السجين يغني، السجان لا يستطيع الغناء. السجين يحلـم بالحرية وبلقاء الأحبة، السجان لا يحلـم إلا بكوابيس الرعب. السجين يعشق ويحب الناس، السجان يكره الناس. السجين مناضل من أجل الحرية، السجان قامع وقاتل. من يستطيع أن يكون سجاناً، من يحب أن يكون سجيناً، هذه ليست دعاية لتمجيد السجن، فالسجن نقيض للحرية، وهو يلحق أشد الأذى بالإنسان، وخاصة الـمناضلين الـمفعمين بمشاعر إنسانية أولئك الذين يحبون شعوبهم وأوطانهم ويتفانون من أجل رقع الظلـم والقهر عنهم. السجن السياسي صناعة وعنوان لقوى الطغيان والاستبداد والهيمنة، لذا فإن الشعوب تتوج انتصارها على تلك القوى بإزالة وهدم السجون من سجن الباستيل إلى سجن الخيام وما بينهما. الـمعركة تحسم داخل السجون عبر حرب الإرادات غير الـمعلنة، و هي تقاس بميزان قوى غير تقليدي، فعادة ما يتفوق الـمناضلون إنسانيا وأخلاقيا ومعنويا وسياسيا على جلاديهم ، ولا يمكن للتفوق العسكري والأمني للـمحتلين أن ينسحب على كل الـمجالات وإلا بقي الاحتلال إلى ما لا نهاية. ذات يوم أراد موشي ديان معرفة أسلوب التعامل مع الـمقاومين الفيتناميين كي يحذو حذوه مع الـمقاومين الفلسطينيين، فحضر جلسة تحقيق أميركية مع أحد الـمقاومين وفوجئ عندما اقتصرت إجابة الـمقاوم على إطلاق بصقة في وجه الـمحقق! كان الرد بليغاً إنه التفوق الـمعنوي على الـمعتدي. إذاً، التفوق العسكري يقابله تفوق سياسي ومعنوي، ويتحقق بهذا التوازن بين الاحتلال والشعب الـمحتل ويظل هذا التوازن إلى أن تبطل فاعلية القوة الغاشمة بفعل اتساع جبهة التضامن وتضعضع الجبهة الداخلية للـمعتدين. مناسبة السابع عشر من نيسان (يوم الأسير الفلسطيني) والذكرى الخامسة لاعتقال الـمناضل مروان البرغوثي دفعت الحملة الشعبية لعقد مؤتمر يبحث قضية الـمعتقلين . قضية الـمعتقلين أصبحت شائكة أكثر من أي وقت سابق. وهي تحتاج لفرق ولجان بحث تطلق الخطط وتنظم الحملات الكفيلة بإحراز تقدم تلو تقدم في هذه القضية الحساسة. التعقيد الـمخيم على قضية الـمعتقلين يعود للـموقف الإسرائيلي العدمي من هذه القضية الإنسانية. فإسرائيل لا تعترف بقوانين الحرب الـمتضمنة في القانون الدولي التي لا تسمح بمحاكمة الأسرى وتدعو الى الإفراج عنهم مع وقف إطلاق النار. ولا تعترف إسرائيل بالضوابط القانونية الـمفروضة على الاحتلال والتي تمنع نقل الـمعتقلين خارج الأراضي الـمحتلة، كما لا تحترم إسرائيل إتفاق أسلو الذي لا يجيز اعتقال نواب ووزراء ومواطنين من حيث الـمبدأ ومن داخل مناطق سيطرة السلطة. إسرائيل أيضا تتعامل مع الـمواطنين الـمقدسيين بتمييز مزدوج، فهي لا تعترف بمواطنتهم من جهة ولا تعترف بمواطنتهم للسلطة الفلسطينية، ترفض إدراج الـمعتقلين الـمقدسيين في قوائم الإفراج، وهذا شيء خطير، لكن الأخطر هو تسليم الـمفاوض الفلسطيني بـ "الفيتو" الإسرائيلي ضد الـمعتقلين الـمقدسيين. إن التسليم بـ "الفيتو" يحدث شرخاً عميقاً في وحدة الشعب، الأمر الذي يتطلب فيه وقفة مسؤولة من مختلف مستويات القرار السياسي الفلسطيني. وتشذ إسرائيل عن سائر البلدان الـمتحاربة في وضع معايير غريبة للافراج عن الـمعتقلين، وتعد هذه سابقة في تحريف القانون الدولي واستبداله بمفاهيم شاذة. فهي تستبعد الإفراج عن الـمقاومين الذين قتلوا جنوداً ومدنيين إسرائيليين بذريعة "أن أياديهم ملطخة بالدماء"، في الوقت الذي تتهاون فيه مع إسرائيليين قتلوا أطفالا وأبرياء فلسطينيين. الحكومة الإسرائيلية لا تفرج عن الـمعتقلين عبر الـمفاوضات وتماطل في الافراج عنهم بعملية التبادل، وهي بهذا الـموقف تخلق أزمة حادة وتدفع الأمور نحو الإنفجار. لقد وفرت محكمة "العدل" العليا الإسرائيلية مظلة "قانونية" لسرقة ونهب الأرض ولتبرير جرائم القتل والاعتداء على الانسان الفلسطيني. ومقابل ذلك وضعت قوانين خاصة ومتسامحة جداً للـمستوطنين الذين "يقيمون" في الـمكان ذاته. ثنائية مكونة من أحكام جائرة ضد السكان الأصليين وأحكام تشجع القتلة الـمحتلين على مواصلة القتل. قوانين عصرية هناك وقوانين مستمدة من الزمن الكولونيالي الغابر ومن تجارب العنصرية البائدة هنا. إنها اللاعدالة الـمتوحشة التي تصنع الكراهية وتؤجج الصراع. أمام الاستهتار والتحدي الإسرائيلي للقانون الدولي لـماذا لا تطرح قضية الـمعتقلين على طاولة الـمحكمة الدولية لإلزام إسرائيل بالقانون بمختلف جوانبه. لـماذا لا تتدخل منظمات حقوق الانسان والدول الـموقعة على الاتفاقات. الصمت شجع الحكومات لإسرائيلية على الانتهاك واستمرار الصمت سيمكنها من تثبيت قوانينها العنصرية الخاصة على الشعب الفلسطيني. في يوم الأسير الفلسطيني هل نطلق صرخة مدوية في أرجاء العالـم تقول كفى استهتاراً بأسرانا ومعتقلينا .. وتطالب بالحرية لهم جميعاً. - الأيام 17/4/2007 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|