مفتاح
2025 . الجمعة 23 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

على كبر، أعدت اكتشاف أحمد جمال باشا، القائد العسكري التركي، وكانت المدرسة العروبية قد لقنتني، على صغر، أن قائد الجيش العثماني الرابع في بلاد الشام، استحق نعته المنكر (جمال باشا.. السفاح).

عامة الناس، لدينا ولدى سوانا من الأمم والأقوام، تميل الى درجة من المطابقة بين مقادير الرجال القادة ومصائر الأمم. هناك في فلسطين من يبكي السلطان عبد الحميد في نواحه على امبراطورية آل عثمان، أو موت عبد الناصر وانحسار المد العروبي.. وبدأنا ننوح على ياسر عرفات في بكائية حركة التحرر الوطني الفلسطيني!.

ليس للفلسطينيين اليد الطولى في نهضة الثقافة العربية، لكن لديهم يد طويلة منذ أربعين عاماً في مأسسة مراكز الدراسات العربية والفلسطينية، الإسرائيلية.. وأخيراً المقدسية (وإلى هذه سبقنا الإسرائيليون).

سأختار من (مجلة الدراسات المقدسية) ـ العدد الخامس، ربيع 2007، دراسة قيمة للأستاذ سليم تماري عن مذكرات جندي مقدسي في الحرب العظمى (العالمية الأولى 1914 - 1918)، وهو تلميذ من تلاميذ خليل السكاكيني.

بين ثنايا الدراسة، وهي احدى دراسات قيمة في الملف الخامس من دورية (مؤسسة الدراسات المقدسية) اكتشفت أن القائد ـ السفاح، كان في الواقع رجلاً إصلاحياً ـ علمانياً ومن أركان الانقلاب الإصلاحي العثماني العام 1908، الذي قادته حركة (الاتحاد والترقي) التركية، لإسعاف آخر الامبراطوريات الإسلامية وأطولها عمراً، من فراش (الرجل المريض) وهي صفة أطلقها مفكرو وساسة الغرب الاستعماري على آخر قرن من قرون امبراطورية آل عثمان.

في بطاشية جمال باشا (السفاح) ما يغري بمقارنتها ببطاشية صدام حسين، الذي يعده نصف العراقيين والعرب والمسلمين.. والفلسطينيين بطلاً.. شفعت له لدى هؤلاء وقفته أمام المشنقة جرائره بحق العراق.

يمكن عقد مقاربة ما بين ثورة 1905 الديمقراطية الروسية، التي أرهصت لثورة أكتوبر 1917 العظمى، وبين ثورة 1908 التركية ـ العثمانية الإصلاحية.. وربما دور البيريسترويكا السوفياتية 1986-1992 التي قادها ميخائيل غورباتشوف. جميع هذه الحركات كانت إرهاصات حركات أكبر تلتها، وأدت إلى انهيار الامبراطورية القيصرية، والخلافة العثمانية، والامبراطورية السوفياتية (بعد نصف قرن سنعيد تقييم أوسلو على مصير فلسطين وإسرائيل؟).

أطلقت إصلاحية حركة (الاتحاد والترقي) العثمانية سجالات وقوى وأفكاراً، لعبت دوراً في رسم مصير الخلافة، وأيضاً تركت بصماتها على الحركات العروبية المعاصرة، بدءاً من حركة (العربية ـ الفتاة) رداً على حركة (تركيا ـ الفتاة) إلى ما يسمى الثورة العربية الكبرى، ثورة الشريف حسين!.

يهمنا، الآن، دور الحركة الإصلاحية العثمانية العام 1908 من الناحية الثقافية ـ التربوية، وخصوصاً في فلسطين، حيث أنشأ أحمد جمال باشا العام 1913 (المدرسة الصلاحية)، أو (كلية صلاح الدين الأيوبي ـ الإسلامية) مع قسم دراسات عليا فوق المرحلة الثانوية، بما جعلها نواة ما يشبه أول جامعة فلسطينية (جامعة بيرزيت تأسست في سبعينيات القرن المنصرم). بذلك، فإن الإرساليات المسيحية الغربية لم تحتكر تماماً تيار الحداثة العلمانية في المجتمع العربي ـ التركي ـ العثماني.

في بداية الحرب العالمية الأولى، وانحياز تركيا العثمانية للمحور الألماني، حققت جيوش الأتراك نجاحات عسكرية أولية.. لكن، عندما بدأت علائم الهزائم، تحول معظم المثقفين الفلسطينيين، والعرب إلى الحركة القومية العربية، وإلى الاستقلال العربي عن تركيا، وكان حلم جمال باشا هو كيان فيدرالي تركي ـ عربي يضم تركيا وبلاد الشام والحجاز.. لذا بطش برجال العروبة لأنهم خذلوه.

من الطريف أن جمال باشا تزوج يهودية فلسطينية مقدسية هي ليئة تتنباوم كانت ناشطة في جمعية الهلال الأحمر لدعم المجهود الحربي العثماني!

هناك بعض الرجال الأجانب الغامضين ـ الواضحين الذين لعبوا دوراً عسكرياً ـ سياسياً في رسم صورة المشرق العربي، مثل: لورنس الجزيرة العربية، وجون باجيت كلوب.. وأيضاً جمال باشا.. السفاح، الإصلاحي ـ العلماني.

هل يلزمنا مؤسسة دراسات عثمانية، خاصة بعد انتعاش الإسلام السياسي الجديد في بلاد الأناضول، ومحاولة استلهامه.. بعد قرن على انقلاب 1908!.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required