مفتاح
2025 . الأحد 25 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


أكدت الشراسة غير المبرّرة للمواجهات المسلحة التي دارت بين حركتي حماس وفتح في غزّة، والتي قادت إلى حسم حماس الصراع لمصلحتها، علماً بأنّ لا الولايات المتحدة ولا “إسرائيل “بخِلَتا في الوصول إلى ما وصلت إليه الساحة الفلسطينية من انقسام وانشقاق المجتمع الفلسطيني، وتشظي هويته الوطنية، اللذين تسارعا أيضاً بفعل ثمانية عشر شهراً من الحصار الدولي المفروض على الشعب الفلسطيني.

وبات سؤال الهوية الوطنية الفلسطينية مطروحاً بقوة ومحملاً بمرارة الآمال الخائبة والأحلام المهيضة للشعب الفلسطيني الذي خذله “المجتمع الدولي” في إنشاء دولة فلسطينية، وإرساء فكرة سلام مرتكزة على قيام دولتيْن متجاورتيْن، في ضوء عمليات الثأر والنهب التي طبعت المعارك في غزة، واتهام كل معسكر للآخر بتلقي الأوامر من الخارج. فحركة حماس تتهم في خطابها السياسي قادة فتح والأمن الوقائي أنهم عملاء ل”إسرائيل” والولايات المتحدة، وفاسدون ومنحرفون. أما الخطاب السياسي لقادة فتح، فهو يندد بحماس، باعتبارها جزءاً من محور إقليمي إيراني - سوري، وينكر على حماس احتكار الخطاب الفلسطيني بالرغم من أغلبيتها البرلمانية، ويطالبها بالتوافق مع الثوابت الفلسطينية وإرادة الشعب.

فعندما تضفي حركة سياسية مثل حماس التي تعمل في إطار فكر ديني، الطابع العسكري على المعركة السياسية، وترمي خصومها بالانحراف أو الخيانة الوطنية، إذا خالفوها الرأي في النظر إلى القضية الفلسطينية، أو خرجوا عن المألوف وعلى “ العقل السليم”، عند ذلك نكون إزاء الهوية الوطنية والفكرية الثقافية التي تعيش في التراث، فيتحول لديها مفهوم الهوية إلى مفهوم الجوهر الثابت والسرمدي، لكنها الهوية وقد نبتت لها أنياب وأظافر مسلحة. وعندما تتكيف حركة فتح مع انتهاك الاستعمار الصهيوني الاستيطاني وشروط الهيمنة الامبريالية الأمريكية، ومع واقع التأخر والاستبداد، وتتغنى مع ذلك بالخصوصية الفلسطينية، تكون الهوية الوطنية ارتكاساً قبيحاً وتعويضاً لا معنى له عن الذل والامتهان والفرقة والتشتت والضعف.

ومن المسائل المهمة المتعلقة بإشكالية الهوية أيضا النظرة إلى القضية الفلسطينية. فبالنسبة إلى جناح السلطة الفلسطينية ممثلاً بالرئيس محمود عباس وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، فهو يقبل من دون تذمر البرنامج الأمريكي باعتباره الوسيلة الوحيدة لتأمين إنقاذ دولي للقضية الفلسطينية، وهو يرى أنه في ضوء التعقيدات والصعوبات التي يواجهها النضال الوطني الفلسطيني، وفي ضوء اختلال موازين القوى الساحق لمصلحة العدو الصهيوني، والتراجع المستمر في الموقف العربي الرسمي، لا بد من التخلي عن خيار المقاومة، وإيلاء أهمية كبيرة للعمل السياسي والدبلوماسي، والحرص على الحضور القوي داخل الحركة السياسية الإقليمية والدولية التي تدور حول القضية الفلسطينية، والسعي من أجل تحقيق “الهدف المرحلي” المتمثل في “إقامة الدولة الفلسطينية”.

وبعد أن حسمت حماس المعركة في غزة، أصبحت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والنظام الرسمي العربي وحتى “إسرائيل” تطالب بالإجماع وبالصوت العالي، إنقاذ الرئيس محمود عبّاس، متقدمة باقتراحات جريئة: استئناف المساعدات للسلطة الفلسطينية: المال والسلاح والشرعيّة السياسية باتت تتدفق عليه من مختلف الجهات. وأصبح هو الولد المدلل للمجتمع الدولي، بعد أن رفعت العقوبات عن حكومة الطوارئ التي ألّفها بعد انفراط عقد حكومة الوحدة الوطنية.

الآن، وبعد أن تحررت “إسرائيل” من الضغوط، اكتشف إيهود أولمرت فجأة أنّ الرئيس محمود عباس هو “شريكٌ” في عمليّة السلام. وبات المسؤولون في الكيان الصهيوني يتخيلون سيناريو يرضيهم. فالاختبار الجديد يقوم على إغراق الضفة بالمساعدات وحرمان غزّة؛ وفي هذا منتهى الظلم.

أما حركة حماس، فهي إن كانت ترى أنه لا بد من التمسك بحزم بالثوابت الوطنية، ورفض الاعتراف ب”إسرائيل”، فإنها تعرف أن قسما من الناخبين الفلسطينيين الذين صوتوا لها لم يصوتوا لها لأنّهم يقبلون ببرنامج حركة حماس، فالشعب الفلسطيني في غالبيّته يتوق إلى حل قائم على دولتيْن. في الواقع، فهمت حركة حماس ذلك: إذ كانت قاعدتها السياسية الانتخابية مختلفة جداً عن ميثاقها الذي ينصّ، على غرار ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية في الستينات، تحرير كل فلسطين من النهر إلى البحر.

غير أن حركة حماس التي جاءت إلى السلطة على أرضية اتفاقيات أوسلو، أي على أرضية الاعتراف ب”إسرائيل”، بات العديد من قادتها يعلنون أنّ حركتهم يمكن أن تنضم في ظل ظروف معيّنة، إلى إنشاء دولة فلسطينيّة محصورة فقط بالأراضي التي جرى احتلالها في العام 1967. ولكن، فوراً بعد انتخابات المجلس التشريعي في يناير/ كانون الثاني ،2006 تمّ وضع استراتيجية تديرها كلٌ من الولايات المتحدة و”إسرائيل”، ومضمونة من قبل الاتحاد الأوروبي، كما اعتمدتها فئة من حركة فتح للإطاحة، بكافّة الوسائل الممكنة، بنتائج الانتخابات.

إن الديمقراطية أهم ضمانات صيانة القضية الفلسطينية من التهميش، فضلا عن أنها تشكل أهم مضامين بناء هوية وطنية حقيقية قائمة على التعدد والاختلاف. أما في ما عدا ذلك، فإن استمرار المجتمع الدولي في جحوده ونكرانه للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، ولاسيما حقه في إقامة دولته الوطنية المستقلة، وحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم، سوف يقود الكيان الصهيوني إلى استغلال التناقضات الفلسطينية الداخلية لتصدير أزماته الداخلية، وإلى تقوية الجماعات الأصولية المرتبطة بتنظيم القاعدة، كما يحصل في نهر البارد ومخيّمات اللاجئين في لبنان أو حتّى في غزّة. - الخليج 12/7/2007 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required