مفتاح
2025 . السبت 24 ، أيار
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

بعد فترة ليست قصيرة تخللتها زيارات ولقاءات ومفاوضات، وتكهنات وقلق، وشكوك حتى بامكانية انعقاده، ها هو المؤتمر الدولي الذي دعا اليه الرئيس جورج بوش في التاسع عشر من تموز هذا العام، ها هو يصبح حدثاً واقعاً وملموساً، ويشكل الحدث الدولي الأبرز.

أكثر من خمس واربعين دولة ومؤسسة دولية ومن بينها خمس عشرة دولة عربية، تحضر مؤتمراً دعت اليه، وحضرت لانعقاده، وتشرف عليه وعلى ما سيؤول اليه، الولايات المتحدة الاميركية، لتؤكد من خلاله زعامتها للنظام الدولي الجديد بلا منازع.

الكل بما في ذلك الدول الخمس الكبرى صاحبة المقعد الدائم في الأمم المتحدة، والامم المتحدة ذاتها، تهرع الى ولاية ماريلاند، دونما أي اعتذار، فإما ان هذا الحشد كله، او بعضه لا يستطيع رفض الدعوة الاميركية، وإما انه يذهب وهو على قناعة بأن مفاتيح الحل هي بيد اليانكي الاميركي، وإما عن قناعة بضرورة المساهمة في المحاولة الدولية الجديدة لمعالجة اعقد القضايا على وجه الارض.

منذ البداية ومهما قيل في دوافع واهداف الولايات المتحدة من وراء الدعوة لعقد هذا الموتمر، والكل ينتظر تحرك الادارة الاميركية، وينتظر ما تقدمه من اجابات عن الاسئلة المطروحة، وسيظل الكل ينتظر ما تحدده له الادارة الاميركية من دور في لاحق المفاوضات والمحاولات.

اسرائيل التي ظلت كل الوقت ترفض ان تخرج المفاوضات الثنائية عن مسارها إلى مسارات جماعية حتى لو كانت بمشاركة حليفتها الولايات المتحدة اضطرت ان تذعن لميدان العمل الجماعي، ومسايرة الحليف الاكبر، رغم انها تملك القدرة على المناورة والمماطلة من واقع ما تملك من امكانيات التأثير في السياسات الاميركية.

تعرف ادارة بوش ان اسرائيل يمكن ان تتدخل عبر اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة للتأثير في نتائج الانتخابات الاميركية القريبة المقبلة، وتعرف اسرائىل انها ايضاً يمكن ان تضغط باصبعها على جرح الرئيس بوش وحزبه، ولكن يبدو ان بوش الذي فقد الكثير من شعبيته واستنزف شعبية حزبه، مصمم على المغامرة، ويفضل انجاح المحاولة لتحسين صورة وحظوظ حزبه الانتخابية، طالما انه خاسر من دون مثل هذا التغيير، ولذلك تذعن اسرائيل.

وتذعن اسرائيل للالتحاق بالمؤتمر الذي لطالما رفضته، ربما من واقع المراهنة على أنها يمكن ان تعتمد على الحليف الأميركي الذي يوزع الادوار ويختار الأدوات، وبأنه يمتنع عن حشر اسرائيل، وارغامها على ان تفعل ما لا ترغب في فعله.

وربما تذعن اسرائيل لان قيادتها الراهنة اضعف من ان ترفع كلمة لا في وجه من يؤمن لها شبكة الأمان الداخلي عبر اتصالاته وضغوطاته على المعارضة سواء الموجودة في الحكومة او خارجها، وباعتبار ان الحماية الاميركية لحكومة اولمرت هي كل ما تبقى لها للصمود والاستمرار.

وربما كانت اسرائيل مضطرة للمسايرة، وهي تعرف ان ما يمكن ان تقدمه باليمنى ستستعيده في وقت ما باليد اليسرى، وانها ليست أمام استحقاقات يمكن ان تبدل مخططاتها، حتى لو انها ستؤدي إلى تغيير جداولها الزمنية، فيما تكون قد حصلت من العرب على ما تريد.

ما تريده اسرائيل من العرب يقع تحت شعار التطبيع قبل التوقيع، وهو كان ردها التاريخي على كل مبادرات السلام بما في ذلك مبادرة السلام العربية، ولذلك فانها ستعتبر جلوس ممثلي الدول العربية خصوصاً دول الخليج الست بما في ذلك واساساً السعودية، انما هو بداية رحلة التطبيع.

حتى الآن تؤخر اسرائيل تنفيذ ما يترتب عليها، وما وعدت به من خلال المفاوضات التحضيرية في اطار المرحلة الاولى من خارطة الطريق، فطالما ان المؤتمر قد اصبح في حكم المؤكد، فلماذا تدفع مسبقاً جزءاً من الثمن فيما تأخير عملية الدفع الى اللحظة الحرجة، سيقلل من حجم هذا الثمن.

اعلنت اسرائىل عن نيتها واستعدادها لتجميد الاستيطان، ورفع اربعة وعشرين حاجزاً من اصل اكثر من مئة وثلاثين، ووعدت بتفكيك بؤر استيطانية، وبالافراج عن اربعمائة وواحد ثلاثين اسيراً، كان يفترض الافراج عنهم يوم امس الاحد، لكنها لم تفعل شيئاً ولم تحرك ساكناً، فالدول العربية المتحفظة وكل من هدد بعدم الذهاب للمؤتمر الا اذا قامت اسرائيل بكذا أو كذا، كل هؤلاء تناسوا ما قالوه وقرروا الذهاب كل بمبررات.

بعد اجتماع لجنة المتابعة العربية في القاهرة يوم الخميس الماضي، اجتمع وزراء الخارجية العرب، واتخذوا موقفاً جماعياً، شكل غطاءً لكل من يرغب او يضطر للذهاب، وجرى توظيف هذا الموقف الجماعي فوراً، باتجاه اضافة قضية الجولان لجدول الاعمال، لتأمين حضور سورية، وبقاء الموقف الجماعي، وقد استجابت الولايات المتحدة بدورها فوراً.

يلفت النظر الموقف السوري الذي ظل متهماً بالتطرف، وبالتحالف مع ايران، وحزب الله، وحماس، فالسوريون اكثر من يمتلك حاسة الشم، وقد أثبتوا انهم الأكثر قدرة على التملص حين تقع الواقعة، فلقد باتوا يدركون ربما ان الواقعة ستقع على رأس ايران ومن معها، ولذلك اختاروا ان لا يقفوا في وجه العاصفة، وان لا يعزلوا انفسهم عن الموقف الجماعي العربي، وان يلتحقوا بالمؤتمر الذي يصفه حلفاؤهم بالتصفوي والتطبيعي.

وعدا حضور المؤتمر ثمة ما يؤكد هذا التحول في الموقف السوري ولو إلى حين، فلقد شهد لهم بعض وزراء الخارجية الاوروبيين فيما يتصل بتعاونهم ودورهم ازاء الوضع في لبنان، وتدخلوا لمنع اقامة مؤتمر شعبي في دمشق كانت حماس ترتب لانعقاده، فيما سمحوا لحركة فتح باقامة مهرجان في مخيم اليرموك لمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لرحيل الزعيم ياسر عرفات.

المؤتمر اصبح حقيقة واقعة، وبصرف النظر عن التوقعات المتفائلة والمتشائمة بشأن نجاحه او فشله، فان ثمة شيئاً يتحرك وسيتحرك في المنطقة، والمؤتمر لن يكون مجرد تظاهرة سياسية لا تكفي الادارة الاميركية لادعاء النجاح، وعلى من يرسمون السياسات في كل مكان من هذه المنطقة ان يقيموا سياساتهم وتوقعاتهم وقراراتهم على اساس ان شيئاً مهماً سيقع ومتغيرات كثيرة ستحدث في هذه المنطقة.

بعد مؤتمر أنابوليس ثمة مؤتمر آخر من طبيعة اقتصادية، يأخذ طابعاً دولياً في باريس لكي يترجم جزءاً من استحقاقات مؤتمر أنابوليس، وبعده ثمة مؤتمر آخر دولي أيضاً يجري التحضير لانعقاده في موسكو، وقد ينجم عن مؤتمر أنابوليس، والمؤتمرات الأخرى آليات ولجان للمتابعة والاشراف ومواصلة تأمين قوة الدفع للمفاوضات والمخططات اللاحقة.

بعد هذا، هل يمكن رفض مؤتمر أنابوليس او مطالبة الرئيس عباس والانظمة العربية برفض الحضور؟ اعتقد ان الأمور تتجاوز مثل هذا الطرح الساذج، وكل ما يمكن ان ننتظره من الفلسطيني المفاوض، ومن العرب الذاهبين إلى أنابوليس والمتخلفين عن حضوره، ان يتمسكوا بمواقفهم الجماعية، وان يمتنعوا عن تقديم أي ثمن لاسرائيل طالما لا تثبت انها تستحق الحصول على اقل الاشياء بعد ان صادرت سياستها كل الاحلام.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required