"العزيزة فيحاء، هل يمكن لنا أن نقدم إجابات على الأسئلة الكبيرة المطروحة في مجتمعاتنا وفي أوساط مكوِّنات الحركة النسوية العربية؟ هذا ما يمكن ان نجتهد به، كشبكة نسوية عربية، دون ادعاء, فالإجابات، سوف تقدمها الإنجازات المتراكمة، بناء على وضوح الرؤيا, وتحديد الإطار العام، الذي ستعمل على أساسه المؤسسات النسوية العربية. في ختام تقرير التنمية الانسانية 2005 م؛ تمت دعوة المجتمعات العربية لوضع مشروع نهضوي للمرأة العربية. ويمكن للدعوة، لو تحققت؛ أن تقدم إجابة على القضايا الرئيسة التالية: - تحديد طبيعة الصراع الذي يدور في منطقتنا, فهو ليس صراعاً أيديولوجيا بين قوى الليبيرالية المحافظة والاتجاه السياسي الاسلامي المتطرف, وإنما الصراع يدور أساساً على المصالح المباشرة لهذه القوى، التي تعمل على نهب ثروات المنطقة، وكل ما ينتج عن ذلك من حروب، ومصادرة السيادة الوطنية, وإعادة ترتيب الجغرافيا السياسية من جديد، من موقع ترسيخ التبعية السياسية والاقتصادية. - الانقسامات الحادة التي تعيشها المجتمعات العربية, والتي أعادت إنتاج عوامل التخلف والجهل, وعصفت بإنجازات الحركة الجماهيرية، ومنها الحركة النسوية العربية؛ الأمر الذي زاد الانقسامات الأفقية في المجتمعات العربية, هذا الى جانب افتعال الصراعات العرقية والطائفية والمذهبية، التي أسهمت هي الأخرى في الانقسام العمودي في المجتمع الواحد (العراق ولبنان وفلسطين). - تراجع الدور الشمولي والاجتماعي للمؤسسات الأهلية العربية, ومنها المؤسسات النسوية, في ظل تصدع الوحدة الداخلية في المجتمعات العربية نفسها. وقد جاء تهميش دور المؤسسات الأهلية، ضمن سياق منهجي، طرحه ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير، والمطالبة بإصلاحات ديمقراطية في البلدان العربية, حيث برز فيها موضوع المرأة، هدفاً رئيساً لهذه الإصلاحات. وفي مواجهة هذه المستجدات، برز اتجاهان واضحان في الحركة النسوية العربية: الاتجاه المحافظ، الذي رفض التعامل مع هذه المستجدات، والاتجاه الذي تبنى سياسات الليبيرالية الجديدة، تحت عناوين الحداثة والتقدم. إن الرد على كل من الاتجاهين، وعلى مجمل السياسات التي حملتها الليبيرالية الجديدة، هو بتبني تطوير البنى المؤسسية النسوية، وتوحيدها، على أسس ديمقراطية، تأخذ بالاعتبار المستجدات الاجتماعية والاقتصادية، وتطور آليات عملها، ونظمها الداخلية، على أساس ضمان مشاركة القواعد الشعبية النسوية في صنع القرار. إن الخطاب الوحدوي الديمقراطي، هو ضروري حقاً، في معالجة الآثار التدميرية للخطاب الانقسامي والفئوي داخل المجتمع الواحد. وإذا قدر للمشروع النهضوي النسوي أن يتحقق؛ فسوف يشكل جزءاً عضوياً من المشروع النهضوي العربي بشكل عام, وبدونه يبقى هذا المشروع قاصراً. كما أن الحركة النسوية العربية نفسها، تعاني من الانقسامات والاستقطابات الحادة على مستوى المجتمع الواحد، وعلى المستوى العربي عموماً. هذه الاستقطابات هي التي تنتج ظواهر التطرف الفكري والسياسي والديني. وهي التي تؤدي إلى تفتيت وحدة المجتمعات, وتضرب الديمقراطية, والاصلاح السياسي والاجتماعي الذي نادت به الحركة الجماهيرية العربية، وناضلت من أجله منذ عشرات السنين. نحتاج خطاباً مطوراً وحدوياً، يتضمن المساواة الاجتماعية، ويقوم أساساً على التصدي لهذه الانقسامات. ولا بد من إعادة الاعتبار لبرامج عمل ومهمات بسيطة وسلسة، بعيداً عن النخبوية. برامج قادرة على الوصول إلى المصالح المباشرة للنساء، وإقناعهن بالانتظام في عمل جماعي، من أجل الدفاع عن هذه المصالح بوسائل سلمية، يتيحها القانون والدستور وحقوق المواطنة. وفي مواجهة سطوة العولمة وثقافتها، وآليات هيمنتها؛ علينا أن نؤسس؛ ليس فقط لنقد ثقافة العولمة الرأسمالية وقوانينها؛ وإنما النضال من أجل عولمة بديلة؛ إذ لسنا قادرين على التصدي لهذه المهام، في الظروف الموضوعية والذاتية الشاقة التي نعيشها, بعيداً عن بناء تحالفات جدية مع القوى النسائية الحليفة في العالم. وعليه نسأل أنفسنا: من هم حلفاؤنا؟ وأين هم؟ نحن معنيون بتطوير علاقاتنا المشتركة، على المستوى الوطني والعربي والعالمي، مع المنظمات العالمية الغربية، التي تتماثل برامجها، مع المضمون التحرري والديمقراطي لبرامج عملنا، وتناهض خصمها "الليبرالية الجديدة"، من موقعها، وبأساليبها الخاصة. إن مأسسة هذا التحالف، هي حلقة في سلسة طويلة، لمناهضة العولمة الرأسمالية المتوحشة. ورغم تطور وتعديل البرامج النسوية، على امتداد القرن العشرين؛ تبقى الخلاصة الأهم: ضرورة الجمع بين المضامين الديمقراطية السياسية، والديمقراطية الاجتماعية، دون أن يشكل أحدهما بديلاً عن الآخر. كما توجد ضرورة لتطوير المفاهيم والمصطلحات، في لغة الخطاب للمؤسسات النسوية، والتدقيق في خطاب المؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة، فنتائج هذه المؤتمرات، هي محصلة موازين قوى دولية واجتماعية، لذلك نلمس الفرق الهائل بين النتائج المتقدمة لمؤتمر المكسيك عام 1975م، الذي أدان الصهيونية، بصفتها حركة عنصرية تعيق تقدم المرأة العربية، والفلسطينية، وبين نتائج مؤتمر بيجين، التي تواطأت مع متطلبات الليبرالية الجديدة في المجتمعات الفقيرة والنامية، ولم توجه إدانة واحدة لمن يقف وراء كوارث الاحتلال والفقر والتمييز، وكل أشكال الاستغلال للمرأة. هناك ضرورة لتطوير العقل النقدي الجمعي للمؤسسات النسوية؛ للنضال ضد ثقافة جديدة، تسعى إلى التماهي مع متطلبات التحديث المزيف، والتي تكتسح مؤسساتنا النسوية، وتشكل تهديداً لتماسكها، وصلتها مع جمهورها النسوي العريض". عبلة محمود أبو علبة/ عضو المكتب التنفيذي للشبكة النسوية العربية ***** وبعد، كيف نطوِّر الممفاهيم والمصطلحات في خطابنا النسوي؟ وكيف نربط ربطاً خلاّقاً بين المضامين السياسية والاجتماعية؟ وهل يمكننا أن نجري مراجعة شجاعة لبرامجنا النسوية؟ ما زلنا بحاجة للإجابة على المزيد من الأسئلة. ومهما أجبنا؛ تبقى الحاجة إلى مساءلة الذات، وحسابها؛ ليس بهدف جلدها؛ بل استجابة لإعمال الفكر النقدي النسوي، الذي لا يرضى بالإجابات الجاهزة المكررة؛ بل يسعى دوماً لتفكيكها، من أجل إعادة إنتاج معرفة بديلة. faihaab@gmail.com - مفتاح 13/8/2007 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|