ولعل ذلك هو ما يفسر لنا فشل الجهود الدولية في تحقيق السلام في المنطقة وتسوية الصراع العربي “الإسرائيلي” على الرغم من إبداء الدول العربية استعدادها للاعتراف ب”إسرائيل” وتطبيع العلاقات معها كما جاء في المبادرة العربية، مقابل فقط انسحاب “إسرائيل” من الأراضي التي احتلتها بالقوة، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. ولعل السبب المباشر لفشل هذه الجهود هو أن فلسطين تقع في قلب إحدى أهم المناطق الإستراتيجية في العالم، وهذه المنطقة على مدار تاريخها محكومة بقواعد موازين القوة التي تقودها الآن الولايات المتحدة التي تتماهى استراتيجيتها ومصالحها مع الكيان الصهيوني. ومن العوامل المهمة الأخرى في تفسير فشل الجهود الدولية في تسوية هذا الصراع ارتباط القضية الفلسطينية بالقضايا المحورية في المنطقة، فهي بمثابة القضية المركز لكل القضايا التي تحكم علاقات دول المنطقة بالمجتمع الدولي، كما هو الحال في العراق وقضية الإرهاب الدولي وتنامي القوى الإقليمية كإيران على سبيل المثال. وعليه فإن السلام الذي تحكمه موازين القوى غير المتكافئة وتحكمه القوة العسكرية هو سلام قابل للانهيار، ويمهد لحروب دائمة واذا كانت أطراف النزاع الرئيسية غير قادرة بل عاجزة عن صنع السلام العادل والمتوازن، فالسؤال المهم هو: أين هي المسؤولية الدولية المباشرة في بناء هذا السلام؟ ولا شك أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية مباشرة في فشل المبادرات الدولية التي طرحت مثل خارطة الطريق، إذ على الرغم من تشكيل اللجنة الرباعية الدولية فلايزال موقف هذه اللجنة تحكمه الأبعاد السياسية الأمريكية والتي تحكمها بدورها اعتبارات بعيدة كل البعد عن الإطار العام الذي يحكم عمل هذه اللجنة. فأي مبادرة دولية اذا ما أريد لها النجاح ينبغي أن تنطلق من قاعدة تفاوضية أساسية وهي أن المطلق في المواقف لا يمكن ان يتحقق إلا في حالة واحدة وهي الاستسلام الكامل، ومن حقيقة أن الحسم العسكري لا يمكن أن يحقق أهدافه وخاصة في صراع كالصراع العربي “الإسرائيلي”. لقد فشلت “إسرائيل” على مدار سنوات الصراع على الرغم من قوتها العسكرية المتفوقة، في فرض الأمر الواقع الذي تريده، لذلك لا يعقل أن تؤخذ في الاعتبار مطالب القوى المحتلة ومبرراتها الأمنية على حساب نفي الحقوق الفلسطينية، فأساس التفاوض الناجح هو التوازن في المطالب والحقوق. كل هذه الاعتبارات كانت مغيبة ومستبعدة في التعامل مع القضية الفلسطينية. وإذا كانت الولايات المتحدة حريصة على تسوية سياسية نهائية لهذا الصراع في الفترة المتبقية من إدارة جورج بوش فعليها أن تبدأ العمل لحل النزاع وليس إدارته، والاقتراب من مفهوم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والجهود التي تقوم بها وزيرة الخارجية الأمريكية رايس في هذا الاتجاه تحتاج إلى بيئة سياسية داعمة ومساندة وهذه البيئة يبدو حتى الآن أنها غير متوفرة داخل الولايات المتحدة. فهناك شكوك في قدرة الإدارة الأمريكية على ممارسة ضغوط على “إسرائيل” في الوقت الذي تعاني فيه الحكومة “الإسرائيلية” الحالية من مظاهر الفساد وعدم القدرة على اتخاذ قرارات على مستوى حل الصراع. لكن إذا مارست الولايات المتحدة ضغطاً فعلياً على “إسرائيل” للقبول بالمبادرة العربية التي تقدم فرصة جديدة لبناء السلام في المنطقة، فيمكن التوصل إلى نتائج معقولة على صعيد التسوية، فالولايات المتحدة ليست مجرد دولة راعية بل هي دولة لها مصلحة مباشرة في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وطريقها إلى ذلك هو التعامل مع القضية الفلسطينية بلغة جديدة تعيد التوازن في سياستها للمنطقة واعترافها بأن القضية الفلسطينية هي أساس الأمن والاستقرار في المنطقة. اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|