تدفّق الأحداث بهذه السرعة، لم يعد صالحاً لإيجاد الوقت الكافي، ليس فقط لتناولها بالتفصيل، بل حتى لمجرد الوقوف عند حقها في استخلاص العبر، يبدو أن هودج الشعب الفلسطيني، أصبح هذه الأيام يمور فوق جملٍ أهوج، وهو وضع لا شكَّ نجم منذ البداية، عن الاحتكامِ إلى الظنون، والبناء على الهواجس، قبل أن ينفجر فيحرفَ ويغوي بالمزيد، والغريب المفزع أن الأيام حبلى بأحداث عجيبة، وأظن القادم أعظم! في ما لحظنا من تحضيرات، لولادة هذه الأحداث المفزعة، والإمعان في الطيش والنزق، والتأكيد على الخطايا والجرائم، وكأن الفضيلة أصبحت عند البعض، بعض كبْر وبعض غلواء، ترد مجموعة من الملاحظات، لا مندوحة عن الوقوف إزاءها، ولو ببعض ما تيسّر من الضوء، علَّ هذا يكشف مقدار مخاتلة النفس، وخداع الآخرين فيه. -« أعاجيب السيد الزّهار »: استمعنا إلى هذا الرجل، يقول بمليء شدقيه، قولاً عجباً ،ربما كان في ظني هو أسوأ ما قيل، منه ومن غيره حتى الساعة، في حق شهيد راحل، وفي حق مشروع شهيد راجل، فهو يقول بالحرف في معرض حديثه، "من قسّم الوطن للضفة وغزة، هو أبو عمّار وأبو مازن"! هكذا بمنتهى السماجة والمخاتلة، يضعنا السيد الزهار، أمام ما لا يجعلنا على هذه من الكاظمين، منذ متى قسّم الشهيد أبو عمار الوطن ؟ ومنذ متى كان الشهيد أبو عمار سبباً وأداة في تجزئة وتقسيم؟ ومنذ متى دفع الرئيس عباس إلى قسمة وتجزئة؟ أبو عمار يا سيد زهار، أصرّ في اتفاق أوسلو، أن تثبّت أريحا مع غزة، منذ الأيام الأولى لتوقيعه اتفاق أوسلو، حتى أن بعضاً من جماعتك، قلب الشعار الذي بدأت به الحكاية، عن سوء نيةٍ وخفية، من "غزة وأريحا أولاً"، إلى "غزة وأريحا، أولاً وأخيراً"، وما انفك كثير منهم يؤلفون حول الشهيد الراحل، عشرات القصص ومئات الطعون، إلى أن لقي الله شهيداً وهو مستمسكٌ بوحدة الوطن، ليس فقط ذلك الجزء العزيز من الوطن، الذي سلختموه واستقطعتموه في انقلابكم أمس، على أساس ما نعرف من تقديمك صورً مسخاً عن الوطن، بشهادة شهود عدول، حيث تعتبر الوطن يا أستاذ زهار، هو حدود القطاع الجغرافية، وعلى أهل الضفة أن ينقذوا أنفسهم ؟! أو ليسَ هذا هو حديثك في الرياض؟ أبو مازن تعامل معكم، بدرجة الأفضلية منذ فترة، حتى ظننا الرجل قد تولّاكم من دون الآخرين، وكنا فيمن لاحظ أنما يتمًّ كلُّ ذلك على حساب ما كان منافسكم وخصمكم أي "فتح"، وقد أصرَّ دوماً على أن تكونوا في صدر كلِّ أمر، منذ الانتخابات وحتى الحكومات والكراسي "الوهمية"، التي احتفيتم بها أيما حفاوة، من ربطة العنق التي كانت مثار تهكّمكم قبلاً، وحتى مركبات المرافقة والكاميرات وما بينها؟ أليسَ هذا عجيباً وغريباً ؟ ماذا تريدون منا بالله عليك، أن نحكم مغمضي العيون والأذهان على قول أحدكم، وهو يلقي بالفرية لا تجفَّ له طرف عين؟ ثمَّ قل لي: ما الذي جعل عشرات من كوادر "فتح" المتقدمين، ممن لا تستيطعون معهم إلا أن تذكروهم بخير- اللهمَّ إلا أن تكون الجادة قد انحرفت، بما يكفي لكي « تحلّون » لأنفسكم فريةً بحقهم- ، لا يجدون مناصاً من الأسى لما سقطتم به وأوقعتم معكم كلَّ من ظنَّ بكم خيراً؟ أوما بلغك ما قاله أسير الحرية أمس مروان البرغوثي، عن أسفه لما آل إليه أمر ما أوسع لكم منه، وهو فيمن قال، «شركاء في الدم، شركاء في القرار » ؟ بالمناسبة لاحظت استخدامكم، مفردة «بهاليل» تقصدون بها الإساءة، وهذه لغةً هي المصاحب لمفردة أخرى أظنك تعلمها « الغطارفة »، وكلا المفردتين تعود إلى صفات السيادة، فلقد مدحت ردحاً، وكنت تظنُّ قدحاً، وأخشى أن عليها حالك فيما تبقى! أدعو لك الله بهداية وصوابْ. -« قوانين السيد بحر»: طلع علينا السيد بحر، في فتاوى دستورية، حول مسألة القرار الذي أرفق بقانون الانتخابات المعدَّل، وهذا القرار الذي يحتوي تبني القائمة النسبية الكاملة، مع انخفاض في نسبة الحد الأدنى، وهو الذي كان في صلب مطالبة جماعة «حماس» به، ليكون أساس انتخابات عضوية المجلس الوطني الفلسطيني، أصبح فجأةً هو لسان حال «إبليس»، وهو خيله ورجله في «المؤامرة» على هؤلاء ؟ ما لفت الانتباه، كيف يطالب بذات الأمر في مجال، ويحملُ عليهِ في موقعٍ آخر؟ ثم إنا استمعنا إلى الرئيس، يقول بهذا القرار ويلقي به إلى ساحة المجلس التشريعي، إما يقبله أو يرفضه، وقد صدر بناءً على استشارات ومطالبات من الأغلب الأعم، كما أنه صدر بموجب مادة في هذا القانون الأساسي، المنظّم لهذه السلطة، فلا يوجد من احتمالات نفهم على أساسها إدعاء المؤامرات، إلا أن تكون هناك نية لعدم عقد هذا المجلس التشريعي،مهما كانت الأسباب عند طرفٍ بعينه، ومن هو الطرف المعيق لعقد جلسة جديدة لهذا المجلس؟ هذا النظام الذي يتيح، لكل فئات الشعب الفلسطيني، أن تعبّر عن نفسها بصراحة، طالما كان واقع الحال، لا زال حتى الساعة، هو اعتبارحتى الحكومة كما جاء على لسان رئيسها، السيد سلام فياض بالقول"أننا لا زلنا في مرحلة تحرير وطني"، يتيح لمشاركة واسعة، ويتيح لكلٍّ أن يكون له رأيه وإسهاماته، فكيف تكون هناك مؤامرة، إذا كان الهدف النهائي المتحقق هو هذه المشاركة الواسعة، فلا يمكن فهم المؤامرة، إلا أن تكون حسابات حزبية! نعم مثل هذا القانون لن يتيح، لا « لحماس» ولا «لفتح » أن يكون لها، محاصصة كعكة السلطة الفلسطينية، التي لا زالت سلطة «تحت الاحتلال »، وسيكون بمقدور فئات وشرائح الشعب الفلسطيني، أن تشارك في القرارات الخاصة بها، وهو نظام كان يجب أن يبدأ به الأمر منذ البداية. أما مسألة ما أثيرعن اشتراطات القانون، فلعمري هذه مضحكة ومعجبة، فإذا كانت ديباجة هذا النظام الأساسي للسلطة، وحكمها نافذ مثل موادها القانونية، وهو الأمر المعلوم قانونياً في أي اتفاق وعقد، تنص على أن منظمة التحرير الفلسطينية، هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وأن منظمة التحرير قد أعلنت في العام 1988، إعلان الاستقلال الوطني، وأن هذه السلطة قامت بناءً على اتفاقيات وقعتها هذه المنظمة، وعليه يتم مزاولة نشاطها، فإن مسألة إبرازها مع القرار، ليست إلا إعادة استقدام المعرّف، فكيف يكون هناك من اشتراطات سياسية، وهي مجرّد تعريفات دستورية؟! ثم أليس النظام السياسي في فلسطين نظاماً رئاسياً والنيابة والحكومة والقضاء في معاونة الرئيس، وهو ما هو متفق عليه! مسألة العبث بعقول الناس ليست متأتية، ولا كان البحر حكيماً في الهياج من دون هزة، أما ما بلغ من الفرية في معرض مؤتمر السيد أحمد بحر، فهو استشهاده بالبند الثاني من مواد القانون الأساسي، على أساس أن الرئيس محمود عباس، قد خرق هذا البند، ولما عدنا لهذا البند وجدناه كومة الحريات التي سطت عليها جماعة «حماس » في غزة، عجيب وغريب أمر هذا الأداء العابث، يا أخي إن كنتم تريدون من مصداقية لشيء، فابحثوا لكم عن غير «الفهلوات»، فهذه حبالها متقطعة بالية، لا تسند غالية، ولا تبلغ عالية! ثم إن كانت هذه الديباجة هناك منذ البداية، وقد دخلتم عقداً شرعياً بالإيجاب والقبول تلزمكم، فكيف اليوم تحاولون التحلة منها؟ ألا يفقدكم ذلك «حق العقد »، أولا يجعلكم ذلك خارج هذا العقد شرعاً، ويخرجكم أنتم من صفتكم التي أنتم باسمها تتحدثون الآن، كأعضاء في مجلس تشريعي، وصلتم لها بناء على هذا العقد؟ أولا تصبحون إن نقضتم ذلك كمن نقض العقد كله؟أو تعودون بعدها تحت غطاء هذا العقد الشرعي؟ لا يعفيكم أخانا بحراً، محاولة تنصلكم في الحوارات المتعددة من هذه الديباجة، والمقاتلة بالقول أنكم تلتزمون «بمواد القانون وتحترمونها» في محاولة لفصل الديباجة عن المواد، لأن هذا العمل كان من الممكن أن يكون مفيداً ومقبولاً، لو بدأتم به فاشترطتم على ذلك منذ البداية وقبل انتخابكم، ولو قبلت ذلك السلطة وقبل الناخب هذا، لأمكن لكم اليوم أن تكونوا عند شروطكم، أو« ليس المسلمون عند شروطهم»؟! هذا يذكرنا بالحكاية الشعبية مع قاضي البلدة، في تغيير اسم «الواوي» الذي اصطاده ابن القاضي، إلى « الوي وي » لمجرّد أن ينقذ ولده، هل « الحلالُ » هو ما كان في الأيدي، و « الحرام » ما كان خارجهما؟! - «فتاوى السيد أبو راس» : أفتى السيد أبو راس ،ومن موقع رئيس رابطة علماء فلسطين، فتوى دينية لأول مرة علناً بعد جملة الفتاوى المحلية، أي تلك التي كانت تصدر سراً بين جماعة «حماس»، ثم ما لبثت أن ظهرت على منابر الجمعة، وفي دروس الغرف والساحات في المساجد، وبعضها طال «التكفير» وأخرى كانت «للتخويين » وجزء منها «للبراءة» من بقية خصوم جماعة« حماس» السياسيين إمعاناً في التشتيت والتكفير، حتى أن الغلمان والصبية من هؤلاء، أوغل في استخدام مفردات بعينها، فلقد قرأت أحدهم يكتب واصفاً السيد الزهار مثلاً، « بقاهر المنافقين»، أعلم أن المنافق من يظهر الإيمان، ويبطن الكفر، وهي صفة أظهرها النص القرآني في حق جماعةٍ بعينها، كانت تكيد للإسلام؟ لا يمكن من هذه التعبئة «الحاقدة»، إلا أن تخرج بوضوح بمعلومة تقول، أن كلَّ من هو ليس حماس فهو من هؤلاء « المنافقين»، يعني أن في هذا ما يبطن الدلالة، ومنهم ما يظهرها، والمحصلة واحدة، «تعبئة تكفيرية»، يجري بعدها الاستناد إلى هذه التعبئة، في «استحلال الحرام»، من دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم! فيما سبق كانت القصة تقوم على حكاية المنابر، وعلى حكاية الدروس «الخصوصية» في المساجد، واستغلال هذا جملة في التعبئة الحزبية الواضحة، لأنها ليست تعبئة «إسلامية» استناداً إلى إسلام بيّن وكفر بيّن، فهم لم يتورّعوا حتى عن استهداف آخرين على ذات الأيديولوجيا المفترضة «عقدياً»، مثل تناول فصيل آخر «كالجهاد الإسلامي » أو حزبٍ آخر «كحزب التحرير الإسلامي»، وأظنه التعميم العام في نهاية الأمرضد ذلك الأخ «العدو » ، فالناس أربعة كما نقل عن بعض متقدمي الأخوان: أخ منا له ما لنا وعليه ما علينا، وأخ نصير مآله إلينا، وأخ جاهلُ تعليمه علينا، وأخ عدو ! اليوم هناك فتوى دينية عامة، وهذا الجديد في الأمر، وهي فتوى ممن لا يحق له نظاماً إصدار الفتوى في فلسطين حسب الأصول، فهناك مفتي عام لهذه البلاد، أما وقد خرجت فلننظر فيها، أشار معظم من نثق بعلمهم ودينهم وخلقهم، أن «فتوى تحريم الصلاة بالساحات العامة» كما صدرت من السيد أبو راس، غير صحيحة، بل ذهب بعضهم أن طاعة ولي الأمر واجبة، حتى لو أمر بالصلاة في موضع صعب أو قصي! وطبعاً هذا لا ينظر إليه كما نظر إليه بعض من عنده «فكاهة» في استخدام الأمر على محمل الفكاهة بالقول، «صلاة مناكفة» أو غيرها، وكنا نحسب أن ثاقب النظر عنده أفضل قليلاً!، بل ينظر إليه إلى موضع آخر لم أستمع لمن وقف على العلة فيه حتى الساعة! يعلم السيد أبو راس، أن فتواه «بعدم جواز الصلاة» على النحو الذي نشرت عليه -«وليس تحريمها »، فالحل والتحريم لله عز وجل وللشارع الحكيم- لا يمكن أن تؤخذ على محمل الجدِّ دينياً إلا في حالة واحدة فقط، وهذه الحالة الوحيدة المؤهلة لقبول هذه الفتوى منه أن تكون على النحو التالي: ]أن يكون الولي الشرعي عنده، هو أيٌّ من مجموعة «حماس» وأن يكون قد طلب منه تبليغ رفضه « إقامة هذه الصلاة في الساحات»، وأن يكون صدع لهذا وأخرج فتواه هذه[، في هذه الحالة فإن الذي أخفته هذه الفتوى من خلفها أموراً ثلاثة: الأول:- النظر إلى الرئيس محمود عباس، أنه ليس الولي الشرعي، وهو في هذا إقرار بخروج جماعة «حماس» نهائياً، أو سعيهم لخروج نهائي عن الوطن الفلسطيني، واعتبار ما غلّوه هو الوطن الفلسطيني. الثاني: أن تكون دماء وأعراض وأموال من سيخالف يوم الجمعة غداً، هذه الفتوى في حلٍّ، ومعناه المباشر هو التحريض على «مجزرة دينية»، تشابه ما فعله «الخوارج» و «القرامطة» وسواهم من الشيع والملل والنحل. الثالث: أن تكون الفتنة الكبرى، سواء في الضفة الفلسطينية أو في غزة، والتي يجري التحضير لها على هذا الأساس، ستكون فتنةً «دينية»، بهذا المعنى الذي يتيح تمزيق المجتمع الفلسطيني لسنوات قادمة! المتابع لسيل التهديدات من هذا النوع، سواء عبر البريد الاليكتروني من أحد نواب المجلس التشريعي ، السيد مشير المصري وهو يحرّض على الفتك والبطش القادم، حتى بالنساء والأطفال، والمتابع لما تحتويه منتديات مجموعة «حماس» من هذا النمط، يدرك أن الفتنة لم تعد نائمة، وأن ثمة من أيقظها!
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|