مفتاح
2025 . الجمعة 23 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


ربما كان هناك بعض مبرر لمشروع السلطة الفلسطينية المنبثقة عن اتفاقات أوسلو في بداية الأمر ؛ اقصد مع انطلاقة هذا المشروع في بداية العقد الأخير من تسعينيات القرن الماضي ، إذ أن قيادة منظمة التحرير بزعامة حركة فتح ،التي كان يقودها الراحل أبو عمار ، كانت تنظر بعين الأمل إلى إقامة دولة مستقلة على كامل أراضي ال67 المحتلة . ورغم إجحاف أوسلو، واعتباره خطيئة وطنية كبرى ،حذر منها العديد من السياسيين والمفكرين والوطنيين المخلصين، باعتبارها كانت خطوة أمريكية وإسرائيلية لتكريس وشرعنه الاحتلال على ما تبقى من الأراضي المحتلة، وتحقيق شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين . إلا انه على الأقل كان هناك نوع من الالتزام المتبادل في أوسلو 93 وأسلو 95 ؛حيث كانت هناك انسحابات مرحلية من أراضي الضفة والقطاع ، وبالمقابل كانت السلطة تؤدي مهامها الأمنية المفروضة بموجب تلك الاتفاقات ،ومنها منع أعمال المقاومة ضد الاحتلال ،على أمل الوصول إلى الدولة المستقلة ،ولو كان الثمن كذلك .

لكن،بعدما حضر الذي كان يحذر منه معارضو اتفاقات أوسلو، ومشروع السلطة برمته الذي لم يستند إلى أسس وطنية صحيحة ، من قيام إسرائيل بسلسلة خطوات وإجراءات أدت إلى تفاقم الاستيطان وتوسعه، سواء في الضفة أو القدس .وما انكشف عنه الأمر بعد كامب ديفيد الثانية، حول نية إسرائيل إعطاء الفلسطينيين دويلة كانتونية مقطعة الأوصال ،لاتصل حتى إلى مفهوم الحكم الذاتي بمعناه المدني والإداري ، عندها -أيضا- تساءل المراقب ،بفعل تلك الخطوات والإجراءات الإسرائيلية التي لاقت دعما أمريكيا ،عن أهمية العملية السلمية، وعن ضرورة بقاء واستمرار وجود السلطة المنبثقة عنها.

دق السؤال السابق مرة أخرى،حينما جرى إعادة احتلال مناطق السلطة الفلسطينية عام 2002 ، في عملية السور الواقي في عهد رئيس وزراء إسرائيل السابق ارئيل شارون؛ إذ أن إسرائيل قامت بالتراجع عن التزاماتها المعينة بموجب اتفاقات أوسلو ، وبقيت السلطة من حينها هي الجهة الملتزمة بواجباتها بموجب تلك الاتفاقيات ؛ لان إسرائيل كانت ولازالت تسرح وتمرح مستبيحة كل شيء في الضفة الغربية، بما فيها تلك المناطق التي كانت قد سلمتها للسلطة مع أوائل أيام عهد السلام . وتلك الواجبات والالتزامات التي كانت ولا زالت تؤديها السلطة هي: النيابة عن الاحتلال في أداء الأمور الخدمية والمدنية بالإضافة إلى التنسيق الأمني مع الاحتلال ،الذي عاد وبقوة من جديد بعد احتدام الأزمة مع حماس ،وما نتج عن ذلك من حسم الأمور ميدانيا في قطاع غزة ؛بسبب العائق الأمني الذي كانت تسببه قيادات إقطاعية أمنية، لها أجندة مرتبطة مع الاحتلال ،بشهادة شخوص اعتبارية، ووثائق ومستندات عدة لا مجال لإنكارها .

ولان وضع السلطة الفلسطينية بات اقل من مفهوم الحكم الذاتي ،وفقا لمعطيات وحقائق ما مر ذكره ؛حيث أصبحت سلطة تحت الاحتلال بكل ما تعني الكلمة من معنى ، ولأننا بصدد الحديث عن مؤتمر الخريف الذي دعا إليه بوش، ومن طبيعة تلك الدعوة التي تفتقد إلى أجندة حقيقية ،وجدول زمني، يفضي في نهاية المطاف إلى تحقيق شيء، جدير بالاعتبار للفلسطينيين، في سياق الحد الأدنى من حقوقهم الوطنية . وفي ظل التأكيدات الأمريكية والإسرائيلية ،على أن لا عودة إلى حدود ال67، ولا عودة للاجئين الفلسطينيين، ولا حديث عن القدس ، ليس هذا وحسب بل إن بعض أركان الحكومة الإسرائيلية ،بما فيهم وزير الدفاع الإسرائيلي أهود براك ،يؤكد على أن حرية التحرك في الضفة الغربية لسنوات مقبلة ،هي مبدأ أساسي لا يمكن التخلي عنه ، فان السؤال القديم الجديد ،عن مدى ضرورة وأهمية بقاء السلطة أو عدمها ،يدق مرة أخرى من جديد.

بالاستناد إلى ما تقدم ذكره، فان السلطة الفلسطينية أصبحت مشروعا لا وطنيا بامتياز ؛ فهي من جهة تعفي الاحتلال من التزاماته كقوة محتلة ،بموجب القانون الدولي في الشأن المدني والإداري والخدمي .وهي من جهة أخرى، أصبحت أداة لمحاربة حركة التحرر الوطني، ولاسيما أن الذي يجري في الضفة الغربية حاليا اكبر دليل وبرهان.وهذا كله - بالطبع- مع استمرار إسرائيل باحتلالها لأراضي الضفة الغربية والقدس .

لا استطيع القول ،بان وضع السلطة بات يشبه حال القوة الشرطية ،التي كان عناصرها من الفلسطينيين، قبل عام 1987 ( قبل الانتفاضة الأولى) . وهذه القوة الشرطية كانت تعمل بإشراف الاحتلال،وكان ينظر إليها على أنها عميلة له ، بل إن وضع السلطة بات أكثر سوءا ، لماذا؟ لان تلك القوة الشرطية كان ينحصر مجالها في مجال الجرائم المدنية في المجتمع الفلسطيني، وغيرها من أمور قريبة منها بشكل مباشر أو غير مباشر ، أما الجوانب المتعلقة بالخدمات والصحة والتعليم وغيرها ،فكان الاحتلال ملتزما بتقديمها . وكان وضع تلك الخدمات أفضل مما هو عليه الحال اليوم ؛ لان إسرائيل كانت بنظر المجتمع الدولي قوة احتلالية ، أما بعد أوسلو ، فبات الشعب الفلسطيني إرهابيا ومجرما يتحمل مسؤوليات نفسه، وأيضا مسؤوليات الاحتلال . وفي كل الأحوال، لم يكن هناك وكلاء أمنيين عن الاحتلال، كما هو عليه الحال مع سلطة الضفة المحتلة .

بعد فشل مؤتمر الخريف المؤكد ، ستتحول حركة تحرر وطني مثل فتح إلى قوة شرطية، تعمل بإشراف الاحتلال . ألم يأن الأوان لحل هكذا سلطة ثبت - بالوجه القاطع- أنها ليست بمشروع مقاومة ،و لا مشروع دولة كما كان يتوهم البعض . - مفتاح 22/10/2007 -

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required