كان يجب ان اعد حتى العشرة قبل ان اكتب هذه الزاوية، ففيها ما يسمح للصيادين في الماء العكر ان يتهموني بانشاء نوع من التوازن في نقد ما يحدث، فأبدو كمن ينتقد طرفا ثم اخفف من غضبه بنقد الطرف الآخر. وشهد الله ان الامر ليس كذلك بتاتا، فأنا، كأكثرية الشعب الفلسطيني في كل مكان، ألتزم قلبا وقالبا جانب الشرعية الفلسطينية التي يجسدها الرئيس المنتخب، القائد التاريخي في فتح، د. محمود عباس ابو مازن، ومن عاش هذه التجربة المجيدة زهاء اربعين سنة فإنه لن يغير او يتغير بين ليلة ونهار. ولكن هذه التجربة علمتنا ان ننشد الحق حيثما وكيفما كان. ومن حسن الحظ ان بيتنا الجميل ضيق وكل من فيه يعرف كل من فيه.. اقول هذا وانا في منتهى الدهشة من جرأة الانقلابيين على الحق والحقيقة. ولا اريد تعقيد الامور بل اكتفي بالجانب اللغوي. فالانقلاب في اللغة السياسية هو ان تقوم فئة بقلب الاوضاع رأسا على عقب، ويستيقظ الناس ليجدوا انفسهم امام حكام مختلفين، بمفهومات مختلفة، بأدوات مختلفة تفرض نظاما مختلفا. وماذا فعل الانقلابيون غير ذلك؟ الا ان خطابهم العجيب الغريب لا يزال حتى امس، بل حتى الساعة. يصف من انقلب عليهم بالانقلابيين، بل انه خطاب يضع الشرعية في موقع الخروج على القانون ويمنح الانقلاب صفة الشرعية الدستورية. مع ان الذاكرة لا تزال الذاكرة طازجة بصوت الانقلابي وكلماته المباشرة حول انهم قاموا بما قاموا به اضطرارا، بهدف التصحيح من غير شر!! وفي حديث آخر اكد ان احتلال مواقع السلطة كان مبرمجا ومخططا له من قبل. اما رئيس حكومته - الذي لا ازال اكن له ودا لا يفسد قضيته اختلاف - فقد قال على الملأ، وبلسان عربي مبين ان من حق الرئيس دستوريا ان يقيل الحكومة، وان حكومته بهذا المعنى وهي تقوم بتصريف الاعمال مؤقتا ليس الا.. ومع ذلك لا يخجل خطابهم من مغالطة سياسييهم ورئيس حكومتهم، فينعت حكومة الرئيس - التي تصرف الاعمال فعلا - بأنها لا شرعية، وان حكومتهم هي الشرعية بوصفها حكومة الوحدة الوطنية؟؟ اما كيف انها حكومة وحدة وطنية والفصائل الفلسطينية جميعها خارجها، بما فيها حركة الجهاد، فهذه احجية تحتاج الى ساحر مغربي حتى يفك رموزها.. من جهة ثانية، لا يختلف عاقلان على ان المسيرات ا لسلمية حق مشروع للمعارضة، وبما ان الشرعية الحقيقية قد وجدت نفسها في موقع المعارضة، فإن من حقها ابتكار اساليبها في التعبير عن الاحتجاج والغضب واعادة الامور الى وضعها الطبيعي سلميا، مع الاخذ بالاعتبار تلافي اخطاء كانت موجودة فعلا ولا يجوز التغافل عنها.. وما يؤكد الجانب السلمي في نشاط الشرعية - المعارضة، ان العالم كله لم يسجل جرحا واحدا ولو كان حدشا لاي عنصر من القوات المكلفة بفض المسيرات بعد كل صلاة جمعة، وذلك للاسبوع الثالث على التوالي، وذلك بعد ان ابدت هذه القوات من العنف ما اذهل العالم.. على ان الامر غير المفهوم، هو تلك الصرخة النابية التي يتلفظ بها بعض الصبية والمتسرعين: شيعة شيعة، فمن هو هذا الجاهل الذي وضع هذه الكلمة في افواه المتظاهرين؟ واي انزياح لغوي قبيح هذا الذي يعتبر الطائفة الشيعية المسلمة في موضع الهجاء؟ او انه يعيد عقارب الزمن اربعة عشر قرنا الى الوراء؟ ثم ان مجرد اطلاق تسمية مغايرة على فريق منا وفينا، هو بحد ذاته تأكيد منهجي لانقسام الشعب فالشيعة ليست تهمة، فضلا عن ان قومنا ليسوا شيعة، مع ان وجود شيعي في صفوفنا - وهذا غير صحيح - هو امر لا يعيب احدا. ان الاختلاف حقيقة، والانقلاب حقيقة، والعنف مرفوض مدان، كما ان المنطق يدين كل من اعتدى على اللغة والمنطق، فجعل الاخ المختلف عدوا، واضاف اليه صفة ليست فيه مع انها ليست صفة معيبة ومن قال شيعة بمعنى الهجاء فهو لا يفهم اللغة ولا المنطق ولا حتى ادارة الاختلاف.. لقد لوى الانقلابيون عنق اللغة فاعتبروا الشرعية انقلابا. ولوى اولئك المتسرعون عنق اللغة فجعلوا من طائفة مسلمة رمزا للعداوة. وفي كلتا الغلطتين لغو وانقلاب على اللغة، فاستقيموا يرحمكم الله، وتذكروا ان العدو في البيت وليس على الابواب وحسب، ام نسينا ان فلسطين محتلة؟.
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|