مفتاح
2025 . الجمعة 23 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

قبل أربعة عقود ونيف, غزت إسرائيل بالقوة العسكرية المدججة بالسلاح قطاع غزة واحتلته. وغدا القطاع أرضا محتلة, كما غدت أيضا الضفة الغربية ومرتقعات الجولان وصحراء سيناء أراضي محتلة.وما زالت جميع هذه الأقاليم والأراضي أراضٍي محتلة, ما خلا سيناء, علماً بان القوات الإسرائيلية حديثا, أعادت الإنتشار في قطاع غزة لتوهم العالم أنها انسحبت من القطاع. فخرجت من المستوطنات وأخلتها وخرجت من مواقعها العسكرية داخل القطاع, لكنها بقيت متحكمة في كل صغيرة وكبيرة من شئون القطاع. وبقيت مسيطرة على البر والبحر والجو ووسائل الإتصالات والدواء والإستشفاء والمواد الأولية جميعا والوقود باشكاله والكهرباء والمعابر والتصدير والإستيراد وغيرها من الأمور الحياتية.

ما تغير فعليا, هو موقع القوات الإسرائيلية من داخل قطاع غزة إلى تخومها الخارجية, لكن العنف والقوة المسلحة والتصفية الجسدية استمرت, وبقي الحال على هذا المنوال إلى يومنا هذا.

وأخيراً قرر المجلس السياسي الأمني الإسرائيلي المصغر اعتبار قطاع غزة كيانا معاديا , تمهيدا لتشديد العقوبات الجماعية على قطاع غزة وتبريرها. ويبدو أن في ذهن القيادة الإسرائيلية مجموعة من الإجراءات العقابية تجاه المدنيين الفلسطينيين الأبرياء مثل وقف إمدادات الكهرباء أو تقنينها وكذلك الوقود وينصرف للمواد الغذائية.

ويبدو أن إسرائيل تستعين بالموقف ألأمريكي والأوروبي بل والعربي المعادي لحماس واستيلائها على السلطة السياسية وفي موضوع إطلاق صواريخ القسام في القطاع لتنفيذ هذه السياسة العقابية العامة تجاه المدنيين العزل.

الدولة المحتلة مهما كان اسمها ولقبها مثقلة بواجب إنساني تجاه الإقليم المحتل وسكانه ما دام الإحتلال قائما. بل إن هذا الواجب الإنساني يفوق الإعتبارات الأمنية والضرورة الأمنية إن تنازعا بحسب رأي فقهاء القانون الدولي الإنساني وإن حاولوا التوفيق بينهما.

وجاء هذا الأمر نتيجة لتقرير قواعد جديدة في القانون الدولي العام وتأكيدها مثل الحق في تقرير المصير وسيادة الشعوب على أراضيها والفكر اللبرالي الحر وحق الشعوب في مقاومة الإحتلال وكون الحرب جريمة عدوانية.

على المحتل أن يعيد النظام العام والحياة العامة ورفاهية السكان إلى الوضع السائد قبل الإحتلال. على المحتل أن لا يمس بحياة المدنيين الأبرياء ولا بشرفهم ولا بممتلكاتهم ولا بحرياتهم. على المحتل أن لا يضم الأراضي المحتلة ,وان لا يعذب أهلها ولا يبعدهم وأن لا يأتي بمستوطنيه للإقليم المحتل. فالإحتلال في النهاية سلطة فعلية مؤقتة لا تملك ذرة واحدة من ذرات السيادة الوطنية ولا يدين الشعب المحتل له بالولاء ولا بالطاعة.

ويبدو أن إسرائيل لا تعدم الحيلة لتبتدع أوصافا وألفاظا لتمارس من خلالها سياسة العقوبات الجماعية التي حظرتها مواثيق الإحتلال الحربي وقوانينه. فها هي تصف إقليم غزة المحتل ب كيان معاد أو سلطة معادية . ويوما ما وما زالت تصف الأراضي المحتلة بأنها أراض أو أراض متنازع عليها وذلك من أجل تبرير سياساتها وإجراءاتها الكولونيالية.

والحقيقة المجمع عليها فقهيا ضمن القانون الدولي الإنساني , أن إقليم قطاع غزة ما زال جاثما تحت الإحتلال الاسرائيلي بكل المعايير القانونية المقبولة رغم الخروج الشكلي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة. وكل الدراسات تشير إلى ذلك حتى أن المستشار القانوني الإسرائيلي لوزارة الخارجية الإسرائيلية اضطر للأخذ بهذا الرأي. ذلك أن كل صغيرة وكبيرة تجري في قطاع غزة ما زالت تحت سلطة الإحتلال الإسرائيلية سواء كانت حبة دواء أو قطرة ماء أو سفر طالب أو خروج مريض أو تصدير أو استيراد أو خروج أو دخول أو اتصال هاتفي ومن باب أولى فتح المطار أو المعبر, وإن لم تبد للناظر بشكل ملموس.

استعمال اسرائيل اصطلاح كيان معاد استعمال مخادع مقصود لتبرير فرض أية جزاءات أو عقوبات تستهدف المدنيين على قطاع غزة . فهي تفترض ما يسمى وجود كيان معاد , بينما القانون الدولي العام لا يعترف إلا بوجود الدول ومفردها دولة في المجتمع الدولي.

وهذه الدولة قد تكون في حالة سلم مع دولة أخرى وهو الأصل في العلاقات الدولية, وقد تكون في حالة حرب وعداء مع دولة أخرى وهو الإستثناء في العلاقات الدولية. وقد يعترف القانون الدولي لغايات أخرى بما يسمى بمنظمة دولية حيث تعطى الشخصية القانونية الدولية. وأحيانا قليلة يعترف لغايات محددة بما يسمى بحركات التحرر الوطني مثل منظمة التحرير الفلسطينية.

لو دققنا فيما يجري في قطاع غزة لوجدناه محتلا كما أسلفنا وبكل المعايير المقبولة دولياً, وعلى رأسها معيار السيطرة الفعالة Effective Control الذي أخذت به محكمة نورمبورغ عام 1946 .

فالقوات الإسرائيلية ما زالت صاحبة السيطرة الفعالة على قطاع غزة من أصغر شيء إلى أكبرشيء وإن بدا أن حماس هي المسيطرة. فإذا كان المحتل الإسرائيلي ما زال موجودا فعليا وقانونيا فلا تستطيع إسرائيل الزعم أن هناك كيانا معاديا على إقليم قطاع غزة وفرض العقوبات عليه لأنها ملتزمة بتأمين الحاجات الأساسية للشعب المحتل.

ومن نافل القول أن قطاع غزة لا يعتبر دولة بكل المعايير. فهو إقليم محتل أضف أن اتفاقات أوسلو لم تخلق دولة فلسطينية بل حكما ذاتيا في المناطق المحتلة. والحكم الذاتي لا ينفي الإحتلال ولا ينهيه ولا يزيله بل العكس هو الصحيح.

بل يمكن أن يتعايش الإحتلال والحكم الذاتي وسلطتاهما عبر توزيع الإختصاصات وتقسيم العمل. وبالتالي ليس مبررا أن تقوم إسرائيل بخطوات عقابية جماعية تجاه المواطنين الفلسطينيين المدنيين الأبرياء, بل إن هذا الفعل حظره ميثاق جنيف الرابع لعام 1949 بشكل صريح. وقبله حظرته اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 وأخيرا حظره برتوكول عام 1977.

ولجوء إسرائيل لتعبير كيان معاد راجع لتعذر الإستفادة من اصطلاح موجود في القانون الإسرائيلي ويتم تداوله بكثرة في محاكمة رجال المقاومة الفلسطينية ألا وهو منظمة معادية, وبخاصة أن الأخيرة لا تخوله اتخاذ إجراءات بمنتهى القسوة تجاه المواطنين الأبرياء بل إجراءات فردية وعلى الصعيد الفردي لرجال المنظمات المعادية .

لذا حين سدت السبل القانونية أمام الإحتلال لتبرير معاقبة المدنيين الفلسطينيين الأبرياء في قطاع غزة, لجأ إلى ابتداع اصطلاح كيان معاد من أجل تبرير وتمرير فرض العقوبات على القطاع وسكانه. ولن تعدم إسرائيل زمرة المطبلين والمهرجين الذين سيؤيدون القرار بكل صوره, لكن الحق أبلج والباطل لجلج وهذا خرق فاضح لأحكام القانون الدولي الإنساني. فهل من مجيب وهل من مدين؟

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required