لكن لا خلاف بين الفلسطينيين بمعزل عن انتماءاتهم السياسية ومشاربهم الفكرية، أن أخطر ما في خطة " بلير "، هو محاولتها وضع أسس لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين. فبحجة العمل على تحسين الأوضاع الإقتصادية للفلسطينيين تقترح الخطة اقامة مشاريع إسكان جديدة في الضفة الغربية تهدف الى اعادة توطين اللاجئين في الضفة الغربية. وعلى رأس المشاريع التي اقترحها بلير إقامة مدينة فلسطينية جديدة بالقرب من مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية تخصص لإيواء عشرات الالاف من اللاجئين الفلسطينيين ضمن خطة ل " اعادة تأهيل اللاجئين "، وهي ذات الخطة التي يدعو لها قادة ومنظرو اليمين المتطرف في إسرائيل لتصفية قضية اللاجئين. وفي مقابل كل تلك الإلتزامات التي تكبل بها الخطة السلطة الفلسطينية، فأنها فقط تحث إسرائيل على تخفيف الإجراءات المفروضة على حرية الحركة للفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث يعتبر بلير أنه من المهم أن يشعر الفلسطينيون في الضفة الغربية بحدوث تغير " إيجابي " في مستوى حياتهم. من ناحيتهم وجه ممثلو الفصائل الفلسطينية انتقادات حادة لخطة بلير، واصفين إياها بأنها تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية. فقد اعتبر جميل المجدلاوي عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية الفلسطينية ورئيس لجنة اللاجئين في المجلس التشريعي أن بعض الجهات القريبة من أبو مازن هي التي شجعت بلير على طرح خطته " التي تهدف الى تصفية القضية الوطنية الفلسطينية ". وأشار المجدلاوي في تصريح ل " ويكلي " الى أن هذه الجهات قامت بطر بطرح تصورات تنازلية للتسوية، فتحت شهية الإسرائيليين والأمريكيين والأوروبيين لتقديم مثل هذه الخطط والمشاريع الهادفة الى تصفية قضية اللاجئين. من ناحيته قال خالد البطش القيادي البارز في حركة " الجهاد الاسلامي "، أن الخطة تهدف الى " التحايل " على حق العودة، تحت شعار " اعادة تأهيل اللاجئين "، الذي يهدف بشكل أساسي الى تصفية قضية اللاجئين. وفي تصريحات ل " ويكلي "، قال البطش أن بلير لا يرى أي مشكلة في " الاعتداءات الاجرامية " الاسرائيلية وعمليات الاستيطان والتهويد واعتداءات المستوطنين، لذا هو يريد تحريض السلطة الفلسطينية لقمع حركتي حماس والجهاد الاسلامي. أما الدكتور يحيى موسى نائب رئيس كتلة حماس في المجلس التشريعي فيتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتواطؤ مع بلير في تصفية قضية اللاجئين، مشيراً الى التصريحات التي اطلقها ابو مازن قبل فترة واشار خلالها الى امكانية توفر " حلول خلاقة " لقضية اللاجئين. وشدد موسى في تصريحات ل " ويلكي " على أن بلير ومن يتصلون به سيكتشفون أن الشعب الفلسطيني قادر " على الاطاحة بالمؤامرة التي يحيكونها ". الذي أثار حفيظة الفلسطينيين هو حقيقة أن خطة بلير تتجاهل بشكل سافر الممارسات القمعية التي ينفذها الجيش الاسرائيلي والمستوطنين ضد الفلسطينيين. مع أن كل المعطيات التي تقدمها منظمات حقوق الإنسان، ومن ضمنها منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية تؤكد أن المدنيين الفلسطينيين هم الذين يتعرضون لإبشع الممارسات. فحسب هذه المعطيات، فأن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا برصاص جيش الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة برصاص جيش الاحتلال منذ مطلع العام الجاري فقط 350 شخص، وفي المقابل فأن عدد جنود الاحتلال و المستوطنين الذين قتلوا برصاص المقاومة الفلسطينية لا يتجاوز الخمسة. وحسب المنظمات الحقوقية الإسرائيلية فقد قام المستوطنون منذ بداية العام الجاري بخمس وعشرين ألف حادثة اعتداء على الفلسطينيين في أرجاء الضفة الغربية. وفي بعض مناطق الضفة، مثل الخليل، فقد أدت الاعتداءات الى نزوج اعداد كبير من الفلسطينيين عن احيائهم. ورغم اتساع دائرة هذه الإعتداءات وكثافتها، فأنه لم يتم تقديم إلا مستوطن واحد للمحاكمة، وقد افرج عنه بكفالة مالية زهيدة. وفي شمال الضفة الغربية فقط اقتلع المستوطنون عشرة آلاف شجرة زيتون، وقاموا بتسميم مئات الآبار الإرتوازية، ناهيك عن قيامهم إطلاق قطعان كبيرة من الخنازير لتخريب المحاصيل الزراعية. وحسب دراسة إسرائيلية، فأن الحواجز العسكرية التي تقيمها اسرائيل في الضفة تؤدي الى تعطيل حياة 80% من الفلسطينيين. والأخطر في خطة " بلير " أنها تتجاهل الإعترافات الصريحة والموثقة التي يقدمها قادة الجيش الإسرائيلي والتي يقرون فيها بأنهم يوفرون كل الظروف التي تساعد المستوطنين على إرتكاب الجرائم ضد المدنيين الفلسطينيين. الجنرال يوفال بزاك رئيس قسم " تطوير نظريات القتالية " في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، والذي تولى قيادة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية أبلغ صحيفة " يديعوت أحرنوت "، الاسرائيلية مؤخراً أن جيش الاحتلال يقوم منذ عشرات السنين بتجاهل الاعتداءات التي يشنها المستوطنون على المدنيين الفلسطينيين. " هنا تتم عملية تضليل رهيبة، نحن كجيش نساعد على ما يقوم به المستوطنون اليهود من جرائم ضد المدنيين الفلسطينيين العزل "، قال بزاك. واضاف أن الجيش الإسرائيلي يتستر على التنظيمات الإرهابية اليهودية التي تنشط في المستوطنات وترتكب الجرائم ضد المواطنين الفلسطينيين، مشدداً على أن الجيش والمخابرات الإسرائيلية لا يقومان بأي تحرك من أجل تفكيك التنظيمات الارهابية اليهودية. وفي الوقت الذي يقترح فيه خطة بلير " إصلاح "، الجهاز القضائي الفلسطيني لجعله أكثر " كفاءة " في مواجهة حركات المقاومة، فأن هذه الخطة لا تتعرض بحال من الأحوال للجهاز القضائي الإسرائيلي الذي تؤكد المؤسسات الحقوقية الإسرائيلية نفسها أنه يتجاهل بشكل عنصري الشكاوى التي يتقدم بها المواطنون الفلسطينيون ضد اعتداءات المستوطنين. فقد كشف تقرير صادر عن منظمة " يوجد قانون "، الإسرائيلية التي تعنى بمراقبة ممارسات الاحتلال في الضفة الغربية، أن 1% فقط من الشكاوي التي يتقدم بها المواطنون الفلسطينيون في الضفة الغربية للشرطة الإسرائيلية حول قيام المستوطنين اليهود بالإعتداء عليهم تنتهي بتقديم لوائح اتهام ضد هؤلاء المستوطنين؛ في حين أن بقية الشكاوي، يتم اغلاق ملفاتها دون تقديم لوائح اتهام. - مفتاح 27/10/2007 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|