لعله من الجدير بنا ونحن على عتبة المؤتمر الامريكي في الخريف القريب ان نتوقف مرة اخرى امام اعمدة الاستراتيجية الاسرائيلية تجاه الملفات المختلفة وبالتالي الاحتمالات المتوقعة اثر ذلك. وعليه نتساءل بداية: هل تخلت المؤسسة الاسرائيلية بكافة عناوينها السياسية والعسكرية /الامنية والاكاديمية عن استراتيجياتها يا ترى...؟! وهل تراجعت اسطورة ونظرية واستراتيجية "ارض اسرائيل الكاملة"او"اسرائيل الكبرى" او "الدولة اليهودية من النيل الى الفرات" حتى يمكن الحديث عن تسوية..؟ يذكرنا"اوري افنيري" على سبيل المثال بان اجماع الاغلبية الاسرائيلية - اليهودية اصبح على: اولا: الدولة اليهودية- وهي القاسم المشترك بين معظم اليهود.. والاهتمام في هذا السياق بان يبقى غير اليهود- اي العرب- باقل عدد ممكن. ثانياً: توسيع الدولة اليهودية جغرافياً واستيطانياً. ويستخلص افنيري ان الدمج بين هذه الاعمدة ينتج صورة للاجماع السياسي الاسرائيلي الحالي وهو: ضم الكتل الاستيطانية ومناطق واسعة من اراضي الضفة الى اسرائيل واعادة الباقي للفلسطينين وهذا الاجماع يمتد من شارون ونتنياهو وعوزي لنداو واولمرت، الى ببيرس وباراك ويوسي بيلين. اما الجنرال احتياط شلومو غازيت وهو من كبار الباحثين الاستراتيجيين فيستخلص في قراءة موسعة له حول الخريطة واعمدة السياسة الاسرائيلية قائلا: "ان اعمدة السياسة الاسرائيلية المستقبلية ستكون: استكمال بناء الجدار الذي سيتحول الى خط حدودي غير مباشر، ومواصلة اعمال الاستيطان في غالبية المناطق الواسعة خلف الجدار". وفي قصة احتمالية التسوية السياسية وعلى خلاف سيمفونية مروجي عملية السلام والتطبيع الزاعمة بأن المجتمع السياسي الإسرائيلي يؤيد في معظمه "السلام وإنهاء نزاع القرن" مع الفلسطينيين والعرب، فقد أظهرت جملة من الحالات والمواقف الإسرائيلية بأن الإجماع السياسي الإسرائيلي قائم ومقولب وجاهز بكل ما يتعلق أو عندما يتعلق الأمر بالأرض الفلسطينية وبالحقوق الفلسطينية الأخرى مثل القدس واللاجئين والدولة الفلسطينية المستقلة السيادية. ونقترب أكثر من مسألة الإجماع السياسي الإسرائيلي تجاه أوطاننا وقضايانا وحقوقنا حينما نقرأ المشهد الجدلي الإسرائيلي المتواصل حول القرارات الدولية وفي مقدمتها 242 المتعلقة بالقضية الفلسطينية، إذ كان المستشار القضائي الاسرائيلي سابقا الياكيم روبنشتاين قد اعلن "ان القرار الدولي 242 لا ينطبق على المفاوضات مع الفلسطينيين بشان الضفة الغربية"، وبالتاكيد فان وجهة النظر القانونية التي أعلنها لا تعبر عن موقف اليمين الإسرائيلي فقط إزاء القرارات الدولية المتعلقة بالقضايا والحقوق الفلسطينية. فقد سبقه إلى مثل هذا الموقف الجنرال باراك نفسه رئيس الحكومة الإسرائيلية سابقا التي وصفت في مرحلتها الأولى أنها "حكومة السلام" إذ أعلن باراك في منتصف تشرين الثاني 1999 "أن القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن لا يسري على المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة". كما أن حاييم رامون أكثر الوجوه حمائمية في حزب العمل سابقا – كما يقولون – والذي انضم الى حزب "كديما" أعلن خلال مقابلة تلفزيونية معه "أن 242 لا يسري على الضفة، وأنه لم يكن هناك أصلاً كيان فلسطيني ولا الرئيس عرفات كان موجوداً عندما اتخذ هذا القرار". وأتبعه شلومو بن عامي من أبرز حمائم حزب العمل سابقا أيضاً ورئيس الوفد الإسرائيلي للتفاوض مع الفلسطينيين في "كامب ديفيد–2" حول التسوية الدائمة خلال مقابلة أجرتها معه القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي بتصريح أكد فيه على الثوابت التفاوضية الإسرائيلية وهي: 1- غور الأردن على امتداد نهر الأردن سيبقى تحت السيادة الإسرائيلية. 2- تكتلات المستوطنات ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية. 3- القدس الموسعة ستبقى موحدة تحت السيادة الإسرائيلية. يضاف إلى ذلك جملة لا حصر لها من الخرائط والخطط والاشتراطات الإسرائيلية المتعلقة بالأرض والحقوق الفلسطينية والتي نرى فيها حالة الإجماع السياسي الإسرائيلي. والحقيقة الساطعة أيضاً أن السياسات الرسمية والحزبية الإسرائيلية الليكودية والعمالية ليس فقط ترفض تطبيق 242 على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإنما ترفض كذلك التعامل مع القرارات الدولية الأخرى وخاصة 181 و194 المتعلقين بقرار التقسيم وإقامة الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين الفلسطينيين. إذن .. تتنصل السياسة الرسمية الإسرائيلية عمالية / يسارية وليكودية يمينية على حد سواء من كافة القرارات الدولية المتعلقة بالأرض والحقوق الفلسطينية المشروعة، ونتابع من جهة أخرى بازار الخرائط والعروض الإسرائيلية حول التسوية الدائمة مع الفلسطينيين والتي تجمع كلها في نهاية الأمر على تكريس الخطوط الحمراء والثوابت والأهداف الإسرائيلية. ولذلك نقول دائما: لنقرأ اولا خريطتهم تجاه الأرض.. وخريطتهم تجاه القدس.. والثالثة تجاه قضية اللاجئين وحق العودة.. والرابعة تجاه الدولة والسيادة والحدود .. والخامسة … الخ. لنستخلص في نهاية المطاف أنهم بالإجماع السياسي الحزبي البرلماني المجتمعي يعتزمون تكريس احتلالهم وهيمنتهم سواء بشرعية المفاوضات والاتفاقيات والبصمات الفلسطينية والعربية والدولية أو عبر المروحيات والدبابات ..الخ، ولنستخلص أنهم يريدون لنا دولة فلسطينية مستقلة بسيادة إسرائيلية كاملة ؟!. وربما على "مساحة تشمل غزة و18% من الضفة الغربية فقط، أو على مساحة 42% كما كان عرض شارون في مشروعه السياسي التسووي- في حينه".
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|