بالفعل المجلس التشريعي الثاني في عهد السلطة الوطنية، والذي يشكل السلطة التشريعية والرقابية على السلطة التنفيذية، معطل رغم مرور حوالي خمسة عشر شهراً على انتخابه. ومن المقرر ان يعقد المجلس جلسة اليوم نأمل أن تتحقق باكتمال النصاب. في العام الاول كان هناك تفسير مقنع، لغياب المجلس، وهو يتمثل بالخلاف والانقسام الذي شهده النظام السياسي بعد الانتخابات التشريعية التي قلبت الخارطه السياسية الفلسطينية رأساً على عقب. فقد شهدنا ازدواجية سلطة، وتفاقم الخلاف الى حد الاقتتال المدمر مما عطل المجلس التشريعي وكاد يودي بالسلطة بكل مستوياتها. فالاستقطاب الحاد، والتحريض المتبادل، وتحول السلطة رسميا الى سلطة برأسين، حال دون قيام المجلس باعماله، خصوصاً بعد فرض الحصار الظالم، وبعد ان قامت سلطات الاحتلال باعتقال عشرات النواب وبعض الوزراء بصورة أوجدت وضعاً جعل من الصعب قيام المجلس باعماله. فاعتقال 1/3 النواب يضرب تركيبة المجلس، ويخل بالاغلبية التي حصلت عليها حماس. واعتبر قيام المجلس باعماله حينذاك ومن قبل كافة الكتل البرلمانية، بدون اخذ هذه الحقيقة بالاعتبار، عملاً غير وطني ولا اخلاقي، مع أنه دستوري وقانوني. ولكن بعد بدء العام الثاني على انتخاب المجلس التشريعي، والذي حدث بعد اتفاق مكة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، لم يعد مفهوماً لماذا استمر غياب المجلس التشريعي؟ فالمجلس لا يجتمع، والدعوات التي تمت لعقده لم تنجح لأنها اصطدمت بعدم اكتمال النصاب، فالمجلس لم يجتمع حتى الان الا للتضامن مع الاقصى، أو احياء ليوم الاسير او ما شابه ذلك. وهذا امر بحاجة الى تفسير! هل يعود عدم عقد جلسات المجلس الى عدم اكتمال النصاب القانوني لعقد الجلسات بسبب سفر اكثر من عشرين نائبا بالمتوسط بدون اعلام الكثير منهم باسباب سفرهم ولا المدة التي سيقيمونها في الخارج؟ لا اعتقد أن هذا هو السبب الرئيس، لان هناك 89 نائبا خارج المعتقلات وبمقدورهم حضور الجلسات اذا اخذنا بالحسبان ان اعضاء المجلس 132 منهم 42 نائباً في المعتقلات ونائب مطارد، لم يحضر ولا جلسة واحدة من جلسات المجلس التشريعي حتى الآن. وبالتالي لو سافر 22 نائباً يبقى هناك 67 نائباً وهو العدد المطلوب للنصاب اللازم لعقد الجلسات. اعتقد ان عدم عقد جلسات المجلس له علاقة أكثر من سفر النواب، بعدم الاتفاق على المرجعية وعلى قواعد اللعبة، وعدم الرضى عن تطبيق بعض جوانب اتفاق مكة، خصوصاً فيما يتعلق بملف الشراكة، وملف تفعيل وتطوير م.ت.ف، فحماس مستاءة من عدم التقدم بهذين الملفين اللذين يحققان لها استحقاقات مهمة في المنظمة والسلطة. اما بالنسبة للمرجعية وقواعد اللعبة، لا شك في ان حركة حماس لديها خشية من أن تتمكن كتلة فتح والكتل الاخرى المختلفة معها في المجلس من تمرير قوانين لا تحظى بموافقة حركة حماس، مثل قانون جديد للانتخابات يعتمد التمثيل النسبي الكامل، وهذا على سبيل المثال لا الحصر. فكتلة حماس محرومة بصورة قسرية وبقوة الاحتلال، من القدرة على توظيف الاغلبية التي حصلت عليها نظراً لان معظم النواب المعتقلين هم من نواب حماس، وهذا يخل بقدرة المجلس التشريعي على القيام بعمله. وهذا امر مهم جدا، ولا يمكن تجاهله او القفز عنه بدون اكتراث. ان فتح التي تحظى بـ 44 مقعدا في المجلس (غالبيتهم الساحقة أحرار) تستطيع ان تمرر ما تريد من قوانين اذا ضمنت اصوات معظم اعضاء كتل البديل (مقعدان) والطريق الثالث (مقعدان) وابو علي مصطفى (ثلاثة مقاعد) وفلسطين المستقلة (مقعد واحد) والمستقلين (خمسة مقاعد) لذلك حماس هي التي عطلت في معظم الحالات انعقاد جلسات المجلس التشريعي وتسعى الى كسب الوقت على امل اتمام صفقة تبادل الاسرى التي ستتضمن بالتأكيد الافراج عن النواب المعتقلين. وهذا يعني ان كرة احياء المجلس التشريعي موجودة اولاً: في ملعب اسرائيل، فاذا ارادت اسرائيل للمجلس ان يلتئم ويمارس عمله تفرج عن النواب، واذا ارادت الاستمرار في تعطيله تبقيهم وراء القضبان. وثانياً في ملعب التوصل الى اتفاق وطني وهذا يتطلب البحث عن التوافق على قواعد اللعبة قبل الشروع فيها، بحيث يتم تجنب اقرار قوانين حساسة بدون اتفاق وطني. وهذا يمكن ان يساعد على "احياء" المجلس التشريعي، ولكنه يضرب المبدأ الديمقراطي، الذي يعتمد على الاغلبية والأقلية بإقرار القوانين. لا غرابة في ذلك، فحكومة الوحدة الوطنية لها فوائد عظيمة اهمها حقن الدماء الفلسطينية، ولكن لها اضرار كبيرة ايضاً من ضمنها ان الحكومة لا يمكن ان تتعرض لرقابة حقيقية من المجلس التشريعي ولا الى حجب الثقة، لانها تحظى وتضمن اغلبية كبيرة ما دامت كتلتا فتح وحماس على اتفاق. وهذا بدوره يوضح مرة أخرى الهامش المحدود الذي تستطيع ان تتحرك فيه وتعمل سلطة ديمقراطية تحت الاحتلال لان الاحتلال هو السيد ويملك أوراقاً فعالة عديدة تجعله لاعبا رئيسيا يؤثر ويتحكم في قواعد اللعبة الداخلية الفلسطينية على مختلف المستويات والاصعدة. تأسيساً على ذلك، لا مفر من الاتفاق على مرجعية واحدة تحدد الأهداف الكبرى والمصلحة العليا، بحيث يتم التنافس واللعب ضمن هذه المرجعية وعلى اساس قواعد متفق عليها، فبدون وفاق وطني لا يمكن لقواعد اللعبة الديمقراطية ان تأخذ مجراها. واذا لم نتفق على من نكون وماذا نريد، كيف يمكن ان تحكمنا قواعد لعبة ديمقراطية واحدة؟. من هنا، لا يمكن ان تكون الانتخابات، لا التي جرت، ولا التي يفكر البعض باجرائها، سواء اذا جاءت مبكرة أو في موعدها هي الحل، الحل ما دامت فلسطين تحت الاحتلال، يكمن في الاتفاق على رؤية استراتيجية واحدة تأخذ الدروس والعبر من التجارب السابقة، والمعطيات الجديدة، حتى تكون قادرة على تحقيق الأهداف الوطنية المتمثلة بدحر الاحتلال واقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس على حدود 1967 وحل مشكلة اللاجئين حلا عادلا وفقا لقرار 194 واذا لم يتم الاتفاق على ذلك، فالانتخابات والاتفاقات وكل شيء اخر مجرد حلول شكلية ومخارج مؤقتة لا أكثر!! Hanimasri267@hotmail.com - الأيام 24/4/2007 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|