مفتاح
2025 . الجمعة 23 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

بازارالافتاءالذي انطلق في الساعات الماضية اثار فضولي واستغرابي... الخلاف السياسي الذي شق الوطن تحول الى خلاف ديني.. كل يسعى الان لتفصيل الدين الاسلامي الحنيف وفق مقاسه ومقاس حركاته وسكناته السياسية... حركة "حماس" ووفق السيد ابو راس حرمت الصلاة في العراء على الرغم من انها هي هي دعت قبل اكثر من ستة اشهر للصلاة في العراء مع انطلاق شرارة الخلاف المسلح وبالفعل شهد ميدان المنارة صلاة جماعية شاركت فيها حركة "حماس" والى جانبها شقيقتها "فتح" وكان على رأس المصلين يومها محمد البرغوثي وزير الحكم المحلي السابق واللواء جبريل الرجوب وعدد من القيادات الدينية والاسلامية وفي اثر الصلاة القيت الخطب العصماء التي دعت للوحدة وحذرت من عاقبة الاقتتال الداخلي...

حركة "حماس" توجهت الى رجال الدين الاسلامي تطلب منهم ان يفتوا لها بحرمة الصلاة في العراء وكنت انتظر ان يجيب رجال دينها بتعدد الآراء في المسألة الواحدة... وان يتركوا احرف الجزم لان الاسلام لم يجزم الا في الحرمات... والتحريم يعني القطع وتحريم الصلاة في العراء اذا ما انسحب على الصلاة انفة الذكر فهذا يعني تحريم فعل قيادات "حماس" الذين أدوا الصلاة في ميدان المنارة قبل اشهر...

حركة "فتح" هي الاخرى دخلت الى البازار.. قد يكون دخولها ردة فعل واثبات بأن الدين ليس حكرا على أحد والمساجد كذلك... محمد الحوراني طالب كما نقلت شبكة "معا" علماء "الازهر" للبت في الخلاف الديني السياسي الجديد. ما طالب به الحوراني يحمل بعدا جديدا للخلاف، والتوجه الى "الازهر" يعني استصدار فتوى من المرجعية الدينية التي غاالبا ما تستفتى في القضايا الخلافية العالمية، وعليه فالحوراني اراد ان يدخل لحركة "حماس" من ذات الباب الذي تستخدمه في مواجهة معارضيها... انا لست عالما دينيا ولكن املك من العلم الديني ما يملكه المواطن العادي... ولنفترض ان علماء "الازهر" أجازوا الصلاة في العراء ماذا سيكون موقف حركة "حماس" وعلمائها الذين طالما حاربوا علماء السلاطين..؟ هل سترفض "حماس" الفتوى وتكون بذلك دخلت في عداء وجدل مع "الازهر"؟ أم ستقبل وتكون بذلك خضعت لما تقوم به حركة "فتح" وفصائل المنظمة... الاشكالية في نقل الخلاف من سياسي محض الى ديني يفتح الابواب لاسئلة تواجه "حماس" يقف على رأسها، أولا: من خلال تحريمها للصلاة في العراء هل هذا يعني ان المصلين في شوارع القدس يوم الجمعة يخالفون رأيا شرعيا وهل المصلين في العراء على اراضي "ام سلمونه" وبلعين التي انتصرت على الجدار يرتكبون مخالفة شرعية؟ ثانيا: هل يختلف الحكم الشرعي من منطقة الى اخرى ومن زمان الى آخر... انا لست علمانيا ولا اعتقد بفصل الدين عن الدولة... يبدو ان حركة "حماس" اخطأت مرة اخرى في التعامل مع الموقف... احالة كل أمر الى الدين وهو لا يحتمل ذلك بل يعقد الموقف، وهنا اضرب مثالاً لكتاب الفه الشهيد ابراهيم المقادمة في العام 1995 وحرم فيه اتفاق اوسلو وما نتج عنه، والرجل رحمه الله من القيادات السياسية والعسكرية المهمة في تاريخ حركة "حماس". المقادمة استند في كتابه الى ادلة شرعية جعلت شبان حركة "حماس" يحاججون بها نظراءهم من "فتح" الذين كانوا يدافعون عن مسيرة التسوية التي بدأها الرئيس الشهيد ياسر عرفات.

بعد اعوام عشرة تماما قررت "حماس" ان تخوض الانتخابات وشكلت مجلسا تشريعيا باغلبية مريحة نقلتها الى تشكيل الحكومة والتي تعتبر ابرز نتائج اتفاق اوسلو وبالرغم من من تأكيد "حماس" عدة مرات ان اوسلوا سحق تحت جنازير دبابات شارون ظل صانعه الرئيس الفلسطيني يؤكد دوما صلاحية ما صنع وان الانتخابات تجري تحت سقفه. من هنا تحريم المقادمة وضع حركة "حماس" امام سؤال طالما استمعنا له قبل الانتخابات التشريعية وفي اثرها ان كنتم حرمتم اوسلوا فلما تشاركون بسلطته اليوم..؟

الخلاف سياسي وليس دينيا ونقله يعني زيادة الهوة اكثر... حركة "حماس" كان عليها ان تنأى بنفسها عن ذلك باعلانها منع الصلاة لاسباب سياسية او امنية... وبمقدورها ايضا ان تعلن حالة الطوارئ في قطاع غزة- رغم ان ذلك سيسقط حرية الراي التي تتغنى بها "حماس" في غزة - وان تمنع التجمعات. استخدام التحريم والدين في حسم خلاف سياسي سيفرض على قادة غزة استحقاقات صعبة وسيفرض عليهم ايضا اسئلة ليس بالسهولة الاجابة عليها. نقل الخلاف من سياسي الى ديني قبل اكثر من الف عام فرق الامة.. وما زال اعداء الأُمة يعتمدون على هذاالفرقة لبث الفتن التي تريق الدماء.

* اعلامي فلسطيني يقيم في رام الله.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required