تكمن مشكلة هذه التحليلات والتعليقات، مع أهمية الجوانب التي أبرزتها، في نظرتها الجزئية للموضوع حيث لم تعر التغير الاستراتيجي الذي حصل، والذي ضرب المشروع الصهيوني في الصميم، الاهتمام الكافي. فالكيان “الإسرائيلي” الذي نجحت الحركة الصهيونية بإقامته على أرض فلسطين ارتكز على مجموعة من الأساطير المؤسسة للدولة: أرض الميعاد، وأرض بلا شعب لشعب بلا أرض... الخ، خسر معركة تكريس هذه الأساطير في الواقع المحلي والدولي، وبدأ البحث عن مخارج أخرى يحفظ بها وجوده. فقد قاد نجاح الشعب الفلسطيني بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بداية، ومنظمة التحرير الفلسطينية تالياً، في تشكيل كيان سياسي أطلق عليه الدكتور محجوب عمر وصف “منظمة أمة”، ونجاح الرئيس ياسر عرفات بتكريس الهوية الفلسطينية بالحصول على اعتراف عربي ودولي بالشعب الفلسطيني وبحقوقه السياسية إلى ضرب المشروع الصهيوني في نقطة مركزية بنسف أسطورة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، ودفع حكومات “إسرائيل” للاعتراف ب “المنظمة الأمة” والتفاوض معها على اقتسام “أرض الميعاد”. لقد حطم الحضور الكثيف للحقيقة الفلسطينية (الاستمرار على الأرض وصنع الحياة فيها، وتشكيل كيان سياسي وهوية وطنية في الوطن والشتات) أهم الأساطير المؤسِسة للدولة الصهيونية، وهذا فجّر وحشية “الإسرائيليين” الذين حاولوا استعادة روحية المشروع الصهيوني بالحديث عن استكمال حرب “الاستقلال” دون نجاح في إخفاء نقطة الضعف القاتلة: الحقيقة الفلسطينية الصلبة والصامدة والتي عبّر عنها أحد المفكرين “الإسرائيليين” عندما أعلن: “لقد هزمنا الفلسطينيون في غرف النوم (كناية عن الإنجاب)وعلى مقاعد الدراسة”. وهذا جعل مجلة صهيونية مثل جيروزاليم ريبورت تقول في تعليقها على اقتراحات ايهود اولمرت عام 2003 “الانسحاب من طرف واحد الانفصال عن الفلسطينيين لتجنب مضاعفات المشكلة السكانية التي يمكن أن تحوّل “الإسرائيليين” في “أرض “إسرائيل”” إلى أقلية أمام أغلبية فلسطينية: “إنه لم يصبح من الحمائم بعد أن كان طوال مشواره السياسي أبرز الصقور في “إسرائيل”، ولكن لأن الرجل أدرك أن الوقت لم يعد في مصلحة “إسرائيل”، وأن الفلسطينيين في خلال عشرين عاما تقريبا سيصبحون أغلبية بالنسبة إلى اليهود في أرض فلسطين التاريخية، والتي تضم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب أراضي ال 48 المعروفة باسم “إسرائيل”، وفي هذه الحالة يمكن أن يتخلى الفلسطينيون عن المطالبة بدولة فلسطينية ويطالبون بدولة ثنائية القومية، وفي هذه الحالة، ومع أول انتخابات ديمقراطية على أساس صوت لكل مواطن في الدولة الجديدة سيتولى “ياسر عرفات” رئاسة الدولة ويصبح اليهود مرة أخرى مجرد أقلية كما هو حالهم في أغلب دول العالم حاليا”. لقد استعاد اولمرت، لتعزيز موقفه، أطروحة بن غوريون التي فضّل فيها قسما من “أرض “إسرائيل”” دون فلسطينيين على كل “أرض “إسرائيل”” مع الفلسطينيين، فالجوهري بالنسبة لاولمرت، ومن قبله القاتل شارون، أن تكون “إسرائيل” دولة يهودية، والتخلص من كابوس الدولة ثنائية القومية التي لاحت في الأفق. فتقديرات خبراء السكان “الإسرائيليين” تقول: “إن الفلسطينيين سيصبحون عام 2020 أكثرية (58% من السكان)”، وحذر قائلا: “إذا وصلت “إسرائيل” إلى مرحلة الدولة ثنائية القومية فسوف نخسر كل شيء، لأنه حتى لو واصل الفلسطينيون الإرهاب، فلن نستطيع إقناع العالم بعدالة قضيتنا لأنه سيطالبنا باحترام الأغلبية”. فوجود 5 ملايين فلسطيني و5 ملايين يهودي في أرض فلسطين يفرض استحقاقات ويرتب على المجتمع الدولي التزامات ويحتم على “الإسرائيليين”، قبل دول العالم الأخرى، مواجهة أحد الحلين التاليين: إما دولة فلسطينية في حدود ال67 وإما دولة ثنائية القومية على كل أرض فلسطين التاريخية. وعليه يمكن قراءة مطلب الاعتراف ب “يهودية” دولة “إسرائيل” كتجسيد لهزيمة المشروع الصهيوني وإعطاء الأسرلة أسبقية على الصهينة في تفكير القيادة “الإسرائيلية”. لكن هذا يجب ألا يدفعنا للموافقة على الطلب لما سيثيره من مخاطر مباشرة على الشعب الفلسطيني في كل فلسطين من ترحيل وتبادل أراض، إلى معاملة مجحفة داخل “إسرائيل”... الخ، ولانعكاسه السلبي على مسار الصراع مع دولة “إسرائيل” على المدى البعيد. - الخليج - اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
|