مفتاح
2025 . الجمعة 23 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


ما حدث في غزة، ظهر يوم الجمعة الفائت، بات يؤشر بوضوح إلى امكانات جدية وحقيقية لدخول الفلسطينيين في اتون حرب أهلية دامية. ما حدث من استخدام الهراوات لقمع متظاهرين ومصلين في الساحات العامة، ومن التطاول في اعتقال قادة وطنيين أحدهم عضو لجنة تنفيذية، بات يشير الى تجاوز الخطوط الحمر كلها، وإلى خروج حماس عن الاجماع الوطني، وممارسة التفرد بالعنف والاكراه.

قد يقول قائل، وهل ان الوضع الفلسطيني القائم، هو وضع مختلف عن الحرب الأهلية؟! وهل ما قامت به حماس من حسم عسكري في غزة، لا يندرج في تصنيفات الحرب الأهلية؟!.

في حقيقة الأمر، ومنذ فوز حماس في انتخابات التشريعي الثانية، ونحن نعيش حالة ازدواجية سياسية، وكان من الطبيعي أن يفضي ذلك الى تشابكات داخلية، وصلت إلى حد الحسم العسكري، والقتل الداخلي، لكن ما حدث حتى الآن، ورغماً عن عنف أحداثه، لم يصل درجة الحرب الأهلية، بما تحمله تلك الحرب من القتل المتبادل، بين بيت وبيت، وبين شارع وآخر، وبين حي وحيّ مجاور. لكن ما قامت به حماس في الجمعة الفائت، فتح الأبواب على مصراعيها، لدخول المجتمع الفلسطيني برمته في أتون تلك الحرب، وما قامت به مسّ م. ت. ف، وفصائل العمل الوطني كلها، بما فيها الجبهة الشعبية، التي عمل بعض أجنحتها على اعتبار حماس حليفاً داخلياً. جاء اعتقال القادة والمس بمكانتهم المعنوية، ليقول للجميع بأن لا محرمات ولا مقدسات عند حماس، وبأن مصلحة حماس وأمنها، وتنفيذ قراراتها هو شيء يقع فوق الجميع. كما وجاء فعل الهراوات وقسوتها كي يقول للجميع بأن العنف هو البديل الأوحد، لعدم الانصياع.

أحسنت فصائل العمل الوطني، بما فيها الجبهة الشعبية بالدعوة للإضراب الشامل في قطاع غزة، وهو الإضراب الأول الذي يجري اعتراضاً وطنياً ضد فصيل فلسطيني وممارساته. جرت الاضرابات السابقة كلها ضد الاحتلال واجراءاته، أما هذا الاضراب فيأتي اعتراضاً وطنياً عريضاً، ليقول لحماس لا.. وألف لا لممارسة القتل والاعتقال والضرب ضد الآخر. سيكون لهذا الاضراب شديد الأثر في رسم صورة العلاقة بين حماس وفصائل العمل الوطني الأخرى. ستكون حماس في مواجهة الجميع الوطني، وستتصاعد حدة هذه المواجهة، مع تصعيد حماس وسائل قمعها وقتلها وتعذيبها للآخر.. وهذا الآخر هو كل فلسطيني غير حمساوي.. فهو جاهلي وكافر ويستحق القتل!. مهما حاولت حماس إخفاء وجهها الاصولي الشمولي الثيوقراطي ومهما حاولت تزيين سياساتها الداخلية والاختباء وراء دعاوى "الحوار" وتفعيل م. ت. ف، والشراكة السياسية، فإن الأحداث التي جرت، والتي ستجري تباعاً، من شأنها أن تكشف الحقيقة، وان تعري حماس تماماً، وأن تظهرها على حقيقتها النافية للآخر، لاختلاف في العقيدة والرؤية والتحالفات. لعله من نافلة القول، إن الشعب الفلسطيني تحديداً عاش حياته السياسية السابقة كلها، ومنذ بروز الوطنية الفلسطينية بمعناها المستقل، حياة التعددية السياسية والقبول بالآخر، فكانت اللجنة التنفيذية العربية برئاسة موسى كاظم الحسيني من عشرينيات القرن الماضي، اطاراً يتسع للجميع على اختلاف المذاهب والمشارب، وشهدت ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي بروز زهاء ستة أحزاب سياسية في فلسطين، كان الشيوعيون لوناً من ألوانها، الى جانب القوميين والوطنيين.

الفلسطيني بطبعه وتكوينه السياسي يرفض اللون الواحد، ولا يتعاطى مع التفرد، وبالتالي فإن إضراب غزة، يأتي تعبيراً صادقاً عن النزعة الفلسطينية التي سادت منذ بدايات العمل السياسي الفلسطيني، وازدهرت وانتعشت في عهد م. ت. ف، ترفض حماس صيغة المنظمة، كونها اطاراً يتسع للجميع، في وقت تنزع فيه الى اعطاء المجتمع الفلسطيني بعداً واحداً، وهي إن تحالفت مع الآخرين فالتحالف بالنسبة لها، تحالف مؤقت يتيح لها المزيد من التفرد وإحكام سيطرة البعد الواحد.. وهذا ما يواجهه الكل الوطني الفلسطيني. - الأيام 10/9/2007 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required