الواقع أن “إسرائيل” تريد من السلطة الفلسطينية وهذا هدفها أن تقوم بدور الشرطي والأمني ل “إسرائيل” لمقاتلة وتصفية المجموعات الفلسطينية المعارضة للتسوية أو التي ترى في النضال الخيار الوحيد لتحرير فلسطين، وهذا الهدف لم يتحقق منذ بداية إقامة هذه السلطة في بداية التسعينات، وحاولت “إسرائيل” أن تحقق هذا الهدف لكنها لم تنجح، لأن الحركات الأخرى المعارضة تحاشت الصدام، والسلطة تفهمت قصدها وهدفها، وآثرت التوجه إلى التسوية وعدم إحداث توترات مع القوى الأخرى المعارضة التي تعايشت مع الواقع، لكنها رفضت الدخول في السلطة أو الاعتراف بالمفاوضات مع “إسرائيل”، كونها اتفاقات لا تلبي المطالب العادلة للشعب العربي الفلسطيني. ومضت السلطة في المفاوضات مع “إسرائيل” في واشنطن، والقاهرة، وتل أبيب لكنها، لم تحقق أدنى المطالب العادلة والمقبولة، وبقيت كل القضايا معلقة ومؤجلة وغير مرغوب مناقشتها من قبل “إسرائيل” مثل الدولة الفلسطينية، والقدس، واللاجئين. وبات الفلسطينيون يضيقون ذرعاً بهذه التسوية. وبدا الرئيس المرحوم ياسر عرفات وكأنه يئس من الحل النهائي العادل ورفض القبول بالحلول الجزئية، ونتيجة لذلك حكم عليه بالإعدام سياسياً ثم استشهد بالطريقة المعروفة والغامضة. تسلم محمود عباس رئاسة السلطة بعد رحيل عرفات وبدا للقوى الدولية ول”إسرائيل” أنه يمثل الاعتدال الفلسطيني، وأنه سوف يحقق السلام مع “إسرائيل” إلخ. وحاول عباس أن يستعيد العلاقات الدولية بعد حصار الرئيس عرفات، وأن يلتقي مع الطرف “الإسرائيلي”، لكن الوضع لم يتغير ولم تتحقق المطالب التي يريدها الشعب الفلسطيني وحتى التي بعضها لا تمثل أهمية كبيرة للفلسطينيين. وذلك أن “إسرائيل” لا تريد الحل النهائي خاصة ما يتعلق بالانسحاب من القدس وحل قضية اللاجئين، بل كانت تراهن على الصراع الداخلي الفلسطيني، وتفكيك القضية الفلسطينية، وفجأة انسحبت من غزة وفككت المستوطنات فيها وكأنها تريد أن يتصارع الفلسطينيون على تلك البقعة التي كان رابين يحلم بغرقها في البحر! وتوقفت المفاوضات وبدأت اللقاءات والزيارات لبعض المسؤولين الغربيين بين الحين والآخر لتسكين الوضع والكلام غير الجدي أو الوهمي لمقولة “الدولة الفلسطينية القابلة للحياة” ما جعل الوضع الفلسطيني على حاله بالنسبة لحلم الدولة المنتظرة وفق رغبة “إسرائيل” ورضاها ومنطقها!! وكلنا يعرف منطق “إسرائيل” وهدفها واستراتيجيتها تجاه الوضع الفلسطيني عموماً. وجاءت الانتخابات التشريعية في الضفة والقطاع وحققت حماس فوزاً كاسحاً، وبدأ التأزم والتوتر بين فتح وحماس بعد تشكيل حماس للحكومة الفلسطينية. وازداد التوتر وأدى إلى اشتباكات واحتكاكات في غزة والضفة، وبرز التنازع على الصلاحيات، والسبب كما يؤكد أغلب المراقبين أن فتح خاصة بعض الأجهزة حاولت عرقلة حكومة حماس والعمل على إفشال عملها خوفاً من نجاح هذه الحكومة وتزايد شعبيتها، وظهر في الأفق بعد ذلك ما عرف باتفاق أو مشروع “دايتون” الذي يريد تصفية حماس في غزة والانقضاض على مشروعها في السلطة الوطنية، وهو ما أدى كما تقول المصادر إلى الاشتباكات في غزة. الوضع الفلسطيني في غاية الصعوبة الآن، فلا حماس تستطيع الصمود والاحتفاظ بغزة ولا فتح والسلطة يستطيعان النجاح من دون حماس والمجموعات الأخرى المعارضة، والتي تملك رصيداً شعبياً ملحوظاً. كما أن حكومة الطوارئ ضعيفة وغير قادرة على الإمساك بالوضع السياسي والاقتصادي، لذلك لا حل للوضع إلا بالتفاهم والوحدة وتجاوز مرارة الاقتتال السابق، وإقصاء العناصر التي تسببت في هذا الوضع.فالاتهام والتشكيك ورفض الحوار مع حماس لن يجدي شيئاً. ومن التبسيط وعدم الدقة القول إن “حماس” مجرد مجموعة من المتشددين المتطرفين. ويمكن التغلّب عليها بوصفها “سلطة” كما يقول أدونيس لكن يتعذر التغلب عليها بوصفها ظاهرة انفجار اجتماعي ديني، إلا إذا تم التغلب على الأسس التي أنتجتها، وأنتجت قبلها ما يشابهها. والذين يحاربونها يهملون هذه الأسس، ويحصرون همهم في القضاء عليها بوصفها “سلطة”. وليس هذا إلا استمراراً في علاج أثبتت التجربة التاريخية، ماضياً وحاضراً، أنه لا يجدي بل أثبتت أن هذا العلاج قد ينقلب إلى نقيضه، ويتحول هو نفسه إلى “داء آخر”. من الحكمة والمنطق والعقل أن يراجع الرئيس محمود عباس ما قاله في رفض الحوار مع حماس، وأن مسألة الحوار قد تجاوزتها الأحداث. فالبديل للحوار هو تصفية القضية برمتها مرحلياً، وإقصاء أي فصيل فلسطيني يعني إضاعة ورقة سياسية قوية في يد المفاوض الفلسطيني.. فالسلطة لا بد لها من أوراق ضاغطة للتفاوض مستقبلا إذا كان هناك من أفق للتسوية، والمعارضة في اعتقادنا مكسب للمفاوض الفلسطيني وليس العكس. وموقف حماس السياسي الراهن يمكن أن يكون قوة للمفاوض الفلسطيني إذا أرادت القوى الدولية أن تساند الرئيس محمود عباس وتحقق له “الدولة الفلسطينية القابلة للحياة” كما يقولون وليس مجرد كلام للاستهلاك أمام المحطات الفضائية والمقابلات والابتسامات والتصريحات. الخليج 2/7/2007 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|