لا يطمح أن يقدم له جوز فارغ أو مبادرة جديدة فاقدة للحياة، فهل يكون حال مبادرات اليوم كما هو حال مبادرات الأمس؟ وما هي الـمبادرة الأكثر جدية وتملك قدرة على النجاح؟ تصعب الثقة بالـمبادرة الأميركية الجديدة وخاصة في عهد إدارة الرئيس بوش الابن، الـمبادرات والضمانات والوساطة (النزيهة) وكل شيء أميركي بدأ يخضع لقانون التعلـم الشرطي (علـم النفس) لدى الشعوب العربية. اي ان الـمواقف الاميركية ما عادت قابلة للتصديق بعد مسلسل الوعود والـمشاريع والـمواقف التي كانت طحنا بلا طحين. كل موقف أميركي غير قابل للتصديق ما لـم يثبت العكس. وأغلب الظن أن هدف الـمبادرة الأميركية الإسرائيلية الان هو إفشال مبادرات أخرى، هذا ما يقوله الناس علنا في هذه الأيام، وهذا ما يقوله مسؤولون إسرائيليون ايضا. الجديد الذي يستحق الفحص والتدقيق التقدير القائل: "انه يحدث خطرا فوريا وشديدا بكل الـمصالح الاميركية في الـمنطقة "وان الإدارة" بحاجة الى خطوة كبيرة تغير الاتجاه". الـمقصود بالخطر هو ايران التي تلتقي سياستها ومواقفها مع احساس الشعوب العربية بالخذلان والـمهانة من السياسة الاميركية الـمتبعة. هل تقايض الولايات الـمتحدة الآن خسارة مصالحها بإنهاء الاحتلالات؟ الجواب، لا ما لـم يحدث شيء آخر. ليس هذا وحسب يكفي أن يكون الـمسؤول والحزب مرفوضا من واشنطن واسرائيل حتى تزداد شعبيته مهما كانت سياسته متشددة او حتى حمقاء. وبهذه السياسة غيرت الولايات الـمتحدة الـمنطقة وحولتها الى منطقة معادية لها ولـمصالحها. الـمبادرة الاسرائيلية دائما وأبدا هدفها الاعتراض على مبادرات أخرى وتعطيلها أو استبدالها بمبادرة خاصة بها، وللحكومات الاسرائيلية باع طويل في تعطيل وشطب الـمبادرات، رؤية بوش وخارطة الطريق والـمبادرة العربية وقرارات الامم الـمتحدة، حتى الاتفاقات التي تكون قد أبرمتها فإنها تتفنن في تحطيم مضمونها وتخريبها، كاتفاق خروج منظمة التحرير من لبنان واتفاق أوسلو ومبادرة جنيف. اسرائيل أقوى بلد بلا منازع في مجال تخريب الـمبادرات السياسية وفي مجال إفشال الـمفاوضات خاصة عندما تكون ثنائية. ولهذا السبب فإنها تقوم بمفاوضات من طرف واحد وتقدم حلولا أحادية وتقرر مصير شعب آخر من طرفها ومن وجهة نظرها! انها دولة فريدة من نوعها في العالـم! ولإنها كذلك، فقد وضعت نفسها فوق القانون بدعم أميركا وإدارتها (الغراء). الـمبادرة الأوروبية غير الـمكتملة تختلف بعض الشيء عن الـمبادرتين الاميركية والاسرائيلية وهي تملك اساسا للانطلاق إذا لـم تنتكس في اللحظة الأخيرة كما درجت عليه العادة في التعاطي الاوروبي مع القضية الفلسطينية. الـمبادرة تنطلق من قناعة أوروبية مفادها بـ "ان السلام والاستقرار والامن في الشرق الاوسط يؤدي الى سلام واستقرار وامن على الـمستوى العالـمي"، وان "حل الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي ينزع أهم ذريعة يستخدمها الـمتطرفون". هذا الكلام ليس جديدا في اللغة الأوروبية، وهو بالتالي لا يكفي ونحن بصدد الحديث عن مبادرة سياسية بديلة تعوض التهاون الاوروبي في التعاطي مع خارطة الطريق. منذ سنوات ألحق الـموقف الأوروبي بالسياسة الاميركية في قضية حساسة سجلت فيها الـمجموعة الأوروبية تمايزا ايجابيا، نجح في إكسابها مكانة مميزة لدى الشعب الفلسطيني وشعوب عربية أخرى. لكن السياسة الاوروبية انتكست بعد تفجيرات 11 ايلول وتدهورت حتى كادت تتطابق مع السياسة الاميركية. والسؤال الـمطروح بقوة هل تفك السياسة الأوروبية الارتباط مع السياسة الآميركية. ثمة ما يبعث على الاعتقاد بأن الأوروبيين بصدد مراجعة مواقفهم. وتحويل الـمبادرة في كانون الأول الى مبادرة متكاملة لـملء الفراغ الذي احدثته السياسة الاميركية. يبدو ان الأوروبيين بدؤوا بنقد سياستهم الشرق أوسطية، هذا ما عبر عنه البحث الذي أعده "فرانسوا بورغا" بناء على طلب لجنة الشؤون الخارجية في البرلـمان الأوروبي، بعنوان "خيبة أمل العرب في الاتحاد الأوروبي كبديل للولايات الـمتحدة". كان البحث الذي نشر في "الايام" يوم 19 الجاري جريئا في تشخيص ونقد السياسة الأوروبية، بدءا بنقد الصمت على العنف وإلغاء العملية الانتخابية في الجزائر. والكيل بمكيالين في الصراع العربي الإسرائيلي "تزمت مع فلسطين" و"تسامح كبير مع اسرائيل". وانسحاب الـمراقبين الاوروبيين من سجن اريحا تمهيدا لاقتحامه. ووقف الـمساعدات التي تقدم لخزينة الحكومة الفلسطينية والـمشاركة في فرض حصار كامل على الشعب الفلسطيني. وموقف الـمطالبة بالافراج عن ثلاثة أسرى اسرائيليين بحماس شديد وعدم التعرض لوجود 005 طفل وامرأة فلسطينية في السجون الإسرائيلية. بدون شك، إن نقد السياسة السابقة يشكل مدخلا سليما للـمبادرة الجديدة. غير أن الـموقف الفلسطيني والسياسة الفلسطينية تشكل العنصر الأهم في إنجاح أو إفشال كل تقدم خارجي. Mohanned_t@yahoo.com - مفتاح 21/11/2006 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|