مفتاح
2025 . الأحد 1 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


أعلن في مطلع شهر مارس/آذار 2007 أن الإدارة الأمريكية وافقت على عقد مؤتمر في بغداد في العاشر من الشهر عينه في بغداد يضم الولايات المتحدة الأمريكية والدول المجاورة للعراق الذبيح بما فيها سوريا وإيران، وهما من الدول التي كانت وزيرة الخارجية الأمريكية تسميها من محور الشر وكانت الإدارة الأمريكية تمارس القطيعة التامة مع كليهما. وترافق هذا الخبر وإيفاد مرسل أمريكي إلى سوريا بذريعة متابعة وضع النازحين العراقيين اللاجئين إلى سوريا. فاعتبر هذان التطوران حدثاً مفصلياً في مسار أزمة المنطقة المحتدمة.

وطرح السؤال: فيما لو أدى هذا التطور المهم إلى انفراج ما في العراق، فهل ستقتصر مفاعيله على العراق أم أنها ستنعكس إيجاباً على الوضع في بؤرتي التوتر الأخريين في المنطقة، لبنان وفلسطين.

بداية لا بد من الإجابة عن تساؤل بديهي هو: هل يشكل القرار الأمريكي تحولاً حقيقياً في استراتيجية أمريكا في المنطقة؟ في رؤيتنا أن القرار لا يشكل تحولاً حقيقياً، بل مجرد تبدل في السياسة الظرفية الأمريكية ناجم عن ضغط يمارسه الحزب الديمقراطي المعارض، ومعه نفر من الحزب الجمهوري الذي يتزعمه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، في تجاه تغيير جذري في سياسة الإدارة الأمريكية في العراق بعد أن سجل الحزب الديمقراطي انتصاراً على الحزب الجمهوري في الانتخابات النيابية الأخيرة على خلفية الفشل الذي منيت به السياسة الأمريكية في العراق بالذات منذ الاحتلال.

المعروف أن الاستراتيجية الأمريكية والاستراتيجية “الإسرائيلية” حيال المنطقة متطابقتان. و”إسرائيل” لم تغيّر أو تعدل استراتيجيتها، بل إنها ساكتة عن التغيير الأمريكي مراعاة لموقف الرئيس بوش الذي يتعرض لضغط داخلي شديد من جانب المعارضة الأمريكية. وكما لا موجب ل”إسرائيل” لتبديل استراتيجيتها في لبنان، فإنه لا موجب لأي تغيير في استراتيجية أمريكا في لبنان، فالضغط الداخلي على الرئاسة الأمريكية لا يشمل السياسة الأمريكية في لبنان.

ثم إن الإدارة الأمريكية، كما نردد القول، لا تريد شيئاً من لبنان وإنما تريد الكثير الكثير عبر لبنان. فالشاهد على أن أمريكا لا تريد شيئاً من لبنان هو امتداح الإدارة الأمريكية للوضع في لبنان بالإشادة بالحريات فيه وبالممارسة الديمقراطية وبالحكومة المنتخبة ديمقراطياً بحسب الزعم الأمريكي. أما كونها تريد الشيء الكثير عبر لبنان فيتجلى في استخدام لبنان مسرحاً لممارسة ضغوطها على سائر قوى المنطقة، وخاصة الفلسطينيين والسوريين والإيرانيين وسواهم. والإدارة الأمريكية غير مضطرة للتخلي عن هذا الدور المشؤوم الذي ناطته بلبنان.

لذا القول إن أي انفراج قد يطرأ على الوضع العراقي، وهذا ما يتمناه كل عربي، قد لا ينعكس إيجاباً على الوضع المتأزم في لبنان في وقت قريب.

ثم كيف يمكن أن ينعكس أي تطور إيجابي في العراق على الوضع في فلسطين؟ سؤال قد يستثير كثيراً من علامات الاستفهام. هنا أيضاً يجب القول أن لا الإدارة الأمريكية ولا “إسرائيل” تتعرضان لأية ضغوط أمريكية داخلية لتغيير سياستهما في فلسطين، بخلاف العراق. لذا لا يتوقع أي تغيير ملموس على هذا الصعيد.

ثم إن التذكير بأن لا فارق، ولا حتى في التفاصيل، بين استراتيجية أمريكا واستراتيجية “إسرائيل” حيال المنطقة إنما يستحضر سلبيات “إسرائيل” المطلقة حيال الوضع الفلسطيني والتي لم يطرأ ما يفرض تبديلاً فيها. فالأنظمة العربية في محيط فلسطين تواقة إلى عقد محادثات للتسوية (ما يسمى سلاماً) مع “إسرائيل”، ولكن “إسرائيل” تأبى السير في هذا الطريق. فالرئيس السوري أعرب غير مرة عن استعداد سوريا لاستئناف محادثات “السلام” مع “إسرائيل” من دون شروط مسبقة، وكذلك فعل الرئيس الفلسطيني محمود عباس غير مرة. أما لبنان فكان موضوع التسوية مع “إسرائيل” قضية خلافية لمدة من الزمن إلى أن حسم الموضوع بالتوافق على أن لبنان، كما صرّح يوماً غبطة البطريرك الماروني حاسماً الجدل، لن يكون أول من يوقع، بل آخر من يوقع مع “إسرائيل”. هذا يعني عملياً أن لبنان على استعداد للتوقيع ربما بعد ساعة واحدة من توقيع سوريا. وإذا كان التوقيع مع أي من هذه القوى العربية لم يتم بعد فالفضل في ذلك يعود ليس إلى أي من المسؤولين في الجوار العربي وإنما يعود إلى العدو “الإسرائيلي” الذي لا يجد مصلحة له في أي تسوية أو “سلام”.

“إسرائيل” ما زالت ترفض مشروع خريطة الطريق الذي اعتمدته الرباعية الدولية (أمريكا والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة) مع أنه يبدو في مصلحة “إسرائيل” كلياً. فالمشروع يندرج في ثلاث مراحل: في المرحلة الأولى يفترض في الفلسطيني أن يوقف الانتفاضة وحركة المقاومة والتخلي عن السلاح. وفي المرحلة الثانية جملة تدابير إجرائية. وفي المرحلة النهائية تباشر عملية التفاوض على “السلام”. من الملاحظ أن المفاوض الفلسطيني يمتلك حالياً من أوراق التفاوض واحدة فقط في مقابل كل ما يطالب به من حقوق: إنه يستطيع اليوم أن يقدم ل”إسرائيل” أمنها (وهو الوجه الآخر للمقاومة والانتفاضة ولوجود السلاح في يد الفلسطيني) في مقابل ما يطالب به من استرجاع لأرض محتلة واستعادة القدس العربية والإصرار على حق العودة بموجب القرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة. فإذا أوقف المقاومة وسلم سلاحه في المرحلة الأولى، فإنه سيصل إلى المرحلة الثالثة والأخيرة، مرحلة التفاوض، وليس في يده ورقة تفاوضية يتقدم بها، فينقلب من مفاوض إلى مجرد مستجد. فإذا ما تنازلت “إسرائيل” للفلسطيني عن شيء مما يطالب به فلن يكون ذلك بفضل قوته التفاوضية، بل بفضل “كرم أخلاق” العدو “الإسرائيلي”، من هنا قولنا إن خريطة الطريق هي مشروع استسلام وليس مشروع سلام.

والمشروع الآخر المطروح هو المشروع العربي، الذي أقرته القمة العربية في بيروت عام ،2002 إنه ينص على العودة إلى حدود 1967 وحفظ حق العودة للاجئين كأنما لم تكن ثمة مشكلة مع “إسرائيل” قبل العام 1967. لو كان الأمر كذلك، فعلامَ كانت حرب العام 1967 الكارثية؟ فالمشروع العربي، بهذا المعنى، هو تسوية وليس حلاً جذرياً، أي أنه نصف حل. مع ذلك فإن “إسرائيل” ترفضه.

وفي حال طرح في المفاوضات فسوف تساوم “إسرائيل” على مضمونه حتى تصل بنا إلى تسوية على التسوية، أي إلى نصف النصف، أي ربع الحل، فكيف سيكون ربع الحل مرضياً للشعب العربي عموماً والشعب الفلسطيني خصوصاً؟ كان الطبيعي أن يكون المشروع العربي معبّراً عن أقصى ما تطمح إليه الأمة. حتى إذا ما آلت المفاوضات إلى تنازلات فتسوية فإن الحل يمكن أن يكون شبه مقبول.

نحن من المؤمنين بأن فلسطين هي قضية وجود وليست قضية حدود. إن إرساء مشاريع الحل عربياً ودولياً على تطبيق القرار ،242 أي العودة إلى حدود ،1967 يجعل من فلسطين قضية حدود. أما القرار ،194 الصادر عن الهيئة العامة للأمم المتحدة عام ،1948 والذي تكرر التأكيد عليه بقرارات لاحقة من الهيئة العامة مرات لا تحصى لسنوات وسنوات، فهو الذي يجعل من فلسطين قضية وجود. فإذا حفظ حق العودة لجميع اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وهذا حق من حقوق الإنسان، فلا يعود يهمنا أين ترسم حدود الدولة الفلسطينية كما لا يهمنا موضوع الجدار الفاصل الذي شيّدته “إسرائيل”. العرب ينتصرون عند ذاك على “إسرائيل” عبر القرار 194 ديموغرافياً، أي بضمان طغيان العنصر العربي على تكوين السكان في فلسطين في امتدادها التاريخي.

هذه نظرة استراتيجية من الزاوية العربية، يجب أن تؤخذ بنفس طويل، قد يمتد لأجيال. فالعرب يجب ألا يتخلوا عن مصلحتهم الاستراتيجية، أي مصيرهم، مهما طال الزمن على تحقيق مبتغاهم. ونحن لا نرتجي من التطور المرتقب في العراق تداعيات إيجابية مباشرة على فلسطين بهذا المعنى.

لذلك كله، لا نستبعد أن تقتصر تداعيات السياسة الأمريكية المستجدة في العراق على العراق في شكل أساسي. أما الصراع مع “إسرائيل”، ومن ورائها أمريكا، فيبقى مديداً لا بل مفتوحاً، والصراع لن يكون حروباً تقليدية، ستبقى “إسرائيل” متفوقة فيها بالتكنولوجيا الحربية الأمريكية، بل سيتخذ الصراع شكل المقاومة، التي أظهر العرب قدراتهم فيها، والممانعة والمقاطعة والصمود إلى ما شاء الله.

بناءً على ذلك فإنه يهمنا إحياء مبادرة منبر الوحدة الوطنية (القوة الثالثة) التي طرحنا فيها مقاربة للحل قوامها ثلاث: أولاً، إعلان من رئيس الجمهورية أنه سوف يتعاطى مع الحكومة على أساس أنها في حكم المستقيلة تيسيراً لأمور الناس الحياتية والمعيشية فيتقبل منها تصريف الأعمال في نطاقها الضيق، ريثما يتحقق الحل الجذري للأزمة، ثانياً، استئناف مؤتمر الحوار الوطني، وإنما موسعاً على أن يكون على رأس جدول أعماله موضوعا المحكمة والحكومة ثم سائر القضايا العالقة، وأخيراً دعوة المعارضة إلى سحب المعتصمين من ساحات بيروت وشوارعها من أجل بعث الحياة في الحركة الاقتصادية. هكذا يستطيع اللبناني الصمود حتى التوصل إلى حل جذري للأزمة في كل أبعادها عبر مؤتمر الحوار الوطني مهما طال الزمن. - الخليج الاماراتية 10/3/2007 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required