الاول: ان التوجه لعقد لقاء الخريف تم بعد الحسم العسكري لـ "حماس" في غزة، والقطيعة السياسية على اثر ذلك بين "فتح" و"حماس"، وتعيين سلام فياض رئيساً للوزراء، والبدء فلسطينياً في تطبيق خارطة الطريق خصوصاً الشق المتعلق "بمحاربة الارهاب". الحاجة لمساعدة الرئيس عباس ورئيس وزرائه فياض للاستمرار في هذا الطريق هو الذي دفع الادارة الاميركية للتفكير قي عقد لقاء الخريف. على ان هذه الفكرة يبدو انها كانت مرتجلة ولم يجر الاعداد لها، وهذا واضح من غياب الاجندة السياسية الاميركية للقاء وترك الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي يتصارعان بشأنه. بل ان هذا الارتجال يتحول الى ورطة فعلية للجميع عندما تستمع الى مسؤول اميركي رفيع المستوى يقول إن المهم هو "ما سيتوصل اليه الطرفان قبل اجتماع الخريف وليس الاجتماع نفسه"، وكأن الطرف الفلسطيني دون مساعدة اميركية حقيقية قادر على التوصل الى اجندة مشتركة مع اسرائيل للاجتماع، تلبي الحد الادنى من التوقعات غير الواقعية التي بنى عليها سياساته وتصريحاته، منذ أن تمت الدعوة للقاء الخريف. ويبدو ان الخوف من فشل لقاء انابوليس وما قد يتبع ذلك من نتائج سلبية على سلطة الرئيس عباس هو ما يحتل تفكير الادارة الاميركية حاليا، وهو ربما ما دفع نائب الرئيس الاميركي تشيني من تحديد اهداف لقاء الخريف في كلمة له امام المؤتمر السنوي لمعهد واشنطن، حيث قال "دعا الرئيس بوش لعقد اجتماع نهاية هذا العام لمناقشة التقدم في بناء المؤسسات الفلسطينية، ايجاد طرق مبتكرة لمساندة المزيد من الاصلاح، وتأييد مساعي الطرفين الدبلوماسية للتقدم باتجاه مسار الدولة الفلسطينية". ليس من الصعب التكهن ان كان تشيني يتحدث باسمه ام باسم الرئيس بوش، لكن لا يعقل أن يكون الرجل يتحدث بعيدا عن توجهات رئيسه. الفشل السياسي اذن سيعوض بالاستمرار في بناء مؤسسات السلطة واصلاحها، وما يتم الاتفاق عليه ثنائيا مع اسرائيل سيحظى بدعم الجميع اميركيين وعرباً. لا اكتراث اذن بما يقوله عمرو موسى، ابو الغيط، او حتى سعود الفيصل بشأن أهمية أن يكون اللقاء لوضع نهاية لملف عملية السلام بالتوصل الى حلول لمكونات الصراع، ولا احد يسعى لنيل رضاهم في موضوع اللقاء، وبالتالي من الصعب تصور علاقة بين الحاجة لهم، ان كان هنالك حاجة اصلا، وبين عمل عسكري ضد ايران. ايران في كل ما سبق غير موجودة، ولو كانت فعلا موجودة في ذهن الساسة الاميركيين عندما فكروا في انابوليس لكانت دعوة سورية للقاء حاضرة، ولكان موضوع الجولان على جدول الاعمال، ولكان تحييد سورية في الصراع القادم مع ايران أهم بكثير من مساعدة سلطة الرئيس عباس، لكن الادارة الاميركية لا تعتقد بأن "الافراج" عن سورية حالياً هو في مصلحة قوى 14 آذار في لبنان. اسرائيل تبدو راغبة اكثر في الانخراط في جس نبض السوريين وتريد معرفة إن كان تقديم الجولان ناقصاً او حتى كاملا لها سيدفعها لوقف امداد حزب الله بالسلاح، او بمنع استخدام اراضيها على الاقل في نقل السلاح له، واسرائيل تبدو راغبة اكثر ايضا بمعرفة الثمن الذي تطالب فيه سورية في لبنان، مقابل الوقوف في وجه حزب الله، لكن الادارة الاميركية لديها رأي آخر مختصرةً ابقاء سورية في حالة دفاع عن النفس في لبنان، وابقائها خارجه. قد يكون ذلك مصلحة عربية اذا تعاملنا مع لبنان كبلد مستقل. ثانيا: لا تحتاج اميركا لتأييد الدول العربية اذا ما قررت مهاجمة ايران، ولو كانت بحاجة لارضائهم لفعلت ذلك قبل الاقدام على مهاجمة العراق، وهو في وسط العالم العربي علماً بأنها كانت بحاجة لقواعد عسكرية على اراض عربية للقيام بذلك، وكانت بحاجة الى موافقتهم لاستخدام اجواء دولهم في الحرب، وهو ما لم تفعله ــ لم تسع لارضائهم وحصلت على ما ارادت. في حالة ايران لا حاجة لهم اصلاً. اميركا موجودة في العراق وفي افغانستان، وان كانت بحاجة لاحد فستكون بحاجة للدول الاسلامية التي لها حدود مع ايران مثل كزخستان، ثم ان الصراع مع ايران يتعدى برنامجها النووي، والولايات المتحدة ترى في النفوذ الايراني في العراق خطرا على مصالحها فيه، ومانعاً لخروج مبكر منه، وترى في زيادة نفوذ ايران في الشرق الاوسط خطراً على مصالحها في الخليج العربي ككل. ويزيد من مخاوفها قيادة هوجاء في ايران، لا يساعد سلوكها وتصريحاتها في تبديد مخاوف الولايات المتحدة والغرب عموما. ابتداء من الدعوة لمحو اسرائيل عن الخريطة، مرورا بانكار "الهولوكست" كحدث تاريخي، الى القول بان الملف النووي الايراني مسألة مغلقة لن يتم بحثها خارج مؤسسة الامم المتحدة للطاقة الذرية، الى الاعلان عن تحديد اهداف اميركية لضربها في حالة الاعتداء عليها. المتابع لتصريحات القيادة الايرانية يكتشف بأن هذه القيادة تسعى للحرب اكثر من سعي الغرب لها. والمسألة بحسب قناعة بعض الايرانيين تكمن في اعتقاد محمود احمدي نجاد بأن الحرب اذا ما وقعت ستكون محدودة، ما يؤمن له تأييدا شعبيا اكبر في وسط الايرانيين في الصراع الدائر بين العسكر الذي يحكم الآن، والذي ينتمي اليهم نجاد، وبين مجموعة آيات الله التي سيطرت على الحكم منذ الثوره الايرانية. الحرب المحدودة ستبرز الحاجة للعسكر اكثر من اي وقت مضى. اياً كانت دوافع القيادة الايرانية، فالملف النووي الايراني وتأثير ايران المتزايد في محيطها هو قضية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة والغرب عموماً، وبوجود لقاء انابوليس او بغيابه، فإن هذا الملف سيتم التعامل معه بنفس الطريقة. المسألة في الولايات المتحدة ليست الحصول على تأييد عربي للحرب ضد ايران، او إن كانت هنالك حاجة او ضرورة له، المسألة هي: هل يوجد تأييد شعبي اميركي لحرب جديدة بعد الحرب في العراق وفي افغانستان؟ وهل توجد قدرة عسكرية على اشعال حرب جديدة؟ وما هو الرد الايراني وتأثير ذلك على موقف الشيعة في العراق من القوات الاميركية فيه؟ وما تأثير ذلك على حربها في افغانستان؟ وهل من الافضل حرب محدودة او حرب شاملة؟ وفي حالة كونها شاملة هل من الافضل استهداف سورية ايضا وحزب الله و"حماس" حلفاء ايران ام ترك ذلك لمجريات الحرب؟ النقاش بشأن المسألة الفلسطينية وعلاقتها بكل هذا الملف، هو آخر ما يشغل بال الادارة الاميركية. على أن قول كل ذلك لا يعني بأن المواجهة مع ايران قريبة، والمتابع للاعلام الاميركي يعرف بأن موعد المواجهة لم يقترب بعد، برغم تصريحات تشيني الاخيرة بأن الولايات المتحدة لن تسمح لايران بامتلاك السلاح النووي..هو لم يقل برأي البعض، اميركا لن تسمح لايران بامتلاك المعرفة النووية، وهو ما يعني بأن قضية الحرب مرتبطة بمعلومات استخبارية ان كانت ايران قريبة او بعيدة من امتلاك السلاح النووي. اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|