مفتاح
2025 . الجمعة 23 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

كلما مرّ الوقت واقترب موعد عقد ما يُسمى "مؤتمر الخريف"، اتضحت اكثر صورة هذا اللقاء الدولي، التي ظلت غامضة، رغم كل هذا الجدل الذي يحيط به، ارتباطاً بكونه يشكل محطة سياسية، تعطل عقد مثيلاتها منذ اكثر من سبع سنوات، مضت على آخر اللقاءات التفاوضية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، منذ ان وصلت مفاوضات كامب ديفيد في العام 2000 الى طريق مسدود.

الغموض الذي رافق طرح فكرة عقد المؤتمر قبل بضعة اشهر، لم يكن مبعثه بتقديرنا، ان هناك سياسة متقصدة من قبل الطرف الاميركي صاحب الدعوة باعتماد "الغموض البناء"، على غرار الفوضى الخلاقة مثلاً، بل يعود بشكل اساسي الى ان من يقرر طبيعة وفحوى وجوهر اللقاء هو الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي، حتى لا نقول تجاوزاً الجانب الاسرائيلي بالأساس، وان اللقاء الذي بدت فكرته، عند طرحها غامضة، بدأ يتضح بعض ملامحها، مع مرور الوقت، ومع تقدم "البحث" حوله بالأساس، فيما تبقى كل الاحتمالات قائمة، نقصد الاحتمالات المتعلقة بطبيعة اللقاء، وما سيتمخض عنه، وربما في ذلك عدم عقده، وهذا قرار يمكن اتخاذه - بالمناسبة- في اية لحظة.

هناك فرق جوهري بالطبع بين ان يكون ما سينعقد مؤتمرا او مجرد لقاء للطرفين بحضور اطراف اخرى معنية بالصراع العربي - الاسرائيلي، وهناك فرق بين ان يكون اللقاء او المؤتمر تتويجاً "لمفاوضات" حيث يكون بمثابة مناسبة لاعلان اتفاق ما بين الطرفين، تباركه الاطراف الاخرى وتعمل وتساعد على تنفيذه، وبين ان يكون مجرد مناسبة للاعلان عن بدء "الحوار". وهكذا فانه لا يمكن بأي حال من الاحوال تحديد اهمية هذا اللقاء الدولي، دون توقع ما سينجم عنه من اهمية سياسية، يكون من شأنها دفع الامور على الارض الى الأمام باتجاه السلام، او بقاؤها تراوح مكانها، ما يعني زيادة وتفاقم الواقع المتوتر أصلاً.

ما زال عقد المؤتمر رهناً بحضور أطراف عربية، اشترطت حضورها كل من السعودية وفلسطين، ونقصد بشكل محدد سورية ولبنان. نعتقد هنا، بان حضور كل من سورية ولبنان، يكسر من السمة التي كانت ستسم المؤتمر باعتباره لقاءً عربياً - اسرائيلياً، على طريق دق طبول الحرب على ايران وسورية، ما بعد الخريف المقبل، ربما في ربيع او صيف العام المقبل.

ذلك انه لا يمكن منطقياً الحديث عن مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط، ان كان ذلك حول المبادرة العربية او سواها، دون حضور سورية باعتبارها دولة محتلة اراضيها، ولبنان التي هي كذلك أيضاً، اضافة الى كونها البلد الذي شهد اطلاق المبادرة العربية. كما نعتقد بان حضور سورية بالذات يعتبر مفصلياً، حتى لا يكون اللقاء بمثابة اجتماع لدول ما يسمى الاعتدال العربي، الامر الذي سيفسر على انه تأييد "من قبل هذه الدول" للضربة الاميركية المتوقعة لايران.

بذلك، فان هناك ما يدعو الى ان نجاح المؤتمر او عدمه بات منوطاً بحضور سورية بالذات، لانه لا يخفى على احد بانه اذا ارادت اسرائىل من الولايات المتحدة ان تنزل عند حدود رغبتها بشن الحرب على ايران، فلا بد لاسرائيل ان تساعد شريكتها وحليفتها بتوفير الاجواء السياسية المناسبة لذلك، وهذا ما على اسرائيل ان تفعله الآن، وقبل موعد اعلان الحرب، وهو ان تدفع العملية السياسية قدماً. السؤال هنا، يشير الى انه اذا كان الملف الفلسطيني - الاسرائيلي سيبقى يراوح مكانه في عقدته المتعلقة بالملفات النهائية، ربما لحين وضع حدٍ لحالة الممانعة الاقليمية، وبالتالي فان التنازل او الثمن الاسرائيلي يمكن دفعه للفلسطينيين بسهولة، وهو لا يتجاوز اطلاق سراح بعض الاسرى، والافراج عن بعض الاموال، وبعض التسهيلات الأخرى، بما في ذلك وضع كل هذا ضمن اطار اعلان مبادئ جديد. فما هو الثمن الذي لا بد من دفعه لسورية حتى تقبل حضور المؤتمر؟

لا شك في أن حضور سورية المؤتمر يعتبر بمثابة اصطياد سمكة كبيرة، من شأنها ان تفتح الطريق للاميركيين للذهاب الى الحرب، وهم واثقون من عزل ايران تماماً، والظفر بجبهة عربية مؤازرة، بكل ما يعنيه ذلك من تسهيلات ميدانية، ان كان من اجل تسهيل الضربات الجوية الاولى، او في مواجهة ردود الفعل الايرانية التالية. ولاننا نعتقد بأن ما يشغل بال سورية هو ابعد من الجولان المحتل منذ اربعين سنة، والذي اعتاد النظام السوري، العيش دونه، فالسؤال يدور حول ان كانت هناك صفقة، يتم بموجبها مقايضة ملف الحريري وكل مظاهر الضغط على سورية، مقابل اخراجها من دائرة التحالف مع ايران، والاعلان بالتالي عن "حفر باطن" جديد، من العاصمة الاميركية هذه المرة؟

هذا بتقديرنا هو المفصل الرئيسي، ودون حضور سورية، فانه حتى لو تم الاعلان عن اتفاق مبادئ يتضمن آلية تنفيذ وجدولاً زمنياً، اي كل ما يطالب به الجانب الفلسطيني، فان الامر لن يعدو كونه اعلاناً اقليمياً عن اعادة تظهير اتفاقات اوسلوية جديدة، اهم سمة فيها انها منفردة، وهذا ما جربه الجانب الفلسطيني الذي يبدو انه تعلم من درس الاتفاقيات السابقة، وبات يفضل اتفاق حلٍ جماعي، نظراً الى ان عدم انخراط كل الاطراف الاقليمية في اتفاقات اوسلو السابقة، وخاصة سورية، كان سبباً في افشالها.

المشكلة الاساسية تكمن في انعدام التنسيق بين الاطراف العربية، خاصة المحتلة اراضيها، قبل عقد المؤتمر او اللقاء، ونعني "فلسطين، لبنان وسورية" ذلك ان هذا اللقاء هو اقل بكثير من مدريد، لجهة المشاركين، ولانعدام تضمن الدعوة عقده على أساس القرارات الدولية، او ضمن اطار الأمم المتحدة، مع ذلك، فان الذهاب اليه، وفق المعطيات الراهنة يعتبر امراً محفوفاً بالمخاطر، بالنظر الى المشكلات الداخلية في كل من لبنان وفلسطين، وبالنظر أيضاً الى ما يسعى المنظمون الى تحقيقه من وراء عقده، ان يكون مؤتمراً لسلام برسم الحرب، الاقليمية، التي بدأت اطرافها تدق طبولها مع توقيتات السحور الرمضانية.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required