قبل اتفاق مكة، كنا نسمع الأمريكيين و”الإسرائيليين”، بل والأوروبيين، يقولون: قبل أن يتفق الفلسطينيون على موقف موحد، لا يمكن استئناف مفاوضات عملية السلام، وهم الفلسطينيون مسؤولون عن تعثر المفاوضات وتوقف عملية السلام! وعندما يختلف الفلسطينيون ينحاز الأمريكيون و”الإسرائيليون” إلى طرف معين لتوسيع شقة الخلاف بين الفلسطينيين، وعندما يتقاتلون يعلن الأمريكيون و”الإسرائيليون” أنه لا يجب التدخل في شأن فلسطيني داخلي ! أما إذا فاز في الانتخابات طرف فلسطيني لا يرضون عنه يتنكرون لما يختاره الفلسطينيون، ويصبح التدخل في الشؤون الفلسطينية واجباً تفرضه مواجهة المتطرفين الذين يهددون عملية السلام. بعد اتفاق مكة، لم يعجب الأمريكيين و”الإسرائيليين” أن يتفق الفلسطينيون، ولم يعد مطلوبا أن يتفقوا، فعاد أولئك إلى معزوفة الشروط، شروط الرباعية مضافا إليها شروط أولمرت الخاصة! وفي اللقاء الثلاثي الذي جمع بين محمود عباس وإيهود أولمرت برعاية كوندوليزا رايس، ظهر جليا أن اللعبة مستمرة كما كانت دائما: ضغط على الفلسطينيين، ثم ضحك عليهم، ثم لا شيء ! لكن اتفاق مكة عوم اللعبة وأضاف إليها أطرافا جديدة، ومع أن قواعد اللعبة لم تتغير من حيث الجوهر إلا أن السؤال اصبح ملتبسا بعض الشيء.. من يضحك على من؟ من اللقاء الثلاثي سربت المصادر “الإسرائيلية” أجزاء من أقوال أولمرت وعباس، على ما يبدو لم يكن مقررا أن تكون للنشر، وقد يكون تسريبها مقصودا، أجزاء تكشف الكذب وأحد مصادر الالتباس الذي أقصده. فقد خاطب أولمرت عباس قائلا: “لقد خنتني باتفاقك مع حماس”! فرد عباس: “وأنت لم تعطني شيئا ولم تف بشيء من تعهداتك”! وعزا عزام الأحمد، أحد المحاورين في مكة ورئيس كتلة (فتح) في المجلس التشريعي، ما وصف بأنه فشل اللقاء الثلاثي، إلى أن اللقاء “أفرغ من مضمونه بعد أن تحول إلى بحث في اتفاق مكة بدلا من البحث في تحريك عملية السلام”! أما (حماس) فقالت على لسان إسماعيل هنية: “على الإدارة الأمريكية أن تعرف أنه بعد اتفاق مكة أصبح الموقف الفلسطيني موحدا، وأصبح هناك برنامج سياسي وحكومة وحدة وطنية فلسطينية”... وهذا ما عزز الالتباس، بل ما جعل موقف (حماس) ربما هو الموقف الوحيد الملتبس، خصوصا بعد أن أعلن محمد دحلان أنه “سيبذل كل ما في جهده لتطبيق اتفاق مكة”! لماذا موقف (حماس) ملتبس؟ حتى الآن أصبح من المؤكد أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة الجهاد الإسلامي لن تشاركا في الحكومة التي يعمل هنية على تشكيلها، فكيف يمكن أن تكون “حكومة الوحدة الوطنية”، وكيف يكون صحيحا أن تقول (حماس) على لسان أحد ناطقيها: إن “كل مكونات الشعب الفلسطيني أيدت اتفاق مكة”؟ لقد أصبح معروفا ومتفقا عليه بين كل “مكونات” الشعب الفلسطيني أن أهم ما انطوى عليه اتفاق مكة يتمثل في وقف الاقتتال الداخلي، الذي ربما كان وسيلة للوصول إلى الاتفاق. لكن الولايات المتحدة و”إسرائيل” لم تقبلا بالاتفاق ولم تغيرا شيئا من شروطهما للاعتراف والتعامل مع الحكومة المنتظرة التي تتأسس عليه، وبالتالي فمن المنتظر أن لا تحمل هذه الحكومة أي جديد على صعيد فك الحصار المفروض على الشعب والحكومة المستقيلة والذي كان هدف الاتفاق. وعليه فإن “الهدنة” أو الانفراج الأمني الذي تحقق قد ينهار مجددا ويعود الجميع إلى ما كان عليه الوضع قبل الاتفاق، إلا إذا كان البرنامج السياسي للحركتين الكبريين قد أصبح واحدا بالفعل، كما قال هنية. وإذا تأكد هذا القول نكون قد خرجنا من منطقة الالتباس ومن منطقة الشك والتساؤل إلى منطقة اليقين بأن الضغط الأمريكي و”الإسرائيلي” قد أعطى أكله.. ولا حول ولا قوة إلا بالله! - الخليج الاماراتية 24/2/2007 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|