بعد هذا الزخم من اللقاءات السياسية المتتالية , ارتفعت نغمة التفاؤل عند البعض من العرب والفلسطينيين , كما ارتفعت أسهم دبلوماسية التفاوض كوسيلة رئيسية , إن لم تكن وحيدة , لايجاد الحلول السحرية للصراع الفلسطيني –الإسرائيلي , وغابت , إن لم تكن إستثنيت , نظرية المقاومة . من المعروف تاريخيا , أن معظم صراعات التحرر الوطنية , كانت تنتهى على طاولة المفاوضات , باعتبارها استمرارا للمقاومة بطريقة اخرى . لكن التاريخ يعلمنا أن الجلوس حول طاولة المفاوضات بين الخصوم كانت تحكمه إمّا توازن القوى , وإمّا الكلفة العالية التي يتكبدها المُحتل او المُستَعْمِر من جرّاء استمرار احتلاله أو استعماره , وإمّا مداخلات دولية ترى أن استمرار الصراع يهدد السلم العالمي أو المصالح الدولية . فهل الحالة الفلسطينية تقع ضمن هذا السياق أم أنها حالة إستثنائية ؟ إنها بالفعل حالة إستثنائية لسببين , الأول يتعلق بالفلسطينيين أنفسهم وملخصة عدم إمكانية الوضع الفلسطيني المميز في خلق حالة من توازن القوى مع إسرائيل تجبرها على التفاوض , والسبب الثاني يتعلق بإسرائيل من حيث فكرها الرافض للتفاوض أو الرضوخ لإرادة المجتمع الدولي , . وهذه نماذج للدلالة : اولا : الفكر الصهيوني قائم على مبدأ إقتلاع الفلسطيني من أرضه دونما أي اعتبار , وهذه عينة بسيطة من أقوالهم : حاييم وايزمان " إن تحقيق المشروع الصهيوني يعتمد على تنفيذ الترحيل الجماعي للعرب " . بن غوريون " من الضروري ترحيل العرب قسرا ... علينا أن نطرد العرب ونحتل أماكنهم " ثانيا : الفكر الصهيوني لا يؤمن بالمفاوضات , وإليكم عينة صارخة على ذلك : أ . تموز 1949 : في محادثة تلفونية من أبا ايبان , ممثل إسرائيل آنذاك في الأمم المتحدة , ووزير خارجيتها فيما بعد , قال ل " بن غوريون " { لا ضرورة للركض وراء السلام , فإذا ركضنا وراء السلام , فان العرب سيطلبون منا ثمنا –حدودا , أو لاجئين , أو كليهما }. ب . 1991 في مدريد-اسبانيا – كانت شروط شامير , رئيس وزراء إسرائيل آنذاك, تتلخص في أن لا ترعى الأمم المتحدة المؤتمر , وأن لا تُؤخذ فيه قرارات , وأن يكون مؤتمرا مراسيميا مجردا , هذا بالإضافة الى سعية لأن تستغرق المفاوضات , إن حدثت , عشرات السنين دون الوصول الى نتيجة . ج . إسرائيل لا تعيش بالسلام , وهذا القول ليس إجتراءّ منا عليها , فلنسمع الى موشى ديان :" إننا جيل من المستوطنين لا نستطيع أن نزرع شجرة أو أن نبني بيتا من دون الخوذة الفولاذية والمدفع " ويضيف " إن الحرب المستمرة هي الشرط الضروري لوجود الدولة " د . المفاوضات السياسية مقصود بها دائما الوصول الى نتيجة ترضي الأطراف المتصارعة , وفي حالتنا الفلسطينية , المقصود قبل كل شيء إقامة الدولة ورحيل الإحتلال, فكيف ينظر الطرف الآخر في هذا الموضوع ؟ هذه نماذج من مواقفهم · . " لن يكون هناك تفاوض سياسي تحت النار –الإرهاب " والمقصود طبعا هو إنهاء المقاومة بكل أشكالها . وهذا ما جاء صريحا وواضحا في رؤية الرئيس الأمريكي بوش الممثلة ب " خارطة الطريق " . ولو سلمنا جدلا بأن الفلسطينيين يمارسون الإرهاب , وتاليا لا مفاوضات معهم , فما الذي يمنع إسرائيل مثلا أن تتفاوض مع سوريا التي لم تنطلق من حدودها رصاصة واحدة , أو عمل إرهابي واحد منذ العام 1973 ؟؟ مجرد سؤال · المجتمع الفلسطيني مُصاب بالإرهاب والفساد , ولذا فقيام دولة فلسطينية يشكل خطرا حقيقيا على إسرائيل . وهذا القول صادر , حديثا , عن دوف فايسغلاس , مستشار شارون سابقا . · إسرائيل لن تبدأ بأي إنسحاب من الضفة قبل العثور على التكنولوجيا اللازمة لتحييد الصواريخ الفلسطينية الصنع , وهذا يحتاج الى فترة خمس سنوات . هذه أقوال " باراك " وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي . وماذا لو لم يعثر براك عاى تلك التكنولوجيا المضادة للصواريخ الفلسطينية ؟ مجرد تساؤل موجه للمهرولين الفلسطينيين الى التفاوض ؟ هذه نماذج بسيطة ومختصرة عن الفكر الصهيوني والممارسة الإسرائيلية اليومية التطبيقية لذاك الفكر . فهل بعد هذا نتوقع خيرا من المفاوضات \ السراب ؟ نحن لسنا ضد اي تفاوض مع اسرائيل أو أمريكا , ولكن بشرط أن لا يهبط سقف مطالبنا\ حقوقنا , وبشرط أن لا تغيب ثوابتنا جميعها عن أجندة المحادثات , وأن تكون المفاوضات تحت مظلة الشرعية الدولية وقراراتها السابقة ذات الصلة بالإحتلال وعدم شرعيته , وبالإستيطان وانتهاكاته لمعاهدة جنيف الرابعة , وتاليا شرعية تفكيكه وليس التعويض عنه بأراض في مكان ما , وبالاجئين وشرعية حقهم في العودة الى بيوتهم ووطنهم , وبالقدس وحقنا فيها عاصمة لدولتنا . نحن مع المفاوضات بهذه المعايير والأجندة الرئيسة , ولسنا مع المفاوضات من أجل رفع حاجز عسكري هنا أو هناك , فهذه تعتبر تحصيل حاصل , أو تحصيل مفاوضات الدرجات الدنيا من المستوى السياسي .ولسنا مع المفاوضات التي يقترحونها مخرجا لأزماتهم الدولية في العراق أو أفغانستان أو ايران . نحن مع المفاوضات لتثبيت حقوقنا الشرعية لشعبنا في الداخل وفي الشتات . والأهم أننا مع المفاوضات بدون هرولة , وإلا سيطلبون منا ثمنا غاليا : الأرض, اللاجئون , القدس , المستوطنات . - مفتاح 13/8/2007- اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|