منذ ذلك الحين حدثت تطورات هائلة وسارت الرياح على عكس ما تمناه الفلسطينيون وما تعهد الاشقاء العرب بالقيام به من اجل حماية عروبة فلسطين واحباط المشاريع اليهودية المعلنة. فبعد اقل من عام واحد على صدور القرار انسحبت بريطانيا من فلسطين وسلمت معسكراتها وقواعدها العسكرية لليهود الذين اعلنوا على الفور يوم 15 ايار 1948 عن قيام اسرائيل ولم يكتف زعماء اسرائيل بالحدود التي نص عليها قرار التقسيم بل توسعوا حتى احتلوا معظم اراضي فلسطين الانتدابية وذلك خلال الحرب العربية - الاسرائيلية الاولى التي انتهت بنكبة فلسطين الكبرى وتشريد ثلاثة ارباع مليون فلسطيني بعيدا عن بيوتهم ومدنهم وقراهم دون ان يفارقهم او يفارق ابناءهم واحفادهم حتى يومنا هذا حلم العودة وفقا لقرارات الشرعية الدولية، بل وحتى وفقا لما ورد في وعد بلفور المشؤوم حول حماية حقوق الطوائف الاخرى عند اقامة الدولة اليهودية. وفي العام 1967 استكملت اسرائيل احتلال فلسطين التاريخية باجمعها وخيم الاحتلال العسكري الاستيطاني على الضفة والقطاع وبدأت مصادرات الاراضي واقامة المستوطنات وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه الوطنية والانسانية وما تزال الممارسات الاسرائيلية التعسفية مستمرة وما تزال عملية السلام مجمدة والهيمنة الاسرائيلية على مقدرات الشعب الفلسطيني وموارده وعلى الحاضر الفلسطيني مستمرة بالرغم من المبادرات السلمية المتعددة واتفاقات السلام المرحلية وملاحقها والنداءات الصادرة عن الاسرة الدولية التي تطالب اسرائيل بوضع حد لهذه السياسة المتناقضة مع مرجعيات الشرعية الدولية ومواثيق حقوق الانسان والقيم الحضارية والاخلاقية السائدة في هذا العصر. والدرس الذي لا بد من الاستفادة منه في هذه الذكرى هو ان التشبث بالمطلق ومحاولة انجاز ما يتعارض مع الامكانات ويتخطى خطوط الواقع يمثل نهجا كارثيا في المنطق السياسي العقلاني - ذلك المنطق الذي يتحرك انطلاقا مما هو ممكن ويستثمر معطيات الواقع للوصول الى مراحل متقدمة من الثوابت الاستراتيجية وبكلمات اوضح فان رفض قرار التقسيم كان خطأ تاريخيا فادحا يتحمل العرب بمن فيهم الفلسطينيون المسؤولية عنه لأن ما هو معروض عليهم حاليا اقل بكثير مما اعطاهم اياه قرار التقسيم: فما هو برسم التفاوض حاليا يتعلق بنسبة معينة من اصل 22% من ارض فلسطين التاريخية في الوقت الذي عرض قرار التقسيم عليهم 47% من ارض فلسطين عدا عن مشاركتهم في ادارة القدس ضمن سلطتها الدولية. واذا كانت الثوابت مقدسة فان السؤال الذي يطرح نفسه هو عن تحديد هذه الثوابت في ظل الانحياز الدولي لاسرائيل والضعف والتخاذل العربيين امام الاملاءات الاجنبية الضاغطة. والمهم ان يتم التحرك الفلسطيني والعربي نحو انجاز هذه الثوابت مستمرا دون توقف لأن العراقيل والرفض المتواصل للطروحات الدولية لا تعمل لصالح القضية الفلسطينية التي يكاد العالم ينساها او يشعر بالملل ازاءها والفلسطينيون بحاجة الى دفعة نحو الامام بعد التراجعات المتلاحقة لقضيتهم منذ قرار التقسيم عام 1947 وحتى الآن. جريدة القدس (29/11/2006).
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|