كان من الممكن أن نذْكر تاريخ التاسع من ديسمبر/ كانون الأول، من دون الحاجة إلى التذكير بما يحمله من ذكرى، لأن بين الذكر والتذكير فرق يوازي ضياع الدلالة والدروس وهيبة المناسبة. الذكر يتعلق بيوم من شتاء عام ،1987 أما التذكير فبالانتفاضة الفلسطينية الكبرى التي تدخل اليوم ذكراها التاسعة عشرة، من دون أن يكون للدماء التي سالت في ذروة توهجها معنى يوازي الثمن.
بعد تسعة عشر عاما على الانتفاضة الأطول في التاريخ، نفاوض الآن على فتح معبر رفح، ونوسط العالم لدى “إسرائيل” كي تسمح بعلاج طفل لا علاج له في المستشفيات الفلسطينية. الدولة المستقلة كانت قبل تسعة عشر عاما “على مرمى حجر”، والآن ندق أبواب العالم كي يوقف طوفان الاستيطان وأفعى الجدار. عام 1988 أعلنا وثيقة الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود ،67 وفي 28 سبتمبر/ أيلول ،2000 احتاج الشعب الفلسطيني لانتفاضة ثانية حملت في عامها الثاني اجتياحا “إسرائيليا” للمناطق التي صنفها “أوسلو” على أنها لتصبح المطالبة انسحاباً إلى حدود 28 سبتمبر/ أيلول.
لماذا يتقزّم الحلم الفلسطيني بالتدريج؟ ولماذا يهبط سقف الأهداف؟ الإجابة لا تتسع لها هذه المقالة، لكن الأمر يحتاج لمراجعة موضوعية تتناول العوامل الذاتية كأساس ثم العوامل الموضوعية، مع دراسة تجارب على علاقة وثيقة مع التجربة الفلسطينية وتشترك معها في مساحات مهمة. هل نتجاهل دلالات انتصار المقاومة اللبنانية عام 2000 وتمكنها من كنس الاحتلال عن الجنوب، في حين لم تنجح المفاوضات اللبنانية “الاسرائيلية” في ذلك طيلة عشر سنوات “منذ مؤتمر مدريد 1990”؟ وهل نتجاهل الدرس الكبير لانتصار المقاومة اللبنانية وقلبها النابض حزب الله على “إسرائيل” في الحرب الأخيرة؟ الأمر يتعلق بالعامل الذاتي، لأن الطرف الآخر في الصراع هو “إسرائيل” في الحالتين.
وفي العامل الموضوعي، العنصر الأبرز والأهم هو الآليات السياسية في البحث عن الحل، حيث نقلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ملف القضية من الأمم المتحدة إلى الولايات المتحدة، وقد أثبتت التجربة أن من يريد تخريب ملف وتبديد حق وتضييع أمل، فليسلّمه للولايات المتحدة. ولا ندري إن كان على كل شعب لكي يقتنع بذلك، أن يخوض تجربة العراق بكل مآسيها، أو إن كان عليه أن يلقي بالا ولو بشكل سريع على شعوب في أمريكا اللاتينية، تنهض مثل طوفان رفع الأيادي على مدرجات كرة القدم. لم يلجأ دانيال أورتيغا لأمريكا لكي يعود إلى السلطة التي ظفر بها عبر صناديق الاقتراع، ولم تنجح كل تهويلات أمريكا في زعزعة ثورة كاسترو، أو منع هوغو شافيز من مواصلة مشروعه الثوري والظفر بثقة شعبه، الثقة الأهم والأقدس من كل ثقة تتكرم بها وزارة خارجية أو سفارة، أو أي بيت سياسي مهما كان لونه.
- مفتاح 9/12/2006 -
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|