مفتاح
2025 . الجمعة 6 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


لا اعرف بالضبط ما هي المحطة الفلسطينية الاولى التي ينبغي لي البدء في قراءتها واستيداع ملامحها في هذا المقال، ولا اعرف ايضا ان بامكاني ان اضطلع بهذه المهمة التي كانت محطا لانظار الكثير من المهتمين بالشأن الفلسطيني في الداخل والخارج، وبنفس القدر فانني لا اعرف ان كنت املك من التجربة والخبرة ما يؤهلني لان اخوض في قراءة نقدية تقصفت على اعتابها الكثير من الاقلام التي حاولت مرارا وتكرارا العمل على صياغة بعض المفاهيم النقدية الخاصة بالشأن الفلسطيني على كافة مستوياته التاريخية والنضالية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والتنموية والاستراتيجية وما رافق ذلك من تحديات هي في حقيقتها مطاولة لحجم الجبال التي تتعالى في شهوقها الان لتكسر كثيرا من الاعناق التي تتطلع الى السير في شعابها ووديانها، على كثرتها وشدة تعقيدها، ومع علمي واعترافي المسبق بصعوبة المهمة، بل وباستحالة الالمام بكنه حيثياتها في كثير من الاحيان، فما بالنا في مقال صغير محصور المساحة والكلمات، فليس من السهل الزعم او الادعاء بقدرته على تطويق الحدث الفلسطيني المتراكم عبر عقود طويلة من الزمن، مع ما لهذه العقود من مخاضات عسيرة لا زالت تدمدم على ايامنا وميقاتنا الحالي بكل تفاصيلها البارزة أو المختفية بين السطور.

الا انني ساحاول ان اقدم عرضا قد يكون مشتتا او مبعثرا من حيث الترتيب الزمني، أو متناثرا ممزقا بين مختلف الفواصل الوصفية، الا من امل لا يفقد ابدا من مساهمة هنا، او مساهمة هناك في التنقيب والبحث والقاء الضوء او بقعة من الضوء على مجمل المسيرة التي منيت حتى الان بنكبات ونكسات وكوارث سابقة وحالّة في مجمل الحالة الفلسطينية التي اصبح التأقيت عنصر الديمومة فيها، لا شيء ثابت الا الحلول المؤقتة والاقتراحات الاكثر تأقيتا، وما ينطبق في الحقيقة على التنظيمات الفلسطينية ينطبق على الانسان الفلسطيني، وما ينطبق على كليهما فانه ينطبق بالقطع على الرؤية الفلسطينية لكافة عناصر الصراع الداخلي والخارجي، فداخليا ما بين الكل الفلسطيني في دواخله والياته، وخارجيا ما بين هذا الكل وعلاقاته الاضطهادية مع الاحتلال والمتذبذبة المريضة مع الدول العربية، والخائفة المترددة الفجة مع الدول الاخرى، سواء في الفلك الاوروبي او الاسيوي او غير ذلك من المجالات الحيوية المتعددة التي قد تدخل فيها الهند والصين من جهة، ودول امريكا اللاتينية من جهة اخرى، ان اخضاع الحالة الفلسطينية الى نوع من المحاكمة الذاتية الداخلية عبر تاريخها المعاصر يؤكد وبلا اي مشاكسات كلامية او اعتباطات لفظية بأن الفلسطينيين لم يضعوا في حسبانهم ابدا ارساء القواعد الاستراتيجية لبناء الاسس الصحيحة التي تقوم عليها وتنطلق منها السياسات الفلسطينية في شتى الاتجاهات بطريقة المراجعة النقدية الدائمة لمختلف المراحل التي مرت بها التجربة التي تناقضت مع ذاتها في كثير من الاحيان، مما افقدها الكثير من الابعاد الوطنية ( واقصد هنا انحراف البوصلة عن تغذية المصلحة الوطنية العليا)، واتجاهها الى مسارات بديلة تغذي الكيانات الحزبية التي تم بناؤها وتصميمها بطريقة اقل ما يقال فيها بانها اهتمت بالشؤون الذاتية التي تقدم الخاص على العام، والذي جاء انحرافا فعليا وعملا تناقضيا مع مختلف الشعارات المعلنة التي تسلحت بها كافة المنظمات الفلسطينية التي اكدت من خلالها على سمو العام على الخاص مهما كانت قداسته الحزبية والتنظيمية. فوجدنا بان كل التنظيمات الفلسطينية وان وجدت في اطار عام شكلي تمثيلي رسمي ( منظمة التحرير الفلسطينية) قد نسجت علاقاتها الخاصة والعربية والدولية بعيدا عن هذا لكيان الذي يفترض به من الناحية العملية القيام بواجبات الدولة المؤسسية والمؤطرة لكافة الجهود والمساعي الفلسطينية في البناء والتحرير، فلا تجد فصيلا ليس له ممثلين خاصين ورسميين في الكثير من الدول، فللجبهة الشعبية ممثليها ولفتح ممثليها وللديمقراطية ممثليها وللصاعقة ممثليها وكذلك الامر بالنسبة لجبهة التحرير العربية وغيرها، وهذا ما كان مع الجهاد الاسلامي وحركة حماس بعد انطلاقتهما بعيدا عن منظمة التحرير، في تكرار شبه حرفي لما قامت به الفصائل التي تشكلت منها منظمة التحرير، وللحقيقة والامانة التاريخية فقد كان لهذا دوره في اضعاف الدور التمثيلي المؤسسي والرسمي لمنظمة التحرير لكونها الاطار الكياني الفلسطيني المفترض و الموحد للفلسطينيين حول العالم. وحيث لا مكان للنقاش الموسع في هذا المقال الا من باب الاضاءات العامة والسريعة فاننا نلفت انتباه القاريء الى ما الت اليه منظمة التحرير الفلسطينية من تآكل وضعف وانكفاء مسنود بجبال من التشكيك في احقية تمثيلها الرسمي للفلسطينيين حتى في الداخل الفلسطيني نفسه ( شخصيا اميل الى القول بضعف الدور التمثيلي الرسمي والشعبي للمنظمة في هذه الفترة وليس تلاشيه او انكاره)، وعلى كل حال فقد كان ذلك نتاجا طبيعيا مغرقا في المنطقية بالنظر الى الغياب الكلي للرؤية التقييمية الناقدة لمسيرة المنظمة على امتداد اربعة عقود تقريبا. وبالانتقال المنطقي الى الادوار الفلسطينية المفترضة على الصعيد الرسمي فقد كان لافتا غياب البرامج الفلسطينية لدى كل الفصائل ( باستثناء التنظير والبرامج النظرية )، التي تعنى وتلقي بالا الى بناء الفلسطيني كمقوم انساني ومؤسس ومنفذ لكافة البرامج الوطنية في الداخل والخارج، فلا نستطيع ان نقول ان الفلسطيني الفرد كانسان قد حظي بذلك الاهتمام والرعاية الحقيقية ليكون انسانا صامدا ومقاوما من الطراز الاول، مع الغياب الفعلي للمفهوم الحقيقي للمقاومة التي لا تفترض ان تكون البندقية عنوانها الاول والاخير، مع اهميتها وضرورة وجودها في الاجواء والظروف المناسبة التي اعتقد انها خلت من التجربة الفلسطينية على مستوى كافة الفصائل والمؤسسات الفلسطينية التي اضطلعت في الكثير من المهام على المستوى البنائي الداخلي ومثلها في النسيج العلائقي مع العالم الخارجي الذي يكثر فيه الفلسطينيون الذين لا حول لهم ولا قوة في التاثير على مجريات الكثير من الامور التي ابقتهم رهنا للمزاجيات السياسية الخاضعة لرضى هذه الدولة او تلك او مزاجية هذا النظام او ذاك، لم تعط اي من البرامج الحزبية والفصائلية ايا من مجهوداتها لبناء الهيكلية الانسانية التنموية الفاعلة في المجال الانساني، لتنهض بالانسان الفلسطيني ككيان مؤثر وفاعل في المحيط والبيئة التي يعيش فيها، سواء اكان لاجئا مشتتا، او مواطنا رابضا على ارضه، قلما تجد ملامحا لاستراتيجية فلسطينية رسمية او اهلية موحدة ( هناك بعض الجهود المشتتة التي ماتت في مهدها) تصر على رفع كفاءة الفرد الفلسطيني ووعيه الوطني بعيدا عن التجاذب الحزبي الذي نعيش نتوءاته السلبية ونتائجه المحبطة في الاراضي الفلسطينية الان، فعبر المسيرة الفلسطينية لا يمكنك ان تجد تلك الخطوط العامة الواضحة التي تتحدث قولا وفعلا عن بناء الانسان المقاوم بدون بندقية، من خلال رفع سويته او اهليته العلمية لبناء الاقتصاد المقاوم ولبناء الاعلام المقاوم ولبناء التعليم المقاوم ولبناء العقل المقاوم ومن ثم بناء الكيان المقاوم، فنجد الغياب الكلي لثقافة الانسان الفلسطيني التعبوية في مقاطعة منتجات المحتل كسلاح قد يكون امضى وانجع من بنادق المقاتلين في كثير من الاحيان، ونجد غياب تربية الفرد على دعم اقتصاده الوطني البديل عن التسول والعمل في بناء المستوطنات الاحتلالية، وكثيرة هي الامثلة على هجر الارض وتركها نهبا للاستيطان والمستوطنين ومن ثم العمل في حقولهم ومساكنهم اما كبنائين مخلصين او خدما ينتظرون اليومية من سيد كسول يبتذل حتى خدمتهم المخلصة له، نعم، لم اسمع في حياتي ( غير الشعارات طبعا) عن توجه رسمي فلسطيني من اي كان يهدف الى تطوير الاراضي الفلسطينية المتروكة ودعم مالكيها وفالحيها للتمسك فيها وجعلها عنوانا من عناوين الصمود والمقاومة الذاتية لاماد طويلة لا يحتاج فيها الفلسطيني كما الان الى الندب على اطلال العمل في اسرائيل او سعيا وراء تصريح عمل باقل الشروط الانسانية او حتى الوطنية في بعض الاحيان، او بالمحصلة منتظرا لحنان الدول المانحة التي تهب ما تشاء وتقتر كما تشاء، الا من زيت او طحين كنا اولى الناس بانتاجه دون حاجة الى التسول والانتظار. وفي حقيقة الامر هناك الكثير مما يقال في هذا المجال، فحتى في البرامج الاكاديمية التي تتبناها مدارسنا واكاديمياتنا على اختلاف مستوياتها لم نجد يوما ذلك التخطيط الاستراتيجي الذي يركز على بناء الانسان المقاوم بعلمه، المفيد لوطنه، فاسواق العمل الان متخمة بحملة الشهادات الاكاديمية المتوسطة والاولى والعليا دون فائدة ترجى او تذكر نظرا لانعدام التخطيط الاستراتيجي في بناء الانسان الفلسطيني من الناحية الاكاديمية التي يمكن الاستفادة منها في البناء الاستراتيجي كشكل من اشكال المقاومة ايضا، ومع انعدام الرؤية النقدية الشاملة لذلك بين مرحلة واخرى، وجدنا ان الالاف من حملة الشهادات الجامعية بمختلف المستويات والتخصصات ينضمون سنويا الى جيش البطالة الممتد عبر سنين ممتدة اخذة بالتعقيد يوما اثر يوم. لم تقم اي جهة كانت وبشكل يحمل ايا من ملامح الشمولية النقدية والتقييمية باعداد البرامج المطلوبة عمليا في بناء الوعي الانساني الفلسطيني ليكون خادما لوطنه وشعبه عبر عشرات السنين وكأن الوقت لدينا لم يعد شيئا غير التشدق بالشعارات والخطابات الرنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وما ينطبق على قضية البناء الانساني ينطبق على الكيفية التي بنى فيها الفلسطينيون علاقاتهم مع الآخرين، فقد كانت البرامج الحزبية والفصائلية تقوم على استراتيجية حادة متطرفة في بناء العلاقات الفلسطينية والنظر اليها اما من خلال الذوبان الكلي والشامل في شخصيات بعض الدول والانظمة، بما يعقبه من تبعية كاملة تلغي الحضور الفلسطيني واما عدائية واضحة تغلق متنفسا من متنفسات القضية الفلسطينية في بعض الاحيان، وللاسف لان كل ذلك مرتبط بمزاجيات حزبية برامجية خاصة تحكمها الاجندات التنظيمية لهذا الحزب او ذاك، وبالتالي الانقسام على الذات الفلسطينية ذات الشخصية الواحدة والتمثيل الموحد الذي لا غبار عليه ولا تشكيك فيه.

نعم. ان انتقالنا الى نقاش الاستراتيجيات الفلسطينية في قضايا الاعلام ووسائله المختلفة، يجعلنا نخطيء النهج الاعلامي الفلسطيني منذ بداياته الى وقتنا الحاضر، هذا ان سمحنا لانفسنا بالادعاء بوجود نهج اعلامي فلسطيني، قبل مجيء السلطة وبعد مجيئها، وبعد انهيارها شبه التام، وما بين ذلك من ترهات وتفاصيل تربك جهابذة التقييم الاعلامي وتضعهم في زوايا الحيرة، وللحقيقة المرة فان هذا ما ينسحب على كافة الاطر الفصائلية الفلسطينية التي اعتنت فقط بالاعداد المتميز لاعلامها الحزبي الذي يوظف الان بطريقة مخزية في المواجهة بين الاطراف الفلسطينية المختلفة والمتقابلة بطريقة تضع مئات من علامات الاستفهام عن الفائدة في الحديث عن الاعلام الفلسطيني، ان سمحنا لانفسنا كما قلت ان نقول بان هناك اعلاما فلسطينيا، وهنا فلا بد من الاشارة والتساؤل عن الاعلام الفلسطيني الخارجي، الاعلام الذي يفترض انه يسوق القضية الفلسطينية وتفاصيل المعاناة المترتبة على محاولات شطبها من قبل الطرف المحتل، والله انه لمن المؤسف ان تجد الكثير من الناس في اوروبا او في امريكا او حتى في اسيا لا يعرفون اين هي فلسطين حتى الان، وان عرفوا فانهم لا يعرفون عن معاناة اهلها وسكانها لا من قريب ولا من بعيد، واحيانا عليك ان تشير لهم باسرائيل حتى يتنبهوا الى ان هناك شعبا يصدر الارهابيين ويهدد وجود دولة اليهود، هذه هي الحقيقة، فبالله عليكم، هل نظر احدهم وقال: لنقف على الحقيقة ونقيم بطريقة ناقدة اداءنا الاعلامي، لنستفيد يا اخي من تجربة الجيران الذين يملأون الدنيا صراخا وعويلا من الفلسطينيين والعرب، حتى اشتهرنا بفضلهم كشعب ارهابي يستحق العقاب واكثر من العقاب. اليس هو ذنب اعلامنا وادواتنا الاعلامية، اين غابت الرؤية النقدية الشاملة عبر عشرات السنين؟؟ سؤال ايضا برسم الاجابة، مع انها معروفة لدى الكثير من خبراء وفناني السياسة والتنظير.

استراتيجيات المقاومة، هل هناك استراتيجية للمقاومة، هل حمت المقاومة مناضليها، هل كرست القدسية المطلوبة لاسراها، للمتضررين منها، ام انه ليس هناك اي نوع من الاليات نستطيع ان نطلق عليه مقاومة؟؟؟ وحتى ابدد الكثير مما يفهمه الناس عادة من مفهوم المقاومة، فانني اقول ان تربية الابناء وتعليمهم مقاومة، تأهيل المتعلمين وتدريبهم مقاومة، فتح افاق الابداع والمساهمة الحقيقية مقاومة، توزيع الادوار مقاومة، احترام الاخر مقاومة، بناء المنظومة الاخلاقية مقاومة، بناء الذات المستقلة مقاومة، بناء الكرامة الوطنية او ترميمها مقاومة، مثال قد يكون قريبا او بعيدا عما نخوض به الان، كم من مرب او خبير أو مسؤول تربوي سأل نفسه بطريقة نقدية، لماذا لا يستطيع معظم ابنائنا وطلابنا بمختلف مستوياتهم ان يتحدثوا الانجليزية على الرغم من السنين الطويلة التي يمضونها في دراسة هذه اللغة؟ الم يسأل احدهم سؤال لماذا يكرهون هذه اللغة، كيف يمكن ان تتطور، او كيف يمكن ان نعيد تقييم منهجية التدريس فيها لتحسين مستوى طلابنا وبالتالي رفع سويتهم العملية والاكاديمية في هذه اللغة عسى ان تفتح لهم المزيد من الافاق، هذا على الرغم من المناهج الثقيلة الوزن التي يخال المرء الغريب عنا بانها تخلق لنا سنويا عباقرة في اللغة الانجليزية. هو مثال، ولكن اؤكد ان هناك المئات والالاف من الامثلة التي لا نستطيع الاحاطة بها في هذا المقال، ولكن كان من الملفت والمثير حقيقة ان الفلسطينيين لا زالوا يفكرون بطريقة عرجاء قاصرة تخلو من الاتزان، ومن قال بغير ذلك، فعليه ان يرى الواقع الفلسطيني المهشم، حتى اولئك القائلين بثقافة السلام او ثقافة البندقية، وهناك فرق كبير بين ثقافة البندقية وبين ثقافة المقاومة، وفرق كبير طبعا بين ثقافة السلام وثقافة الاستسلام، فليحدثني احدهم عن الافق الفلسطيني في استخدام البندقية، أو فليتبرع احدهم في سرد خططه واستراتيجياته عن الافاق الفلسطينية في انتهاج وتبني السلام والمسالمة وبرامجها التي تكاد تكون معدومة الأسس والقواعد والأركان، ولا أقول طبعا بعبثية اي منهما (البندقية والسلام)، لان الإعلام كما أسلفت سلاح ومقاومة من طراز رفيع، ولان تسليح الناس بعوامل الارتباط بالارض سلاح ومقاومة ايضا، ولان حماية الابناء من الاعتقال أهم بكثير من تعليمهم على استخدام البنادق والمتفجرات، اياكم ان يظن احد ان هناك مقارنة بين الفلسطينيين والفيتناميين كما دأب البعض على الترويج عبر السنوات الخادعات والخداعات، واياكم ان يهب احدهم الان ليستحضر لنا وصفة حزب الله في لبنان، او الوصفة الجزائرية او غيرها، طبعا الكثيرون فعلوا وسيفعلون، ببساطة لان التقييم والرؤية النقدية الموضوعية غائبة، لقد نجح الفيتناميون والجزائريون وحزب الله من بعدهم مع نوع من الخصوصية واختلاف الدرجة، في بناء المفاهيم الاستراتيجية العميقة التي حولت شعوبهم الى شعوب مقاومة، تخسر الكثير لتربح أكثر وتخسر الأشخاص لتربح العموم، مع استراتيجية الحفاظ عليهم بطريقة تحافظ على ديمومتهم كسلاح مبدأي يعتلي أهم الأولويات فتستخدم البندقية لتبني ما يقابلها من اهداف وادوات سياسية، فنجحوا في تقييم مسيرتهم ما بين حين وحين، متى يفاوضون ومن ولماذا؟ نجحوا في تسيير شعوبهم الى ادوارها، الزارع في زرعه والطالب في مدرسته او جامعته والمقاتل في خندقه، ومن ثم الوطن والشعب الى خندق المقاومة المتسلحة بالعلم كسلاح وبالاقتصاد المستقل كسلاح وبالبندقية الواعية كسلاح. ان غياب الرؤية النقدية ايضا، ادى الى ما الت اليه الامور التي نعيش مساوئها اليوم، لا يبرزن احد ويقول اننا شعب صغير ولن نعيش بدون مساعدات خارجية، واقول حتى في تلك، فاننا لم نحسن التعاطي معها، بل ارتكبنا الكثير من الخطايا في استخدامها، لست من المتحمسين للقول: باننا سرقنا واختلسنا وبذرنا، ولكنني مصر على القول بأننا أخفقنا في جعلها عنصرا من عناصر الاعتماد على الذات، لان المساعدة المادية كما هو معروف للجميع تمنح الانسان والشعوب بعض الفرص لتقوية الذات الا نحن، فقد كانت لاضعاف الذات والتمرد على مقوماتها ورفع كفاءتها. ان غياب الرؤية النقدية أيضا، غيب وعينا الامني، امننا الاجتماعي، امننا الاقتصادي، امننا المالي، امننا السياسي، غيب قدرتنا على تحصين الذات، بدءً من عدم الاكتراث بأمن وسلامة ابنائنا الذين قضوا تحت التراب، او حتى لا زالوا يقبعون في السجون والمعتقلات الذين يهدرون شهريا عشرات السنين في مقارنة ومقاربة بسيطة في إحصاء لما أمضاه الكثير من الفلسطينيين ولا زالوا، الم يكن جزءً من الإخفاق في استراتيجيتنا الامنية اقتصاديا واجتماعيا وماليا وعلميا وثقافيا وسياسيا وبالتالي حضاريا؟ انه قمة الاخفاق، فكم منهم وقع ولا زال ضحية لمحتل لا يرحم نتيجة ضعف في الاستراتيجيات الامنية التي حرمتنا من قادة وعمالقة وطنيين احتجناهم ولا زلنا بين شعبهم، ماذا لو حافظنا عليهم بعيدين عن بطش الاحتلال ومصائبه ومخططاته في قتل الروح الفلسطينية على كافة الاصعدة، في المصانع والمزارع والمدارس والجامعات والمواقع القيادية، واعرف ان هناك من يقول بانه جزء مهم من التضحيات التي يتحتم على الشعوب المناضلة ان تدفعها، وابادر الى التصديق على ذلك القول، مع تذكيري بان التضحية ليست بدفع الناس الى الموت او الى الاعتقال، حتى لو اختاروا ذلك طائعين مختارين، فالانتاجية التي قد يحرم منها المجتمع الفلسطيني هي من اكبر التضحيات التي قد يقدمها معتقل او سجين يمضي سنوات طويلة في الاسر، وقد كان بامكاننا ان نلافيه ذلك، فتصوروا الاثار المترتبة على غياب الالاف خلف القضبان اجتماعيا واسريا، اقتصاديا وماليا، علميا وثقافيا، ان نظرة تقييمية عاقلة وهادئة ومتزنة تقودنا الى الاعتراف بحاجتنا الى هؤلاء الاسرى بيننا اكثر من حاجتنا لهم خلف القضبان، لا اريد ان افصل اكثر من ذلك حتى لا اقع فريسة لبعض المنظرين او المتشدقين الذين يحرثون الارض والبحر بالسنتهم دون ان يقدموا شيئا لادراكي بان الكثيرين يدركون اهمية ما أقول. فإنني لم أتطرق إلى موضوع القدس واستراتجيات حمايتها الغائبة والمفقودة على الرغم من أهميتها القصوى بالنسبة للفلسطينيين وكيانهم واستقلالهم المستقبلي، ولا زال هناك الكثير مما يقال في موضوع الاستيطان ومقاومته، والكثير الكثير في شأن الحفاظ على موروثات الهوية الفلسطينية التي تتعرض لمزيد من التشويه والقضم وغير ذلك من الأمور التي تحتاج إلى العديد من المؤلفات والمقالات وأوراق العمل والأبحاث مما قد يقال فيه الكثير.

في الحقيقة اجدني بحاجة الى الكثير من الشروحات والتفصيلات، ولكن المجال يضيق مع صفحات قليلة في مقال قد لا يتسع الى المزيد، ولكن اذكر بان حياد الفلسطينيين جميعهم بلا استثناء عن اتباع الناقدين المنتشرين في كل انحاء الوطن وخصوصا الاكاديميين منهم والذين يحمل العديد منهم الكثير من الرؤى النقدية الموضوعية البناءة والصادقة وغيرهم طبعا، سيؤدي بالفلسطينيين الى مزيد من الغرق في مستنقع اللافهم واللاوعي لما يجري بهم وبينهم وحولهم او في محيطهم، وطالما غابت استراتيجية الرؤية الناقدة طالما بقينا تحت رحمة الارتجال والتفسخ واخذ الخواطر الشخصية الذي يعني المزيد من الضياع والغربة مع الذات. نعم اننا بحاجة فعلية الى اعادة تقييم التجربة الفلسطينية برمتها، من ألفها الى يائها، صحيح انني لم أسأل الكثير من الاسئلة، ولكن صدقوني باننا بحاجة الى توجيه الكثير من الاسئلة القاسية الى انفسنا والى ذات تجربتنا، لان الاجابة على معظمها قد يكون فيه تقييم نافع وعلاج ناجع للكثير من الاخفاقات والسقطات والجروح التي المت بنا وخصوصا في الفترة الاخيرة التي ضاع فيها مفهوم الولاء لمسيرة الوطن. - مفتاح 22/1/2007 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required