بدخول العام أربعين من الاحتلال والعام ستين نكبة تكون القضية الفلسطينية قد وصلت إلى مفترق طريق حاسم ومصيري. ثمة مواقف وسياسات على أكثر من صعيد تبعث على التفاؤل. بوارق الأمل هي نقيض لمواقف النظام الدولي الذي أعاد إنتاج ستين عاما من النكبة وأربعين عاما من الاحتلال. حضور القضية الفلسطينية القوي أتى ويأتي من عالم ذي ضمير يحترم حقوق الانسان وينتصر للقضايا العادلة. منذ سنوات والآن أكثر تنشأ مواقف عملية مناهضة للغطرسة الإسرائيلية، ويحاول أصحابها التصدي باستخدام امكاناتهم الخاصة، أكاديميون ومهندسون معماريون وفنانون بريطانيون يطرحون مقاطعة نظرائهم الاسرائيليين. مجموعات أخرى في ايرلندا والدنمارك وهولندا وكندا واسكتلندا وفرنسا وإيطاليا واسبانيا تدعو إلى مقاطعة سلع اسرائيلية، وسحب استثمارات وفرض عقوبات على الحكومة الإسرائيلية إلى أن تمتثل للقانون الدولي وتتخلى عن طبيعتها الاستعمارية العنصرية. وثمة تغيير في الوعي الموجه للرأي العام العالمي عبر عن جانب منه كتاب جيمي كارتر الرئيس الأميركي السابق الذي وثق من خلال تجربته الخاصة لنظام الابارتهايد الاسرائيلي ونزع عنه صفة السلام. وكان الأسقف ديزموند توتو قد قدم شهادة من موقعه كرئيس بعثة للامم المتحدة لتقصي الحقائق بتفوق نظام الفصل العنصري الاسرائيلي على سابقه النظام العنصري البائد في جنوب إفريقيا. وتدعم هذا التوثيق الإدانة بقرار محكمة العدل الدولية الرافض جملة وتفصيلا لجدار الفصل العنصري، وبتقرير (أمنستي) المنظمة الدولية لحقوق الانسان الذي أشار الى اختراق إسرائيل للقانون الدولي واتفاقيات جنيف ودعا إلى إزالة الجدار والحواجز ووقف مصادرات الأراضي والتوسع الاستيطاني. ابراهام بورغ رئيس الكنيست السابق، قدم شهادة في غاية الأهمية عندما وصف إسرائيل في كتابه ضد هتلر بالقوة الاستعمارية ورفض تعريف إسرائيل باليهودية كما رفض قانون العودة اليهودي ودعا إلى تجاوز الصهيونية، وانضم بذلك الى مجموعة من الاكاديميين الاسرائيليين ونشطاء السلام الإسرائيليين المناهضين للعنصرية والاحتلال الذين يساهمون في نشر وعي جديد على صعيد عالمي. القانون الدولي بدوره وفي العديد من البلدان بات يسمح برفع قضايا ضد الجرائم الحرب الاسرائيلية، والاهم فقد أصبحت قيم العدل والضمير والقانون والقوى الحاملة لها تدفع باتجاه ايجاد حل عادل وايجابي للقضية الفلسطينية في مواجهة الموقف النمطي الرسمي الاسرائيلي الاميركي والنظام الدولي الرسمي. للمرة الأولى بدأت الحركات الجديدة لا تأبه للضغوط الاسرائيلية واللوبيات الصهيونية التي تمارس عقوبات وأنواع من الارهاب الفكري. وبهذا المعنى فان الشروط الخارجية لانطلاق موجات جديدة من النضال باتت ميسرة ومواتية خلافاً لعقود خلت وخاصة بعد انهيار المعسكر السوفييتي. العنصر الكابح والمعطل لفرض عقوبات اوسع وأشمل على دولة الاحتلال ولعزل سياستها العنصرية الكولونيالية دوليا هو العنصر الفلسطيني. فالنضال والصمود الفلسطيني الذي أنضج الشروط الخارجية بدأ يتخلف عنها ويحد من انطلاقتها. وهذا يحدث لاول مرة في تاريخ النضال الفلسطيني. مسيرة القدس ضد الاحتلال حضر اليها متطوعون أجانب وإسرائيليون وقاطعها الفلسطينيون داخل المدينة المحتلة. شاكر العبسي يختطف مخيم نهر البارد ويضع المخيمات وسكانها أمام مصير مجهول. علماء المسلمين وعصبة الانصار تتولى من الناحية العملية دور منظمة التحرير، منظمات أخرى تسيطر على برج البراجنة والناعمة ومخيم بعلبك. تتداخل السيطرة بين جماعات تعصبية بأجندة غير فلسطينية، وبين سيطرة أجهزة أمنية عبر فصائل تابعة. ويمتد هذا التفكك والفوضى إلى غزة التي تنتشر فيها الجماعات الاقصائية الجديدة، وتنفصل فيها قواعد التنظيمات الأساسية عن قيادتها لتمارس فوضى لا سابق لها وتقامر بالقضية الفلسطينية. المجلس التشريعي والحكومة والرئاسة أصبحت العناصر الاضعف في المعادلة الداخلية وهي تبدو الآن مفتقدة لارادة سياسية تضع حداً نهائياً للدمار الذاتي. غياب القيادة والمبادرة السياسية يتيح للمجموعات والعصبيات أن تتغلغل لتملأ الفراغ وتقصي القيادة القديمة والجديدة على حد سواء وتنفرد في اختطاف القضية واستخدامها لاجندات أخرى، وفي هذا السياق يعيش الشعب الفلسطيني أكبر عملية تدمير للذات. من يستطيع المبادرة ليواكب حضور القضية الفلسطينية عالمياً ؟ من يمتلك إرادة سياسية ليطرح مهمة استصدار قرار من الجمعية العمومية لوضع قرار محكمة العدل الدولية ضد الجدار على بساط التطبيق تحت بند التحالف من أجل السلام. من يطرح القرصنة الاسرائيلية على أموال الضرائب على الأجندة الدولية، من يطرح المتهمين بجرائم حرب ضد الشعب الاعزل للمحاكمة، من يطرح جرائم أربعين عاما من الاحتلال وستين عاماً على النكبة على بساط البحث؟ هذا هو الصنف القيادي المطلوب بشكل عاجل، وهذا ما يستطيع المناضلون صنعه في معمعان النضال. - الأيام 12/6/2007 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|