هو ذا فاروق القدومي، يعي حجم المخاطر وحجم المرحلة بثقلها وتداعياتها وغياب الوحدة العربية والوحدة الفلسطينية، لكنه لا يعكف في زاوية قانطا أو مصدوما. تجده حاضرا وشاهدا وفاعلا في الزّمن، مهما يكون الزمن.. محافظ على الحق الوطني وحافظ له، ومدافع عن الأمة من حيث أنها الحاضن الأساسي لقضية فلسطين، ويرتُقُ الثّقوب التي يرصدها في ثوب الأمة، ويحاول أن يصلح ولا يؤجّج النيران.. حتى وإن كان الأمر على حساب شخصه.. القدومي، وفي هذا اليوم بالذات، يستذكر الشهيد عرفات، وينطلق من قصّة الصّمود والخنوع، وقصّة التنازل والتمسّك بالثوابت، ليربط الماضي بالحاضر، وليعطي دروسا لمن يستحق هذه الدروس من المغامرين والمهرولين ويقول في ابتسامة المحنّك والعارف: «موش راح يطلع بيدهم شي»، وهو يقصد أن إسرائيل لن تعطي المهرولين شيء.. لأن القدومي المناضل والخبير في معاني المفاوضات الحقيقية، يعرف كُنْهَ إسرائيل ربيبة الاستعمار والامبريالية.. عن مؤتمر الخريف، يقول القدومي، في «حديث الأحد» لهذا العدد، إنه لعبة..ومؤامرة.. وتجاسر على ما تبقّى من حقوق الشعب الفلسطيني، كاشفا النقاب عن أن إسرائيل التي «نالت» ما تريد، من مفاوضات فلسطين بالمواصفات التي تريد الى سلطة فلسطينية كما تريدها أيضا إضافة الى طاقم فلسطيني متوجه الى المؤتمر، لا يعرف أجندة المؤتمر، ورغم ذلك ها هي (اسرائيل) تقول لا لملفّ الدولة ولا لملفّ اللاجئين.. المؤتمر حسب القدومي، هو عبارة عن احتفالية لتوديع بوش الذي أجرم في حق الشّعب العراقي، علّ المحتفلين يخرجونه «رجل سلام».. في هذا اليوم، يستذكر القدومي رفيق دربه ففي مثل هذا اليوم قضي عرفات شهيدا مثلما اشتهى وتمنّى.. ولكن «أبو لطف» لا يتوانى في إطلاق زفرة وقولة: «في اللّيلة الظّلماء يفتقد البدر».. فقد كان عرفات مفاوضا مرنا لكنّه شديد في الحق الوطني غير مفرّط فيه.. سألت القدومي في البداية سؤالا عاما، فيه رسم لصورة الأمة كما تمثل اليوم.. بكل مآسيها وآلامها وآمالها وأحلامها.. * في هذه الظرفية التاريخية، وأنت تعي معنى مفاصل التاريخ، يحدث أن نشهد الفعل السياسي للأمة، وقد أصبح دون المؤسسة، فهذه الجامعة العربية، كمؤسسة تمثل الحدّ الأدنى من طموحات الأمّة، غائبة في توقيت مفصل. وهذه الثورة الفلسطينية، ينزل البعض بفعلها السياسي، الى ما دون المؤسّسة. وما حصل في المدة الأخيرة، من التفاف مفاوض على رئيس طاقم المفاوضات مع الاسرائيليين إلا جزءا من دليل، في حين أن ما وقع في الأمم المتحدة، يعدّ خير دليل على أن الجميع فقد البوصلة، فما هذا المشهد، وكيف تحكم عليه اليوم، والتاريخ يسجّل مرور ثلاث سنوات على غياب عرفات؟ ـ منذ سنوات والمستوى السياسي بالنسبة للقضية الفلسطينية لم يتحرّك ولم يتقدّم.. وخاصة أن الأوضاع التي تمرّ بها المنطقة تعجّ بالمشاكل بسبب ما يمرّ به العراق، وتقديم المشاريع السياسية بهدف تعزيز الوجود الأمريكي العدواني في المنطقة، بالإضافة الى القلق الذي يساور «إسرائيل» بسبب تخصيب اليورانيوم الذي تقوم به إيران، بهدف الاستفادة من التكنولوجيا النووية سلميا، وهذا يقلق إسرائيل وربيبتها الولايات المتحدة، ويؤثر على نفوذهما العدواني في المنطقة العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام، ويزداد قلق أمريكا وإسرائيل، بسبب ازدياد الحضور الروسي في المنطقة، لنضيف إلى ذلك الإنذارات التركية التي بدأت تتوجّه الى القيادة الكردية في العراق لحمايتها لحزب العمال الكردستاني التركي، وتزايد قوة هذا الحزب الذي يمثل تهديدا للسيادة التركية ولأمن المجتمع التركي ووحدته الوطنية. * سؤالي أبو لطف، حول الأداء السياسي العربي، والأداء السياسي الفلسطيني، زمن الأزمات وزمن التفاوض مع العدو، فهو أداء في كلتا الحالتين دون مستوى المؤسسة؟ ـ يجب أن لا يغيب عنّا السبب الذي أدى إلى وجود حالة من انعدام الوزن للسياسة العربية، كمجموعة إقليمية لها مصالحها القومية، التي لا بدّ من الحفاظ عليها أمام الهجمة العدوانية للولايات المتحدة الأمريكية، واستمرار «إسرائيل» في وجودها العدواني ورفض كل المبادرات السياسية الدولية والعربية لإيجاد سلام عادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط. وتعود الأسباب لمثل هذا الانخفاض في قيمة السياسة العربية إلى الصراعات التي دخلت فيها المجموعة العربية منذ عام 1980، فقد كانت الحرب العراقية ـ الإيرانية أولا ثم العربية ـ العربية ودخول القوات العراقية الى الكويت واستقدام الولايات المتحدة تحت مطيّة حلّ هذه المشاكل، حيث أدّى هذا الحضور الأمريكي الى احتلال العراق، ووحشية هذا الاحتلال وتهديد الدول المجاورة، مثل سوريا وممارسة الضغوط على دول الخليج واستيلاب الكثير من أموالها لتمويل مثل هذه الصراعات مع الأسف، كل هذه الظواهر النزاعية أدّت إلى تفكيك اللحمة العربية، والنزوع الى السياسات الانفرادية والقطرية، بالإضافة إلى ذلك افتعال الأحداث في لبنان الشقيق من خلال اغتيال الشهيد الحريري، مما زاد في التدخل الأجنبي في المنطقة العربية وكان اغتيال الحريري من صنع الموساد الإسرائيلي، الذي امتدّت يده إلى اقتراف جرائم أخرى في لبنان وفي العراق فعاث فسادا فيها واستغلّت الولايات المتحدة ثروة البترول وساعدتها «إسرائيل» في تحطيم المجتمع العراقي وانقسامه إلى طوائف وأكثر من ذلك، إلى انجرار هذا المجتمع إلى حروب وصراعات ليس فقط صراعات طائفية، بل صراعات بين ميليشيات كل طائفة من الطوائف فيما بينها، ولاشك أن التركيبة السياسية التي أوجدتها الغزوة الأمريكية، في العراق، قد عزّزت المطامع الكردية في الوصول إلى اعلي المقامات السياسية في البلاد وجعلها تحاول الوصول إلى استقلال وطني والاستيلاء الكردي على «كركوك» بهدف استغلال ثروة «البترول» العراقي هناك فقد بدأت هذه الثروة تستغل من الميليشيات العراقية التي تتحكم بالحكم في البلاد. كل هذه الظواهر والأحداث قد همّشت دور الجامعة العربية، وقراراتها السياسية ولم تجد هذه القرارات الاحترام والتأثير المطلوب بعد إقرارها. ولا اودّ هنا ان استرسل لأقول ان القضية الفلسطينية قد انهارت مقاماتها في الداخل والخارج منذ سنوات. وتحكّم بها «أناس» جاهلون، ظنّوا ان سياستهم «السلمية» والمهادنة للاحتلال، والبعد عن المقاومة والتلهّي بالسلطة الوهمية، التي افرزتها اتفاقات «أوسلو اللعينة» يمكنهم من خلالها ان يتوصّلوا الى حلّ سلميّ عادل. وما علموا ان مواقفهم هذه قد أضعفت الدعم العربي والدولي لهذه القضية. وبدأت الكثير من الدول تنظر إليها (القضية) كقضية إنسانية بحاجة إلى دعم مالي. ومازالت هذه الوسائل، تزداد في تخريب الوجود المقاوم للشعب الفلسطيني وتزايد التعاون مع المحتل بحجة الحفاظ على الأمن في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولاشك ان التمسّك بالسلطة قد أدى إلى خلافات بينية (فلسطينية) وصراعات دموية كما حصل في قطاع غزة وقيام قادة حماس المحليين باقتراف هذه المجازر البشعة التي شوّهت صورة المقاومة وعزّزت الخلافات وعمّقتها بين صفوف فصائل المقاومة، ولكن لابدّ لي أن أشير إلى صورة جميلة يوم ان تصدّى حزب الله وفدائيوه إلى الهجمة العدوانية التي قامت بها إسرائيل على لبنان وهزمت هذه المقاومة جحافل العدوان الصهيوني فرفعت من مكانة العرب وحمّلت صورتهم امام الرأي العام العالمي. * ما حصل بين فتح وحماس من ضغينة أثلجت صدر العدوّ، وما وصل إليه المفاوض الفلسطيني وهو يجرّ جرّا إلى «مؤتمر الخريف» بمواصفات إسرائيلية أمريكية يجعلنا نستذكر الشهيد عرفات. نستذكره حين نلاحظ ان المفاوض الفلسطيني لم يعد له «كبير قوم» يستشار... ونستذكره ونحن نراجع عرفات المفاوض وهو قاب قوسين او أدنى من التنازل لكنه لم يفعل فكيف يرى القدومي هذه الصور وكيف يحكم عليها. ـ إن غياب قائد الثورة ومفجرها الأخ الشهيد أبو عمّار، قد احدث فجوة كبيرة في الكفاح الوطني للشعب الفلسطيني. وتشوّهت أساليب هذا الكفاح فاختفت المقاومة وغاب الكثير من روادها وجنودها العاملين في الحقل الوطني بل اتهم البعض منهم بالتخريب والمساس بالأمن. علما أن كلمة «الأمن» تعني الحفاظ على امن إسرائيل والتعاون مع أجهزتها للتخلص من المناضلين وحملة البنادق. واتهام الانتفاضة بتخريب عملية السلام والمبادرات السياسية التي انطلقت كأوسلو، وخريطة الطريق علما وان «إسرائيل» رفضت المبادرة العربية التي تقدّمت بها الجامعة العربية لإقامة سلام عادل ودائم. وكانت في الحقيقة تنازلا عربيا لأول مرة في التاريخ بالنسبة للنزاع العربي ـ الصهيوني. وهذه لم تكن المبادرة العربية ـ الأولى بل ان مؤتمر القمة العربي في فاس (الأولى في 81 والثانية في 82) عام 82، قد قدّم مشروع السلام العربي ردّا على مشروع ريغن آنذاك، ولكن الغطرسة الإسرائيلية لم تقبل بهذه المبادرات واستمرت في نهجها العدواني والاستيطاني فقد قبل الشهيد الأخ أبو عمار بـ «أوسلو» كمرحلة لمدة خمس سنوات طالب بعدها بدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في عام 1990 ووعدت الدول الأوروبية بتبني هذا المطلب على ان يوافق الشهيد على مدّ المفاوضات لعام آخر، وأصدرت بيانها (الأوروبيون) في مارس 1999 موثقة هذا المطلب في اتخاذ مثل هذا القرار او «الوعد» ولكنها قالت كعادتها ولم تفعل. وقد استمرت في تخدير الشعب الفلسطيني والقيادات العربية، من خلال ما تقدمه من معونات مالية واقتصادية ولكنها كانت تقف مع إسرائيل ولا تمارس الضغوط عليها بل ساعدت الولايات المتحدة على تقديم المبادرات الوهمية كخارطة الطريق التي تحفّظ عليها مجرم الحرب شارون بـ 14 نقطة تحفّظ. وجاء بعدها شارون ليأخذ من الرئيس بوش في 14 أبريل 2004، الضمانات الخمس، التي أفسدت التسوية وسلبتها كل البنود الايجابية، واستعاض عنها بعملية انفرادية بخروج الجيش الإسرائيلي من غزة في 15 من أوت 2005 وتدمير 21 مستوطنة. هذا بعد ان هزمته المقاومة في غزة الباسلة. *يعني لم يكن خروج اسرائيل اذعانا للسلام؟ ـ لا أبدا. وقد استمرّت المراقبة الإسرائيلية جوّا وبرّا وبحرا لغزّة وتولى الأوروبيون (بتكليف) الرقابة على المعابر، تخلّص قطاع غزة من الوجود الإسرائيلي، بفضل المقاومة الباسلة ولكن القطاع أصبح سجنا كبيرا لشعبنا الفلسطيني، محاطا بالرقابة الصهيونية. واعتبرت غزة أرضا حراما لا هوية وطنية لها. ولإسرائيل الحق في الاعتداء عليها حيثما شاءت. كانت الأيام الأخيرة للشهيد، تتصف بالعقاب حيث فرضت اسرائيل الإقامة الجبرية عليه، لسنوات معدودة، وفرضت عليه أن يعيّن رئيس وزراء للتفاوض معها. وكان هذا مطلبا أمريكيا للرئيس بوش، الذي رفض أن يتصل بالشهيد واعتبره إرهابيا وليس مناضلا من اجل قضية عادلة. كما رفض مصافحته أثناء انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وكان رجال الأمن الأمريكيون يحولون دون اقترابه من الرئيس بوش، عندما أقام الأمين العام للأمم المتحدة (عنان) غداء لرؤساء الدول. كل ذلك حصل لأن الشهيد قد رفض التسوية السياسية عند انعقاد مؤتمر «كامب دايفد». والحقيقة أن «باراك» لم يعرض كما يدّعي تنازلات مؤلمة من اجل تسوية رفضها عرفات. فقد كان باراك يعرض تبادل أراضي بين الطرفين يريد من خلالها ضمّ 9 من المناطق الغربية للضفة الغربية حيث المياه الجوفية الوفيرة في تلك المنطقة، والأراضي الخصبة وطرح إقامة ثلاث محطات إنذار مبكّر واستئجار المناطق على طول نهر الأردن والبحر الميّت لمدة 999 سنة. وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى منطقة النقب في «خلتسة» حيث عرفناها محطة للنفايات الذرية المتأتية من مفاعل ديمونة الإسرائيلي. والأنكى من ذلك، ان باراك طالب بالسيادة على الأماكن المقدسة مع وجود مقر للأخ الشهيد عرفات في تلك المنطقة، وأشاعت «اسرائيل» إنها قدّمت تنازلات للوفد الفلسطيني، وهو أمر غير صحيح، لكن لحسن الحظ كتب «روبارت ماري» مساعد الرئيس كلينتون في «ريفايز بوكس» تكذيبا لكل هذه الشائعات الإسرائيلية وأوضح أن الوفد الفلسطيني لم يُعرض عليه دولة فلسطينية. وأن باراك كان متعنّتا مما جعل كلينتون يقترح استمرار المفاوضات في «طابا» بعد ذلك بأشهر، رئيسها من الجانب الإسرائيلي وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، وبعد أيام طلب باراك ان يعود وزير الخارجية ويقطع المفاوضات. هذه هي الأسباب التي جعلت بوش لا يتعامل مع الأخ الشهيد أبو عمار. وفي النهاية تآمر «شارون» وسمم الشهيد ياسر عرفات ليتخلص منه. رحم الله أبا عمار فقد أبى أن لا يتنازل أبدا. ونال الشهادة كما طلب وتمنى: شهيدا... شهيدا... شهيدا. *هناك من يخالفك الرأي ويقول ان أي قضية تحرر وطني لابد لها من مفاوضات مع العدو... وان المفاوض الفلسطيني اليوم، لم يخلق بدعة، فهو يسير على نفس خطى المفاوض في «أوسلو» و»مدريد»... كيف ترد على هذه المقدمة؟ ـ قال الرئيس عبد الناصر رحمه الله، «ما أخذ بالقوة لن يسترد بغير القوة» وهذه كلمة حقّ... ولكن الكثير من الناس «أصحاب النوايا الطيبة» (من الجانب الفلسطيني والعربي) يُخدعون بالمبادرات المعسولة والوعود المجمّلة التي تنطق بها اسرائيل، وتدعمها الولايات المتحدة والدول الأوروبية. فقد قيل أيضا أن طريق جهنم معبدة لذوي النوايا الحسنة. وهكذا نرى المبادرات السياسية التي تقدمها الدول الغربية والتي خلقت اسرائيل تحاول ان تثبّت الوجود الإسرائيلي العدواني لتحافظ على مصالحها في المنطقة العربية. والغريب أننا نستجيب في كل مرة لهذه المبادرات لإبداء حسن النوايا ونحن عارفون أن اسرائيل تعمل مع الزمن في توسيع مستوطناتها وبناء المزيد منها وإحكام الحصار على الشعب الفلسطيني وتدمير وسائل عيشهم. واستخدام المعونات الأوروبية ومنعها لإجبار الشعب الفلسطيني على التسليم بالتنازلات التي تُطلب. وها نحن اليوم مطالبون بحضور مؤتمر الخريف دون ان نعلم عن أجندته وأهدافه اي شيء. بل ودون وفاق على العناوين الأساسية مع «اسرائيل» التي يمكن الحديث عنها في هذا المؤتمر الدولي الفضفاض الذي تستهدف منه أمريكا حفلة وداع للرئيس بوش لتساعده في تخفيف وطأة هزيمته في العراق. وحتى يصبح رجل سلام؟ ـ ولعل العالم ينظر إليه من خلال هذا المهرجان الدولي كرجل سلام بعد أن احتل العراق ودمّر المجتمع باحتلاله له... ولا شك أن انحدار سمعة الرئيس بوش والحزب الجمهوري في هذه الفترة الانتخابية، قد جعل الشعب الأمريكي يطالبه بالانسحاب من العراق ولعل هذا المؤتمر القادم أن عقد أن يجمّل صورة الولايات المتحدة التي أساء لها الاحتلال الأمريكي للعراق. *هل لك كلمة أو نصيحة تتوجه بها إلى الحضور الفلسطيني والحضور العربي في مؤتمر الخريف؟ وهل لك خفايا تكشفها لهم قبل فوات الأوان؟ ـ المؤتمر القادم الذي يُقصد منه تطبيع العلاقات بين اسرائيل والدول العربية لا يحتاج الى مفاوضات مطولة. وعلى الوفد الفلسطيني الذي سيحضر هذا المؤتمر ان يبتعد عن الخلاف في ما بين أعضائه ان وجد كما نشر في الصحافة. وبالرغم من عدم الفائدة في حضور هذا المؤتمر فلابد من الوجود الفلسطيني ان يكون الأعضاء فيه متفقين على المطالب الأساسية والتمسك بعودة اللاجئين أولا وإقامة الدولة المستقلة وانسحاب اسرائيل من الأراضي العربية المحتلة وعدم التهاون أو التنازل عن الأهداف الوطنية التي أقرّتها م.ت.ف. كما لابد من ان يتذكر هؤلاء الإخوة على ان اسرائيل لا تريد السلام، وهي تعبث في المنطقة وتحتاج الى موقف فلسطيني مقاوم ومرصوص الصفوف وموحد، ويتحدث بلسان واحد أمام هذا الجمع الدولي الذي لا يتفق معنا مائة في المائة فأحباء صهيون من الدول الأوروبية يحضرون المؤتمر. *طيب، ماذا يقول أبو لطف للعرب وللدول العربية ليلة المؤتمر؟ ـ أقول للوفود العربية ان تجربتنا مع اسرائيل خلال مدة تزيد عن خمسين عاما، منذ بداية الثورة العربية في مصر، تدلل على ان اسرائيل لا تريد السلام. فقد سبق للأمم المتحدة ان شكّلت لجنة سميت بـ»لجنة التوفيق الدولية» بأعضائها الثلاث أمريكا وفرنسا وتركيا وهي مكلفة بتنفيذ العودة والتعويض للاجئين. وعرضت بعد نهاية الحرب على اسرائيل (ديسمبر 1950) ان يعود اللاجئون إلى ديارهم ليسود السلام ولكن «بن غوريون» رفض رفضا قاطعا كان ذلك سنة 1950 . وبدلا من ذلك بدأت الولايات المتحدة تطالب الرئيس عبد الناصر بالانضمام الى الأحلاف ضد الاتحاد السوفياتي. فلما رفض، رفضت الولايات المتحدة تمويل بناء السد العالي، بل قامت اسرائيل عام 1955 بالاعتداء على قطاع غزة واستشهد العديد من الشهداء الفلسطينيين والمصريين. ورفضت الدول الغربية تزويد مصر بالسلاح من اجل أغراض دفاعية. فكان عدوان «56» الثلاثي وعدوان «67» وإفشال مبادرة «روجرز» ومهاجمة «غولدا مائير» لهذه المبادرة بتعليمات من «كيسنجر» وما لقيته اسرائيل من دعم اثناء حرب «73»... * سؤال شخصي أبو لطف: هل تشعر أنك خارج هذا الاطار الذي يُقدّ الآن بمواصفات غربية؟ ـ نحن خارج هذا الإطار بالفعل، والإعداد لتصحيحه مع القوى الوطنية والفصائل لرأب الصدع والحفاظ على الوحدة الوطنية واستمرار المقاومة. أردفت بالقول «لأبي لطف»: تعني لا تلقي بسلاحك؟ ـ أبدا، لن ألقي بسلاحي. *حين تتذكر عرفات وتنظر الى هذه المقولة المعلقة على الجدار أمامك «التنظيم الدقيق يجعل الرجال اكثر جسارة في حين ان الفوضى تصيب بالخوف أشجع القلوب»، ماذا تقول؟ ـ أقول في الليلة الظلماء يفتقد البدر... غادرت مكتب «أبو لطف» بعد أن قرأ على مسامعي مقولة أخرى معلقة على جدار على يساره لـ»قسّ بن ساعدة: «إذا دخلت حربا ورأيت فيها الجبان يكرّ والشجاع يفرّ وخسيس المحتد (الأصل) يتحكم في عتيد المحتد فأنآى إلى رابية وترقب، فإن في الأمر خيانة» صافحته مودعة وقد فهمت كل شيء... وأشرت إليه قبل مغادرة المكتب: انه زمن «الرويبضة» (أي الرجل التافه الذي يخوض في شؤون العامة)... فوافق القدومي على هذه الملاحظة. اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|