الرئيس بوش ووزيرة خارجيته رايس لم يمارسا اي نوع من الضغوط المعتدلة والمتوسطة على حكومة أولمرت لاتخاذ خطوات وتدابير تدفع العملية السياسية الى الأمام، بل لقد تفهما التعنت الاسرائيلي، وغضا النظر عن إجراءات جزئية كإزالة حواجز عسكرية وبؤر استيطانية وإفراج عن معتقلين ووقف اجتياح نابلس ومخيماتها بعد دخول عناصر الشرطة الفلسطينية اليها. إدارة بوش صاحبة الدعوة للمؤتمر قوضت فكرة المؤتمر الدولي، وهي تَدَخُلُ أطرافٍ خارجية لدى المفاوضين الفلسطينيين والاسرائيليين لالزام الطرف المتعنت بالحلول استناداً لمرجعية محددة هي قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي. هذه الادارة تركت المفاوضَ الاسرائيلي قبل "أنابوليس" يستفرد بالمفاوض الفلسطيني ويتنصل من كل التزام واستحقاق منصوص عليه في خارطة الطريق وفي القرارات الدولية، ويغلق كل المنافذ أمام الحل، ويأتي الى المؤتمر ليتحدث عن "السلام" ويبيع الوعود بلا حدود وبلا رصيد. وهذه الادارة ستعلن للعالم من على منبر المؤتمر أنها ستطلق مفاوضات ثنائية، محمية ايضا من كل تدخل خارجي، كي يتسنى للمتفاوضين الاتفاق على حل الدولتين، وواقع الحال كي يتمكن المفاوض الاسرائيلي من فرض املاءاته على المفاوض الفلسطيني، أو كي تنتهي إسرائيل من إنجاز حل "الابارتهايد" على الارض من طرف واحد. وبهذا تنجح إدارة بوش في قطع الطريق على المبادرة العربية والمسعى الاوروبي والروسي والدور المفترض للامم المتحدة، لفائدة احتكارها وحليفتها دولة الاحتلال حل الصراع في هذه المنطقة. السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تقبل جميع الدول والمنظمات المشاركة في المؤتمر احتكار الولايات المتحدة واسرائيل للحل؟ رغم تقديمهما لنموذج فاشل ومستفز كان له نتائج شديدة الخطورة على شعوب ودول المنطقة. لقد قبلت دول العالم خارطة الطريق وسلمت بـ "الرباعية" الدولية كأداة لتحقيق الحل، غير ان الادارة الاميركية جمدت الخارطة و"الرباعية" وأيدت بلا تحفظ حلا اسرائيليا من طرف واحد هو "خطة شارون". مؤتمر "أنابوليس" مناسبة لتدخل دولي وعربي من أجل تغيير قواعد اللعبة وفرض تراجع على الاحتكار الاميركي الاسرائيلي لمصلحة قواعد الشرعية والقانون الدولي. فالادارة الاميركية التي خاضت الحرب ضد العراق وأفغانستان في مواجهة الشرعية والقانون الدولي هي التي احتكرت حل الصراع العربي الاسرائيلي وأطلقت يد إسرائيل لتخوض الحرب ضد الشعب الفلسطيني ولبنان، وكانت النتائج مدمرة في العراق وفلسطين ولبنان وأفغانستان. التغيير يكون بوضع مدة زمنية للتفاوض الفلسطيني والعربي ــ الاسرائيلي، وإذا لم يتم التوصل لحل خلال تلك المدة، تتدخل الامم المتحدة وتفرض تطبيق قراراتها. والتغيير يكون بإبلاغ دولة الاحتلال أن كل التغييرات والوقائع التي فرضتها وما زالت تفرضها داخل الاراضي المحتلة غير شرعية ولا يمكن الاعتراف بها كأمر واقع. والتغيير قبل كل شيء يبدأ بوقف التسليم بخداع السلام الاسرائيلي وبوقف مكافأة الدولة المعادية للسلام والمنتهكة للشرعية، عبر وقف التطبيع معها والاستثمار داخلها ووقف التسليم بوضعها دولة فوق القانون. والتغيير يبدأ أولاً وقبل كل شيء برفع الحصار والعقوبات عن الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وتجاوز أول سابقة تُعاقَب فيها الضحيةُ وتُحاصر وتُخنق لحساب دولة الاحتلال، وليُنهِ المؤتمر عارَ مكافأة الاحتلال ومعاقبة الشعب الذي يرزح تحت الاحتلال. إذا بارك المؤتمرون الاحتكار الاميركي الاسرائيلي لحل الصراع، إذا سُمح للولايات المتحدة وإسرائيل باستمرار الخداع واستمرار الاحتلال فستكون نتيجة وتداعيات ذلك الاستمرار وخيمة، سيتكرس الانفصال بين الدول المؤيدة للاحتكار الاميركي الاسرائيلي وشعوبها، وسيتعزز الاستقطاب لمصلحة قوى التطرف والتعصب. الموقف الفلسطيني بالغ الاهمية لجهة تصويب العملية وإعادة الاستقطاب، لمصلحة حل سياسي تشارك فيه شعوب ودول وقوى عديدة، حل ينهي أطول احتلال كولونيالي في الزمن الحديث. لم تكن بداية التفاوض سليمة عندما جرى الحديث عن تقديم وثيقة مشتركة فلسطينية اسرائيلية، إلا إذا كان الهدف كشف حقيقة المواقف الاسرائيلية أمام العالم ومن خلال المؤتمر. المفاوض الفلسطيني أكثر العارفين بالمفاوض الاسرائيلي وبالمتاهات التي يدخلون فيها ولا يخرجون منها أبداً. المفاوض الفلسطيني يستطيع طلب التدخل الدولي والعربي قبل فوات الاوان، يستطيع قرع جدران الخزان قبل الاختناق. لا معنى لاستمرار التفاوض من اجل التفاوض واستمرار تقديم المطالب ذاتها وتكرارها في خطاب جنائزي بلا طائل. البديل عن التفرد الاميركي الاسرائيلي، والتطرف الأصولي والرفض السلبي الشعبوي، هو تبني استراتيجية نضال جماهيري تشارك فيها قوى وحركات وشعوب ودول مناهضة للاحتلال والهيمنة والعنصرية. الشعب الفلسطيني يملك خيارات عقلانية اخرى وينبغي ان يستعد لها منذ الآن، ومنذ ان تسدل الستارة على "أنابوليس" الذي سيعيد تقديم أقوال بلا أفعال. وحتى يتمكن الشعب الفلسطيني من اطلاق خيارات حية، لا بد من تصويب أوضاعه الداخلية ابتداءً بالتراجع عن الانقلاب العسكري وثقافته، واحترام التعددية السياسية والثقافية والاجتماعية، والالتزام الجدي بالديمقراطية، ومحاربة الفساد الاداري والبيروقراطية. في كل الاحوال سيضعنا "أنابوليس" أمام مفترق طرق وأكثر من خيار. Mohanned_t@yahoo.com - الأيام 27/11/2007 - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|