مفتاح
2025 . الجمعة 23 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

عملياً، تحوَّلت حرب الفلسطينيين (أي المقاوَمة العسكرية) ضد إسرائيل إلى حرب بين الفلسطينيين (بين "فتح" و"حماس"). ونظرياً، يُراد للسلام مع إسرائيل أن يتحوَّل إلى سلام أهلي، أي إلى سلام بين "فتح" و"حماس". في حربهم ضد إسرائيل، لم يتمكَّن الفلسطينيون، لأسباب موضوعية في المقام الأوَّل، من جَعْلِها طريقاً إلى "التحرير"، أو من تَرْجَمَتِها بنتائج ووقائع تسمح لهم بجعل "التفاوض السياسي" طريقاً إلى حل نهائي لمشكلتهم القومية. أمَّا احترابهم واقتتالهم في قطاع غزة، وبدءا من منتصف حزيران الماضي، فـ "نجحا" في اجتراح ما يسمَّى "التحرير الثاني (للقطاع)"، وفي تذليل كثير من العقبات من طريق التفاوض السياسي بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية (الرئيس عباس وحكومة فياض) توصُّلا إلى "اتِّفاق"، يُراد له فلسطينيا أن يأتي بسلام مع إسرائيل، وبسلام بين الفلسطينيين أنفسهم.

وبما يُوافِق هذه "الاستراتيجية الفلسطينية الجديدة"، يسعى الرئيس عباس، من خلال تفاوضه مع الإسرائيليين، ومن خلال "المؤتمر (أو اللقاء، أو الاجتماع) الدولي"، إلى "اتِّفاق" يَصْلُح، محتوى وشكلا، لاجتذاب تأييد شعبي واسع إليه (استفتاء شعبي أيَّدته "حماس" من قبل شرطا لـ "التفويض التفاوضي") وباتِّخاذ هذا التأييد، من ثمَّ، طريقا إلى تسوية الأزمة في العلاقة بين "فتح" و"حماس" بما يؤدِّي (عَبْر انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة) إلى قيام "سلطة فلسطينية جديدة"، تُوافِق ذلك "الاتِّفاق"، في تمثيلها السياسي (الحزبي) وفي برنامجها السياسي.

إنَّ الرئيس عباس يسعى في "اتِّفاق" له من كِبَر الوزن الشعبي ما يَجْعَله في وزن سياسي داخلي أكبر؛ أمَّا اولمرت الضعيف داخليا (شعبيا وفي ائتلافه الحاكم) والباحث عمَّا يستقوي به على خصومه وفي مقدمهم نتنياهو، فيسعى إلى "اتِّفاق" يطيل ولا يُقَصِّر عُمْره السياسي، وكأنَّهما يتفاوضان (أي عباس واولمرت) ليقيما الدليل على أنَّ ما يُقَوِّي أحدهما يُضْعِف الآخر، وما يُضْعِف أحدهما يُقَوِّي الآخر.

"الاتِّفاق" الذي يسعى إليه الرئيس عباس، والذي لا يستطيع قبول ما يَقِل عنه، إنَّما هو الذي له وزن يُعْتَدُّ به إذا ما وُزِنَ بالميزان الشعبي الفلسطيني، والذي يؤسِّس، بالتالي، لإنهاء "النزاعين" معا، أي النزاع مع إسرائيل والنزاع بين الفلسطينيين. في هذا "الاتِّفاق" فحسب، تَكْمُن مصلحة الرئيس الفلسطيني، الذي يخشى فشلاً في التوصُّل إلى أيِّ اتِّفاق، وفشلا في التوصُّل إلى الاتِّفاق الذي لا مصلحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي في التوصُّل إليه، فهذا الفشل أو ذاك لن يفضيا إلا إلى مدِّ "النزاعين" بمزيد من الوقود.

وعليه، ليس لدى الرئيس عباس من خيار غير خيار "النجاح".. النجاح في التوصُّل إلى "اتِّفاق" يَجْعَل لخيار "الحل عبر التفاوض" من الوزن الشعبي ما يُرَجِّح كفَّة مؤيِّديه على كفَّة معارضيه. أمَّا اولمرت فيُمْكِنَه المفاضلة بين الفشل في التوصُّل إلى أيِّ اتِّفاق مع الرئيس عباس و"النجاح" في التوصُّل إلى الاتِّفاق الذي يريده الرئيس الفلسطيني، ويسعى إليه؛ ولا شكَّ في أنَّ مفاضلته ستنتهي به إلى تفضيل ذاك الفشل على هذا "النجاح".

وإذا كان من استنتاج يُمْكننا وينبغي لنا التوصُّل إليه فهذا الاستنتاج إنَّما هو أن "يُدير" الفلسطينيون نزاعهم وأزمتهم الآن بما يُقَوِّي "المفاوِض الفلسطيني"، فإذا فشل في محاولته اغتنام "الفرصة الأخيرة" للسلام سعوا في تسوية نزاعهم وأزمتهم بما يؤسِّس لـ "مقاوَمة" تُقَوِّي ولا تُضْعِف وحدتهم، ولـ "وحدة" تُقَوِّي ولا تُضْعِف مقاومتهم، فَمِنْ غير ذلك لن تتهيَّأ للسلام فرصة حقيقية.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required