واستخدمت في الاشتباكات الدائرة رحاها بينهما كافة أنواع الأسلحة التي يمتلكها الفصيلين، من رشاشات وبنادق وقذائف هاون وصواريخ ومتفجرات، وسقط خلالها حتى بعد ظهر هذا اليوم 14/6 حوالي 100 قتيلاً ، والمئات من الجرحى ، من بينهم عدد كبير من المدنيين. كما استخدمت في هذه الحرب المدمرة بين الطرفين أيضاً كافة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة، وشنت عبرها عمليات التعبئة والتحريض ، واستخدمت فيها الاتهامات المتبادلة بالخيانة والتآمر، وتدبير الانقلابات الدموية، الى غيرها من المصطلحات الجديدة في الحياة السياسية الفلسطينية. حرب مدمرة استهدفت القتل والإعدام والخطف المتبادل وقصف وتدمير واحتلال المؤسسات والأبراج السكنية والاستيلاء عليها، واشعال الحرائق والنيران وترويع المواطنين، دون أي ضابط او رقابة أو قانون. لم يحكم هذه الحرب المفتوحة ولن يحكمها، قانون الحروب، أو المعايير الاخلاقية والانسانية المتعارف عليها في الحروب والنزاعات الكلاسيكية التي تنشب بين الأعداء، مما يجعلها أكثر عنفاً وتدميراً وقسوة، لأنها تجري بين الأخوة الأعداء، وكونها حرباً أهلية تجري بين أبناء الشعب الواحد، وبين أبناء الحي الواحد، بل وبين أفراد العائلة الواحدة. وهذا ما يجعلها أكثر إيلاما، وأخطر فتكاً، وأشد قسوة، من كافة الحروب التي خاضها الشعب الفلسطيني خلال العقود الماضية. ومن هنا فلا يمكن أن يتحمّل شعبنا هذه الحرب المجنونة، ولا يمكن أن تجد لها تبريراً أو قبولاً لديه، فمهما كانت الخلافات السياسية بين الحركتين عميقة وواسعة، فلا يمكن حسمها بالقوة المسلحة، وبالاحتراب والاقتتال وتصفية الحسابات القديمة والجديدة. ان الشعب الفلسطيني الذي سيكتوي بنيران هذه الحرب المدمرة ونتائجها الكارثية على مستقبله وحياته وكيانه وآماله، لن يصفح عن الذين دبّروها وفجّروها ، ولن يعف عمن قاموا بتنفيذها، وسيرفع شعبنا الغطاء عن كل من يشارك فيها. ان المسؤلية الوطنية تقتضي وأد هذه الفتنة والحرب المدمرة، قبل أن تقضي على وحدة هذا الشعب، وتعصف بمنجزاته الوطنية الكبرى التي حققها بدماء شهدائه وجرحاه، وبآلام وعذابات الأسرى والمعتقلين، ومعاناة المشردين والمبعدين واللاجئين. لقد أظهر شعبنا الفلسطيني الأبي والمعطاء خلال الأيام الماضية الجرأة والشجاعة، وهبّ للتظاهر في الشوارع تنديداً بهذه الحرب، ومن أجل الفصل بين المتقاتلين، وتحمل في سبيل ذلك المخاطره بحياته، حيث وقع العديد من أبنائه ضحية لهذا الموقف الشجاع، الذي ينم عن أصالتة وإحساسه العالي بالمسؤلية الوطنية، وتلمسه للخطر الكبير الذي سيترتب على استمرار هذه الحرب المجنونة، وكان يدرك أن الفصل بين المتقاتلين الذين لا يحكمهم في قتالهم أي قانون وأي معايير إنسانية، سيجر المزيد من الويلات والمآسي على هذا الشعب الصبور والمكافح، ورغم ذلك فقد أقدم بشجاعة ولبى النداء واستجاب لمصلحة الوطن، ونزل للشارع للفصل بين المتحاربين، غير آبه بالتضحيات الكبيرة التي يمكن أن يتحملها في سبيل ذلك. ولكن من حق شعبنا أن يسأل أين هي الفصائل الوطنية التي غابت عن الشارع، خلال الأيام والساعات الأخيرة من هذا اليوم، ولماذا لم تقم بمسؤلياتها الوطنية التي يجب أن تضطلع بها، لوقف هذه الحرب المدمرة، ولوقف هذا الاحتراب الدامي بين المتحاربين، ولماذا لم تقم بالفصل بين المتقاتلين، من خلال نشر مقاتليها وعناصرها، ولماذا ترك الشعب ان يخرج إلى الشوارع للتنديد بهذه الحرب ومن أجل وضع حد لها، بدون مشاركة واسعة من كوادر وقيادات وعناصر هذه الفصائل. ان غياب دور الفصائل الوطنية هذا يعبر عن عجز هذه الفصائل، وضعف قاعدتها الجماهيرة وضعف قدرات قواتها الميدانية، وقد ظهر ذلك ليس في هذا اليوم الذي اشتدت في الحرب وحصدت الأخضر واليابس، بل خلال الفترة الطويلة الماضية التي كانت تشهد صراعا وتوترا واقتتالاً بين الحركتين. ان الحرب التي تدور رحاها الآن بين الحركتين في قطاع غزة، لن يكون فيها أي من الحركتين منتصراً أو مهزوماً، بل ستكون نتيجتها خسارة الحركتين وخسارة شعبنا، وسيكون المنتصر الوحيد فيه هو الاحتلال الاسرائيلي ، وأعداء شعبنا الفلسطيني. ومن هنا ينبغي التوجه الجاد لحل الصراع والنزاع بين الحركتين بوسائل الحوار الديمقراطي، والاحتكام للقانون، ومن خلال الحلول السياسية، التي ترتكز على المصالح العليا للشعب الفلسطيني، بعيداً عن المصالح الفئوية الضيقة لهذا الفصيل أو ذاك. ومن هنا فإننا نحذر من توسيع هذه الحرب المدمرة، أو نقلها الى الضفة الغربية، ونؤكد مرة أخرى أن حسم الخلاف وإنهاء النزاع لن يكون عسكريا،ً وبوسائل العنف أو باللجوء للاقتتال، أو بالقرارات والحلول الإدارية العليا. ومن هنا فاننا نناشد الحركتين وخاصة حركة حماس، الى الكف عن حسم خلافاتها مع حركة فتح بالخيارات العسكرية، أوعن طريق اللجوء للعنف المسلح، لأن من شأن ذلك تدمير الوطن وضرب الوحدة الوطنية، وربما تقسيم الوطن وتكريس الانفصال بين شطريه، والحاق الأذى والضرر الفادح بالمصالح الوطنية العليا لشعبنا الفلسطيني البطل، ومنجزاته الوطنية، والقضاء على تطلعاته وآماله بالحرية والاستقلال. - مفتاح 16/6/2007 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|