مفتاح
2025 . الأحد 25 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


كان من بين النقاط الرئيسية التي توصل إليها اجتماع اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي انعقد في مدينة رام الله يوم الاثنين الرابع من حزيران (يونيو) أن اللجنة التنفيذية تؤكد علي شرعية الأجهزة الأمنية المحددة وفق القانون ورفض تشريع أي قوي أخري تحت ضغط الفوضي والفلتان وتخريب الأمن الداخلي.

والمعروف أن اللجنة التنفيذية تريد أن تعيد موقفها القديم المتمثل بعدم شرعية القوة التنفيذية التي شكلها وزير الداخلية في الحكومة العاشرة. هذا الموقف يبدو أكثر وضوحا من مجموع نصوص القرارات الصادرة عن اللجنة التنفيذية بخصوص القوة التنفيذية، كما حدث في الاجتماع قبل الأخير المنعقد في رام الله بتاريخ 16/5 حينما فسر الاجتماع حالة الاقتتال الداخلي حينها بأنه محاولة .. لفرض دور المليشيات التابعة لحماس المسماة القوة التنفيذية وكأنها قوة الأمن المشروعة . وزاد علي تلك النصوص دعوة عزام الأحمد وياسر عبد ربه ـ وهما عضوان في اللجنة التنفيذية ـ إلي سحق القوة التنفيذية والعصيان المدني حتي إنهائها.

وفي مقابل هذه المواقف والتصريحات تؤكد الحكومة وحركة حماس علي قانونية ومشروعية القوة التنفيذية باعتبارها جزءا من الأجهزة الأمنية الفلسطينية وجاءت بموافقة الرئيس عباس. لن أدافع في المقال عن أي من الموقفين من القوة التنفيذية لان الموضوع اكبر من القوة التنفيذية وغيرها؛ بل أنها حالة من الجدلية المتواصلة والمستمرة والشاملة للشرعية علي الساحة الفلسطينية، وصراع علي التمثيل بين قطبي العمل السياسي في فلسطين، وتدافع بين من احتكر الشرعية منذ ما يسميه الثورة وبين من دفع به نتائج الانتخابات ليشارك في التمثيل الشرعي. حالة الصراع هذه والجدل المستمر علي الشرعية مضاف إليه اختلاف البرامج ، وغياب الرؤية المشتركة للحالة الفلسطينية والتعامل مع قضاياها المختلفة هو احد أهم دوافع الاقتتال الدموي الذي ينشب بين الفترة والأخري بين الفرقاء الفلسطينيون.

والمعضلة الأساسية تكمن في استمرار حالة الجدل هو ادعاء التمثيل الشرعي والوحيد لمنظمة التحرير الفلسطينية. وهي حالة صارخة علي رفض الآخر وعدم شرعيته وذلك عندما يعطف كلمة الوحيد علي كلمة الشرعي وكأنما ما عدا تلك القوي والفصائل المنضوية تحت عباءة المنظمة غير شرعية في تمثيلها حتي ولو أعطتها الانتخابات التشريعية الثانية الأغلبية المطلقة!

والواضح أن منظمة التحرير والتي احتكرت الشرعية لفترة طويلة متركزة علي الدعم العربي والقبول الدولي بها وانضمام عدد من الفصائل لها لم تكن لتفكر أن ينازعها في الشرعية احد، أو حتي أن يشاركها في الشرعية من لا يلتزم ببرنامجها ويعترف بقيادتها للعمل الفلسطيني؛ ولذلك ظلت تعطف لفظة الوحيد بعد الشرعي ولم تدرك أن عوامل تعرية الشرعية قد فعلت فعلها ونالت منها ومن وحدانيتها .

وحتي لا يكون كلامنا تجنياً علي أحد أو اصطفافا لجانب فريق بعينة، وحتي يكون الحديث موضوعيا نستعرض أهم أسباب ضعف الشرعية التي تحدث للأنظمة السياسية أو الحركات التحررية أو التجمعات الإنسانية، والتي تحدث عنها كبار علماء الاجتماع السياسي لنري مدي انطباقها علي واقعنا السياسي ليس بهدف القول أن المنظمة لا تعتبر شرعيا وإنما للقول أنها ليس الوحيدة في التمثيل الشرعي.

يقول علماء الاجتماع السياسي أن الشرعية تضعف حينما تنمو جماعات جديدة تحمل برامج مختلفة عن تلك البرامج التي يحملها محتكر الشرعية، ويصاحب ذلك التفاف جماهيري واسع حولها. وهذه الحالة قد حدثت بكل وضوح في ساحتنا الفلسطينية وقد بدت بلونها الفاقع بعد نتائج الانتخابات التشريعية الثانية.

كما أن تواصل إصدار المخرجات السياسية غير مقبولة جماهيريا يعمل علي تهاوي الشرعية ومنظمة التحرير وقعت في هذا الأمر حين وقعت اتفاقية أوسلو رغم المعارضة الكبيرة له؛ خاصة انه لم يعرض للاستفتاء الجماهيري. ومع ذلك استمر إصدار هذه المخرجات غير المقبولة، وتم توقيع اتفاق القاهرة واتفاقية باريس الاقتصادية وطابا و واي ريفير وغيرها وصولا لخارطة الطريق وما تلاها من مشاريع.

ومن عوامل ضعف الشرعية انهيار فاعلية النظام السياسي لمدة طويلة، وعدم المقدرة علي تحقيق الوعود والأهداف الكبري كالتحرير والتنمية والازدهار، ومعروف أننا كفلسطينيين ما زلنا نعيش تحت الاحتلال في الوقت الذي بات معظم الفلسطينيين تحت خط الفقر.

ومن عوامل ضعف الشرعية ايضا هو انحسار هيبة السلطة الناتج عن عدم التمكن من تحقيق أهدافها كسلطة سياسية بسبب ضعفها الحادث من عوامل خارجية كأن تدخل حربا وتخسرها، أو من عوامل داخل كيان السلطة مثل عدم كفاءة أجهزة السلطة وعدم المقدرة علي حل مشاكل المواطنين. والمنظمة قد اجتمعت عليها عوامل الضعف الخارجية والداخلية كما هو مشاهد علي الأرض واقعا.

كما أن الشرعية تكون في أسوأ حالاتها عندما تقع في أيدٍ فاسدة وهذه الحالة أوضح من أن يتم جلب القرائن والأدلة عليها ويكفي أن نحيل القارئ علي مقابلة عدلي صادق عضو المجلس الثوري لحركة فتح علي موقع الجزيرة نت والمعنونة بـ فساد فتح بالمليارات .

ويرتبط بالعامل السابق من عوامل تآكل الشرعية عامل آخر هو عدم مطابقة النظام الموجود مع الصورة التي تتكون في ذهن الناس عن الحاكم الصالح والسلطة الصالحة.

ومما يعمل علي هز الشرعية هو غياب القيادة الكاريزميا التي تمثل الرمزية الوطنية للنظام؛ وهو ما حدث للمنظمة بعد غياب ياسر عرفات، أو ما عبر عنها تيسير نصر الله عضو المجلس الوطني الفلسطيني بغياب الشرعية التاريخية التي ملأها شخص ياسر عرفات .

ولمجمل الأسباب السابقة ضعفت شرعية منظمة التحرير كشرعية وحيدة لا ينازعها بها احد، وتوج هذا الضعف بنتائج الانتخابات التشريعية الثانية التي جرت في 25 كانون الثاني (يناير) من العام المنصرم. حيث حصلت حماس التي لا تمثيل لها في المنظمة علي الأغلبية المطلقة، ودخلت بذلك باب الشرعية من أوسع أبوابه وهو الرضي الشعبي عبر الاختيار الطوعي لهم تمثل بانتخابات حرة ونزيهة.

لا يجب أن يفهم من مجمل ما سبق أننا ننزع ثوب الشرعية عن منظمة التحرير الفلسطينية ونلبسه لحركة حماس، وإنما هي دعوة لكسر احتكار الشرعية لأحد كان من كان، والبحث عبر حوارات إستراتيجية معمقة عن آليات لشراكة حقيقة تشمل جوانب العمل الفلسطيني المختلف؛ بعيدا عن استدعاء معطيات من الماضي عملت به العوامل عملها ولا الارتكاز علي معطيات جديدة يحسب البعض أنها تمنح حق قيادة الوطن لوحده ذلك أن الوطن لن يقوده بعد ذلك طرف دون طرف وحتي أن هذه الحالة ليست خاصة بفلسطين فالعراق ولبنان خير شاهد. فعصر احتكار الشرعية والسلطة انتهي إلي غير رجعة ويجب البحث عن البديل الوطني الممكن الذي يخدم مسيرة التحرر والانعتاق للشعب الفلسطيني. - القدس العربي 11/6/2007 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required