مفتاح
2025 . الأحد 25 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


يتزايد الحديث عن مسعى أميركي دولي عربي لحل القضية الفلسطينية في الفترة الـمتبقية من ولاية بوش. ما أسهل التشكيك بهذا الـمسعى على ضوء التجارب الفاشلة السابقة والوعود الـمفرغة من أي التزام، وبفعل التعنت الإسرائيلي الـمسكون بعقدة الأمن. وما أيسر تقديم الـمسوغات الكافية لرفض ذلك الـمسعى وإهالة التراب فوقه.

مقابل ذلك يوجد ما يفيض من الأسباب لإعطاء هذا الـمسعى فرصة، ولكن دون صناعة أوهام جديدة، ودون الانطلاق من الـمصالح الضيقة الفردية والفئوية لقبوله والتعايش معه.

يجوزالقول إن القضية الفلسطينية تدخل الآن مفترق طرق قد يقود إلى الهاوية أو إلى بر الأمان. إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره يقوداننا إلى بر الأمان، وبقاء الاحتلال والتشرذم السلطوي يدفعاننا نحو الهاوية. وفق هذا الافتراض نحن بأمس الحاجة للتوحد من أجل وضع نهاية للاحتلال، ولكن خلافا لذلك انقسمنا وقدمنا نموذجين للسلطة ورؤيتين لإنقاذ الشعب من السقوط في الهاوية.

نموذجان للسلطة، واحدة في الضفة وأخرى في غزة يتكرسان أمام عيوننا يوماً بعد يوم. كان الانقسام سابقاً لانقلاب حزيران العسكري، وعبر عن نفسه بازدواجية ميليشيا "حماس" والسلطة، تلك الازدواجية الـمؤسسة على استراتيجيتين متضادتين في حقل السياسة وقضايا الـمجتمع والثقافة. نظرياً ما أسهل اشتقاق سياسة وبرنامج يلبي الحد الأدنى الوطني ويوحد الشعب. عملياً تصطدم هذه الـمهمة بأيديولوجية واستراتيجية "حماس" التي لا يوجد على أجندتها حل عقلاني يأخذ بالاعتبار القرارات الدولية والـمجتمع الدولي. عندما تحولت "حماس" إلى اتجاه أكثري في الانتخابات التشريعية تبنت سياسة الـممانعة والصراع الـمفتوح في ظل موازين قوى مختلة بشكل فادح في غير مصلحة الشعب الفلسطيني. وإذا ما تحولت "حماس" إلى اتجاه مركزي مقرر فقد تتعايش مع الواقع لحماية سلطتها ولكن بدون حل. ضمن هذا الـمفهوم فإن "حماس" لا تستطيع توحيد الحركة الوطنية والشعب على أهداف عقلانية واقعية قابلة للتحقيق ولا تستطيع استنهاض الشعب وإعادة بناء الـمجتمع وحمايته من التفتت وخطر التطهير العرقي. وبهذا الـمعنى فإن سلطة "حماس" تفتقد للـمضمون التحرري رغم التشدد في مواقفها السياسية.

الطرف الذي يملك امكانية لتوحيد الشعب على برنامج وأهداف وطنية تحررية هو (م.ت.ف)، غير أن هذه الامكانية ليست براءة اختراع أبدية محفوظة في مطلق الأحوال. لقد تخلخلت هذه الإمكانية منذ ان تراجعت الـمنظمة عن موقع الاتجاه الـمركزي الـمقرر، بفعل إخفاقها في بناء أول نظام وسلطة فلسطينية على أرض الوطن، وبفعل خسارتها النسبية لثقة الـمواطنين. تستطيع الـمنظمة بمختلف ألوانها السياسية استعادة ثقة الـمواطنين واستعادة مكانتها السياسية إذا ما أدخلت تعديلات مهمة في السياسة وفي بنية مؤسساتها ومنظومة قوانينها. ففي السياسة لا يكفي انتظار الحل والقبول بالـمبادرات والـمشاريع وخاصة بعد تجربة مريرة من الإخفاق واعتماد سياسة إدارة الأزمة والتنكر للاتفاقات والـمعايير الـمزدوجة الأميركية الإسرائيلية. السياسة الواقعية تتطلب التعاطي مع احتمال فشل الحل الـموعود القادم أيضاً بمثل ما تتعامل مع احتمال نجاحه، وما يستدعيه الفشل من التعاطي مع بدائل كخوض معركة سياسية تمارس فيها الضغوط والاحتجاجات والعقوبات. ويحتمل الفشل البحث عن مسعى آخر غير الـمسعى الأميركي، كالعودة لـمؤسسات الـمجتمع الدولي، والـمجموعات الدولية والاقليمية القادرة على تجاوز احتكار إدارة بوش وإسرائيل لادارة الصراع وضبط مساره.

الواقعية والعقلانية لا تعني الركون لسياسة الامر الواقع وخاصة إذا كانت من الطراز الإسرائيلي والأميركي، بل تحتمل التمرد والاحتجاج وممارسة الضغوط وتوسيع الـمعركة السياسية في الـمجال الدولي والاقليمي. إن الاستعداد لاحتمال الفشل لا يقل أهمية عن الاستعداد لاحتمال النجاح.

لا مناص من تجاوز الاختلال السياسي في مرحلة أوسلو الذي تعامل مع دور السلطة والـمنظمة والتنظيمات باعتباره دورا واحدا ونسخة واحدة، والتجاوز يبدأ بتنوع الادوار بين الحكومة والـمنظمة وفصائلها، وجعلها مكملة لبعضها البعض. الـمهمة الأكبر هي استعادة دور الشعب الفلسطيني في الخارج الذي صار هامشياً ومسقطاً من ميزان الحل السياسي. هذه الـمهمة تحتاج إلى مبادرات خلاقة تنطلق من الـمصلحة الفعلية لحل قضية اللاجئين التي لا تقل أهمية عن الـمصلحة الفعلية في إقامة الدولة الـمستقلة. ان استعادة دور الخارج الفلسطيني من شأنه تصليب الـموقف العربي وإعادة بناء تضامن عربي وعالـمي يشكل سنداً كبيراً ومهماً للتحررالفلسطيني.

مهمة سياسية كبيرة من هذا النوع تحتاج الى تعديل جوهري في البنية التنظيمية والإدارية وإلى إصلاح جدي في النظام الفلسطيني وفي الـمنظمة. لقد جرى بناء أجهزة ومؤسسات سلطة على أسس غير مهنية وغلب عليها الطابع الشخصي والفئوي وساد فساد مالي وإداري كان من نتيجته تخلخل الاجهزة وتفككها بعد اندلاع الانتفاضة ثم انهيارها بسهولة أمام حركة الانقلاب.

إذا كانت وظيفة الاجهزة الأمنية هي الدفاع عن القانون والنظام وحماية الـمواطنين في سياق عملية التحرر من الاحتلال وبناء الدولة فإننا بحاجة الى تغيير جوهري في بنية الاجهزة القائمة. وهذا يعني "احتكار السلطة العنف" ضمن مستوى مقنع من العدالة. وإذا كانت وظيفة الاجهزة هي الدفاع عن الامتيازات والاحتكار والتنفيعات والـمصالح الشخصية بمعزل عن الـمشروع الوطني فإن بقاء الاوضاع على حالها او إعادة انتاجها سيقودنا الى انهيار اضافي وربما نهائي، ففي هذه الحالة سيتوزع استخدام العنف على جماعات أخرى وستندلع الحروب الداخلية.

ان مستوى اصلاح الاجهزة الذي بادرت اليه السلطة ما زال محدودا وهامشيا، ولهذا السبب فان الاداء والـممارسات الـميدانية لـم تسجل تحسنا ملحوظا، هناك ممارسات غير ديمقراطية تشكل وجها آخر للـممارسات القمعية في غزة. سواء بالاعتقال دون إذن النيابة أو بالسماح للـمسلحين الـمقنعين إقامة القانون بيدهم وبالاعتداء على محطة تلفزيونية في نابلس او بتمديد الاعتقال بصيغة غير قانونية، أو بفرض استقالة أعضاء في الـمجالس البلدية كل هذه الـممارسات تخلط الأوراق، وتضعف الثقة بالسلطة وبالتغيير وتؤدي إلى حالة من الاحباط.

الاصلاح في إطار الـمؤسسة الحكومية لا يقل أهمية عن الاصلاح في الاجهزة الأمنية. لـماذا لا يتم التوقف عند نماذج لـمؤسسات بلا عمل، ورواتب لـموظفين بلا مقابل، ومسميات وظيفية بلا مضمون، وملفات فساد داخل الادراج، وثقافة تدبير الذات والواسطة والـمحسوبية.

مهمات كبيرة تحتاج إلى إرادة تغيير قوية، وإلى تدخل النخب الثقافية والتنظيمات الديمقراطية والقوى الاجتماعية التي لها مصلحة حقيقية في التغيير فمن يبدأ؟ Mohanned_t@yahoo.com - الأيام 7/8/2007 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required