مفتاح
2025 . السبت 24 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

كان للمتغيرات الإقليمية والدولية أثر مباشر في انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في العام ،1991 وعلى الرغم من الانفتاح العربي غير المسبوق تجاه ما

طرح في المؤتمر وما نتج عنه لاحقاً، فإنه لم يتم التوصل إلى حلول عملية لجوهر الصراع العربي- “الإسرائيلي”.

إن المبدأ الأساسي الذي قام عليه مؤتمر مدريد كان الأرض مقابل السلام. صحيح أن اتفاقات وادي عربة بين “إسرائيل” والأردن أعطت دفعاً لمسارات التفاوض آنذاك إلا أن المسار الفلسطيني وكذلك السوري واللبناني لم تتوصل إلى نتيجة حاسمة، رغم مرور المسار السوري بمواقع لافتة قابلة للحياة، ذلك بفعل التعنت “الإسرائيلي” وعدم تقديمه طروحاً بديلة قابلة للبناء عليها.

ففي خضم المفاوضات الثنائية والمتعددة نفذت “إسرائيل” عدوانين كبيرين على لبنان في العامين 1993 و،1996 ولم تتمكن من صرف النتائج السياسية في واقع المسار اللبناني- “الإسرائيلي”، وكما على هذا المسار، كذلك على المسار السوري- “الإسرائيلي” مع بعض الفروق المهمة، فعلى الرغم من التوصل إلى نقاط شبه حاسمة عبر وديعة رابين لم تكمل “إسرائيل” خطواتها اللاحقة، وانتهت المفاوضات آنذاك التي تمت برعاية أمريكية مباشرة.

اليوم يعود الحراك غير المباشر في المنطقة وسط دعوات لإطلاق لقاء أنابولس مع فروق مهمة بين ظروفه وظروف مؤتمر مدريد، ما يعني أن ثمة أسباباً ونتائج محتملة لذلك، وبالتالي فإن ظروفاً يمكن أن تنشأ قبله وبعده ستكون مغايرة للوضع السائد حالياً.

في مؤتمر مدريد وضع الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب ثقله لإنتاج نظام عالمي جديد مفتاحه السلام في الشرق الأوسط. واليوم يحاول جورج بوش الابن وضع ثقله لإنتاج واقع إقليمي جديد عبر لقاء أنابولس بعدة سياسية مغايرة، أساسها تمرير الوضع الفلسطيني على عتبة نهاية ولايته مع إصرار “إسرائيلي” على استبعاد سوريا عنه، في وقت تبدو الضرورة ملحة لإشراك الطرفين اللبناني والسوري فيه، نظراً للترابط القسري الذاتي والموضوعي لجميع ملفات الصراع العربي- “الإسرائيلي”.

ف”إسرائيل” والسلطة الفلسطينية سائرتان في اتجاه إطلاق اللقاء بأي ثمن ونتائج محتملة، ذلك على وقع لقاءات لم تنتج التوافق على إطار محدد. فالطرفان متفقان من الناحية العملية على التفاوض إلا أنهما مختلفان على النقطة التي تبدأ منها عملية التفاوض، فقد تطلّع الفلسطينيون إلى اتفاق إطار، بينما سعى “الإسرائيليون” إلى بيان مشترك. فاتفاق الإطار الذي يسعى الفلسطينيون إليه يعتبر نوعاً من التعاقد المبدئي الذي ينبغي أن يلتزم به الطرفان وتقوم على أساسه المعاهدة النهائية فيما بعد، ولذلك فهو إطار محدد ومحكم ومفصّل بشكل كاف يصعب التملص منه، ومرتبط بجدول زمني دقيق لا لبس فيه، كنموذج إطار كامب ديفيد بين مصر و”إسرائيل” الذي تم إبرامه في أيلول/سبتمبر ،1978 ومهّد لمعاهدة السلام في آذار/مارس 1979.

بمعنى آخر سعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقائه مع رئيس الوزراء “الإسرائيلي” إيهود أولمرت إلى التوصل إلى مثل ذلك الإطار وتوثيقه في لقاء أنابولس، فيما هدف أولمرت المحاط بكل أشكال التفجير الحكومي ضمن حكومته إلى المحافظة على سلام حكومته لا سلام المنطقة.

ومن هنا يُقرأ الفشل بين الجانبين الفلسطيني و”الإسرائيلي” في عدم التوصل إلى نتيجة محددة لعرضها في لقاء أنابولس. فأولمرت، الذي أدرك استحالة تسويق فكرة البيان المشترك، عمد إلى تسويق فكرة بيان المصالح الذي يعيد الموضوع إلى استلهام خطة خريطة الطريق التي تقادمت زمنياً من دون أن يستنسخها، وبخاصة ما يتعلق بتبادل الالتزامات في عملية تدريجية طويلة المدى الزمني.

في الجانب الأمريكي المفترض أن يكون راعياً ووسيطاً على مسافة واحدة من الطرفين يتمنى لو أن أولمرت يتقدم خطوة ولو في الشكل لتسهيل الانطلاق، ذلك بعكس ما حصل في مؤتمر مدريد تحديداً، فقد حرص وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر وقتها، بخلاف كوندوليزا رايس الآن، على إيجاد قاعدة انطلقت على حد أدنى من التوازن يقوم عليه المؤتمر عبر توجيه رسائل ضمانات، ولم يلتفت إلى الغضب “الإسرائيلي” عندما اعترضت على مضمون الرسالة الموجهة إلى الفلسطينيين وغيرهم، وقد أدت تلك الرسائل حينئذ الوظيفة التي يفترض أن تؤديها الوثيقة المشتركة المختلف عليها الآن.

إن التغير في الدور الأمريكي بين مدريد وأنابولس يظهر حجم التغير في توازنات القوى المحلية في زمنين متباعدين ومتشابهين شكلاً لا مضموناً. والفرق بين منهجي رايس 2007 وبيكر 1991يظهر بحجم

المسافة التي تفصل بين اتجاهات إدارتي بوش

الأب وإدارة بوش الابن وبين منهجي المحافظين التقليديين والمحافظين الجدد في الإدارات الأمريكية المتعاقبة.

وما يؤكد هذا الاختلاف حالياً، هو منهج التعاطي مع طرفي القضية الآخرين اللذين ينتظران خارج إطار التسوية سوريا ولبنان، فأولمرت يسعى إلى استبعاد سوريا ولبنان والانفراد بالفلسطينيين، فيما تبحث واشنطن عن آليات الإشراك للطرفين الآخرين ضمن حضور شكلي لا جوهري، يؤمن ظهوراً وتغطية

عربية لا تنتج أطراً يمكن الاستفادة منها من الناحية العملية.

وفي خضم هذا الحراك المحموم بين مؤتمرات إقليمية كمؤتمر اسطنبول الأخير الذي يمكن أن يكون مؤشراً إلى جس نبض سياسي للسوريين، وبين لقاء أنابولس، ثمة سباق محموم من نوع آخر يجري، عماده تكوين آليات وبيئات قابلة للتفجير على الصعيد الإقليمي. والسؤال الذي يطرح الآن هل سيكون لقاء أنابولس مقدمة لحرب إقليمية في المنطقة تكرّس ما يمكن أن يتوصل فيه في ظل غياب سوري ولبناني محتمل، أم أنه سيكون مقدمة لاختراقات جديدة على طريق السلام الموعود بين العرب و”إسرائيل”؟

إن سلام الخريف الموعود في أنابولس هو على مسافة واحدة بين خيارات الحرب والسلم في المنطقة، فالإدارة الأمريكية الحالية تتحرك في الوقت الضائع قبل البدء بالانتخابات الرئاسية التي من المستبعد أن تعيد الجمهوريين إلى البيت الأبيض، فيما ينتظر الديمقراطيون عبئاً ثقيلاً، في وقت تبحث جميع الدول المعنية في المنطقة عن خيارات تحمي الرؤوس في زمن ربما ولى فيه اللعب على التناقضات وكسب الوقت والتبادل السياسي.

جار الخليج - 22/11/2007

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required