مفتاح
2025 . السبت 7 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


"من يملك قطرة عشق يهبها للعالم لا يذرف الدموع... بل الشموع".

شادية أبو غزالة

كلما اقترب شهر تشرين الثاني من نهايته، وفي الساعة الثامنة وخمس وعشرين دقيقة، من مساء الثامن والعشرين منه بالتحديد؛ ألحَّت عليَّ ذكرى الصديقة شادية أبو غزالة، التي اختارت هذا اليوم، من العام ألف وثمانمائة وستين؛ لتنثر عطاءها في فضاء الوطن الفلسطيني؛ ولتصبح أول شهيدة عسكرية بعد العام 1967م. وكلما جرى الحديث عن نضال المرأة الفلسطينية، برز اسم شادية؛ ليس لدورها العسكري فحسب؛ بل لدورها النضالي المتكامل؛ حيث لم تفصل يوماً بين تحرير الوطن وتحرير الإنسان، ولم تفصل بين حقول المعرفة المتعددة. آمنت بالعمل الجماعي المنظم، ونبذت الحلول الفردية. آمنت بأهمية الثقافة ودور الفكر، في توجيه العمل المسلح: "لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية"؛ الأمر الذي جعلها تنظِّم عشرات الفتيات والفتيان، من خلال منهج تثقيفي سياسي وعسكري في آن، وتعدّهم لدور ريادي طليعي، حيث العمل المشترك لتحقيق حرية الوطن والمواطن.

تضمَّن البرنامج التثقيفي، دراسة خبرات شعوب العالم في تحقيق الحرية والاستقلال، كما تضمَّن قراءة ومناقشة أمَّهات كتب الأدب العالمي، وركَّز على نضال المرأة ضد الاحتلال، وضد التخلف الاجتماعي. واشتمل على دراسة أساليب "حرب الشعب"، والوقفة أمام العلاقة بين التكتيك والاستراتيجية في نضال الشعوب، من أجل تحررها الوطني.

أدركت الشابة أهمية العلم والمعرفة؛ رغم إصرارها على ترك الدراسة في جامعة عين شمس بالقاهرة؛ إذ كان الأساس هو الإقامة الفاعلة في الوطن؛ لا مغادرة التحصيل العلمي. التحقت بكلية النجاح في نابلس؛ إيماناً منها بضرورة الاتصال المستمر بالمعرفة وبالعلم، والتواصل مع جيلها وأبناء بلدها.

اكتسبت صفاتها القيادية، من خلال عملها الصامت، وصوتها الهادىء، وفكرها الثاقب، وشخصيتها الديمقراطية؛ حيث كانت تحترم الآراء المختلفة، وتناقش رفاقها وأصدقاءها بسعة صدر وحب واحترام، وتحزم عند الضرورة.

ورغم أنها انتمت إلى نتظيم تقدمي طليعي؛ إلاّ أنها لم تكن فئوية؛ الأمر الذي جعلها تتعاون مع غيرها من أبناء التنظيمات المختلفة، ومع المستقلين، خدمة للهدف الفلسطيني المشترك.

*****

احتل الحب مساحة كبيرة في حياة شادية، أحبت عائلتها وأصدقاءها ووطنها، وأحبت أبناء بلدها. عشقت مدينتها نابلس، والبلدة القديمة بالتحديد، وعبَّرت عن هذا الحب وهذا العشق، من خلال التعبير الأدبي. كان آخر ما دوَّنته في دفترها: "كلماتي الحقيقية لم تنتهِ ... كلماتي هي كلمات كل حر وكل مناضل... من يبحث عنها يجدها في حبات المطر... في تدفق الليل... في التربة الخصبة التي أحب... إذا بحثتم عنها ستجدونها في عيون الأبرياء... عيون الأطفال... كل الأطفال في بلادي... إنني واثقة أن هذه الكلمات سوف تجعل البسمة تعلو وجوهكم، وجوه أحبائي ولسوف يسعدني... ويسعدني كثيراً، ولسوف يشقيني بكاؤكم بقدر ما تسعدني ابتسامتكم".

وحاولت شادية التعبير عن مشاعرها من خلال الشعر، فكتبت ما يعبر عن نفسية صافية شفافة، وروحٍ جميلةٍ عاشقةٍ للحرية:

"من أجل الثورة في دمائك والحق يجري سيولاً في أضلعك والصدق والإيمان رمز إخلاصك من أجل الحرية تحيطها بمن حولك والسر يسكن في سرداب أعماقك لأجل روعة الشباب فيك اشتقت لك"

*****

نقرأ من خلال كلمات شادية، حبها الكبير للحياة الكريمة، وعشقها اللامحدود للحرية؛ الأمر الذي يفسِّر الغامض، والمحيِّر، حول احتفاء المرأة الفلسطينية بالشهادة، رغم عشقها للحياة؛ منذ استشهاد فاطمة غزال العام 1936م، وهي تقاوم مع الثوار، في معركة وادي عزون، حتى شهيدات انتفاضة الأقصى العام 2000م، اللواتي ضحَّين بحياتهن من أجل حياة أفضل، ومن أجل قيمة القيم في حياة الإنسان في كل زمان ومكان: الحرية.

*****

شادية، كم نفتقدك! حين تذكر الصداقة المخلصة؛ يذكرك أصدقاؤك، وحين تذكر الفتيات البارات؛ تذكرك عائلتك. وحين تذكر الإرادة الصلبة والتخطيط والعمل الدؤوب؛ يذكرك تنظيمك، وحيث تكون النساء اللواتي حفرن موقعاً مميزاً في ذاكرة الشعب الفلسطيني الجماعية؛ تكونين.

faihaab@gmail.com - مفتاح 27/11/2006 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required