مفتاح
2025 . السبت 31 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


درجت وسائل الإعلام وكتائب الإعلاميين على سرد مخالفات وانتهاكات قوى الفلتان وهذا شيء إيجابي، لكن العرض يحتاج إلى نقل التوصيف من دائرة العام إلى الخاص، أي تسمية الـمنتهكين والجهات الداعمة والـمؤيدة، ليس هذا فحسب بل إن وظيفة الجانب الـمعرفي هي تحميل الـمرتكبين مسؤولية الـمصيبة التي أحدثوها، وتعريف الـمواطنين بالنتائج الوخيمة التي قد تترتب على تلك الأفعال، وصولاً لبناء رأي عام مناهض وعازل ومطالب بمحاسبة وإخضاع الفاعلين للقانون.

تفريغ الإعلامي لغضبه "فشة غل"، والـمباراة بين الإعلاميين في وصف الأفعال وتعميم الـمسؤولية أو توزيعها على الأطراف، والتنبؤ بفشل كل شيء، كل ذلك يقود إلى مزيد من الإحباط، في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة فيه إلى من يشعل شمعة هنا وأخرى هناك. عملية النقد ضرورية ولا غنى عنها، والناقدون يستحقون التقدير على جرأتهم وتحملهم الـمسؤولية، وثمة أهمية لدخول أعداد جديدة في جبهة النقد وخاصة بعض الـمثقفين والـمبدعين الذين لـم يتدخلوا بعد، أو الذين يعتبرون التدخل في الشأن السياسي منطوياً على دونية. كيف يرتبط التوصيف بالتغيير الإيجابي والحل؟ هذا هو التحدي الأكبر على الجبهة الإعلامية. يجوز الاعتقاد بأن فك الحصار وتوفير الحماية للشعب وفتح الأفق السياسي، هذه الـمهمات الـملحة، ترتبط أكثر من أي وقت مضى بوضع حد للفوضى الأمنية، وبالـمثل فإن ضبط الفلتان سيقوي من عضد حكومة الوحدة وسيكسبها الـمزيد من التأييد الخارجي، والأهم فإنه بالقدر الذي تستطيع معه الحكومة تحقيق الأمان للـمواطن بالقدر الذي تتعزز فيه شرعيتها الداخلية. هكذا وعندما تكون الفوضى الأمنية عائقاً أمام تقدمنا وتماسكنا في مختلف الـمجالات، وعندما تهدد الفوضى حلـمنا ومشروعنا الوطني، فلـماذا لا نتوحد ضدها ونعمل يداً بيد للقضاء عليها قبل أن تقضي علينا.

حسناً فعلت حكومة الوحدة عندما خصصت اجتماعها السابق لنقاش الخطة الأمنية، وكان من الـمفترض أن يتواصل الاجتماع إلى حين اعتماد الخطة الأمنية ونقلها إلى حيز التنفيذ. ثمة تردد في أوساط الحكومة مرده لذلك النوع من الـمفاهيم التي ما زالت تعشعش في عقول قيادات سياسية نافذة. الخلل الأكبر الذي يحتاج إلى تصويب هو الخطاب السياسي الفئوي الذي ما زال سائداً، ذلك الخطاب الذي يرفع من شأن الشك بالشركاء إلى مستوى فقدان الثقة والالتحاق بالخندق الـمعادي. هذا الخطاب الذي ينعكس على وسائل الإعلام ويقود عملياً إلى الصدام لأي سبب.

كيف يمكن بناء ثقة متبادلة وطنياً، والثقة لا يصنعها التخوين والاتهام والتهديد، الثقة يصنعها الاحتكام للـمواطنين والاستعانة بقوتهم على قاعدة الـمواقف العقلانية الواقعية. دون حسم وجود مصلحة وطنية مشتركة لدى القيادات السياسية، وتقديم تلك القناعة في الخطاب التعبوي الداخلي، وفي الخطاب الـموجه للخارج، فإن كل حديث عن حكومة وحدة وطنية لا معنى له، وكل حديث عن خطة أمنية يشبه الـمزاح. وإذا أردنا الحديث بالتخصيص فإن خطاب الرئيس أبو مازن الـموجه داخلياً وخارجياً ــ تعرفت على الخطاب الداخلي من خلال لقائه مع كتاب الرأي ــ يشيع الثقة ومبدأ الشراكة وهو يساهم في تعزيز الثقة. كما أن خطاب رئيس الـمكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الـموجه خارجياً يشيع الثقة والشراكة، لكن خطاب قيادات حماس في الداخل يقدم العكس ومن يتشكك في ذلك عليه مراجعة صحيفة "الرسالة" عدد الخميس 5/4 التي قدمت خطاباً يحوي الاتهام والشك والتهديد والاستعداد لجولة جديدة من الصدام. ثمة علاقة بين الخطاب السياسي والخطاب الإعلامي، وإذا أردنا تصويب العملية فإن التصويب يبدأ من الـمستوى السياسي.

دون تبني الـمستوى السياسي لبرنامج حكومة الوحدة والدفاع عنه وشرحه لقواعد التنظيم وللجمهور وإقناعهم به كقاسم مشترك للجميع، لا يمكن للوحدة ولا لحكومتها الاستمرار، ولا يمكن للخطة الأمنية رؤية النور. إن تبني الرؤية والأهداف الـمشتركة لا يتناقض مع البرنامج الخاص الأكثر تماسكاً، بل يقترب منه ويجعله قابلاً للتطبيق. ولا يمكن تفسير التعارض بين برنامج الوحدة والبرنامج الخاص أو وضع البرنامجين في مواجهة بعضهما البعض، إلا بوجود عدم قناعة بالبرنامج الـمشترك، وبوجود اعتبارات آنية وتكتيكية لقبوله ككسب الوقت مثلاً. لـماذا لا يؤتى على ذكر برنامج الحكومة واتفاق مكة في الخطاب السياسي والإعلامي والديني والتربوي؟ لـماذا لا يتم بناء رأي عام يشكل حماية للوحدة.

الاتفاق على القاسم الوطني الـمشترك (برنامج واحد) لايكون بغير التراجع عن مفاهيم الاستئثار بمركز الـمنظمة والسلطة إلى ما لا نهاية، أو إقصاء طرف والحلول مكانه وعدم الاعتراف بالشراكة مع الآخرين كبارا كانوا أو صغارا. نحن في مرحلة تحرر وطني تتطلب الـمشاركة والتعددية السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية في إطار الوحدة الوطنية. والوحدة الوطنية الراسخة تنطلق دائما وأبدا من استراتيجية وطنية واحدة تحدد اهدافا مشتركة (إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة وحل قضية اللاجئين (قرار194).

في إطار الوحدة وحكومتها يمكن اتخاذ قرار سياسي يقضي بسحب السلاح غير الشرعي، ويلغي ازدواجية السلطة لـمصلحة سلطة واحدة تتم الـمشاركة بها في إطار تنافس ديمقراطي سلـمي. وبعد ذلك يكون من السهل تطبيق القرارات. وفي إطار الوحدة الوطنية الحقيقية وحكومتها تنتفي الحاجة لسباق تسلح محموم هدفه غير الـمعلن حسم السيطرة.

بعد اتخاذ قرار سياسي صريح من السهل وضع خطة أمنية وتطبيقها ومن السهل نشر ثقافة الـمصالحة والشراكة والتسامح والتنافس الـمبدئي. ويستطيع الإعلام أخذ مداه في شرح الرسالة والأهداف وفي الدفاع عن النظام والقانون وحقوق الـمواطن ودعم عملية التغيير الايجابي وإعادة البناء وتصويب الـمسيرة. تجربة جنوب إفريقيا ما بعد نظام الفصل العنصري تجربة رائدة في مجال الـمصالحة الوطنية، لقد دفع النظام الديمقراطي الجديد الى الـمواجهة بين الضحايا ورموز النظام البائد، وفي الـمواجهة كانت تتم الـمحاكمات والتسويات والتسامح. وبهذه الطريقة عزز النظام الديمقراطي مسيرته وصانها من الانتكاس والانهيار. لـماذا لا نستفيد من هذه التجربة الرائدة؟ وخاصة أننا لـم نتحاكم ولـم نتصالح ولـم ننزع فتيل الانفجار.

Mohanned_t@yahoo.com - الأيام 10/4/2007 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required