مفتاح
2025 . الأحد 25 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


القاعدة الفقهية المعروفة والقائلة إن “الضرورات تبيح المحظورات” يساء استعمالها في الساحة الفلسطينية بشكل فظ. فالفلتان الأمني في غزة تحول إلى “ضرورة” أباحت لحركة (حماس) أن تلجأ إلى الحسم العسكري مع مجموعة محمد دحلان، هذا الحسم الذي انتهى إلى “ضرورة” أباحت لحركة (فتح) أن تشيطن حركة (حماس) وتحولها إلى جماعة من “المجرمين والانقلابيين”، وأن تحول غزة إلى “تورا بورا” فلسطينية يجب عزلها، ويحق لقوات الاحتلال “الإسرائيلي” استباحتها، ومطلوب أن تحتلها القوات الدولية! وباختصار فإن “الضرورة” التي دفعت حركة (حماس) إلى الإقدام على ما أقدمت عليه في غزة أباحت لحركة (فتح) كل “المحظورات” السياسية التي كانت أطراف في السلطة الفلسطينية تجهد، ولكن غير قادرة على تنفيذها فعلياً منذ زمن، وإن كانت هذه الأطراف تعلن دائماً أنها السياسة الصحيحة التي تريد لها أن توضع موضع التنفيذ.

فقيادة حركة (فتح) ممثلة بالرئيس محمود عباس، متخففة من وجود ونفوذ حركة (حماس) في الحكومة والمجلس التشريعي، رأت في ما أقدمت عليه حركة (حماس) مبرراً كافياً وفرصة ثمينة للاندفاع في طريق “نبذ العنف” والتمسك بالمفاوضات سبيلاً وحيداً، ووضع القضية برمتها في أيدي ما يسمى “المجتمع الدولي”، الذي تتحكم فيه الإدارة الأمريكية، تاركة لحكومة إيهود أولمرت، من خلال مواصلة سياسة الاغتيالات والاجتياحات والاعتقالات وبناء المستوطنات، كامل الحرية في إعطاء “المصداقية” لهذه السياسة التي ثبت فشلها وعدم صلاحيتها في حل القضية الفلسطينية منذ سنين طويلة تعود إلى زمن صدور قرار مجلس الأمن رقم 242 في العام 1967.

بعد قمة شرم الشيخ الأخيرة بأيام صدر المرسوم الرئاسي الذي قضى بحل كل “الميليشيات” وسحب أسلحة كل الأجنحة العسكرية التابعة لمنظمات المقاومة، بينما أعرب رئيس حكومة الطوارئ سلام فياض من على شاشة (سي إن إن) عن اشمئزازه من المقاومة ومن مقولة تقول إن “المقاومة حق مشروع للشعوب الواقعة تحت الاحتلال”(!) ومن قصر الإليزيه في باريس انطلقت دعوة محمود عباس الجديدة لإرسال قوات دولية إلى قطاع غزة “لحماية الأمن وتسهيل إجراء الانتخابات المبكرة”. وينتظرون في رام الله قدوم كوندوليزا رايس منتصف يوليو/ تموز الجاري لتحديد الخطوة التالية في البرنامج الذي أعدته لمواجهة حركة (حماس). من جانبه، يترجم إيهود أولمرت “دعمه” للرئيس عباس بإطلاق أيدي قواته في غزة والضفة، وباستهداف القياديين في “كتائب شهداء الأقصى” على نحو خاص في جنين ونابلس.

ما الذي يجري؟ مسرحية عبثية، أم عبث مسرحي لا يحمل أي معنى أو أية متعة للمشاهد، لكنه يحمل الموت والدمار للفلسطينيين وقضيتهم؟ مع كل ذلك العبث تستمر وتصر قيادة حركة (فتح) على القول والتمسك بأن لا حوار مع (حماس)، ولكن كل أبواب الحوار مفتوحة مع “الإسرائيليين” والأمريكيين والأوروبيين وغيرهم.

ماذا جرى للفلسطينيين وقياداتهم؟ هل هانت عليهم عذابات شعبهم، بل هل فعلا هانت عليهم قضية هذا الشعب وكرامته ومستقبل أبنائه؟ لماذا، وبماذا يمكن أن يفسر الفلسطيني كل هذه الثقة التي تبديها قيادات (فتح) بأعداء الشعب، ولماذا وبماذا يمكن أن يفسر هذا الحسم والإصرار على أن لا طريقة للتفاهم مع (حماس)؟

في الرابع عشر من يونيو/ حزيران الماضي نشرت صحيفة “يونغا فيلت” الألمانية تقريراً، استندت فيه إلى شهادة الجنرال الأمريكي كيث دايتون أمام لجنة الشرق الأوسط في الكونجرس الأمريكي أكدت فيه أن إدارة بوش عملت منذ فترة طويلة لتفجير الأوضاع الداخلية الفلسطينية من خلال دعم بعض المجموعات في (فتح)، ومن خلال عزل وحصار، والتحريض على (حماس). الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أعلن في تصريح له أن أمريكا و”إسرائيل” اتبعتا سياسة خاطئة “لتقسيم الشعب الفلسطيني وفعلتا كل ما بوسعهما لمنع تسوية الخلافات بين حماس وفتح”. الرئيس جورج بوش، أثناء زيارة إيهود أولمرت الأخيرة لواشنطن وفي مؤتمر صحافي مشترك لهما قال إنهما يعملان على صياغة “استراتيجية مشتركة” لمكافحة “المتطرفين في قطاع غزة..”! ما المطلوب أكثر من ذلك، إضافة إلى النتائج الكارثية على الأرض، لتصحو القيادات الفلسطينية على ما يجب عمله الآن وفوراً؟

الضرورات تبيح المحظورات، هذا صحيح. ولكن أية ضرورات وأية محظورات؟ لقد اضطرب القاموس الفلسطيني تماماً وغرق في فوضى شاملة، والفضل لمن استمعوا لأصحاب نظرية “الفوضى الخلاقة” وما زالوا يستمعون. المحظور الذي تبيحه الضرورة هو المحظور الذي لا يؤدي إلى ارتكاب محظور أكبر وأعلى، على أن تكون الضرورة ضرورة حقاً، إذ لا يجوز، مثلاً، من أجل منع السرقة أن نبيح القتل! لا يجوز من أجل وقف الاعتداءات “الإسرائيلية” أن نوقف المقاومة أو نسحب سلاحها، ولا يجوز من أجل الجلوس مع أولمرت أن نعلن الحرب على بعضنا بعضاً.

على ماذا يتصارع الفلسطينيون؟ جاء في مقال للكاتب الصحافي “الإسرائيلي” ألوف بن، نشرته صحيفة (هآرتس 28/6/2007) في مناسبة مرور أربعين عاماً على احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة قوله: “يثبت في “إسرائيل” إجماع على أن الانسحاب من الضفة الغربية لم يعد ممكنا، ويشترك الجميع في هذا الاستنتاج، في جميع المعسكرات... لكن التعليلات تختلف. والمشترك في مواقف اليسار واليمين هو أنها تخلد الوضع القائم”. ويتابع بن قائلا: “قالوا مرة في “إسرائيل” لا يوجد من نتحدث إليه في الجانب الثاني، ويقولون اليوم لا يوجد من تعاد إليه المناطق”!... فمتى ينتبه ويصحو “قادة” الشعب الفلسطيني على الحقيقة؟ - الحياة 7/7/2007 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required