لا يهمني كثيرا من سيشارك أو لا يشارك في مؤتمر أنابوليس لصاحبه بوش واليمين الصهيوني في إدارته، فإن شارك البعض العربي تحت ضغوط وسوط سياسة الخوف والتخويف التي تمارسها ادارة بوش –تشيني بحق المدفوعين الى نسخ مستنسخة لمؤتمرات مسخ القضية الفلسطينية وحصرها في بند المساعدة على "تعقيل الفلسطنيين فإننا وبلا أي شك تعودنا وضع يدنا على قلبنا وعقلنا كلما استجابت الانظمة العربية لدعوات واشنطن لاصباغ الشرعية على اجتماعاتها الهزيلة باسم القضية الفلسطينية.. وإذا كان التعميم ليس محبذا في وصف مشاركة العرب في أنابوليس، فإن قاسما مشتركا يكاد يجمع هؤلاء الذاهبون الى مؤتمر بوش، إلا ان بعض الانظمة العربية التي لحست كل شعاراتها واشتراطاتها فيما خص المبادرة العربية وامعانها في تقديم صورة وردية لسياسة الادارة الامريكية في المنطقة تذهب نحو فرصة تاريخية للانتهاء من القضية الفلسطينية ولمرة واحدة.. الدولة الصهيونية التي تأمل مشاركة الجمع العربي القريب والبعيد من حدود فلسطين تبحث عن تعميق شرعية وجودها عبر الطلب من أميركا بأن يجري الاعتراف بما يسمى "يهودية الدولة" بكل ما يحمله هذا الاعتراف من مخاطر حقيقية وواقعية على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.. هذا عداك عن الاراضي السورية المحتلة في الجولان والتي ضمتها عنوة وبالضد من القانون الدولي.. إن مجرد قبول عربي بحضور مؤتمر او اجتماع أنابوليس يفتح على مصراعيه المخاطر التالية: - تبرئة للدولة الصهيونية عن جريمتها التي انتجت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين والمقدرين بأكثر من 60 % من مجموع الشعب الفلسطيني - تعميق واصباغ الشرعية على سياسة التمييز العنصري الممارسة بحق أصحاب الارض الحقيقيين في فلسطين المحتلة عام 48 وبعد 60 عاما من النضال لاثبات مسؤوليتها ومسؤولية الغرب الذي خلق هذه الدولة الصهيونية - التمسك المطلق وبشرعية عربية متنازلة عن القدس بمفهومها الجغرافي والسيادي والروحي وسرعة وتيرة تهويدها دون ان يكون للعرب والفلسطينيين قدرة على لجم تلك السياسة طالما يجري الاعتراف بيهودية الكيان والاكتفاء بسياسة التنديد وكأن ما يجري ليس في أولى القبلتين.. - وضع المستحيلات أمام أية حلول لاستعادة الجولان المحتل كون اسرائيل تعتبره جزءا من دولتها.. - الغاء القرار 194 والبحث عن حلول اقتصادية تعويضية وتوطينية.. وبين العرب من يطرب لمثل هذه المخططات أضف الى ذلك الكثير من النقاط المتعلقة بهلامية الحدود واستنزاف الثروات الطبيعية العربية وعلى رأسها المائية.. وقد لا تنتهي القائمة الطويلة لمخاطر ما يخبئه أنابوليس لأصحاب النيات الحسنة والسيئة..
من غير المفهوم أن يتجاوب البعض الفلسطيني والعربي مع خزعبلات اعلامية صهيونية مدعومة اميركيا عن "يهودية الدولة" ونحن ندرك الجهد الذي قامت وتقوم به الاحزاب اليمينية المتطرفة في فرض سياسة الأمر الواقع لطرد فلسطينيي الـ48 ولنقدم لهم غطاءا سياسيا وأخلاقيا لتكون الدولة الصهيونية "أكثر نقاوة" وعنصرية تقوم على عنصر الانتماء الديني.. ولأننا أصحاب تجربة سيئة في التعامل العربي مع قضايا التفاوض فإن كل الكلام المنمق الذي أتى عليه السيد عمرو موسى عن التنسيق ودراسة أدق التفاصيل سيصبح تفصيلا صغيرا أمام الاندفاعات المتحمسة لاطراف أرادت من مشاركة سوريا غطاءا لا أكثر ولا أقل.. وفي مثل هذه الاجتماعات التي يمكن لها أن تقرر الكثير بالنسبة لقضية بحجم فلسطين التي صار البعض العربي يتذكرها فقط حين يريد إعطاء صبغة شريفة لتحركاته التي لا تمت لشرف العمل العربي..وهؤلاء الذين يستجيبون اليوم للضغط على الفلسطينيين سيكتشفون ولو متأخرين أنهم ليسوا أكثر من أدوات في يد الادارة الامريكية وسترمي بهم بعد انتهاء مهمتهم..
لكن دعونا نقول كلمة للتاريخ، إذا كان الضعف والهوان صبغ الحالة العربية منذ احتلال بغداد فإنه وبلا شك أيضا لا يحق كائنا من كان أن يعترف نيابة عن الشعب الفلسطيني بما يسمى يهودية الدولة.. وإذا كانت السياسة العربية الرسمية عاجزة أو هكذا تريد ان تظهر نفسها من خلال منع أي نوع من أنواع المقاومة بما فيها حتى اللفظية فإن هؤلاء الذين تمسكوا بأرضهم وصاروا اليوم أكثر اعتمادا على ذاكرتهم القومية في الجليل والمثلث والنقب لا يطلبون شيئا إلا ان يتركوا في مواجهة اعتى اشكال البطش والعنصرية ولا أن تفتح الابواب لـ" الدولة اليهودية" لتعيد عليهم درس "ارحلوا الى 22 دولة عربية"! يقينا نقول أن كارثة سترتد على هؤلاء الذين يمضون نحو اعتراف علني ، بعد أن فعلوها سرا، بما تطالب به دولة الاحتلال وتلك الكارثة التي يظن صانعوها بأنهم ليسوا جزءا منها سترتد عليهم مع معرفتنا بشراهة الدولة الصهيونية التي لا تتوقف عند حدود طبيعية كما عند صناع السياسة في العالم!
اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|