ماذا يعني حصار المنازل وقصفها، وماذا يعني الاختطاف المتبادَل واحتجاز الأبرياء كرهائن.. وماذا يعني إطلاق النار على الأغلبية الصامتة، عندما تهبّ بأجسادها العارية لفك هذا الاقتتال المجرم؟! ما يحدث في غزة وتتأثر به الضفة الغربية، ما هو إلاّ خنجر يطعننا في الصميم.. يدمي القلوب.. ولا تسمع من المواطن المغلوب على أمره، سوى تمتمات اللّعنة على هذا الزمن الرديء.. هذا الزمن الذي أصبح فيه دم الإنسان أرخص من "الفجل".. في الوقت الذي يقول لنا فيه، الرسول (ص)، أن هدم الكعبة أهون على الله من سفك دم امرئ مسلم.. ويتم سفك الدم بذريعة وبتغطية دينية، فنحن نسيء لهذا الدين العظيم، ونخرجه من إطاره الإنساني، الى إطار دموي.. وهو لم يكن كذلك. لا نملك في هذه الأيام، الملعونة، سوى أن نبكي غزة، لأننا خذلناها جميعاً، تركناها وحيدة في مهبِّ العواصف.. لم نخف على عذريتها من الوحوش الآدمية.. الذين يغتصبونها مرّة تلو الأخرى.. أمام أعيننا جميعاً.. وهم يقولون مَن منكم يستطيع أن يقول: كفى؟!! آهٍ يا جرح غزة الدّامي.. زيارتي الأخيرة لك قبل 21 عاماً.. كانت لزرقة البحر وما يثيره من بهجة في النفس.. يومها كان للسمك طعم آخر، ولعبير البرتقال شذى لا يمكن نسيانه. آهٍ يا غزة... عندما كنّا نتوجه إليك من محطة المصرارة في القدس، بعد المغرب.. وسائق سيارة الأجرة يترك العنان لصوت "أم كلثوم" وهي تصدح بثورة الشك.. وتؤكد: "هل خنت؟!".. غزة، جميعاً شاركنا في خيانتك.. خيانتنا لك سوّغناها مرّة باسم الدين، ومرّة أخرى باسم الوطنية، ومرّة باسم الفقراء، ومرّة باسم الفساد، ومرّة باسم العائدين، ومرّة ومرّة.. كلنا خائنون.. فلماذا صمتِّ على أولادك الجبناء ولم تلتهميهم وهم صغار، كالقطّة المتوحشة؟!! غزة، أتخيلك اليوم، كالجميلة والوحش.. فبعد أن أحرقوا وجهك بـ"ماء النار"، لا أرغب في النظر إليك.. وأحاول أن أبقيكِ فقط في المخيّلة.. وأتذكر آخر موجة انكسرت على شواطئك الذهبية، قبل أن يكسروك بفئويتهم وضلالهم.. غزة، أين جلساتك الجميلة في ساعات الليل، بساحات المنازل، وعلى الرمل أو الحصير.. أين الضحكات العالية.. والأيدي تتناول ورق اللعب.. أين رائحة الشواء.. وأين النظرات المختلسة الى صبيّة جميلة تمرّ بجوار دواوين الشباب؟!!.. غزة، أعود ليوم زفاف حلمت فيه أنك ستكونين بمثابة سنغافورة أخرى، أو باريس أخرى، ولكنهم قطعوا لحمك حيّة، فأصبح جسدك كشوارع مقديشو!!!!! جريدة الأيام (01/27/2007). اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|