فالملاحظ بأنه وعلى مدى السنوات الاربع الماضية إنفرط ما أطلق عليه بوش "التحالف الدولي" فلم يبقى منه سوى بضعة آلاف مع تعثر إنتهاء "المهمة" التي تبجح بوش بالاعلان عنها في مايو 2003 وإن إستمرت الادارة الامريكية بالحديث عن شرق أوسط آخر أخذ من التسميات ما أخذ ، إرتكازا على إستراتيجية اليمين المتطرف في أمريكا والذي أراد أن يقدم لنا العراق أنموذجا للاحتذاء به وذلك قبل أن تكتمل صورة الدولة العراقية التي إنهارت تماما وحل محلها أشد أنواع الفوضى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والاخذ بخيار تأجيج الحرب الاهلية الداخلية للامساك بالمبادرة التي تبين أنها تعاني من فشل ذريع غير قادر على إقناع شعب المنطقة ولا بأية طريقة بأن ذلك النوذج يمكن أن يكون صالحا لدول المنطقة.. القراءة المتأنية للعمل الامريكي الدؤوب على مدى سنوات الاحتلال في العراق تثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن العجز عن تقديم أي نموذج صالح للتطبيق في المنطقة لم يمنع الادارة اليمينية من الدخول في صراعات داخلية شكلت وضوحا لصورة بوش الذي يعاند الحقائق والوقائع التي كانت تحذر من الغرق في مستنقع العراق والعجز عن إيجاد ما أطلق عليه في سيدني نائبه ديك تشيني "خروجا مشرفا" ! حاول بوش وإدارته المتغطرسة البحث عن سياسة إملاءات على دول المنطقة إنطلاقا من غطرسة الوجود العسكري في المنطقة وخلق منظومة أُطلق عليها "محور عربي معتدل" يتصف بالتبعية والقبول بالقراءة غير المنطقية لسير الاحداث في هذه المنطقة ، وإن وجدت لها بعض الاذن الصاغية عند بعض ما يطلق عليه "قوى الاعتدال" التي وجدت نفسها متورطة في سياسة التآمر على بعض الدول العربية والطرف الفلسطيني والتدخل الفظ في القضية اللبنانية الداخلية من عوكر لتعميق حالة التجاذبات السياسية نحو تجاذبات طائفية مشحونة تهدف لتحقيق ما لم يستطع العدوان الصهيوني تحقيقه في عدوان تموز العام الماضي... يلاحظ المراقب أنه ومع تعمق الازمة العسكرية والسياسية للمشروع الامريكي الفاشل يقوم برمي التهم على دول معينة محيطة بالعراق كمحاولة للايحاء بأن ما تعانيه أمريكا في المستنقع العراقي إنما يتحمل مسؤوليته أطراف خارجية... فسوريا نالت نصيبها من الادعاءات الامريكية أكثر من أي طرف آخر في المنطقة وكأن مسؤولية مواجهة الاحتلال غير نابعة من إنتماء وطني عراقي خالص... ناهيك عن الخطاب المأزوم السياسي الطائفي الذي بات يتسيد المشهد العراقي والمحرض أحيانا على العرب وسوريا تحديدا.. بإختصار نحن أمام بداية فصل آخر من فصول إنهيار الاستراتيجية الامريكية المعلنة في العراق وفي المنطقة، فإعلان دول حليفة وقريبة جدا للادارة الامريكية عن بدء الانسحاب وإبداء أخرى لفعل ذات الشيء ليس له سوى دلالة واحدة تتحدث عن ذاتها، فتلك الدول تدرك أن "معركة الحرية" بائت بالفشل الذريع ولا يمكن تسويق النموذج العراقي لشعوب المنطقة... وإذا ما أخذنا الجدل الامريكي الداخلي ، إلى جانب صمود دول الاقليم الرافضة للاملاءات الامريكية، الذي بات يحدث شرخا حقيقيا في جدار الكذبة التي يسوقها بوش للحصول على المزيد من التمويل لحشد قوات إضافية وهو لا يعني سوى أن بداية الهروب الامريكي من العراق باتت مسألة وقت تحت ضربات المقاومة العراقية والانفصام بين من يحكم في المنطقة الخضراء والواقع العراقي الذي يشعر بالكثير من المرارة لما آلت إليه أوضاع بلده... ربما تكون أمريكا، المشرع والمنفذ، قد وصلت إلى حقيقة كان يدركها منذ البداية من قرأ الاستراتيجية الامريكية على حقيقتها بدون كل تلك المساحيق الشعاراتية بأن هذه المنطقة وبالرغم من الكثير من المعاناة الواضحة على مستويات وصعد مختلفة لا تستسيغ كل هذه الازدواجية التي تمارسها الادارة الامريكية مع قضايا المنطقة... وبالرغم من أننا أمام مشهد إنحسار للاستراتيجية الامريكية في العراق إلا أنه لا يمكن إستبعاد أن تقدم الادارة الامريكية على خطوات تصعيدية غبية في المنطقة للتغطية على خسارتها وفضيحتها السياسية والعسكرية وذلك من خلال البعض " العربي" في دول الاقليم ... وبالرغم من ذلك فإن أية حماقة أمريكية أخرى لن يكون مفعولها سوى تعزيز حالة الهزيمة للاستراتيجية الامريكية ... إلا إذا أدرك المشرع هناك بأنه ثمة حاجة لتغيير كل الاستراتيجية في المنطقة والاقلاع عن إستغباء الشعوب والدول وإحتقار عقلها ووعيها... لكن يقينا يمكن قراءة الحالة الامريكية بأنها في طريقها نحو هزيمة قد تكون أقسى وأشد وقعا من هزيمة فيتنام... فالخروج "المشرف" الذي قاله تشيني لا يعني سوى بداية صغيرة في شرخ كبير في حائط الاستراتيجية الفاشلة التي ظلت تتنفس تنفسا إصطناعيا إلى أن تغيرت القراءات والحسابات بناءا على واقع غير واقع إخفاء الحقيقة الذي مارسه بوش فورط أمريكا أكثر فأكثر في وحل المنطقة إنطلاقا من العراق ورعب جيشه العربي الذي ظل وفيا في تجميل الصورة إلى حد تحول الصورة الى صورة أكثر تشويها لامريكا ذاتها وليس لمن يقول لا لهذا المشروع الامريكي المنهزم! - مفتاح 24/2/2007 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|