مفتاح
2025 . الأحد 1 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


في مقالته الأخيرة، بعنوان إن شاء الله ؛ يطرح الناشط السياسي الإسرائيلي، أوري أفنيري، عدداً من النقاط المهمة، في معرض تعليق لا يخلو من دهاء، علي حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية. فالرجل يُبدي حماسة شديدة، لهذه الحكومة، بل إنه يُبدي حماساً لحماس. وفي هذا السياق، يقول بالقلم العريض: لو لم تكن حماس موجودة، فإنه ينبغي اختراعها. ثم يقول: لو تشكلت حكومة فلسطينية، بدون حماس، فمن الضروري أن نقاطعها، لإجبارها علي أن تضم حماس اليها. ويستطرد قائلاً: وإذا انتهت أية مفاوضات، بالتوصل الي تسوية تاريخية، مع القيادة الفلسطينية؛ يجب أن نضع شرطاً، بأن يكون الاتفاق ممهوراً بتوقيع حماس. ويفسر أفنيري موقفه قائلاً: إن الشعب الفلسطيني، في الأراضي المحتلة، ينقسم تقريباً، بين فتح وحماس، وبالتالي، لا معني للتوقيع علي اتفاق سلام، مع نصف الشعب الفلسطيني، ثم الذهاب الي حرب مع النصف الآخر . وينصح أفنيري، بتوفير عوامل نجاح مثل هذا السيناريو، فيقول: علينا أن نقدم تنازلات حقيقية، من أجل السلام، كأن ننسحب الي حدود أضيق، وأن نُعيد القدس الشرقية الي أصحابها. فهل نفعل ذلك ـ عندما نفعله ـ مقابل اتفاق مع نصف الفلسطينيين، بينما النصف الآخر، لا يقبل ولا يلتزم ولا يوقع؟ إنها قمة الحماقة !

ہ ہ ہ

من قديم، كانت وجهة نظري في آراء أفنيري، أنها تمثل تطرفاً إسرائيلياً، بأدوات ومفردات سياسية متطورة، تتحاشي الإفصاح عن التصلب الأحمق المكشوف، وتتوخي أن تظل إسرائيل موصولة، بعناوين الفكر السياسي الليبرالي، بدل غوصها في ظلاميات اليمين الغبي المأزوم، الحاكم الآن. فأوري أفنيري، الناشط الإسرائيلي تحت عناوين السلام ورمزياته، يريد حركة حماس لكي توقع. بينما حماس تريد أن تحكم دون أن تنخرط في عملية سلمية. وهنا يتبدي مكمن التطرف في آراء أفنيري. فعندما يحين موعد التوقيع الذي يأمله، لن تقتصر مطالبة ناشط السلام علي جلب حماس لكي تضع توقيعها علي الاتفاق، وإنما يريد كذلك، إصدار مذكرة جلب، للفلسطينيين في الخارج، لكي يدخلوا الاتفاق. ويتكثف الخبث السياسي، لدي أفنيري، من خلال تنظيره القوي، لضرورات طيْ صفحة الاقتتال الفصائلي الفلسطيني. فهو يريد أن يكون الفلسطينيون موحدين، لأن التسوية تحتاج الي وحدتهم، مثلما تحتاج الحرب الاضطرارية، بالنسبة لأي شعب، الي الوحدة. لكن الإسرائيليين باتوا علي قناعة، بأن الفلسطينيين والعرب، لا يمكنهم شن الحرب علي الدولة العبرية، مهما شطحت بهم البلاغة وأوهام القوة، وحسبهم أن يتصدوا بالدفاع الباسل، لوقف الحرب التي تشنها دولة الاحتلال!

ہ ہ ہ

في هذا السياق، يرسل أفنيري إشارة خبيثة، يحضُنا من خلالها، علي طيْ صفحة الاقتتال، وفي الوقت نفسه، علي عدم التفكير في الحرب: في مستهل الأربعينيات، كنتم يا أهل فلسطين، أغلبية عددية، مقيمة علي أرضها، لكنها غير موحدة وغير منظمة، وكان المجتمع اليهودي (الاستيطاني) صغيراً، لكنه كان موحداً ومُنظماً. وقد أنشأ هذا المجتمع، قوته العسكرية النظامية، واستعد ليوم النزال المصيري، بينما قيادتكم، كانت خلال السنوات الثلاث لثورة 1936 قد أطاحت بوحدة الموقف الوطني، بسبب التصفيات الجسدية. لقد كانت نكبتكم في العام 1948 هي النتيجة الطبيعية لعنترياتكم الداخلية في الثلاثينيات. وعندما جاء وقت اختبار الوجود، في العام 1948 لم تكن لكم قيادة حاضرة، ولا بوتقة تنصهر فيها، قوة مجتمعكم ووحدته وممانعته، فأكلتم هوا .. بالتعبير الدارج!

لم يقل أفنيري، صراحة، ما ينبغي أن نقوله نحن لأنفسنا: إذا كانت نكبة 48، نتيجة طبيعية، لافتقار الكتلة البشرية الفلسطينية الأكبر، للوحدة وللتنظيم، مقابل كتلة بشرية يهودية، أصغر منها بكثير، لكنها منظمة وموحدة؛ فما الذي نتوقعه، عندما يحرص بعضنا علي الاقتتال، ونحن اليوم، كتلة بشرية فلسطينية أقل حجماً، محاصرة وضعيفة، وبائسة اقتصادياً، وتفتقر الي الوحدة، والي التنظيم، بينما لدي عدونا ـ بالمقابل ـ دولة خطيرة، وكتلة بشرية أكبر، وقوة عسكرية تحاصرنا؟

إن النتيجة التي يريدها أفنيري، وهي التسوية التي يعتبرها مشرفة للطرفين؛ لا تتحقق بغير وحدة الفلسطينيين. وهنا يعطينا الرجل درساً من خلال حقيقة تاريخية، لصالح اليمين الأشد تطرفاً، عندما كان ذلك اليمين، أشد حرصاً علي عدم الاقتتال بين المستوطنين اليهود، فيقول: في أيام كفاح التجمع السكاني اليهودي في فلسطين، ضد النظام الاستعماري البريطاني؛ تجنب اليهود الحرب الأهلية، بفضل موقف شخص واحد فقط، هو مناحيم بيغن، قائد منظمة الأرغون. فقد أمر بيغن، بمنع الحرب بين الأخوة، مهما كان الثمن. وكان دافيد بن غوريون، يريد القضاء علي الأرغون، التي عارضت قيادته وانتقدت سياساته، فأصدر الأوامر لأتباعه في منظمة الهاغناه، بخطف كل من تصل اليه أيديهم، من أعضاء الأرغون، وتسليمهم الي الشرطة البريطانية. وهذه بدورها، كانت تعذبهم وترسلهم الي سجون في خارج البلاد. وعلي الرغم من ذلك، حرّم بيغن علي رجاله استخدام السلاح، حتي للدفاع عن أنفسهم، أمام إخوتهم اليهود !

ہ ہ ہ

معلوم أن الراغبين في استمرار الاقتتال الفلسطيني، لا يعلمون شيئاً ذا قيمة، عن التاريخ، ولا يعرفون في الاستراتيجيا ولا في السياسة، بل هم لا يقرأون طبوغرافيا الأرض التي يقفون عليها. فأبو جلدة، وأبو قتادة، والعَرنيص، وأبو حنفيّة وغيره، يظنون أنهم قد أمسكوا بالمجد من خاصرته، وكل منهم يظن أن لديه ورقة الجوكر المبهرة، التي سيرميها في الوقت المناسب، لينال إعجاب الدنيا. وهؤلاء لا يدرون أن تاريخ أو سجل تراجعات القضية الفلسطينية، تمر بأسماء المصيبة في الأردن، و أبو عريضة في لبنان و أبو شهية في السلطة، ولم تكن لهؤلاء جميعاً، أية مشكلة مع أي عدو، مهما تسربلوا بأثواب الثورية أو الديانة أو الكياسة. وهؤلاء ليسوا من تيارين متعارضين، حتي وإن أوهموا أنفسهم بذلك. إنهم من تيار واحد، هو تيار الاستعراض المريض لأوهام القوة والثأر، ولا علاقة لشيء فكري أو سياسي، بهواجسهم اليومية.

فعلي النافخين في النار، أن يتعظوا، وأن يكفوا عن إحراق الورقة الفلسطينية والمستقبل الفلسطيني. سواء كانوا من فتح أو من حماس . إن علي كل قاتل، أن يمثل أمام العدالة، ليتحفنا بذرائعه، لعله يبهرنا. فلم يعد يهمنا أن نعرف من البادئ، بقدر ما يهمنا أن نؤكد، بأن هؤلاء جميعاً، لا يريدون الصلاة علي النبي، ولا يريدون للناس أن تنجو وأن تلتفت الي مصيرها!

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required