مفتاح
2025 . الثلاثاء 27 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


ما إن يبدأ تطبيق وقف إطلاق النار في غزة حتى ينهار بسرعة البرق. والذي يتابع مآل الاتفاقات السابقة يلحظ أن أحد أهم أسباب انهيارها يكمن في كيفيات التطبيق والقوى التي يفترض أن تقوم به وبردع من يخرج عليه. وهي عادة قوى أمنية فاقدة الصلاحية بسبب من قوة الأمر الواقع التي تفرض كل مرة أن تسحب كل العناصر المسلّحة من الشوارع، يتساوى في ذلك القوى الأمنية الرسمية وتلك التي تتبع الفصائل. وهي حقيقة تجعل من هذه القوى الأمنية الرسمية طرفا في الاقتتال ما يعني، بالضرورة، إقصاءها من الميدان في الوقت الذي تحتاجها فيه الشوارع والأزقة كي تفرض وقف إطلاق النار وتحقق ضبط الحالة الأمنية لمصلحة السلم الاجتماعي والتعايش. ثم إن هشاشة الحالة الفلسطينية سرعان ما تتبدّى جلية في مسألة أخرى لا تقل خطورة، وهي أن كل الاتفاقات يجري اعتمادها ومحاولة تطبيقها على قاعدة نسيان ما حدث والقفز عن المتسبب وتجاوز مبدأ المحاسبة، ما يغري المتسببين بالعودة إلى الممارسات ذاتها. وهو منطق قد يصح في شأن الاشتباك العام الذي يشبه شجارا جماعياً، لكنه بالتأكيد لا يجوز أن يصح أبدا بالنسبة للجرائم المحدّدة التي يعرف الناس أسماء مرتكبيها. فهذه تحتاج بالتأكيد إلى ردع مرتكبيها وإحالتهم إلى القضاء وتطبيق العقوبات بحقهم. نضيف إلى ذلك الدور السلبي الذي تلعبه الفصائل الفلسطينية التي لا تشارك في الاقتتال: فهذه الفصائل، التي تقوم عادة بدور الوسيط، تمتنع دائما عن التصريح باسم الفصيل الذي يتسبب في الاقتتال اعتقادا من قادتها أن ذلك يفيد في الحفاظ على دورها كوسيط مقبول من الطرفين المتنازعين من دون إدراك أنه إن حقق ذلك إنما يفرغ تلك الوساطات من مضامينها وفاعليتها، ويحوّلها إلى نوع من الصلح العشائري الذي لا يستهدف إدانة أحد أو توضيح حقيقة ما جرى كل مرة.

قائد لواحد من تلك الفصائل التي بذلت جهودا حميدة لوقف الاقتتال صرّح لإحدى الفضائيات بأن أحد اجتماعات اللجنة العليا للمتابعة، والتي تضم الفصائل الوطنية والإسلامية، قد توصل مرة إلى إقرار بإدانة أحد الفصيلين، ما دفع الفصيل المعني إلى التهديد بشن حرب على الفصائل كلها إذا تضمن البيان العلني إدانة لفصيله، بل هدد بالانسحاب من عضوية تلك اللجنة نهائياً، ما دفع المجتمعين إلى التراجع والعودة من جديد إلى صيغة «تجاوز» ما حدث والسعي إلى تطبيق وقف لاطلاق النار من دون إدانات أو توضيح للحقيقة.

ربما لهذه الأسباب ظلت ثقة المواطن الفلسطيني بقدرة أي اتفاق لوقف إطلاق النار على الصمود والاستمرار ضعيفة. فالمواطن إذ يراقب انسحاب المسلحين من الشوارع يعود إلى الجلوس في بيته ليترقب متى يحدث الاشتباك التالي وأين.

يعزز هذه المخاوف ويجعلها قابلة للتحقق أن وقف الاشتباك لا يقوم على حلول سياسية تضع حدا لأسباب الخلافات العميقة بين الفصيلين، بل يتم تأجيل حسم هذه الأسباب وترحيل النقاش فيها إلى زمن آخر لا يعرف أحد متى يحين، ما يجعل قابلية الانفجار موجودة في صورة مستمرة.

تحتاج الساحة الفلسطينية في تقديرنا الى أن تبدأ من الصفر، ونعني بذلك أن تبدأ من البديهيات البسيطة التي تشكل ألف باء الحياة الاجتماعية، بما فيها مسألة حسم موضوع السلطة الواحدة الموحدة، والتي يجب أن تكون موحدة مهما بلغت الأطياف المشاركة فيها. بل إن تعددية القوى المشاركة يمكن أن تكون سبب قوة إذا قامت على أساس المشاركة، وليس على أساس المحاصصة. ففي حين تعني المشاركة وجود مؤسسة أمنية موحدة وذات توجهات وطنية، تعني المحاصصة اقتسام المناصب ومن بعدها اقتسام المخافر ونقاط التفتيش، وهي لعبة بالغة الخطورة تدفع المجتمع برمته إلى مزيد من الاحتقانات بانتظار اشتباكات مؤجّلة مؤقتاً. - الحياة 28/5/2007 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required