بيد ان اعتبار تشكيل الحكومة إنجازاَ بحد ذاته ، وكذلك وقف الاقتتال الداخلي الإنجاز التالي ، فإن هناك العديد مما يمكن ان يسجل على هذه الحكومة حتى تتضح صورة الإنجازات الأخرى المتوقعة منها ، خاصة وان سقف التوقعات منها قد يبدو أعلى من إمكانياتها بكثير . فبدأَ من التسمية التي تصر معظم الأطراف المشاركة فيها على تسميتها بحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية ، في حين إنها واقع الحال من التشكيل والتركيب لا تعكس سوى ائتلافاَ برلمانياَ للقوى المشاركة في المجلس التشريعي الفلسطيني، وطبعاَ بصرف النظر عن حجوم ونسب التمثيل للكتل والقوى المشاركة فيها ، وهي بهذا المعنى لا ترتقي لتكون حكومة وحدة وطنية تعبر عن أطياف العمل السياسي والوطني والاجتماعي ، كما كان مقرراَ ومتفقاَ عليه في وثيقة الوفاق الوطني في حزيران العام الماضي ، وهي أيضاَ نتاج للمحاصصة التي تكرست في اتفاق مكة ، هذه المحاصصة التي اختزلت الحوار الوطني، من حوار وطني شامل شاركت فيه القوى والشخصيات ومؤسسات المجتمع المدني والأهلي والقطاع الخاص ، إلى حوار فصائلي في المرحلة الاولى منه ، ومن ثم إلى حوار بين فصيلين اثنين يشكلان الثنائية القطبية امتداَ واقتتالاَ، وفيما بعد حواراَ ثنائيا بين الرئاستين . هذه الحكومة ذات الأغلبية البرلمانية الكاسحة، والتي لا نشكك في شرعيتها ،من ناحية التشكيل ولا من ناحية أحقية القوى المؤتلفة في إطارها في الائتلاف ، إلا إننا ننبه إلى جملة من المخاطر على الحياة السياسية والمجتمعية، وكذلك على ديمقراطية النظام السياسي الفلسطيني ومن أبرزها : - لم يبقى اثر ووزن يذكر لمعارضة برلمانية في المجلس التشريعي الفلسطيني، تقوم بدور المنبه إلى مخاطر التوافق على تمرير قرارات وإجراءات الحكومة ، وبمعنى أدق فإن المجلس التشريعي فقد قدرته الرقابية والمحاسبية على أعمال الحكومة . مما بات يتطلب توليد قوة رقابة شعبية ومعارضة ديمقراطية حقيقة من خارج المجلس لتراقب أعمال المجلس والحكومة معاَ . - المبنى الرئيس لهذه الحكومة قام على أساس المحاصصة بين القطبين الرئيسين ، والمحاولات التجميلية التي جرت، على هذه المحاصصة السياسية ، والتي بلغت الذروة في بعض التعديلات في لعبة الكراس الموسيقية ، لم تنقل المشاركة في الحكومة من مستوى المشاركة إلى مستوى الشراكة الحقيقة ، لكن الأخطر من ذلك ان تنعكس هذه المحاصصة الثنائية على محاولات تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها مما يكرس الطابع الثنائي للنظام السياسي الفلسطيني ، ويضرب أسس تعدديته السياسية والتنظيمية التي ميزته طوال السنوات الماضية أي منذ تشكله من جهة ، ومن جهة أخرى فإنه يضرب أسس تشكل المنظمة كإطار وطني عريض وصيغة جبهة وطنية تنسجم في تركيبتها ومهامها مع طبيعة المرحلة، باعتبارها مرحلة تتداخل فيها استكمال مهام التحرر الوطني ، ومهام البناء الاقتصادي والاجتماعي والديمقراطي . - ان الحكومة الفلسطينية الجديدة ضربت مبدأ الإصلاح الإداري والمالي، ليس من خلال تجسيد المحاصصة السياسية فحسب، وإنما تكريس المحاصصة في الوظيفة العمومية ، عبر ما سمي بلجنة الشراكة السياسية التي انصبت جهودها على حل قضية التعيينات في الحكومة العاشرة والتعيينات الموقوفة من الحكومة التاسعة،وكذلك تكريس حالة التضخم الوظيفي الذي جسدته قرارات الحكومة العاشرة بتعيينات تجاوزت إحدى عشر ألف وظيفة عدى التعيينات على عقود مؤقتة في مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية . وان الحديث عن إصلاح مالي وضبط للنفقات العامة كما يزعم برنامج الحكومة ينبغي ان ينعكس في الموازنة الجديدة للعام الحالي ، ويؤدي إلى ضبط هذا الإنفاق غير المبرر سوى لتسييس الوظيفة العمومية، والتي ضربت مبدأ تكافؤ الفرص ، وكرست المحسوبية السياسية في التوظيف على حساب الكفاءة والتأهيل ، وأنهت قبل ان تبدأ أعمالها مبدأ الشفافية والنزاهة ، والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين . بيد ان تسجيل هذه الملاحظات المبدئية على أسس تشكيلة الحكومة لا يمنع أيضا من وضع بعض المعايير التي على أساسها يتم تقييم عمل هذه الحكومة وإنجازاتها وفقاَ لبرنامجها الذي نالت على أساسه الثقة من المجلس مع الآخذ بعين الاعتبار غياب او تغييب دور المجلس في الرقابة والمساءلة والمحاسبة لعمل هذه الحكومة ومن ابرز هذه المعايير : - نجاح الحكومة الفلسطينية الجديدة وفقاَ لبرنامجها الذي طرحته، هو قدرتها على معالجة الملف الأمني معالجة شاملة من خلال وقف التدهور الحاصل على صعيد تهديد حياة المواطن واستقراره في وطنه ، وسحب الأسلحة غير الشرعية من أيدي المليشيات المحلية والعائلية ، وضمان سيادة القانون ، واستقلال القضاء واحترام وتنفيذ أحكامه، وإصلاح الأجهزة الأمنية ونزع الصفة الحزبية عنها . - نجاح الحكومة في قدرتها على حل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة، والتي تعمقت خلال الحكومة السابقة مستويات الفقر والبطالة، ووصلت لدرجات غير مسبوقة منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية . - نجاح الحكومة في فك العزلة السياسية والحصار المالي والاقتصادي الذي ضرب على الحكومة السابقة ، من خلال التحرك النشط والمبادر لتوظيف المناخات العربية والدولية الجديدة، ومأزق الإدارة الأمريكية في المنطقة وحاجتها إلى إنجاز شيء ملموس على الجبهة الفلسطينية- الإسرائيلية ، لتعزيز قدرتها في مواجهة وحصار إيران وضمان مشروعها الاستعماري في العراق . واستثمار وتوظيف التخلل في جبهة الحصار التي أبدتها بعض الدول الأوروبية . ان الحرص على الوحدة الوطنية الفلسطينية، وعلى التمسك بإنجازات الشعب الفلسطيني التي حققها بنضالاته وتضحياته الجسام، يدفعنا للتأكيد على أهمية الالتزام بمبادىء الديمقراطية، وبالنضال السلمي والديمقراطي بكافة أشكاله ، وإلى الدعوة لتشكيل ائتلاف وطني ديمقراطي عريض لمواجهة مخاطر المحاصصة والتقاسم الوظيفي بالنظام السياسي الفلسطيني ، والى التصدي بالطرق والوسائل الديمقراطية لسياسات الحكومة وإجراءاتها ، ومحاسبتها طبقاَ لبرنامجها الذي طرحته رغم النواقص والثغرات الذي تعتريه . - مفتاح 21/3/2007 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|